أخبار وتقارير

قيود في مواجهة المسيرات المؤيدة للفلسطينيين في جامعات بريطانية

بينما تواصل إسرائيل قصف قطاع غزة، أضحت المسيرات المؤيدة لفلسطين في جامعات وشوارع العاصمة البريطانية مثار لغطٍ هي الأخرى.

ويسعى رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، إلى حظر مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين، من المقرر تنظيمها الأسبوع المقبل، لأنها قد تتعارض مع «الأحد التذكاري» الذي تحيي فيه بريطانيا ذكرى قتلاها في الحربين العالميتين.

وفي كلية الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS في جامعة لندن، لا يزال الجدل مستمرًا حول إيقاف تلك المؤسسة الطلاب الذين شاركوا في تجمع حاشد اعتبرته تهديدًا لسلامة الحرم الجامعي.

ووصف «سوناك» توقيت الاحتجاج، المقرر تنظيمه يوم السبت 11 تشرين الثاني/ نوفمبر في لندن، بأنه «استفزازي وغير محترم»، وفقًا لصحيفة «التايمز»، لأنه قد يمتد إلى يوم الأحد التذكاري، وهو احتفالٌ تقليدي لتكريم أولئك الذين قاتلوا في صفوف القوات المسلحة لبريطانيا العظمى والكومنولث في حربين عالميتين وصراعات لاحقة.

«لم تكن مشكلتنا مع التجمع. نحن نقرّ بحق جميع الطلاب والموظفين في الاحتجاج والمشاركة في العمل التضامني. للأسف، خالف منظمو التجمع تعليمات تجنب الاحتشاد عند درج المبنى الرئيسي».

آدم حبيب، مدير ونائب رئيس كلية الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS، جامعة لندن

من جانبه، كتب وزير العدل، توم توجندهات، إلى شرطة العاصمة لندن، وعمدة لندن صادق خان، ومجلس وستمنستر، لمحاولة منع المضي قُدمًا في تنظيم الاحتجاج. وفي رسالة إلى كبار رجال الشرطة في جميع أنحاء بريطانيا قبل ثلاثة أسابيع، قالت وزيرة الداخلية، سويلا برافرمان، إن التلويح بالعلم الفلسطيني، أو ترديد شعار «من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرّر» يمكن أن يُعدّ جريمة جنائية لأنه «قد يضايق أو يخيف أفراد المجتمع اليهودي».

وكانت شرطة العاصمة قد صرّحت، قبل مظاهرة كبيرة مؤيدة للفلسطينيين في لندن، الأسبوع الماضي، إنه سيُسمح للمتظاهرين باستخدام الهتاف طالما أنه لا يحرض على العنف، أو تخويف الشعب اليهودي.

تعليق تظاهرات في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS

في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS بجامعة لندن، يتمحور الخلاف حول رد المدرسة على مسيرة لدعم الحقوق الفلسطينية نظمتها مجموعة طلابية، هي جمعية SOAS الفلسطينية، على سلالم المؤسسة في 9 تشرين الأول/ أكتوبر.

وبعد يومين من المظاهرة، قالت المجموعة في بيان نشره موقع «العربي الجديد»، وهو موقع إخباري مقره لندن، إن الكلية أوقفت عمل الجمعية وأربعة طلاب، وحذّرتهم من مغبّة اتخاذ إجراءات تأديبية، ومُنعوا من دخول الحرم الجامعي بسبب التجمع على سلالم SOAS.

وجاء في البيان: «لا يشكل رد الجامعة على تجمعنا مفاجأة كاملة؛ إذ تتوافق عمليات التعليق، والحظر، والتحذيرات تمامًا مع بيئة مرتبطة بنيويًا بالتحيّز لصالح الصهيونية».

وقال آدم حبيب، مدير SOAS ونائب الرئيس، لـ«الفنار للإعلام»، إن عمليات التعليق ترتبط بمخاوف حيال السلامة بسبب موقع التجمع. كما انتقد الجمعية لاستهدافها فردًا معينًا باعتباره «حليفًا للصهيونية» في رسائلها على وسائل التواصل الاجتماعي قبل المسيرة، مما يعرض حياة هذا الشخص للخطر.

وأطلع «حبيب»، وهو باحثٌ مسلم من جنوب إفريقيا، وناشط سابق في مناهضة الفصل العنصري، «الفنار للإعلام» على جزءٍ من رسالة كتبها إلى موظفي الجامعة حول إيقاف عمل الجمعية، وأنشطة الطلاب.

«إذا كانت جامعة مثل SOAS تعاقب التضامن مع فلسطين، فمن الممكن أن يُستهدف أي شخص من قبل جامعات أخرى لدعمه فلسطين. وهذا لا يعني أن تعليمهم في خطر فحسب، بل إمكانية تضرّر سلامتهم الجسدية والعقلية أيضًا».

من بيان الجمعية الفلسطينية في كلية SOAS


وكتب «حبيب»: «لم تكن مشكلتنا مع التجمع. نحن نقرّ بحق جميع الطلاب والموظفين في الاحتجاج، والمشاركة في العمل التضامني. لهذا السبب راسلنا المدير التنفيذي للجمعية الفلسطينية، وعرضنا عليهم مكانًا بديلاً لعقد الحدث على الرغم من أنهم لم يتبعوا بروتوكولات المؤسسة المتعارف عليها بخصوص الحدث والمكان».

وأضاف: «للأسف، خالف منظمو التجمع تعليمات تجنب الاحتشاد عند درج المبنى الرئيسي. كما قاموا أيضًا بتعطيل العديد من أجهزة إنذار الحريق في المبنى، مما أجبرنا على إخلاء المباني، وإلغاء المحاضرات».

وقال: «استهدفت منشورات التواصل الاجتماعي، التي أعلنت عن تنظيم هذا الحدث، شخصًا بعينه واتهمته بأنه (شريك للصهاينة في قمع التنظيم المناهض للصهيونية في SOAS). أنا متأكد من أنك تفهم كيف يمكن أن يشكل هذا خطرًا يتهدد حياة الفرد المعني في مثل هذه البيئة العاطفية المتصاعدة. بصراحة، أعتقد أنه سيشكل ضررًا كبيرًا للضحايا في غزة وإسرائيل، والنضال الفلسطيني على وجه الخصوص، أن يحاول الناس في لندن تسوية حسابات سياسية فردية تحت شعار حدث تضامني من أجل فلسطين».

وأضاف: «يمكنكم التأكد من أننا لم نكن لنوقف الأفراد عن العمل إلا إذا اقتنعنا بتواطئهم في انتهاكات خطيرة تهدد سلامة الجامعة، واستمرار برنامجنا التعليمي».

استجابة الطلاب

ونفى الطلاب المشاركون في المسيرة مسؤوليتهم عن تعطيل أجهزة إنذار الحريق. وكتبت «جمعية فلسطين في كلية SOAS» في بيانها على موقع «العربي الجديد» أن «الموجة القمعية في SOAS» اتخذت منعطفًا يزداد سوءًا منذ أن أصبح «حبيب» مديرًا في عام 2021.

Pro-Palestinian Rallies in London Face Backlash, Calls for Caution
جانب من مسيرات مؤيدة لفلسطين في جامعات وشوارع العاصمة البريطانية لندن (independent).

وكتبت المجموعة: «منذ ذلك الحين، تزامن التحول السياسي والمؤسسي في هياكلنا الديمقراطية – وتحديدًا اتحاد طلابنا – مع زيادة تمويل الأمن والمراقبة». وأضافوا: «الحقيقة هي أن كلية SOAS، وبقدر ما ترغب في تقديم نفسها كجامعة (عالمية) هدفها (إنهاء الاستعمار)، يبدو أنها لا تزال تعمل كمؤسسة تعمل على تعزيز المصالح الاستعمارية في قلب الإمبريالية في المملكة المتحدة».

وأضاف البيان: «إذا كانت جامعة مثل SOAS تعاقب التضامن مع فلسطين، فمن الممكن أن يُستهدف أي شخص من قبل جامعات أخرى لدعمه فلسطين. وهذا لا يعني أن تعليمهم في خطر فحسب، بل إمكانية تضرّر سلامتهم الجسدية والعقلية أيضًا».

«ومع ذلك… وعلى الرغم من هذا الخوف، لا يزال معظمنا على استعداد للتحدث علنًا. لقد حصلنا أيضًا على الدعم من خلال عريضة أقرتها مجموعة واسعة من الجمعيات الطلابية، بما في ذلك تلك التي تمثل المجموعات والأنشطة الرياضية والثقافية والسياسية، بالإضافة إلى الكثير من موظفي SOAS».

الدعم في الجامعات الأخرى

ذكرت صحيفة «عرب نيوز»، وهي صحيفة سعودية تصدر باللغة الإنجليزية، أن الجمعيات الطلابية الفلسطينية في المملكة المتحدة تواجه تحقيقًا جنائيًا إذا ما أظهرت دعمًا لحركة «حماس»، التي صنفتها الحكومة البريطانية «منظمة إرهابية».

واستشهدت بتقارير إعلامية تفيد بأن نواب رؤساء الجامعات قدموا بلاغات للشرطة بشأن منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

«بينما نعدّ حرية التعبير عنصرًا أساسيًا في الحياة الجامعية، فإننا نحث الناس على إظهار الاحترام واللطف والتعاطف مع بعضهم البعض خلال هذه الفترة العصيبة للغاية».

متحدث باسم جامعة وارويك

وكانت الجمعية الفلسطينية في جامعة وارويك، في منطقة ميدلاندز البريطانية، من بين المجموعات الطلابية التي أعربت عن دعمها لفلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة. وقالت: «نحن نتضامن مع غزة والشهداء ومقاومة هذا الاحتلال (الحقير)».

وقال متحدث باسم جامعة وارويك لـ«الفنار للإعلام»: «تتضمّن سياستنا عدم التسامح مطلقًا مع أي شكل من أشكال العنصرية والتمييز ومعاداة السامية وكراهية الإسلام. وسيتم التحقيق في الشكاوى وإبلاغ الشرطة بها». وأضاف: «بينما نعدّ حرية التعبير عنصرًا أساسيًا في الحياة الجامعية، فإننا نحث الناس على إظهار الاحترام واللطف والتعاطف مع بعضهم البعض خلال هذه الفترة العصيبة للغاية».

واختتم قائلًا: «نحن ندرك مدى الصدمة التي أحدثتها الأحداث الأخيرة بالنسبة للعديد من الأشخاص داخل مجتمعنا، والذين يتمتع بعضهم بعلاقات شخصية وثيقة مع إسرائيل وغزة. نحث أعضاء مجتمعنا، الذين تأثروا بهذه الأحداث المؤلمة، على التواصل معنا حتى نتمكن من تقديم الدعم المتخصص والمساعدة العملية».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى