أخبار وتقارير

باحثون يسعون لحماية مصايد الأسماك في قطر لمواجهة التغير المناخي

مع استمرار تأثير تغير المناخ على درجات حرارة المحيطات على مستوى العالم، يقول العلماء إن من المرجح أن يكون الخليج العربي من بين أكثر المناطق تضررًا.

أشارت دراسة لتقييم الآثار المحتملة لتغير المناخ على التنوع البيولوجي البحري ومصايد الأسماك في الخليج العربي إلى أن المنطقة قد تفقد ما يصل إلى 35 في المئة من ثراء الأنواع بحلول عام 2090، مقارنة بوضع التنوع في عام 2010.

قال بيدرو رينج، الأستاذ المساعد في جامعة قطر، “لا يبدو مخزون الأسماك في قطر، كأي مكان آخر في العالم، في حالة صحية جدًا. فقد شهدنا سنوات عديدة من الاستغلال المفرط للغاية والذي انعكس في انخفاض عدد مصايد الأسماك في العقد الماضي. كما نواجه التهديد العالمي المتمثل في تغير المناخ.”

على الرغم من أن الآثار المتوقعة لارتفاع درجات حرارة المياه قبالة سواحل قطر كبيرة – بنسبة انخفاض تصل إلى 30 في المئة في عدد المصايد بحلول نهاية القرن – يقول رينج إن في الإمكان اتخاذ إجراءات في الوقت الراهن للتخفيف من هذه الآثار.

حماية الشِعاب المرجانية

يتركز معظم نشاط صيد الأسماك في قطر في الشِعاب المرجانية أو الموائل التي يغلب عليها المرجان. لذلك، يركز باحثو جامعة قطر عملهم على حماية الشعاب المرجانية الموجودة، وتوفير موائل بحرية بديلة، واستعادة وظائف الشعاب المرجانية المتدهورة.

تضُم الشِعاب المرجانية أعلى تنوع بيولوجي مقارنة بأي نظام بيئي عالمي. ومع ذلك، عانت الشِعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم من ظاهرة تبيّض جماعي للشِعاب المرجانية في السنوات الأخيرة نتيجة لارتفاع درجات حرارة المياه المرتبطة بتغير المناخ، وفقًا للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة.

“لا يبدو مخزون الأسماك في قطر، مثل أي مكان آخر في العالم، في حالة صحية جدًا. لقد شهدنا سنوات عديدة من الاستغلال المفرط للغاية والذي انعكس في انخفاض عدد مصايد الأسماك في العقد الماضي.‘‘

بيدرو رينج
الأستاذ المساعد في جامعة قطر

تعدّ ظاهرة التبييض استجابة إجهاد تجعل الحيوانات المرجانية تطرد الطحالب المجهرية التي توفر الطاقة اللازمة لبناء هياكل الشِعاب ثلاثية الأبعاد.

من بين المشاريع الجارية في مركز أبحاث الأحياء البحرية بجامعة قطر مشروع زراعة المرجان، حيث يقوم الباحثون بجمع أجزاء من الشِعاب المرجانية من الشِعاب الطبيعية الموجودة، وتقسيمها إلى قطع صغيرة، وتنميتها في مزارع داخلية خارج البحر. عندما يصل نمو هذه الأجزاء إلى حجم جيد، يقوم الباحثون بزرعها مرة أخرى في الشِعاب المرجانية حيث يمكن أن تنمو بشكل طبيعي.

قال رضوان بن حمادو، الأستاذ المشارك في العلوم البحرية بجامعة قطر، إن هدف هذا المشروع يتمثل في فهم الأسباب التي تجعل بعض أنواع الشِعاب المرجانية، أو مستعمرات مرجانية معينة ضمن ذات النوع، أكثر مقاومة للظروف المُجهدة من غيرها.

بعد ذلك، يمكن للباحثين اختيار الشِعاب المرجانية التي تقاوم الأوقات العصيبة بشكلٍ جيد، وزراعتها في المزرعة حتى يتمكنوا من استبدال الشِعاب المرجانية الميتة بأخرى أكثر مرونة وأكثر مقاومة للظروف المناخية المجهدة.

الخليج العربي: مختبر مفتوح

يقول بن حمادو، الذي يدير المشروع، إن هذا النوع من الأبحاث وثيق الصلة بأجزاء أخرى من العالم أيضًا.

قال “المجتمع العلمي الدولي حريصٌ جدًا على قراءة الأبحاث القادمة من هذه المنطقة لمعرفة كيفية تكيف الأنواع مع الظروف العصيبة وفهم تدابير الاستعادة والحماية التي نتبعها هنا، لأنهم يعتقدون أن الأمر إذا نجح هنا، فيمكنه النجاح في أي مكان.”

عينات في مركز الأحياء البحرية بجامعة قطر. يقول رضوان بن حمادو، الأستاذ المشارك في علوم البحار، إنه يتم مراقبة البحث في قطر دوليًا، حيث يعتقد العلماء أنه
عينات في مركز الأحياء البحرية بجامعة قطر. يقول رضوان بن حمادو، الأستاذ المشارك في علوم البحار، إنه يتم مراقبة البحث في قطر دوليًا، حيث يعتقد العلماء أنه “إذا نجح هنا، فسينجح في أي مكان”. (الصورة: إيمان كامل)

وبحسب بن حمادو، يُعدّ الخليج العربي أكثر البحار حرارة في العالم وواحدًا من أكثر البحار إجهادًا للشِعاب المرجانية. وبالتالي، يمثل الخليج “مختبرًا مفتوحًا يتمكن الناس من خلاله رؤية ما سيحدث في بحارهم في غضون بضعة عقود عندما تصبح أكثر دفئًا.”

يتضمن مشروع آخر نفذه مركز الأحياء البحرية وشركاؤه في مجال الصناعة زراعة الشِعاب المرجانية الاصطناعية لتكون موائل بديلة للأسماك، وهي تقنية تم استخدامها في العديد من الأماكن من قبل.

يشمل هذا وضع هياكل خرسانية في البحر لتكون بمثابة ملجأ ومصدر تغذية وتكاثر للأسماك والكائنات البحرية الأخرى. لكن هذه الهياكل تتحلل بمرور الوقت وتحتاج إلى استبدالها أو تفقد وظيفتها كموطن.

لكن مشروع جامعة قطر يحاول القيام بذلك بطريقة مختلفة.

قال رينج “لا يتمثل هدفنا في خلق موائل للأسماك بشكل مباشر باستخدام هذه الهياكل، بل في نشر هذه الشِعاب الاصطناعية لتكون ركيزة لاستقرار ونمو الشعاب المرجانية الطبيعية.”

وأوضح أنه بهذه الطريقة لن يكون هناك داعٍ للقلق بشأن تحلل الهيكل الخرساني لأنه سيكون لدينا بالفعل شعاب مرجانية طبيعية تنمو عليه.

التغير المناخي وأسباب أخرى

على الرغم من أن تغير المناخ هو السبب الرئيسي وراء تدهور الشِعاب المرجانية في قطر، إلا أن لأنشطة مثل الصيد الجائر وبناء البنية التحتية للتنمية الساحلية فوق الشِعاب المرجانية الحالية تأثير كبير أيضًا.

يؤيّد رينج وبن حمادو إنشاء محميّات بحرية لحماية هذه الموائل النادرة جدًا بالفعل.

“بصفتنا علماء وباحثين، لا يمكننا عكس اتجاه التغيرات البيئية ولكن يمكننا محاولة إبطاء وتيرَتها وتغيير سلوكنا حتى لا نزيد الضغوط الحالية. وحتى لو كانت مساهمتنا قليلة جدًا لمواجهة أي تدهور طبيعي يحدث، فهو أفضل من التذمر.”

رضوان بن حمادو
الأستاذ المشارك في العلوم البحرية بجامعة قطر

لكن العقبة الرئيسية أمام القيام بذلك، بحسب رينج، تكمُن في عدم تأكد العلماء بعد من حجم هذه الشعاب المرجانية.

قال “نحن نعلم أماكنها، لكننا لا نعرف حجمها لأن معظم الشِعاب المرجانية السليمة تتواجد في أعماق لا تستطيع صور الأقمار الصناعية التقاطها.”

علاوة على ذلك، يتطلب رسم خرائط توضح تواجد هذه الشِعاب المرجانية معدات محددة للغاية وقوة عاملة ماهرة جدًا، وكلاهما نادرٌ جدًا في قطر، بحسب رينج.

خطوات صغيرة باتجاه الحلول

على الرغم من أهمية كل هذه الخطوات، يرى رينج إنها لا تحل المشكلة الرئيسية، المتمثلة في التدهور السريع للشعاب المرجانية الطبيعية.

https://www.bue.edu.eg/

قال رينج “عندما أتيتُ إلى قطر، أدركت مقدار الضرر الذي حدث في غضون 20 عامًا فقط. وأدركتُ أن هذا المَوطن يحتاج إلى اهتمام خاص. عندي فتاتين وعندما تصبحان في مثل عمري، لن يكون هناك مرجان لرؤيته إذا لم نفعل أي شيء حيال ذلك.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

لكن عزيمة بن حمادو لم تثبط بسبب هذه النظرة القاتمة، إذ يستشهد باقتباسٍ يقول: “إشعال شمعة خيرٌ من لعن الظلام.”

قال “بصفتنا علماء وباحثين، لا يمكننا عكس اتجاه التغيرات البيئية ولكن يمكننا محاولة إبطاء وتيرَتها وتغيير سلوكنا حتى لا نزيد الضغوط الحالية. وحتى لو كانت مساهمتنا قليلة جدًا لمواجهة أي تدهور طبيعي يحدث، فهو أفضل من التذمر.”

Countries

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى