أخبار وتقارير

ناريمان حاج حمو أكاديمية جزائرية تسعى لتغيير مفهوم التعلم عن بعد

بعد قرابة العشرين عاماً من العمل في كبرى الجامعات العربية، توظف ناريمان حاج حمو، الأكاديمية الجزائرية الأميركية، خبرتها الطويلة في إدارة مركز الابتكارات التعليميّة وحلول المعرفة المتخصّصة، الذي أسسته للتركيز على تصميم سياسات تعليمية للجامعات، وتدريب الأكاديميين العرب على طرق التدريس المتطورة.

قالت في رسالة بريدية “يساعد تدريب الأكاديميين مؤسسات التعليم العالي على تطوير ثقافة الجودة الداخلية، وتعزيز استراتيجيات التدريس والتعلم التي تتمحور حول الطالب، والتكنولوجيا الممكّنة والقائمة على النتائج.”

أتاح تفرغ حاج حمو لإدارة المركز منذ عام 2012 فرصة اللقاء مع آلاف الأكاديميين العرب، والتعرف على مختلف الأنظمة التعليمية في المنطقة، مما ساعدها على معرفة نقاط الضعف فيها، والتوصل لأفضل السبل لتطويرها، وضمان تحسين معايير الجودة.

تتابع “ربما كان إنشاء المركز وقيادته هو الجانب الأكثر مكافأة في مسيرتي المهنية لأنه منحني فرصة التعرف  على أنظمة تعليمية مختلفة ومن ثم محاولة فهم المتطلبات المحلية وتطوير سياسات وحلول تناسب الاحتياجات التعليمية بصورة حقيقية.”

تمتلك حاج حمو، التي تنقلت خلال مراحل دراستها بين الولايات المتحدة الأميركية والإمارات والكويت والجزائر، رؤية خاصة لطبيعة الدور الذي يجب أن تلعبه مؤسسات التعليم العالي وتؤمن بحاجة الجامعة المعاصرة  لتجاوز أدوارها  التقليدية، سواء على صعيد التدريس أو المهام البحثية  لتؤثر بشكل أكبر في المجتمعات المحلية وتعمل على تطويرها.

قالت “أعتقد أن المعوق الرئيسي لتطور إستراتيجية عمل الجامعات العربية يكمن في الحاجة للمزيد من الاستقلالية بحيث تصبح  أكثر استجابة للعالم المتغير والتفاعل مع أحدث النظم التعليمية.” مؤكدة على الدور الكبير الملقى على الجامعات اليوم لبناء اقتصاد قائم على المعرفة وبالتالي تغيير المجتمع نحو الأفضل.

 تجربة تأسيس أول جامعة إلكترونية

بدأت المسيرة الأكاديمية لحاج حمو، عقب حصولها على درجة الدكتوراه في تخصص هندسة الكمبيوتر والبرمجيات من الولايات المتحدة الأميركية عام 2000، وبعدها عملت أستاذة في جامعة عجمان الإماراتية التي درست فيها خلال مرحلة البكالوريوس.

“ساهمت د.ناريمان في الدفع بتجربة التعليم عن بعد لمرحلة متطورة، خلال فترة زمنية لم يكن العالم العربي يعرف شيئا عن هذه الوسيلة المتقدمة.”

غسان عواد
رئيس جامعة العلوم التطبيقية في البحرين

في عام 2003، انضمت للعمل في الكلية الإلكترونية للجودة الشاملة التي تعرف اليوم باسم جامعة حمدان بن محمد الذكية، وهي أكاديمية متخصصة في هندسة الكمبيوتر والبرمجيات، ثم ترقت إلى منصب مساعد رئيس الجامعة للتعلم والتطوير الأكاديمي، بعد شغلها مناصب إدارية، أهمها عمادة التعلم والتقنيات.

قالت “تجربة العمل كانت نقطة التحول في مسيرتي المهني، ومثلت فرصة استثنائية لي  خلال مرحلة مبكرة من حياتي، ومنحتني الكثير من الخبرة وفرص للنمو.”

لعبت حاج حمو دوراً رئيسياً منذ انطلاق جامعة حمدان في تصميم البرامج الأكاديمية وتحويل التعليم داخلها إلى التعليم عبر الإنترنت، ونالت اعترافاً من قبل وزارة التعليم العالي في الإمارات العربية المتحدة، كأول جامعة تتيح نظاماً للتعليم عن بعد في المنطقة العربية.

تعتقد حاج حمو أن “التعليم عن بعد هو المنظومة التعليمية الجديدة التي تواكب التطور التكنولوجي في العالم، والتي يتمتع بها الطالب بالدور الأكبر، ويبقى للمعلم دور الإرشاد والتوجيه.”

 من جهته قال غسان عواد، رئيس جامعة العلوم التطبيقية في البحرين في مقابلة هاتفية، “ساهمت د.ناريمان في الدفع بتجربة التعليم عن بعد لمرحلة متطورة، خلال فترة زمنية لم يكن العالم العربي يعرف شيئا عن هذه الوسيلة  المتقدمة.”

وأوضح أن التزامها بالابتكار في تصميم البرامج التعليمية ورفع جودة العملية التعليمية، كانا من بين العوامل التي دفعت جامعة حمدان لتولي زمام المبادرة في مجال التعليم عبر الإنترنت في الشرق الأوسط.

وأضاف عواد أن لحاج حمو مميزات كبرى أبرزها الخبرة الواسعة في تكييف التجارب التعليمية المستوردة مع البيئة المحلية بحيث تلبي احتياجات المجتمع من خلال الاعتماد في ذلك على الكوادر المحلية بعد تدريبها.

قال “خبرتها هذه ساعدتها في الانتقال بسهولة من مهمة التدريس إلى القيادة والإدارة في فترة وجيزة.”

ومع التوسع في استخدام التعليم عن بعد، الذي فرضه انتشار وباء كوفيد-19، برز دور حاج حمو في بناء قدرات أعضاء هيئة التدريس في مجالات التعلم عبر الإنترنت لجامعات المنطقة العربية، إذ قامت من خلال المركز بتدريب أكثر من ثلاثة آلاف أكاديمي في 11 دولة عربية على جوانب تصميم الدورة التدريبية والتقييم والتدريس عبر الإنترنت وضمان الجودة والإرشاد الأكاديمي.

“نحتاج لتغيير الثقافة المسيطرة على أعضاء هيئة التدريس والتي تشكك في جودة التعليم عبر هذه الوسائل.

ناريمان الحاج حمو  

تعتقد حاج حمو أن العائق الرئيسي أمام تنفيذ وتعميم تجربة التعلم عبر الإنترنت يأتي من عدم وضوح الأهداف طويلة المدى المتعلقة بإدماج التعلم عبر الإنترنت والبحث في كيفية ارتباطه برسالة الجامعة، وأولوياتها الإستراتيجية.

قالت “نحتاج لتغيير الثقافة المسيطرة على أعضاء هيئة التدريس والتي تشكك في جودة التعليم عبر هذه الوسائل.”

وتؤمن أن تدريب أعضاء هيئة التدريس وتغيير قناعاتهم أمر أساسي لتحسين تجربة الطلاب في التعلم عن بعد.

ومن أجل تحقيق هذه المهمة، أسست حاج حمو العديد من المبادرات الإقليمية وفي مقدمتها منتدى قيادة التعليم العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي يُعد من أوائل الجمعيات الإقليمية غير الربحية التي تجمع قادة التعليم العالي وصناع القرار لتعزيز مفهوم التعليم عبر الإنترنت، ورفع جودة المؤسسات الأكاديمية.

مفهوم جديد لقياس جودة العملية التعليمية

إلى جانب اهتمامها الكبير بالتعليم عبر الإنترنت، أمضت الأكاديمية الجزائرية، التي تأثرت بتجربة عمل أفراد من عائلتها في الجامعات، جزءاً كبيراً من حياتها المهنية في سعي لتغيير مفهوم جودة التعليم، ووسائل القياس العلمية له.

“العامل الرئيسي في نجاح الدكتورة ناريمان في تطبيق برامج الجودة لدى الجامعات المختلفة هو جمعها بين عملها الأكاديمي ثم تدرجها لاحقاً في الإدارة.”

نبيل القاضي
رئيس كلية الخوارزمي الدولية في الإمارات

تؤمن حاج حمو بدور مؤسسات التعليم العالي في تحمل المسؤولية الأساسية عن جودة ما يتم تقديمه وضمانه.” موضحة أهمية النظر إلى الاعتماد الأكاديمي باعتباره “وسيلة لتعزيز ثقافة الجودة وتحسينها وليس مجرد  مجرد متطلب يجب الحصول عليه.”

بالنسبة لحاج حمو، فإن معايير الاعتماد، لا ينبغي أن تكون إلزامية بطبيعتها على مؤسسات التعليم العالي، لأن المؤسسات متنوعة ومختلفة في طبيعتها وبالتالي تتأثر كل مؤسسة بالسياق المحلي التي تتواجد فيها، وهو ما يجب أخذه في الاعتبار.

قال نبيل القاضي، رئيس كلية الخوارزمي الدولية في الإمارات، في مقابلة عبر برنامج زووم، “العامل الرئيسي في نجاح الدكتورة ناريمان في تطبيق برامج الجودة لدى الجامعات المختلفة هو جمعها بين عملها الأكاديمي ثم تدرجها لاحقاً في الإدارة.” موضحاً أن ذلك ساهم في إبراز قدرتها على على الجمع بين متطلبات الجودة كأداة قياس واستخراج وكيف يتم عكس ذلك على جميع مراحل العملية التعليمية. وأضاف أنه لطالما استعان خلال سنوات عمله في جامعات بدول البحرين وسلطنة عمان والإمارات بالخبرات الواسعة لحمو في تصميم برامج تحسين الجودة داخل هذه المؤسسات.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

حصلت حاج حمو في عام 2014 على الجائزة التقديرية من مجلة فوربس بوصفها واحدة من أكثر 200 امرأة عربية تأثيراً. وفي عام 2016 حصلت على جائزة المرأة العربية لفئة التعليم. وفي عام 2017 حصلت على جائزة قائد التعليم المؤثر من جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة.

قالت “كانت هذه الجوائز فخراً كبيراً لي وحافزاً لاستمرار دعم مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي، حيث أطمح إلى توسيع أنشطة المركز ليصبح أكثر عالمية، وخدمة منطقتنا العربية بشكل أفضل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى