أخبار وتقارير

الدول العربية تحتاج إلى مناهج جديدة في مرحلة ما بعد كوفيد -19

كان التأثير السلبي لجائحة “كوفيد – ١٩” على العملية التعليمية في المنطقة العربية أقوى منه في غيرها من المناطق المختلفة في العالم، بحسب مسؤولة في التعليم في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). إذ أُجبرت المدارس والجامعات على الإغلاق جراء تفشي الجائحة في جميع أرجاء العالم منذ مارس 2020. كما ساهم انتشار الجائحة في إحداث تغيير مفاجئ في الطريقة التي تتم بها العملية التعليمية وسرع من عملية التحول إلى التعلم عن بعد والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة.

خلال محادثة بالبريد الإلكتروني، ردت هانا يوشيموتو، رئيسة قسم التعليم في مكتب اليونسكو في بيروت، على الأسئلة التي طرحتها الفنار للإعلام حول تأثير التحول المفاجئ إلى التعلم عن بعد والاعتماد على تكنولوجيا التعليم في البلدان العربية وفرص وضع مناهج جديدة والتحديات التي يواجهها صانعو السياسات الآن.

كتبت يوشيموتو “تقتصر امكانية الدخول إلى الإنترنت على 51.6 في المئة فقط من الأسر في الدول العربية، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي”. “ولا تزال إمكانية الاتصال بالإنترنت تمثل مشكلة صعبة في المنطقة، مما يجعل من عملية التعلم عبر الإنترنت أمراً صعباً للغاية.”

وأضافت”بالإضافة إلى ذلك، فإن غالبية المعلمين غير مستعدين للتحول من الطريقة التقليدية لعملية التعليم والتعلم. كما يتطلب التعليم من خلال استخدام الأجهزة الرقمية مستوىً معيناً من الجاهزية جنباً إلى جنب مع التربية الرقمية والمهارات الرقمية.”(اقرأ التقرير ذو الصلة: بعد الفيضانات والجراد، كوفيد-19 يعصف بالجامعات والطلاب في الصومال).

نجم عن انتشار تلك الجائحة تعطيل العملية التعليمية في معظم البلدان التي تعاني من الصراعات والفقر، كما أدت إلى زيادة الفوارق بين البلدان الفقيرة والغنية وبين الطبقات داخل نفس البلد.

قالت يوشيموتو “إن الفئات الضعيفة هي الأكثر عرضة – بشكل غير متناسب – للتأثير السلبي لتلك الجائحة. وتشمل تلك الفئات أولئك الطلاب من المناطق الفقيرة والريفية واللاجئين والأطفال من ذوي الإعاقة وخاصة الفتيات ممن لديهم معدلات تسرب عالية في المنطقة العربية.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: التحول إلى التعليم عبر الإنترنت يفاقم عدم المساواة في المنطقة العربية).

توقعات بارتفاع نسبة الأطفال المتسربين من المدارس

يقدر البنك الدولي أن طلاب المدارس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فقدوا بالفعل ما يعادل 0.6 سنة من العملية التعليمة جراء الجائحة وأن 10 بالمئة من الطلاب قد سقطوا إلى ما دون عتبات الكفاءة الدنيا.

قبيل الأزمة، قدرت اليونسكو أن 15 مليون طفل من إجمالي 87 مليون في المنطقة العربية ممن تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاماً لا يتلقون تعليماً نظامياً في المدرسة في العام 2018. في حين أن 10 ملايين آخرين كانوا معرضين لخطر التسرب الدراسي بسبب الفقر أو التهميش الاجتماعي أو الهجرة أو النزوح أو اضطرابات البنية التحتية بسبب الصراعات، وفقاً لليونسكو. (اقرأ التقرير ذو الصلة: ما مستقبل التعليم العالي بعد أزمة فيروس كورونا؟)

وكانت الدول الأكثر تضرراً هي العراق وليبيا وفلسطين والسودان وسوريا واليمن

نتيجة لتلك الأزمة، تتوقع اليونسكو أن يرتفع العدد بمقدار 1.31 مليون طفل، مع عدم عودة الأطفال إلى المدارس في الدول العربية ما لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة إزاء تلك الأزمة.

“إن عدم المساواة في فرص التعليم هو أمر بالغ الأهمية في كل المنطقة العربية، سواء في البلدان ذات الدخل المرتفع أو المنخفض

قالت يوشيموتو “إن عدم المساواة في فرص التعليم هو أمر بالغ الأهمية في كل المنطقة العربية، سواء في البلدان ذات الدخل المرتفع أو المنخفض. وأضافت يوشيموتو”أن تلك البقعة من العالم لا تزال تعاني من تراجع كبير في مستوى المعلمين وطرق التدريس والتقييمات وأدوات التعليم والتعلم التي تلبي احتياجات الفئات السكانية الضعيفة.”

وبعد مرور أكثر من عام من مواصلة الطلاب تلقيهم للتعليم بعيداً عن المدرسة، تشير الأدلة إلى أن التعلم عن بعد سوف تستمر لأجل غير مسمى.

وتتوقع يوشيموتو أن يتضمن المستقبل امكانية التعلم الإلكتروني مفتوح المصدر. ويتضمن ذلك منهجيات التعلم الهجينة التي تجمع بين الحضور الافتراضي والحضور الفعلي في الفصل، والتعلم المخصص المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إيه آي)، وإعادة التركيز على التعليم والتعلم القائم على المهارات الذي يتأقلم مع الاتجاهات المختلفة في كل من قطاع التعليم وسوق العمل

الجائحة تعطي زخماً للابتكار والتعليم الإبداعي

تعتقد يوشيموتو بأنه “في حين كشفت الجائحة عن نقاط الضعف في نظام التعليم على مستوى العالم، إلا أنها أسفرت أيضاً عن تنشيط القدرة على الابتكار والإبداع في التعليم والتعلم. ويعد إعادة تعريف العملية التعليمة ودور المعلمين أمراً حيوياً لصناع القرار في المنطقة العربية، حيث لا يزال التعلم التلقيني متغلغلاً بشدة في جميع مستويات التعليم.”

إذ أدى التحول نحو التعليم الرقمي في كثير من الحالات إلى تسريع الانتقال الحالي. كما أنه يبرز الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا في جميع مستويات العملية التعليمة، فضلاً عن الحاجة إلى مزيد من الاستثمار والمبادرات السياسية لتحسين التدريب على محو الأمية الرقمية لكل من الطلاب والمعلمين، ووضع المبادئ التوجيهية والمعايير الوطنية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: أساسيات محو الأمية الرقمية للمعلمين خلال وباء كوفيد-19)

وأشارت يوشيموتو إلى أن زيادة الإنفاق على إنعاش الوضع الصحي والاقتصادي وشبكات الأمان الاجتماعي أثناء تفشي الجائحة جاء على حساب الانخفاض في تمويل العملية التعليمة.

“من الضروري أن تضطلع الحكومات في هذه المنطقة بضمان التمويل المحلي والمساعدات الدولية للعملية التعليمة في الوقت الراهن”.

قالت “من الضروري أن تضطلع الحكومات في هذه المنطقة بضمان التمويل المحلي والمساعدات الدولية للعملية التعليمة في الوقت الراهن. ومن المتوقع أن يؤتي الاستثمار في محتوى التعليم والتعلم – ليس فقط في الأجهزة – ثماره وأن يكون له تأثير إيجابي نحو أهداف التنمية المستدامة (للأمم المتحدة) في مجال التعليم.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

خلص تحليل اليونسكو إلى أن الاستثمار في البرامج الإصلاحية وإعادة التسجيل في الوقت الراهن من شأنه أن يقلل التكلفة الإضافية للعملية التعليمة بنسبة تضاهي 75 بالمائة.

وختمت يوشيموتو “يجب أن تأخذ التدابير – التي يتم وضعها – في اعتبارها التأثير الفوري أو قصير الأمد وكذلك التأثير المحتمل الممتد على العملية التعليمة والناجم عن هذه الجائحة. وسيتطلب ذلك تطويراً ومراجعةً وتحديثاً متزامناً للسياسات والترتيبات التشغيلية لمختلف المسائل ضمن نظام العملية التعليمية.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى