أخبار وتقارير

الروائي اللبناني أمين معلوف أمينًا عامًا للأكاديمية الفرنسية مدى الحياة

إثر اقتراع جرى بعد ظهر الخميس، أُعلن عن فوز الكاتب الفرنسي من أصل لبناني أمين معلوف بمنصب الأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية. وكان هو، والكاتب الفرنسي جان كريستوف روفان، المرشحين الوحيدين للمنصب خلفًا للمؤرخة إيلين كارير دانكوس التي توفيت في آب/أغسطس. وفاز معلوف بهذا المركز بأغلبية 24 صوتًا مقابل 8 لروفان.

وأمين معلوف (74 عامًا) كاتب فرنسي من أصل لبناني، وكان مرشحًا معلنًا منذ فترة. وهو أحد وجوه الروايات التاريخية المُستلهمة من الشرق، وركز في أعماله على مسألة تقارب الحضارات.

وعلى الرغم من أن الأمينة الدائمة السابقة المتخصصة في الشؤون الروسية لم تسمّ أحدا لخلافتها، كان يُنظر إلى معلوف على أنه المرشح الأوفر حظاً لقيادة الأكاديمية، إذ تحظى شخصيته بالإجماع، نظرًا إلى انخراطه القوي في أنشطة المؤسسة التي انضم إليها عام 2011، وفق «فرانس برس».

«اختيار ممتاز»

وبحسب وسائل إعلام فرنسية، توجّه جان كريستوف روفان نفسه إلى أمين معلوف لدى استقباله في الأكاديمية، سنة 2012، بالقول: «أنت بالفعل رجل ذو لباقة خالصة وتظهر لديه في كل مناسبة علامات التقدير الكبير لجميع من يخاطبه». وتنافس معلوف مع صديقه جان كريستوف روفان (71 عامًا)، الطبيب والدبلوماسي السابق الذي انضم إلى الأكاديمية عام 2008. وبدا روفان سعيدًا للغاية بانضمام صديقه إلى المؤسسة العريقة، قائلًا: «لدي انطباع بأن أحلامنا جعلت منا أكثر من مجرد أصدقاء، فقد أصبحنا بمثابة الإخوة».

وقالت وزيرة الثقافة الفرنسية، ريما عبد الملك، وهي أيضًا من أصل لبناني، لدى وصولها إلى مقر الأكاديمية بعد الانتخابات: «إنه اختيار ممتاز، (…) كاتب عظيم، ورجل أخوّة وحوار وتهدئة». وأكدت أن انتخاب معلوف يحمل «رمزية رائعة لجميع الناطقين بالفرنسية في العالم».

والأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية هو العضو الذي يدير هذه المؤسسة المُدافعة عن اللغة الفرنسية وتطويرها. ولم يشغل هذا المنصب سوى 32 شخصًا منذ سنة 1634.

وتضمّ الأكاديمية 40 مقعدًا يشغل 28 منها رجال وسبعة عائدة لنساء، فيما ثمة خمسة مقاعد شاغرة في انتظار الانتخابات، ويسمى أعضاؤها بـ«الخالدين». وتشير تقارير فرنسية إلى مسألة أخرى مرتبطة بجاذبية المؤسسة. ومن بين المهمات المعلنة منذ زمن بعيد في هذا الإطار، إدخال مزيد من العناصر الشابة والنساء إلى الأكاديمية، لكن هناك صعوبة واضحة في انتخاب أعضاء أصغر سنًا، ما تجلى من خلال فشل ضم فريديريك بيغبيدير أو بونوا دوتورتر إلى الأكاديمية عام 2022، عن عمر 57 و62 عاما على التوالي.

وتتمثل إحدى مهام الأمين العام المنتخب في ضمان الاستدامة المالية للأكاديمية التي يشير تقرير أصدره عام 2021 ديوان المحاسبة ويُعنى معهد فرنسا، به إلى أنّها غير مضمونة.

من لبنان إلى فرنسا

بحسب تقرير لـ«بي بي سي»، أبصر أمين معلوف النور في حي بدارو في 25 فبراير/ شباط 1949 في العاصمة اللبنانية وتعلم في مدارسها، ليحصل على شهادة في علم الاجتماع بجامعة القديس يوسف الفرنكوفونية في بيروت. وكان لعائلة معلوف باع طويل في الشعر والأدب العربيين، فأحد أعمامه ترجم أعمال موليير إلى العربية، أما فوزي معلوف فهو من أبرز شعراء المهجر ويلقب برامبو العربي، وأما والده فكان مذيعًا وشاعرًا وكان يقدم برنامجًا إذاعيًا عن الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وكان صاحب صحيفة وكتب مقالات عن الديمقراطية البرلمانية.

تزوج أمين معلوف، في العام 1971، من أندريه معلوف التي كانت تعمل مدرسة للصم والبكم في بيروت، وقال عنها زوجها إنها كانت أول قارئة لكتاباته وكانت قاسية جدا في تقييمها لما كان يكتبه. وأنجبا ثلاثة أبناء في بيروت قبيل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975.

في سن الثانية والعشرين بدأ العمل في جريدة النهار اللبنانية التي كان يملكها غسان تويني، أحد أعمدة السياسة والفكر في لبنان، وبدأ بالترحال حول العالم لتغطية الأخبار العالمية فزار 60 بلدًا. وأجرى مقابلة مع رئيسة وزراء الهند الراحلة، أنديرا غاندي، كما كان شاهدًا على الإطاحة بحكم إمبراطور إثيوبيا، هيلا سيلاسي، على يد مانفستو هايلا مريام عام 1974 وسقوط سايغون على يد الثوار الفييتاميين الشماليين عام 1975.

وكان معلوف شاهدًا على عراك وتبادل إطلاق للنار بين مجموعة من الفلسطينيين ومسلحين مسيحيين قرب مكان إقامته، وكانت الحصيلة «مقتل 20 شخصًا»، وبات مع زوجته الحامل وابنه الصغير في قبو المبنى حتى الصباح. وبغية تفادي الانجرار إلى الحرب المجنونة التي اجتاحت البلد، وكي لا يصبح طرفًا فيها، استقل الروائي سفينة أقلته إلى جزيرة قبرص وبعدها رحل إلى العاصمة الفرنسية باريس. وبعدها شهرين لحقت به زوجته وأطفاله الثلاثة.

https://www.bue.edu.eg/

شغف.. ومسيرة إبداعية

تحت السماء الفرنسية، عمل أمين معلوف في البداية في مجلة جون أفريك، وبدأ يكتب أول مرة في حياته باللغة الفرنسية وأصبح لاحقًا رئيس تحرير المجلة. خلال عامي 1979 و1982 كان مدير طبعة جريدة النهار الأسبوعية التي كانت تصدر في باريس قبل أن يعود إلى جون افريك.

أصدر معلوف كتابه الأول بالفرنسية «الحروب الصليبية كما رآها العرب»، عام 1983، وظل هذا الكتاب الذي ترجم إلى معظم اللغات الأوروبية يلقى الرواج لمدة عشرين عامًا، ولم تتراجع مبيعاته خلال كل تلك المدة. ويقول معلوف إنه كان شغوفًا منذ البداية بالكتابة الروائية، فعلاقته مع الواقع الذي يعيشه مضطربة. وعن ذلك يقول: «أنا شخص حالم دائمًا، وأحاول الهروب باستمرار من الواقع. لا اشعر بالانسجام مع العصر والمجتمع اللذين أعيش فيهما».

عام 1986 صدرت أولى رواياته «ليون الإفريقي» التي تتناول السيرة الحقيقة للرحالة الحسن الوزان الذي فر من الأندلس بعد سقوط غرناطة إلى فاس، وحج إلى مكة وبعدها تحول إلى المسيحية. وكان عمله الثاني رواية «سمرقند» عام 1988 التي تناولت سيرة الشاعر الفارسي، عمر الخيام، صاحب رباعيات الخيام. أما رواية «حدائق النور» عام 1991 فهي عن حياة مؤسس الديانة المانوية في بلاد فارس ماني الذي عاش في القرن الثالث الميلادي.

كما ألّف معلوف روايتين تستعيدان الماضي القريب للبنان وللمنطقة، هما «صخرة طانيوس» عام 1993 التي نال عنها جائزة «غونكور» كبرى الجوائز الأدبية الفرنسية و«موانئ الشرق» عام 1996. أما كتابه «الهويات القاتلة» فصدرت عام 1998 تلتها رواية «رحلة بالداسار» عام 2000.

وصدرت له رواية معاصرة الأجواء والشخصيات وتتناول فترة الحرب الأهلية «التّائهون»، وأصدر أيضًا كتاب «البدايات» عام 2004، وهو سيرة ذاتية تستعيد تاريخ عائلته.

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى