(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).
ربما من بين أكثر مقولات الأكاديمي الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد خلوداً قوله “عندما تكون الهوية السياسية عرضة للتهديد، فإن الثقافة تمثل أداة للمقاومة في مواجهة محاولات الطمس والإزالة والإقصاء، فالمقاومة شكل من أشكال الذاكرة في مقابل النسيان، والإنسان الذي لم يعد له وطن، يتّخذ من الكتابة أو الفن وطناً يقيم فيه. “
وفي ظل ظروف الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ العام 1948 سعى المبدعون الفلسطينيون لبناء سردية مضادة للسردية الإسرائيلية عن طبيعة الصراع، وتحول الإبداع الفلسطيني إلى التمثيل الأهم لهذا الوطن البديل.
لم تكن النصوص التي كتبها غسان كنفاني ومحمود درويش وإميل حبيبي سوى حافظة كبيرة للذاكرة الفلسطينية. كما لعب الفن التشكيلي الفلسطيني دوراً في توثيق مراحل الصراع وتأصيل الهوية في مواجهة غطرسة قوة المحتل.
رموز فنية مقاومة
يعد الفنان إسماعيل شموط أحد رموز الفن التشكيلي الفلسطيني بعد نكبة 1948 الذين أسهموا في تطويره وانتقل به من الواقعية إلى التعبيرية ومن البساطة إلى التركيب.
ويرى نقاد أن أعماله تحولت إلى ملاحم تصويرية تنقل صورا من الحياة اليومية الشعبية وترتقي بها إلى تصوير معاناة تجربة النزوح والحلم بالعودة إلى الوطن.
وعبر أكثر من نصف قرن ابتكر الفن الفلسطيني منظومات لونية مميزة وانتقل من الواقعية إلى التلخيص، ومن المباشرة في التعبير إلى الرمز حتى أصبحت رموزه وعناصره علامة على الشخصية الفلسطينية والنضال في الحاضر والتاريخ.
وفي لوحة شهيرة لشموط بعنوان “الحياة السائدة” تطل ثلاث نساء في وشاح أبيض بثلاث إيماءات إحداهما تحمل زهورا نارية حمراء مع زحام من جموع بشرية ، وبينها عريس وعروس رمزا للنصر والعودة، بينما تحفل الخلفية بعناصر معمارية عديدة للقدس التاريخية.