أخبار وتقارير

رئيس كلية الخوارزمي الدولية نبيل القاضي لـ«الفنار»: شراء أنظمة تعليمية جاهزة دون مراعاة الفوارق الثقافية مسألة مصيرها الفشل

يسعى الأكاديمي التونسي، نبيل القاضي، الرئيس الجديد لكلية الخوارزمي الدولية في الإمارات، إلى تطوير برامج المؤسسة التعليمية التي تأسست قبل 35 عامًا، مستندًا إلى خبرة أكاديمية وإدارية ممتدة في مجال التعليم العالي.

يقول القاضي، الذي شغل منصبه في حزيران/ يونيو الماضى، في مقابلة مع «الفنار» عبر «زووم»: «نعمل على تجديد الترخيص المؤسسي للكلية، وإنجاز تجربة الاعتمادات الدولية للبرامج التعليمية، وقد أبرمنا العديد من الاتفاقيات، منها: اتفاقية مع شركة أكسفورد للأنظمة الصحية الذكية، التابعة لجامعة أكسفورد، لتعزيز برامجنا في قسم العلوم الصحية، ونحن بصدد إطلاق برامج دراسية مشتركة مع جامعات فرنسية رائدة».

عمل القاضي لنحو 13 عامًا، في عدد من جامعات الخليج، بعد تجربة، مدتها ثماني سنوات، عمل خلالها أستاذًا في علوم الحاسب الآلي، بمؤسسة (Epitech) الفرنسية المعنية بدراسات هندسة الكمبيوتر.

كوفيد-19 وبرامج التعليم العالي

عندما حل كوفيد-19 على العالم، قبل حوالي عامين، صممت كلية الخوارزمي الدولية طرقًا جديدة لتمكين الطلاب الدراسين للعلوم الطبية، من استمرار أداء اختباراتهم في المختبرات العملية، من خلال «إدماج أنظمة السوفت وير، وابتكار أدوات محاكاة التعليم العلمي». وإلى جانب ذلك، صممت الكلية برامج دراسية جديدة، تستعد لتطبيقها بحلول العام الدراسي المقبل، بهدف «مواكبة التغيرات العلمية التي أحدثها وباء كورونا في الحياة العملية، اعتمادًا على معلومات وبيانات قدمتها شركة بريطانية حول سوق العمل في الإمارات، ومنطقة الخليج عمومًا»

«الضامن الرئيسي لاستمرار فاعلية أي كلية، هو تحديث برامجها الدراسية بشكل دوري لا يتجاوز خمس سنوات، أو إطلاق برامج جديدة تواكب متطلبات العصر، وتستشرف المستقبل لإعداد خريج لعشر سنوات مقبلة وليس لعام واحد فقط».

نبيل القاضي  

تشمل هذه البرامج المستحدثة، والتي تعتزم الكلية تقديم أوراقها لجهات الاعتماد في الإمارات: «دبلومة في العلوم التنفسية وطب الإسعاف، وبكالوريوس في الديجيتال بيزنس، والأمن السيبراني مع التحول الكبير لسوق العمل نحو الإنترنت، إلى جانب إدخال مادة الذكاء الاصطناعي كمادة إلزامية في جميع البرامج التخصصية». وعن هذه البرامج، يقول «القاضي»: «التخصصات الدراسية الجديدة ستكون جاهزة  لبدء تدريسها في آيلول/ سبتمبر المقبل».

يعتقد الأكاديمي التونسي، الذي صمم برامج دراسية في فرنسا، وعمان، والبحرين، والإمارات، أن «الضامن الرئيسي لاستمرار فاعلية أي كلية، هو تحديث برامجها الدراسية بشكل دوري لا يتجاوز خمس سنوات، أو إطلاق برامج جديدة تواكب متطلبات العصر، وتستشرف المستقبل لإعداد خريج لعشر سنوات مقبلة وليس لعام واحد فقط».

ومع ذلك، يحذر من تحول فكرة إطلاق البرامج الجديدة إلى «موضة» دون أن تكون هناك «معايير دقيقة في تصميمها، أو أسباب مبنية على معلومات ودراسات تستدعي إطلاقها». ويوضح: «استحداث برنامج دراسي لابد أن يخضع لعملية تدقيق داخلي وخارجي، وأن تكون هناك حاجة لها في سوق العمل، مع الوعي بأن لكل دولة ولكل منطقة إطارها ومتطلباتها التي تختلف من منطقة لأخرى».

وتمر عملية اعتماد برنامج دراسي جديد في الإمارات، الذي يستغرق ترخيصه من 6 أشهر إلى عام كامل، بأكثر من مرحلة، تبدأ بتقديم الجامعة للبرنامج إلى وزارة التعليم العالي الإماراتية، لدراسته نظريًا، ثم تتشكل لجنة من خبراء دوليين لزيارة الجامعة ومراجعة جهوزيتها من جميع النواحي، وتتبع الزيارة بإرسال تقرير يتضمن النقاط التي تتطلب الاستكمال، يعقبها رد الجامعة باستيفاء الملاحظات، ويصدر بعدها الترخيص، وفقًا لـ«القاضي».

في عام 2008، بدأ القاضي، رحلته المهنية في منطقة الخليج، كرئيس لقسم الحاسب الآلي في الجامعة الأهلية البحرينية  قبل أن ينتقل منها إلى الجامعة التقنية (ِAMA سابقًا) في نفس البلد، كرئيس لها لنحو عامين، حتى غادرها إلى سلطنة عمان للعمل كرئيس لجامعة البريمي حتى نهاية عام 2018.

«شراء أنظمة تعليمية كاملة وجاهزة، دون تطويعها لظروف الدول الثقافية والاقتصادية مسألة مصيرها الفشل»، مضيفًا أن الطالب «نتاج لمجتمع ومكونات مختلفة علمية، ثقافية، وحضارية»

نبيل القاضي  

من واقع خبرته، يعتقد الأكاديمي التونسي، أن «شراء أنظمة تعليمية كاملة وجاهزة، دون تطويعها لظروف الدول الثقافية والاقتصادية مسألة مصيرها الفشل»، مضيفًا أن الطالب «نتاج لمجتمع ومكونات مختلفة علمية، ثقافية، وحضارية». ورغم ماحققته بعض مؤسسات التعليم العالي في الخليج من تقدم كبير في مسألة الجودة، لكن القاضي، الذي يعد خبيرًا معتمدًا لدى كثير من الدول العربية في قياس الجودة والاعتماد، يعتقد أننا «لا نزال ننظر إلى الجودة كمستوى إضافي، يأتي بعد بناء المؤسسة التعليمية وتصميم برامجها، ولا نأخذها بعين الاعتبار منذ البداية عند تصميم البرامج، أو التدريس».

وحول تبعية مؤسسات الجودة للحكومات في العالم العربي، قال القاضي إن ذلك الارتباط «يقلل من فاعليتها»، وشرح رؤيته بالقول: «تدخل الحكومات في فترة البدايات لعمل مؤسسات الجودة أمر ضروري وأساسي، لكن لابد أن تتحول هذه الهيئات إلى هيئات مستقلة، تتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية عن أي تدخل حكومي».

ويشير الأكاديمي التونسي إلى بدء المؤسسات العربية استخدام الاعتماد والجودة كـ«أحد المعايير لتقديم الدعم لجامعة عن أخرى، كما فعلت سلطنة عُمان بتفضيل تقديم منح لطلاب الجامعات المعتمدة، أو نشر هيئة الترخيص الأكاديمي في الإمارات، التقارير والملخصات لاعتماد الجامعات فيها، والتي ستؤثر إيجابًا وسلبًا على تعامل سوق العمل مع خريجي الجامعات».  وقال: «ستتحول الجودة من عملية ورقية حسابية تأتي في نهاية المطاف، إلى عملية يتم مراعاتها في أدق التفاصيل، مع التأكيد على وضع الطالب في جميع الاختيارات التعليمية».

إصلاح نظام التعليم العالي في تونس

ورغم افتخار «القاضي»، بدراسته في تونس، حين كانت «مركزًا رئيسيًا للتعليم في العالم العربي، خلال فترة حكم أول رئيس للجمهورية، الحبيب بورقيبة (1957 – 1987)»، إلا أنه يقر، اليوم، بما يصفه بــ«التدهور اللافت» الذي طال النظام التعليمي في بلاده، وهو ما يرجعه – بشكل رئيسي – إلى «التغييرات الرئيسية في نظام التعليم في مرحلة التسعينيات، مثل التخلي عن المعايير المتشددة في قبول الطلاب بالجامعات، بعد إلغاء العديد من امتحانات القبول، والتساهل في معايير النجاح بالكليات، مما أدى إلى تحول الأخيرة إلى مصانع للبطالة».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وقد ساهم تدني الموارد الاقتصادية، في السنوات اللاحقة – يقول «القاضي» – في «مراكمة هذا التدهور، خصوصًا مع تقليص الدعم لنظام التعليم المهني الذي تميزت به تونس، والذي كان يستوعب الذين لم يلتحقوا بالمدارس الثانوية التقليدية. هذه السياسات تسببت في إغراق سوق العمل بخريجين، وارتفاع معدلات البطالة».

ويرى الأكاديمي التونسي أنه لابد من «خطة لإحياء هذا النظام التعليمي؛ من خلال الدمج بين الجامعات الحكومية والخاصة». ويوضح أكثر فيقول: «تعتمد هذه الخطة على تسليم إدارة الجامعات الحكومية لفريق إداري غير حكومي (قطاع خاص)، من نظيرتها الخاصة الذي يتميز بالفاعلية، مع اشتراطها وجود مقاعد دراسية، لمن لا يستطيع دفع الرسوم من التونسيين، مع إعادة هيكلة البرامج الدراسية الموجودة، وربطها بسوق العمل، وإتاحة التدريب الميداني خلال سنوات الدراسة، وإقامة شراكات بين المؤسسات الخاصة والجامعات».

Countries

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى