أخبار وتقارير

المشاركة النسائية في مؤتمرات المناخ.. عقد من الزمن والتزام «لم يتحقق»

رغم مرور أكثر من عشر سنوات على التزام الدول، في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، في العام 2012، في قطر، بالعمل على الموازنة بين الجنسين في وفود مفاوضات المناخ، إلا أن الطريق «لا يزال طويلًا أمام التطبيق الفعلي لهذا الالتزام»، بحسب ناشطات في هذا المجال.

تقدم بطيء

بحسب «المنظمة النسائية للبيئة والتنمية» (WEDO)، لا تزال مشاركة النساء في مؤتمرات الأطراف أبعد عن تحقيق التوازن بين الجنسين؛ حيث بلغت مشاركة النساء في وفود مؤتمر الأطراف السابع والعشرين، حوالي 35% فقط. وسجلت عضوية عشر هيئات، من أصل 17 هيئة تابعة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، نسبة 35% أو أقل من النساء.

وخلال الفترة المنقضية، أشار 120 قرارًا من قرارات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ إلى النوع الاجتماعي. وذكر 51 منها، بشكل خاص، إلى التوازن بين الجنسين في عمليات صنع القرار، لكن التقّدم نحو التوازن بين الجنسين في فضاءات الاتفاقية «لم يكن ثابتًا».

في تحليل أجراه «الفنار للإعلام» لأعداد النساء في الوفود الوطنية، خلال الفترة بين 2008 و 2022، وبين مؤتمري الأطراف الرابع عشر، والسابع والعشرين، كانت نسبة مشاركة الإناث مُتذبذبة، ولم تماثل مشاركة الذكور أبدًا؛ فخلال هذه الفترة لم تزد نسبة مشاركة النساء إلا بنسبة 5%؛ حيث ارتفعت إلى 35% في عام 2022 مقارنة بـ 31% في 2008.

اقرأ أيضًا: (كيف يضاعف التغير المناخي معاناة النساء والفتيات؟).

خلال آخر عشرة أعوام، سجَّل مؤتمر الأطراف الرابع والعشرين COP24، في بولندا، أعلى نسبة لمشاركة النساء، بواقع 38%، مقارنة بـ36% من المشاركة النسائية في COP23 التي تعد ثاني أعلى نسبة خلال تلك الفترة.

وتقول يفيت راموس، الشريك المؤسس ورئيسة منظمة WOMENVAI، لـ«الفنار للإعلام»، إن هناك العديد من الحواجز التي قد تفسر نسبة مشاركة المرأة في مفاوضات المناخ، وأبرزها «عوامل التفاوض»؛ حيث تواجه المرأة تحديات، وتحيُّزات في عملية التفاوض، مثل محدودية الوصول إلى المعلومات، والشبكات، والتوجيه، وبناء القدرات.

كما تواجه النساء أيضًا الصور النمطية، والتحيُّزات التي تقوِّض تأثيرهن في محادثات المناخ، على حد تعبيرها.

تتفق مع الرأي نفسه، المدير المشارك لـمؤسسة «She Changes Climate»، مامتا بورجوياريإن، حيث تقول لـ«الفنار للإعلام»، إن التحيز المؤسسي بين الجنسين، وعدم المساواة الهيكلية داخل النظم السياسية وأنظمة صنع القرار «يحدَّان من وصول المرأة إلى الأدوار القيادية».

وبتفصيل أكثر، تضيف: «كثيرًا ما تحدُّ الأدوار التقليدية للجنسين، والتوقعات المجتمعية، من قدرة المرأة على الحركة، وتقييد حصولها على التعليم، وتقلل من ظهورها في المنتديات العامة، بما في ذلك المفاوضات». وبيَّنت أن النساء غالبًا ما يفتقرن إلى الوصول إلى الموارد، والتدريب، والشبكات اللازمة للمشاركة النشطة في المناقشات المتعلقة بالمناخ، وخاصة اللاتي يقاتلن في الخطوط الأمامية».

أدوار قيادية

من واقع تحليل «الفنار للإعلام»، فإن نسبة النساء، كرئيسات للوفود الوطنية والرسمية، لم تزد إلا بـمقدار 5% خلال الفترة بين 2008 و2022. في مؤتمر الأطراف الرابع عشر، عام 2008، لم تتجاوز نسبة النساء كرئيسات للوفود أكثر من 15%، بينما خلال مؤتمر الأطراف COP27 العام الماضي، في مصر، وصلت إلى 20%. وبين هاتين النسبتين نجد أن المشاركة بنفس المستوى للنساء بلغت 26% في مؤتمر الأطراف الثالث والعشرين، مقارنة بأقل نسبة بلغت 9% في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين.

تقول يفيت راموس لـ«الفنار للإعلام»، إن مشاركة المرأة في مفاوضات المناخ تختلف باختلاف أنواع الاجتماعات داخل هياكل صنع القرار، «إذ تميل المرأة إلى أن يكون لها تمثيل أعلى في الاجتماعات الأقل رسمية، وأقل تقنية، وأقل تأثيرًا، مثل: ورش العمل، والحوارات، والأحداث الجانبية، مقارنة بالجلسات العامة، ومجموعات الاتصال».

على سبيل المثال، في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2018، في بولندا، شكَّلت النساء 44% من المشاركين في ورش العمل، و42% في الحوارات، و40% داخل الأحداث، و38% في الجلسات العامة، و36% في مجموعات الاتصال، و30% في قطاعات رفيعة المستوى. وعلى مستوى هياكل صنع القرار، توضح: «يكون تمثيل المرأة، أقل في الهياكل التي تتمتع بقدر أكبر من السلطة والمسؤولية، مثل رؤساء الوفود، والوزراء، والرؤساء، والرؤساء المشاركين».

وبالمثل، تؤكد مامتا بورجوياري «وجود اختلال تاريخي في التوازن بين الجنسين؛ فمنذ انعقاد مؤتمر الأطراف الأول، لم يكن لدينا سوى رئيسة واحدة لمؤتمر الأطراف».  

وتضيف: «لا يزال تمثيل المرأة في وفود البلدان غير مرضٍ على الإطلاق، ويمكن أن يتباين بشكل كبير. وقد بذلت بعض البلدان جهودًا لتحقيق التوازن بين الجنسين، في حين لا تزال وفود أخرى يهيمن عليها الرجال. وتميل مشاركة النساء إلى أن تكون الأعلى في وفود أمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية، وأوروبا الغربية، حيث تتراوح غالبًا بين 45% و50%، والأدنى في إفريقيا وآسيا، إذ تتراوح، في الغالب، بين 30% و35%، وهي في الواقع أقل كثيرًا».

المشاركة على أساس جغرافي

وتختلف مشاركة النساء باختلاف المناطق الجغرافية؛ فخلال مؤتمر الأطراف السابع والعشرين COP27، كانت تلك المشاركة منخفضة لإفريقيا وآسيا بنسبة 30% و30.8% على التوالي، بينما سجلت المشاركة نفسها عن أوروبا، وأمريكا اللاتينية، وجزر الكاريبي، والدول الجزرية نسبة تتراوح بين 41% و46%.

وكذلك تختلف نسبة مشاركة النساء وفقًا للكتل التفاوضية داخل مؤتمرات الأطراف؛ فخلال COP27 كانت نسبة النساء قليلة بشكل ملحوظ في المجموعة الإفريقية، ومجموعة البلدان الأقل نموًا ومجموعة أوبك، بينما لم يحقق التوازن بين الجنسين (50:50) سوى ثلاثة وفود من أصل 44 وفدًا شاركوا في المؤتمر.

وعن ذلك، تقول مامتا بورجوياري: «الأمر لا يتعلق فقط بالحضور؛ فمن الضروري ضمان تكافؤ الفرص لجميع المشاركين للتحدث وقيادة المفاوضات». وتضيف: «الأدلة الموثقة تكشف أنه حتى في الوفود ذات التمثيل المتساوي بين الجنسين، تحدث الرجال في 79% من الحالات. ولذلك من الضروري ليس فقط الاستماع إلى أصوات القيادات النسائية، بل توفير الفرصة لهن لقيادة المفاوضات بشكل فعَّال». 

أثر ملحوظ

تعلق يفيت راموس على نقص تمثيل المرأة في مفاوضات المناخ، فتقول: «إن له آثار كبيرة؛ حيث أكدت العديد من الدراسات تضرر النساء من الأزمات المناخية بشكل أكبر من الرجال، وبالتالي فإن نقص تمثيلهن في المفاوضات يؤثر على عملية صنع القرار، ودمج المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة في الحلول المناخية».

وتشير إلى أن دراسات ذات صلة أظهرت أن «مشاركة المرأة في مفاوضات المناخ يمكن أن تؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية، من خلال توسيع منظور مجموعة التفاوض، وضمان أن سياسات المناخ تعالج المساواة بين الجنسين».

وفي السياق نفسه، تقول حنين شاهين، وهي ناشطة نسوية، ومديرة برنامج النوع الاجتماعي بالسفارة البريطانية بالقاهرة، إن غياب النساء أو التمثيل القليل لهن في مسار المفاوضات «يتسبب في وجود تحديات كبيرة أثناء التفاوض في بعض الملفات مثل الخسائر والأضرار، والتكيف، وقضايا النوع الاجتماعي، والعنف الواقع عليهن، وعلى الأطفال بسبب التغيرات المناخية، مما يعوق، بشكل فعلي، التوصل إلى قرارات نهائية؛ لأن قائمة التفاوض تحكمها مجموعة من الرجال مع تجاهل الفئة المتأثرة بشكل أكبر وهي النساء».

وتضيف لـ«الفنار للإعلام»: «عدم وجود النساء أثناء كتابة التقارير النهائية، والاتفاقيات، يزيد من الأزمة، ولا يقدم حلولًا لها»، معتبرة أن التأخر في تنفيذ قرارات «اتفاقية باريس»، بشأن المناخ، حتى الآن، يعود إلى «عدم تمثيل الفئات المعنية بشكل كامل».

COP28

في الختام، ومع انطلاق مؤتمر الأطراف COP28، قبل أيام قليلة، تؤكد بورجوياري، أن تحقيق التوازن بين الجنسين بنسبة 50:50 في الأدوار القيادية في مؤتمر الأطراف «خطوة لا غنى عنها نحو تعزيز العمل المناخي العادل والشامل. ويجب أن يمتد هذا المبدأ ليشمل وفود البلدان ورئاسة مؤتمر الأطراف». وتقول: «إنه جانب غير قابل للتفاوض من عملية اتخاذ القرار العادل والفعال». وترى المدير المشارك لـمؤسسة «She Changes Climate» أنه «من المشجع أن رئاسة مؤتمر الأطراف، لهذا العام، تضم ثلاث بطلات متفانيات: رزان المبارك، وهناء الهاشمي، وشما المزروعي»، على حد تعبيرها.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى