مقالات رأي

التنوع اللغوي ضروري للمؤسسات التعليمية التي تُدرِّس باللغة الإنجليزية

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

يعد التنوع والشمول من النماذج العصرية القوية. فإلى جانب التميز في البحث والتدريس، يستخدم رؤساء الجامعات هذه الأفكار بانتظام في الولايات المتحدة ودول أخرى، حيث يختلف نوع التعددية المطلوب من مكان لآخر. مع ذلك، هناك رغبة مشتركة في وجود مجموعة أوسع من الوجوه بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والإداريين. كما يطالب الكثيرين بتمثيل أكبر للمرأة والأقليات العرقية والأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيما في مناصب السلطة والنفوذ.

إلى جانب أهمية الوصول إلى المواهب المتاحة، يكمن أحد الأهداف في تحقيق العدالة للفئات المهمشة في السابق. ومن المأمول أيضًا أن يتقدم أعضاء المجموعات الممثلة تمثيلا ضئيلاً بشكل أكبر في حياتهم المهنية إذا رأوا نماذج يحتذى بها “تشبههم”. لكن إلى جانب المساواة بين الجنسين أو بين الأعراق، ما مدى التزام قادة المؤسسات الناطقة باللغة الإنجليزية على وجه الخصوص بالتنوع اللغوي والشمول؟ بالإضافة إلى البحث عن تنوع أوسع في محددات الهوية المرئية، هل يجب أن نطالب بمزيد من التعددية في الكلام (والفكر)؟ هل نقبل ونشجع ما يكفي من كل اللغات والتعابير البشرية؟

إن هيمنة اللغة الإنجليزية في التعليم العالي المعاصر أمر مفهوم. فتلك اللغة التي نشأت في شمال غرب أوروبا هي وسيلة الاتصال الأكثر استخدامًا في العلوم والتجارة على مستوى العالم. كذلك فإن الطلاب الذين يرغبون في ممارسة وظائف في الأكاديمية وفي مجال الأعمال على حد سواء لا يمكنهم الاستغناء عن اللغة الإنجليزية، حتى في العديد من الولايات القضائية حيث تكون اللغة الرسمية هي لغة أخرى. ففي قطر، على سبيل المثال، حيث تصدر القوانين والنصوص الرسمية الأخرى باللغة العربية، لا تزال الشركات تريد موظفين يجيدون اللغة الإنجليزية. لذلك، يختار العديد من القطريين تعليمًا بريطانيًا أو أمريكيًا، مثل ذلك الذي تقدمه جامعة فيرجينيا كومنولث، حيث أعمل حالياً.

إذا كانت الكليات تلبي بشكل معقول أسواق العمل التي تميز المتحدثين باللغة الإنجليزية، فإن العديد منهم معرضون لخطر الترويج لثقافة لغوية أحادية. في حين أن بعض المواد تتطلب لغة أجنبية، فإن العديد من المواد الأخرى لا تتطلب ذلك. في الواقع، من الممكن الحصول على شهادات تتراوح من البكالوريوس إلى الدكتوراه في جامعات مرموقة

إذا كانت الكليات تلبي بشكل معقول أسواق العمل التي تميز المتحدثين باللغة الإنجليزية، فإن العديد منهم معرضون لخطر الترويج لثقافة لغوية أحادية.

دون إجادة أي لغة أخرى غير الإنجليزية. هذا صحيح حتى بالنسبة لبعض التخصصات في العلوم الإنسانية. لقد صادفت العديد من مناهج الدورات في دراسات الشرق الأوسط التي لا تشتمل قوائم قراءتها على أي أعمال باللغة العربية أو العبرية أو الفارسية أو التركية في الأصل. كما أن الكتب المدرسية، حتى تلك التي تنشرها مطابع الجامعات الكبرى، عادة ما تكون أحادية اللغة. فما لم توظف الكليات أمناء مكتبات متخصصين، لا تُجمع الكتب المكتوبة بخط غير روماني بشكل منهجي أيضًا. ونتيجة لذلك، فإن وجهات نظر الطلاب في كثير من أنحاء العالم معرضة لخطر الفقر الشديد. كيف يمكننا حتى أن نبدأ في فهم القارة الأفريقية، على سبيل المثال، دون تعلم القليل من لغاتها الأصلية العديدة؟

إذا كان من المحتمل أن يؤدي التحرك القوي نحو التجانس اللغوي إلى تقويض التقدم في التنوع الثقافي، فما الذي يمكن أن يفعله المعلمون بمفردهم؟ وفيما يلي بعض الاقتراحات:

  1. تشجيع الطلاب على إرسال عمل الدورة بأي لغة يمكنك فهمها (وإعطائهم درجات عليها). أنا دائمًا أحيي الطلاب الذين يكتبون مقالًا باللغة العربية، على سبيل المثال. يساعدني هذا أيضًا في مواكبة اللغة التي تعلمتها سابقًا.
  2. إظهار التقدير عندما يتضمن عرض توضيحي باللغة الإنجليزية على الأقل بضعة أسطر أو عبارات بالفرنسية أو الإسبانية، على سبيل المثال. للحديث عن نابليون، على سبيل المثال، يمكن أن يتضمن العرض بعض أقواله بالنص الأصلي لإعطاء إحساس بالرجل وزمانه. Pourquoi pas؟
  3. إعطاء نقاطًا إضافية عندما يستشهد الطلاب بالمصادر بأكثر من لغة واحدة. تميل محركات البحث مثل جوجل إلى إظهار النتائج بشكل أساسي بلغة ونص الكلمات الرئيسية التي تدخلها. إذا كانت قائمة مراجع الورقة البحثية تحتوي على مواد بثلاث لغات أو أكثر، فهذا مؤشر على أن المؤلف قد بذل جهدًا أكبر للتعرف على وجهات نظر مختلفة حول الموضوع.
  4. إضافة مادة صوتية إلى قوائم “القراءة”، حيث تساعد المتعلمين في نطق الكلمات الأجنبية. يحتوي بودكاست التاريخ العثماني على حلقات ممتازة باللغة التركية، على سبيل المثال.

بينما يجب أن نحتفي بكلمات وعوالم الإنسانية التي لا حصر لها، يجب أن نكون حريصين على أن التنوع اللغوي يأتي بالفعل مع الشمولية. فيجب إثراء الطلاب بمختلف العبارات الاصطلاحية وعدم إهمال استخدام أي منها. إذا كان هناك طالب واحد لا يفهم لغة معينة مستخدمة في التواصل الرسمي داخل الفصول الدراسية، فإن الترجمة ضرورية.

بينما يجب أن نحتفي بكلمات وعوالم الإنسانية التي لا حصر لها، يجب أن نكون حريصين على أن التنوع اللغوي يأتي بالفعل مع الشمولية.

(“Pourquoi pas” تعني “لماذا لا؟”، بالمناسبة.) تتطلب النصوص الموجودة في أوراق أو كتب دينية أخرى مزيدًا من التوضيح. هذا هو الحال عندما يقتبس أحد طلابي آيات من القرآن في عرض توضيحي عن التاريخ الإسلامي. بعد ذلك، أود أن أطلب ليس فقط ترجمة الاقتباس العربي ولكن أيضًا تفسيره للمستمعين من ديانات أخرى.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

من الناحية المثالية، أود أن أرى كل طالب من طلابي يتخرج بإتقان بلغتين على الأقل. في قطر، ستوفر لهم الكفاءة في اللغتين العربية والإنجليزية (وربما اللغة الهندية أو الفلبينية أيضًا) ميزة كبيرة في سوق العمل، والأهم من ذلك، توفر عقلًا أوسع. وبالطبع، لا يعني التمكن من قراءة أو كتابة مقالتين بمفردهما الطلاقة في اللغة. ومع ذلك، بالكاد يمكن للجامعة أن تدعي أنها تعد مواطنين أو قادة عالميين إذا لم توفر على الأقل فرصة التعرض لمجموعة متنوعة من الثقافات اللغوية. فإذا كان التنوع والشمول لا يتعلقان فقط بالوجوه ولكن أيضًا بالأصوات، فإن الألسنة مهمة أيضًا.

يورغ ماتياس ديترمان أستاذ التاريخ في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر. يمكن الاتصال به على [email protected] وعلى تويتر على @JMDetermann.

لقراءة المزيد عن القضايا المتعلقة باللغة في التعليم العالي، يمكن قراءة المقالات التالية من الفنار للإعلام:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى