أخبار وتقارير

احتجاجات في أكثر من 40 جامعة أمريكية وكندية.. و«كولومبيا» تفاوض الطلاب

«أنا نويل مكافي، رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري، أرجوك اتصل بقسم الفلسفة أخبرهم أنني قيد الاعتقال». بعيون قلقة، قالت الأكاديمية الأمريكية هذه العبارة، كما أظهرها مقطع فيديو، بينما كانت الشرطة تقتادها لوجودها في موقع طلابي احتجاجي يناهض الحرب الإسرائيلية على غزة، ويدعو إلى وقف التعاون والاستثمارات الأكاديمية مع إسرائيل.

هكذا بدت مشاهد الحركة الاحتجاجية المتصاعدة في الجامعات الأمريكية، خلال الساعات الماضية، على وقع طبول تدق بأنغام فلسطينية، وهتافات وأغان تنشد الحرية لفلسطين.

ووفق شبكة «إن بي سي» الأمريكية، أقيمت مخيمات الاحتجاج في أكثر من 40 حرمًا جامعيًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا، بما في ذلك جامعة كاليفورنيا، ونورث ويسترن، وجورج واشنطن، وهارفارد، وبراون، وجامعة ميشيغان، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

وعقب الإفراج عنها، قالت مكافي، وهي أستاذة الطب النفسي والعلوم السلوكية، في لقاء تلفزيوني: «شاهدت، لأول مرة، متظاهرًا شابًا يُطرح على الأرض من قبل الضباط، الذين كانوا يضربونهم.. فقط يضربونهم ويضربونهم». وأضافت: «تدخلت مدفوعة بنداء الأمومة: توقف، توقف.. تأكدت من الوقوف على بعد أربعة أقدام منهم، واقفة بلا حراك، دون مواجهة، وقلت: توقفوا». وتابعت: «وقف أحد رجال الشرطة أمامي مباشرة، وقال: سيدتي، تراجعي إلى الوراء، عليك التراجع». قالت: «كنت أشاهدهم وهم يضربون شخصًا ما، فقلت: لا، وقاموا باعتقالي». وتابعت: «كان الفتى يتعرض للكم (من الشرطة)، ويتدحرج ويُضرب، وكان يحاول حماية نفسه. ولا أعرف كم من الوقت استمر ذلك.. كان رد فعلي مجرد إنسان يقول: توقفوا عن ذلك».

ولم تكن مكافي وحدها في هذه التجربة، حيث قال إميل كيمي، الأستاذ بالجامعة نفسها، إنه تعرض لتجربة مماثلة. وفي مداخلة تلفزيونية، روى ما جرى له قائلًا: «شعرت حرفيًا أنني في منطقة حرب عندما رأيت قوات الشرطة بكل عتادها. وبعد ذلك مباشرة، بدأوا على الفور بإزالة جميع الخيام وتدميرها، وإبعاد الطلاب بالقوة، ثم شعرت بأثر الغاز المسيل للدموع، وتمسكت بأذرع بعض الأشخاص، حيث كنا نُدفع للخلف بعيدًا عن المخيم. والطالبة التي كنت أمسك بذراعها تم اعتقالها بعد ذلك. وفي اللحظة التالية وجدت نفسي على الأرض، وكنت رهن الاعتقال. كانت تجربة فظيعة وغريبة للغاية. غير مقبولة حقًا».

نعمت شفيق والاحتجاجات في جامعة كولومبيا

وتتطلع الأنظار إلى حرم جامعة كولومبيا، التي تشهد أبرز حركة احتجاجية ضد الحرب، والعلاقات الأكاديمية مع إسرائيل، وخاصة بعد استدعاء رئيسة الجامعة، نعمت شفيق، الشرطة لفض احتجاج الطلاب الأسبوع الماضي، قبل أن يعودوا لإقامة المخيم من جديد.

وفي وقت مبكر من صباح السبت، قالت «رويترز»، إن مجلس جامعة كولومبيا خلص، بعد اجتماع استمر ساعتين، الجمعة، إلى أن إدارة نعمت شفيق، رئيسة الجامعة التي غابت عن اجتماع المجلس، «قوضت الحرية الأكاديمية، وتجاهلت الخصوصية، وحقوق الإجراءات القانونية الواجبة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس من خلال استدعاء الشرطة، وإنهاء الاحتجاج» الأسبوع الماضي.

ووصف مجلس الجامعة قرار شفيق بفض احتجاج الطلاب بقوة الشرطة بأنه «أثار مخاوف جدية بخصوص احترام الإدارة للحوكمة المشتركة والشفافية في عملية صنع القرار بالجامعة». وألقت الشرطة القبض على أكثر من 100 شخص الأسبوع الماضي، وأزالت الخيام من الحديقة الرئيسية لحرم الجامعة في مانهاتن، لكن المتظاهرين عادوا بسرعة، وأقاموا الخيام من جديد.

ولم يذكر مجلس الجامعة، الذي يتألف في معظمه من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من الموظفين بالإضافة إلى عدد قليل من الطلاب، اسم نعمت شفيق في قراره، وتجنَّب استخدام اللغة الأكثر قسوة المتمثلة في «توجيه اللوم». ونص قرار مجلس الجامعة على تشكيل فريق عمل قال إنه سيراقب «الإجراءات التصحيحية» التي طلب المجلس من الإدارة اتخاذها للتعامل مع الاحتجاجات.

وفيما قال المتحدث باسم جامعة كولومبيا، بن تشانغ، إن الإدارة ملتزمة «بالحوار المستمر»، لإعادة الهدوء إلى الحرم الجامعي، قال أحد أعضاء الفريق الطلابي المفاوض مع إدارة الجامعة، محمود خليل، إن الطلاب خاضوا مفاوضات مع الإدارة لإحدى عشرة ساعة، مشيراً، في لقاء تلفزيوني، السبت، إلى أن الطلاب متمسكون بمطلب «قطع العلاقات الاقتصادية والأكاديمية مع جامعات دولة الاحتلال الإسرائيلي، والشركات التي تساهم في ذبح شعبنا الفلسطيني». وأضاف أن المفاوضات مستمرة، لكن «لا يوجد شيء متفق عليه بشكل نهائي بعد»، لكنه أشار إلى أن الجامعة «ترغب في العفو عن الطلاب المائة الذين جرى اعتقالهم وفصلهم، لكنها تربط ذلك بالرغبة في إزالة عدد من خيم الاحتجاج، ونحن من جانبنا نصر على أن يكون الاتفاق حول مطالبنا دفعة واحدة، لا أن يكون كل طلب على حدة».

جامعات أخرى

وفق وكالة «أسوشيتد برس»، ألغت جامعة جنوب كاليفورنيا حفل التخرج الرئيسي المقرر لها في 10 مايو/أيار، حيث يشهد حرمها الجامعي احتجاجات. وألغت الجامعة بالفعل خطاب حفل التخرج الذي ألقاه الطالب المتفوق المؤيد للفلسطينيين، بحجة مخاوف تتعلق بالسلامة.  واشتبكت الشرطة مع المتظاهرين في جامعة ولاية أوهايو في كولومبوس، بعد ساعات فقط من تجمعهم مساء الخميس. وقال المتحدث باسم الجامعة بنجامين جونسون، إنه تم اعتقال أولئك الذين رفضوا المغادرة بعد التحذيرات، ووجهت إليهم تهم جنائية بالتعدي على ممتلكات الغير.

وأقام حوالي 50 طالبًا في جامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة، خيمة في ساحة الجامعة، الخميس. وفي وقت لاحق من اليوم، نظمت مجموعة من طلاب وأساتذة جامعة جورج تاون إضرابًا احتجاجيًا، وساروا إلى حرم جامعة جورج واشنطن للانضمام إلى المتظاهرين هناك. ويطالب المتظاهرون الجامعة بوقف جميع علاقاتها مع إسرائيل، ورفع الإيقاف عن مجموعة طلابية بارزة مؤيدة للفلسطينيين.

https://www.bue.edu.eg/

كما أغلق مسؤولو جامعة ولاية كاليفورنيا للفنون التطبيقية في هومبولت الحرم الجامعي، قائلين إن التدريس سيظل عن بعد، بعد أن استخدم المتظاهرون في الجامعة في شمال كاليفورنيا الأثاث والخيام والسلاسل لإغلاق مداخل المبنى الأكاديمي والإداري يوم الاثنين.

وفي جامعة نيويورك، اتسع المعسكر الذي أقامه الطلاب ليصل إلى مئات المتظاهرين. وقالت الشرطة يوم الأربعاء إنه تم اعتقال 133 متظاهرا. وأضافت أنه تم إطلاق سراحهم جميعاً بموجب أوامر استدعاء للمثول أمام المحكمة بتهم السلوك غير المنضبط. وغيّرت جامعة نورث ويسترن قواعد سلوك الطلاب، الخميس، لحظر إقامة الخيام في حرمها الجامعي بضواحي شيكاغو، بينما أقام الناشطون الطلابيون معسكرًا. وأقام بضع عشرات من المتظاهرين الخيام، واحتلوا مبنى في معهد الأزياء للتكنولوجيا، الخميس، وهو جزء من نظام جامعة ولاية نيويورك العامة. وحمل متظاهرون آخرون خارج المبنى لافتات وأعلامًا فلسطينية. وقضى نحو عشرة متظاهرين الليل في خيام وأكياس نوم داخل مبنى الحرم الجامعي.

وبعد إقامة معسكر في جامعة إنديانا بلومنجتون، دفعت الشرطة بالدروع والهراوات صفًا من المتظاهرين متشابكي الأذرع بعد ظهر الخميس. ووفق الوكالة نفسها، يبدو أن مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي «تُظهر استمرار الاحتجاج بعد أن توقفت سلطات إنفاذ القانون عن الاعتقالات». وبحسب «سي بي إس نيوز»، يطالب الطلاب المحتجون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بقطع العلاقات البحثية مع الجيش الإسرائيلي. وفي السياق نفسه، علقت جامعة هارفارد لافتة مثبتة على البوابات، مكتوب عليها: «لا يُسمح بإقامة المنشآت، بما في ذلك الخيام والطاولات، في الفناء دون إذن مسبق. سوف يتعرض الطلاب الذين ينتهكون السياسة لإجراءات تأديبية».

وتثير هذه الاحتجاجات ردود فعل سياسية واسعة، وسط فريقين بين مؤيد ومعارض. ومن هؤلاء، كتبت عضو الكونجرس الأمريكي، إلهان عمر، عبر حسابها على موقع X: «كان لي شرف رؤية المخيّم المناهض للحرب بجامعة كولومبيا عن كثب. وبخلاف ما تروّجه هجمات اليمين، يحتج هؤلاء الطلاب بفرح من أجل السلام وإنهاء الإبادة الجماعية الجارية في غزة. أشعر برهبة ملهمة تجاه شجاعتهم وإقدامهم».

تفاعل فلسطيني وعربي

كما يتابع طلاب فلسطينيون في قطاع غزة ما تصنعه هذه الاحتجاجات من أصداء واسعة، في الولايات المتحدة، وخارجها. وبث الطالب الفلسطيني عز الدين لولو، طالب من شمال غزة، مقطع فيديو خاطب فيه الطلاب المحتجين قائلًا: «من طالب جامعي لا يزال في شمال غزة، فقد عائلته، ومنزله، وجامعته.. إلى الطلاب الشجعان الذين يحتجون ضد الإبادة الجماعية، أقف معكم تضامنًا، أصواتكم قوية، ونضالكم من أجل العدالة أمر بالغ الأهمية، لا تستسلموا، العالم بحاجة إلى شجاعتكم، وتفانيكم في نشر الوعي والمطالبة بالتغيير. أرى قوتكم. استمروا في النضال من أجل الصواب. لا تنسوا.. أصواتكم تصنع فارقًا».

وعلَّق هاني جنينة، المحاضر بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، على هذه الاحتجاجات، عبر حسابه بموقع «فيسبوك»: «ما هو مبهر أن هذه الجامعات هي جامعات الـTop League فعلًا، وبالتالي فإن هولاء الطلبة والدكاترة عندهم قدرات تحليلية أعلى كثيرًا من متوسط البشر، ووصلوا لهذه القناعة بعد كل المليارات التي أُنفقت على رواية الاحتلال والـG7…إن فلسطين لابد أن تكون حرة، وأن ما يحدث هو تطهير عرقي. لا شك أن هذه المرة ليست ككل مرة، وسواء رأيت النهاية أم لا، وسواء كانت هناك معاناة أخرى أم لا، فستكون نهاية سعيدة ان شاء الله

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى