أخبار وتقارير

وباء كورونا يعيد الاعتبار للتعليم الإلكتروني

(ملاحظة المحرر: يأتي التقرير أدناه ضمن ملف يشمل تقرير آخر بعنوان: الجامعات الفلسطينية تتسابق لإستخدام التعليم الإلكتروني لمواجهة وباء كورونا).

القاهرة- مع إعلان منظمة الصحة العالمية لفيروس كورونا “كوباء” ورفع الإجراءات الوقائية في العديد من الدول العربية، والتي تضمن بعضها إغلاق المدارس والجامعات كلياً في بعض الدول وجزئيا في بعضها الأخر، تعالت الدعوات المطالبة باستخدام التعليم الإلكتروني كوسيلة أساسية لضمان استمرار العملية التعليمية وعدم ضياع سنة دراسية على الطلاب.

إذ قامت بعض الدول، كالإمارات والكويت بالإعلان عن بدء تطبيق مشاريع للتعليم الإلكتروني  لتقديم مصادر تعليمية بديلة للطلاب خلال الفترة الحالية. في حين أعلنت دول أخرى، كمصر والأردن عن عزمها اللجوء إلى هذه الوسيلة في حال اضطرت إلى تعطيل الدروس. (اقرأ التقرير ذو الصلة: فيروس كورونا يغلق الجامعات والمدارس في المنطقة العربية).

تبدو هذه الخطوة مفاجأة للكثيرين خاصة وأن التعليم الإلكتروني لطالما عانى من التهميش وعدم الاعتراف بشهاداته والإيقاف في العديد من الدول العربية، التي مازالت أنظمتها التعليمية تفضل التعليم التقليدي القائم بصورة أساسية على تلقين الأساتذة للطلاب. (اقرأ التقرير ذو الصلة: البحرين تحظر التعليم المفتوح).

في المقابل، يعتقد خبراء أن الفرصة متاحة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لاستخدام التعليم الإلكتروني على نطاق واسع وفي مختلف المستويات التعليمية مدرسية كانت أو جامعية مما يساعد على تعزيز استخدامه لاحقا كوسيلة تعليمية أساسية وليست طارئة.

قالت منى فرج مجدي، الأستاذة في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، “هناك فرصة اليوم للتوسع في استخدام التعليم الإلكتروني وقبول أنماط أخرى من التعليم لا تعتمد بشكل أساسي على الوجود الفيزيائي بل تستخدم وسائل حديثة في التفاعل والتواصل.” مشيرة إلى أهمية النظر للتعليم الإلكتروني بوصفه مستقبلا للتعليم وليس مجرد وسيلة تستخدم عند “الأزمات فقط”.

مخاوف لعدم الجاهزية

تتفق سمر فرح، مديرة الأبحاث في مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم، مع مجدي حول “الفرصة” المتاحة اليوم بسبب “وباء كورونا” للتعرف أكثر على إمكانات التعليم الإلكتروني وبالتالي تقبل أدواته والاعتراف لاحقا بنتائجه. لكنها في ذات الوقت تبدي حذرها من النتائج التي يتوقعها البعض حالياً من هذا النوع من التعليم في ظل الظروف الراهنة.

قالت في رسالة إلكترونية “يجب أن نكون حريصين على عدم القفز إلى أي استنتاجات حول فعالية التعلم عبر الإنترنت خاصة عند البدء بتطبيقه في مثل هذه الظروف الإستثنائية،” مشيرة إلى هناك بعض الدول التي لم تعتمده مطلقاً في السابق وبالتالي فإن “تنفيذه بسرعة حاليا دون وجود محتوى مصمم بشكل مناسب وتوفر الأنظمة الداعمة وتدريب الأساتذة بشكل جيد ومسبق قد يتسبب في فقدان الكثير من النتائج المرجوة منه. لكن يبقى هذا أفضل من تعطيل العملية التعليمية حالياً.”

“هناك فرصة اليوم للتوسع في استخدام التعليم الإلكتروني وقبول أنماط أخرى من التعليم لا تعتمد بشكل أساسي على الوجود الفيزيائي بل تستخدم وسائل حديثة في التفاعل والتواصل.”

منى فرج مجدي  
الأستاذة في كلية الإعلام في جامعة القاهرة

تعتقد مجدي أن الطلاب مستعدون لخوض غمار التعليم الإلكتروني أكثر من مؤسساتهم الأكاديمية. قالت “لا أعتقد أن المؤسسات التعليمية بمعظمها مؤهلة حالياً لهذا التحول، أعتقد أن الطلاب أكثر استعدادا لكونهم على تواصل أكبر مع التكنولوجيا ولأن عدداً منهم التحق سابقا بدورات تعليمية على شبكة الإنترنت.” مضيفة أن المشكلة الأكبر تكمن في المنظومة التعليمية التي تضم الأستاذ والمنهج والبنية التحتية غير المؤهلة لتقديم خدمة تعليمية ذات مستوى جيد. (اقرأ التقرير ذو الصلة: الكتب الإلكترونية عوضاً عن الورقية في الجامعات المصرية).

توصيات لمواجهة التحديات

يتوافق كلام مجدي مع نتائج موجز السياسة العامة الذي صدر عن مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم حديثاً بعنوان التعلم عبر الإنترنت:نموذج تعليمي يحتاج إلى الدعم. إذ كشفت هذه الدراسة التجريبية عن “انفتاح الشباب على اعتماد التعلمعبر الإنترنت كوسيلة لاستكمال و/أو تعزيز التعليم التقليدي الذي لا يشعرون أنه يحضّرهم جيداً لمسارهم المهني.”

تؤكد الدراسة، التي أجريت بين تشرين الأول/أكتوبر 2018 وكانون الثاني/ يناير2019 وشملت نحو 1000 طالب جامعي، أن التعليم عبر الإنترنت شائع نسبياً بين الطلاب العرب، حيث اشترك أكثر من 55 في المئة من الطلاب الذين شملتهم الدراسة في مساق تعليمي واحد على الأقل على الإنترنت.

يستخدم الطلاب، بحسب الدراسة،التعلم عبر الإنترنت لسببين رئيسيين: إذ شارك 47 في المئة من الطلاب في مساقات عبر الإنترنت لكونهم مهتمون بموضوع لم تقدمه جامعاتهم، بينما قال 38 في المئة إنهم فعلوا ذلك لاكتساب المزيد من المعرفة حول المحتوى الذي تعلموه في الفصل الدراسي.

مع ذلك، تُظهر نتائج الدراسة أن الشباب العربي ما زال لديهم تصورات خاطئة حول التعلم عبر الإنترنت، ويبدو أنها تحد من انفتاحهم على الالتحاق به مقارنة بالبرامج التقليدية. وتتلخص هذه التصورات بأنهم ” لن يحصلوا على الدعم إذا لم يفهموا شيئاً ما (63 في المئة)، النجاح أسهل مقارنة بالنظام القائم على الحضور الشخصي للطلاب والأساتذة (61 في المئة) وأنه “لا يوجد تفاعل مع الأساتذة (46 في المئة)”.

تؤكد الدراسة حديثة أن التعليم عبر الإنترنت شائع نسبياً بين الطلاب العرب، حيث اشترك أكثر من 55 في المئة من الطلاب الذين شملتهم الدراسة في مساق تعليمي واحد على الأقل على الإنترنت.

تتوافق هذه التصورات الخاطئة مع حقيقة أن شهادات المساقات والتدريبات على شبكة الإنترنت غير معترف بها من قبل الحكومات العربية، كما أنها غير مقبولة على نطاق واسع من قبل أرباب العمل.

في المقابل، أعرب الطلاب الذين شملتهم الدراسة، والبالغ عددهم نحو 500، عن رضاهم بشكل عام عن تجربتهم التعليمية. كما لم يمانع الطلاب الذين لم يلتحقوا بهذا النوع من التعليم سابقاً بتجربته. وأفاد 1 في المئة فقط من الطلاب أنهم لا ينصحون طلاباً أخرين بهذه التجربة.

قالت فرح “في المؤسسة، نعتقد أنه من المهم فهم وجهات نظر الطلاب لمعرفة كيفية خدمتهم بشكل أفضل.

أرباب العمل يرحبون

استطلعت الدراسة رأي  57 من أصحاب العمل المقيمين في المنطقة العربية حول قبولهم توظيف شباب خضعوا لمساقات دراسية إلكترونية. إذ قال واحد فقط من كل أربعة أنه يفضل توظيف شخص يحمل درجة البكالوريوس التقليدية على شخص حصل على نفس الدرجة إلكترونياً. في حين قال أكثر من 80 بالمئة إنهم سيكونون منفتحين على توظيف شخص حصل على درجة الماجستير عبر الإنترنت من جامعة دولية ذات سمعة جيدة.

بالرغم من أن الدراسة لا تمثل سوى عينة صغيرة من أصحاب العمل، إلا أن فرح أوضحت أن البيانات تظهر أن سوق العمل منفتح نسبيًا للتعليم عبر الإنترنت.

قالت “أنها عينة صغيرة، إلا أن البيانات تظهر أنها منفتحة نسبياً عليها وأنها تقدر جودة وسمعة المؤسسة التي توفر الدرجة أكثر من الاعتماد الحكومي للشهادة.”

“يجب أن نكون حريصين على عدم القفز إلى أي استنتاجات حول فعالية التعلم عبر الإنترنت خاصة عند البدء بتطبيقه في مثل هذه الظروف الإستثنائية،”

سمر فرح
 مديرة الأبحاث في مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم

توصيات

تقدم الدراسة توصيتان، الأولى تتعلق ببناء روابط أقوى بين التعليم العالي والتوظيف والثانية التعرف على نماذج جديدة للتعلم والاستثمار في حلول التعليم والتدريب المدمج وعبر الإنترنت.

قالت فرح “نأمل أن يوفر هذا الموجز، الذي يتزامن مصادفة مع انتشار فيروس كورونا، حجة قوية للحكومات لوضع مزيد من الاستثمارات والاعتراف بالتعلم عبر الإنترنت والمزج كوسيلة بديلة لزيادة الوصول إلى التعليم العالي.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى