عقب تفكك الاتحاد السوفيتي أوائل تسعينيات القرن الماضي، تعرضت قوى اليسار في العالم لهزة فكرية كبرى، دفعت بعض المفكرين إلى الاعتقاد بأن الإنسانية قد وصلت إلى نهاية التاريخ مع انتصار النموذج الرأسمالي. لكن أصواتا أخرى لا تزال تعتقد أن اليسار فكرة لا تنتهي أبداً مستشهدة بالاحتجاجات الجماهيرية التي عمت مناطق من العالم خلال العقد الأخير وعلى رأسها ثورات الربيع العربي. من بين أبرز هذه الأصوات فادي بردويل الأكاديمي اللبناني، الذي قضى رحلة امتدت لنحو 15 عاماً تقصي خلالها تاريخ التنظيمات اليسارية في بلاده، واعتنى بجمع وتوثيق أرشيفاتها النادرة في فترة حرجة تمتد منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى بداية الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975 .
وثق بردويل تفاصيل رحلته الاستكشافية في كواليس الحياة السياسية والثقافية في لبنان ضمن كتاب نشرته جامعة ديوك الأميركية العام الماضي، بعنوان: الثورة وخيبة الأمل: الماركسية العربية وقيود التحرر، والذي تصدر النسخة العربية منه خلال الأشهر المقبلة.
قال بردويل الذي يعمل، أستاذا مساعداً لدراسات الشرق الأوسط بجامعة ديوك الأميركية، في مقابلة هاتفية، “صدرت الطبعة الأولى من الكتاب نهاية عام 2010، كاطروحة دكتوراه، لكن الثورات التي شهدتها بعض بلدان العالم العربي في العام 2011، دفعتني للعمل من جديد على إصدار طبعة جديدة تضمنت إضافات في ضوء المتغيرات السياسية التي استجدت في المنطقة.”
يعتقد بردويل أن تتبع مسارات مناضلي التنظيمات اليسارية وتحولاتهم الفكرية، خلال ما يقرب من نصف قرن، يبرز طبيعة العمل السياسي، وكيفية ممارسته، وطرق تفاعله مع الأحداث المحيطة في الداخل والخارج؛ بما يساعد على فهم تجارب الانتفاضات العربية في سياقاتها التاريخية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: حرب الطوائف في لبنان تتحوّل إلى ثورة شباب ضد السياسيين).