يتمتع بينالي البندقية، الذي افتتح الأسبوع الماضي والذي يعتبر أحد أهم الأحداث الرئيسية في التقويم الفني العالمي، بحضور عربي قوي هذا العام. إذ أثارت الأعمال الفنية لفنانين عرب منفردين فضلاً عن الأجنحة القُطرية للجزائر ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسوريا والعراق آراء قوية بشكل عام. فبينما كان أحد الأجنحة سيئًا للغاية، عكس جناحٌ آخر الاضطرابات السياسية الراهنة.
تحت عنوان “قد تعيش في أوقات مثيرة للاهتمام”، افتتح بينالي البندقية دورته الثامنة والخمسين للجمهور في 11 أيار/ مايو في البندقية بإيطاليا. يركز بينالي هذا العام، برعاية رودولف روغوف، مدير معرض هايوارد في لندن، على ما وصفه روغوف في بيانه الفني بأنه “معرض ينظر، ولو جزئيًا على الأقل، في كيفية أداء الفن في عصر الأكاذيب … أتمنى أن يكون في إمكان الفن تجهيزنا بأدوات لإعادة تصور إمكانيات هذه “الأوقات المثيرة للاهتمام” التي نعيشها اليوم”.
منذ تأسيسه في عام 1894 بهدف عرض الفن المعاصر من جميع أنحاء العالم، أصبح بينالي فينيسيا “البندقية” مكانًا يستقطب الفنانين والقيمين وجامعي التحف وغيرهم من المهتمين بالفنون لاكتشاف الاتجاهات الفنية والمواضيع الراهنة ومحاولة التكهن باتجاهات الفن المستقبلية.
تأسس البينالي بمشاركة دول فردية قامت بعرض أعمال لفنانين في أجنحة أقيمت في الجارديني، أو الحديقة العامة الكبيرة في المدينة، ثم قامت دول أخرى بإنشاء أجنحة إضافية منذ ذلك الحين في منطقة الأرسيناله Arsenale بالمدينة. باشتقاق اسمها من الكلمة العربية “دار الأسلحة” أو “مستودع الأسلحة”، ضمّت الأرسيناله سابقًا مجمعًا من أحواض بناء السفن ومستودعات الأسلحة للمدينة، وهو موقع يخضع لحراسة مشددة لبناء السفن البحرية والتجارية. اليوم، يوفر موقع الأرسيناله المواجه للبحر بقربه من الجارديني موقعًا ممتازًا للدول لعرض الأعمال الفنية، والتركيز على موضوعات التكنولوجيا، والتجارة، والتجارة العالمية. بالنسبة للفنانين العرب، يُعد البينالي فرصة لاستكشاف المواضيع التاريخية بمهارة نظرًا لأهمية المدينة في سجلات التاريخ العربي، إذ كانت مدينة البندقية تجني الكثير من أموالها من خلال السيطرة على التجارة بين أوروبا والشام، على سبيل المثال.
إلى جانب العديد من أجنحة الدول العربية في بينالي هذا العام، تم اختيار العديد من الفنانين العرب من قبل روغوف لعرض أعمالهم في المعرض الرئيسي للبينالي بما في ذلك الفنان اللبناني طارق عطوي وفنان الصوت لورانس أبو حمدان، الذي تم ترشيحه مؤخرًا لنيل جائزة تيرنر الفنية البريطانية المرموقة. (اقرأ المقال ذو الصلة: لورانس أبو حمدان يحاكي أصوات سجون سوريا). كما تم عرض عدد لا بأس به من أعمال فنانين في معارض جماعية جانبية في جميع أنحاء المدينة بما في ذلك أعمال الفنانتين الكويتيتين منيرة القادري وعليا القادري والثنائي الفلسطيني باسل عباس وروان أبو رحمة في إطار جائزة بينتشوك لجيل المستقبل للفنون، والتي ينالها فنانون يبلغون من العمر 35 عامًا أو أقل. كما اختيرت الفنانة الفلسطينية المقيمة في لندن لاريسا صنصور لتمثيل الدنمارك، وهو اختيار اعتبره البعض في البينالي عملاً سياسياً لإبراز تسامح البلاد مع المهاجرين رغم التوترات العرقية المتزايدة.