أخبار وتقارير

صعوبات متزايدة تحدّ من فرص دراسة السوريين في جامعات لبنان

بعد مرور ثماني سنوات على دخول السوريين إلى لبنان هربًا من الانتفاضة التي تحولت إلى حرب، يواصل اللاجئون الشباب الكفاح من أجل الاندماج في نظام التعليم اللبناني بجميع مراحله – الابتدائية والثانوية والجامعية. في الواقع، وبفعل بعض الإجراءات، يزداد المشهد التعليمي للسوريين قتامة.

قال بن فيبستر، مؤسس منظمة موزاييك، وهي منظمة مقرها المملكة المتحدة تساعد اللاجئين السوريين على الوصول إلى التعليم العالي في لبنان والأردن، “شهد هذا العام تراجعًا في عدد المنح الدراسية المتاحة للاجئين السوريين للدراسة في لبنان.”

 ينسب فيبستر الانخفاض إلى مزيج من تعب المانحين ودورات تمويل المنظمات الكبيرة العاملة في هذا المجال وإعادة توجيه المنح نحو التدريب المهني.

يستضيف لبنان حوالي مليون لاجئ سوري مسجل، وفقًا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، ويضم بذلك أعلى عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد السكان، رغم أنه توقف عن تسجيل السوريين في عام 2016. في دولة هشة مبنية على توازن اجتماعي وسياسي هش، تجهد المؤسسات اللبنانية لتلبية مجموعة متنوعة من الاحتياجات التي تزداد مع استمرار الحرب الأهلية السورية. كما شهد خطاب الكراهية ضد السوريين ارتفاعًا في العام الماضي.

في العام الدراسي 2017 -2018، كان هناك حوالي 7,000 لاجئ سوري من الطلاب في جامعات لبنان. نظرًا لوجود ما يقرُب من 117,000 لاجئ سوري في لبنان ممّن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 عامًا، فإن هذا يعني أن حوالي 6 في المائة فقط من السوريين في سن الدراسة الجامعية مسجلون في الجامعات اللبنانية، بينما كان حوالي ربع السوريين في سن الدراسة يدرسون في الجامعات السورية قبل الحرب.

تلاحظ المنظمات الدولية التي تقدم المنح الدراسية والتمويل للسوريين في التعليم العالي في لبنان بروز اتجاه جديد. قالت مارين كروجر، مدير برنامج مبادرة ألبرت آينشتاين الأكاديمية الألمانية للاجئين التابعة لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، أحد أكبر مقدمي منح التعليم العالي للاجئين السوريين، “عدد الطلاب أكثر تواضعا مما كان عليه في السنوات السابقة.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: تطور كبير في أول برنامج منح دراسية للاجئين). 

طريق مسدود

يتأهل عدد أقل من الشباب السوريين للوصول إلى التعليم العالي لأن عددًا قليلاً منهم يتخرجون من المدارس الثانوية اللبنانية. في الأردن، على العكس من ذلك، يتأهل عدد أكبر من الطلاب للحصول على منحة DAFI لأنهم “يتخرجون من المدرسة الثانوية بنتائج جيدة للغاية”، بحسب كروجر. قال مصطفى الجزّار، من منظمة LASeR، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من طرابلس مقرًا لها وتركز على التعليم، “المشكلة تكمن في التعليم الثانوي. بمثل هذا المعدل، لن يكون لدينا عدد كافٍ من المرشحين المؤهلين للعمل مع المنح الدراسية.”

جاء هؤلاء الطلاب إلى بلد يريد منهم الآن العودة إلى ديارهم.

لم يصادق لبنان أبدًا على اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين؛ ولا تزال أجيال من اللاجئين الفلسطينيين منذ حرب 1948 تعيش في لبنان بدون جنسية. يمكن للسوريين في لبنان العمل بشكل قانوني في مجالي الزراعة والبناء فقط. ولا يمتلك الكثيرون إقامة قانونية، وهم يعيشون في خوف من نقاط التفتيش الرسمية. قال الجزار “يعود السوريون إلى سوريا لأن قوات الأمن اللبنانية تحول حياتهم إلى جحيم في لبنان. إذا ما تم القبض على مواطن سوري عند نقطة تفتيش أمنية دون تصريح إقامة، فإنه يوضع قيد الاحتجاز لمدة ثلاثة أيام قبل أن يُطلق سراحه.”

في هذا السياق، يواجه الطلاب السوريون عقبات شديدة حتى بعد حصولهم على مكان في إحدى الجامعات، وهم يفضلون تجنب اجتياز نقاط التفتيش عند الانتقال إلى الجامعة.

كما تجعل تجاربهم كلاجئين من الاندماج في الحياة الجامعية أمرًا صعبًا. فهم لم يجلبوا معهم صدمة الحرب فحسب، بل والمسؤوليات الأسرية أيضًا، في كثير من الأحيان بوصفهم معيلين لتلك الأسر. غالباً ما يواجه الطلاب اللاجئون السوريون التمييز، وإذا ما شاركوا في أي أنشطة لاصفية، فإنهم عادة ما يختارون العمل التطوعي مع مجموعات اللاجئين السوريين خارج الجامعة.

“يرحب نظام التعليم العالي اللبناني بشكل كبير بالشباب السوريين، لكن لا يزال في إمكاننا القيام بالكثير من الأمور.”

هناء عضّام الغالي
 الجامعة الأميركية في بيروت

مع ذلك، تقول هناء عضّام الغالي من الجامعة الأميركية في بيروت، متحدثة في مؤتمر عُقد في أيلول/ سبتمبر حول اندماج اللاجئين السوريين في التعليم العالي اللبناني، “إن نظام التعليم العالي اللبناني كان يرحّب بشكل كبير” بالشباب السوريين، (بالإمكان الإطلاع على شريط فيديو للمؤتمر هنا). ولكن لا يزال في إمكاننا القيام بالكثير من الأمور.”

خلال المؤتمر، تحدثت طالبة سورية اسمها إسلام – تدرس في الجامعة الأميركية في بيروت عبر منحة مقدمة من برنامج ماستركارد – في المؤتم واصفةً الصدمة الثقافية التي مرت بها في لبنان.

قالت “في سوريا، عشتُ في بيئة دينية محافظة للغاية. كان مجتمعي الصغير متجانسًا، وكان الجميع من ذات الدين. وكان الأولاد منفصلين عن البنات دائما. في الجامعة الأميركية في بيروت، كنت الفتاة الوحيدة في فصلي الدراسي، وكان علينا أن نعمل سويًا في الأنشطة الصفية.”

تعتبر اللغة من أكبر التحديات التي يواجهها الطلاب السوريون. في سوريا، يتم التدريس على جميع المستويات باللغة العربية؛ في حين يجري التدريس في الجامعات اللبنانية الخاصة في باللغة الإنجليزية أو الفرنسية. لكن، في هذه المرحلة من الأزمة، يمكن أن يرجع فشل الطلاب السوريين في تعلم اللغة الإنجليزية أو الفرنسية إلى المدارس اللبنانية التي يدرسون فيها، لأن معظم الطلاب لم يجتازوا الحدود للتو. يأخذ الطلاب اللاجئون السوريون في الجامعة الأميركية في بيروت دورات تحضيرية لمدة عام، بما في ذلك اللغة الإنجليزية المكثفة قبل بدء مساقات برنامجهم الدراسي.

https://www.bue.edu.eg/

 تصاريح الإقامة

تتمثل إحدى أكبر العقبات التي يواجهها الشباب السوري في التسجيل في المدارس الثانوية اللبنانية في القانون اللبناني الذي يتطلب من الطلاب الحصول على تصريح إقامة من أجل التسجيل في المدرسة الثانوية. (تحت ضغط من المنظمات الدولية، تنازلت الحكومة اللبنانية عن شرط الحصول على تصريح إقامة للتسجيل في المدارس الابتدائية.)

كحل مناسب، أصدرت وزارة التعليم اللبنانية في السنوات الأخيرة مرسومًا قبل أيام قليلة من بداية العام الدراسي يسمح للشباب السوريين بالتسجيل في المدارس الثانوية دون تصريح إقامة. وتبقى هذه الفرصة هذه مفتوحة لمدة خمسة أيام عمل قبل أن تغلق من جديد، بحسب الجزّار.

حوالي نصف الأطفال اللاجئين السوريين المؤهلين للدراسة فقط مسجلين بالفعل في المدارس الابتدائية في لبنان. من بين هؤلاء الأطفال السوريين البالغ عددهم حوالي 200,000، يتوجب أن يحضر أكثر من نصفهم دروس الدوام المسائي – وهو يوم مدرسي يبدأ من الساعة 2 بعد الظهر حتى الساعة 6 مساءً، بعد انتهاء اليوم الدراسي العادي وغالبا ما يكون المعلمون متعبين. (اقرأ التقرير ذو الصلة: التعليم الثانوي للاجئين: حلم بعيد المنال في الأردن ولبنان).

قالت مارين كروجر إن منح DAFI تتبع اتفاقًا تم التوصل إليه مع مانحين آخرين في هذا المجال لدفع بدل معيشة شهري للطلاب السوريين في لبنان يبلغ 200 دولار – وهو ما يدعم بشكل أساسي أجور النقل والإيجار. قبل الاتفاق، سعى الطلاب في كثير من الأحيان إلى الانتقال إلى أي برنامج منح يدفع رواتب أعلى.

 بدل المعيشة

ما إن بدأت أزمة اللاجئين السوريين تقريبًا، حتى واجه مسؤولو التعليم العالي في البلدان المضيفة مشكلة المتقدمين الذين يفتقرون لأية وثائق أساسية مثل النسخ الأصلية من الشهادات. (اقرأ التقرير ذو الصلة: اليونسكو ترصد إجراءات الاعتراف بشهادات اللاجئين الأكاديمية).

في عام 2016، ظهر حل للمشكلة في النرويج.  إذ ابتكرت وكالة اللاجئين النرويجية Nokut ما وصفته مارينا مالجينا من المنظمة في المؤتمر بأنها “عملية موحدة للاعتراف بمؤهلات الأفراد حتى نتمكن من وضعهم في الجامعات أو سوق العمل.” حيث تم إنشاء صيغة لمقارنة المؤهلات التعليمية في مختلف البلدان، وأجريت مقابلات مع المتقدمين للحصول على دعم التعليم العالي لمعرفة تاريخهم التعليمي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: جواز السفر “الأكاديمي” قيد التجربة).

وكانت النتيجة عبارة عن وثيقة محمولة، جواز سفر المؤهلات الأوروبي للاجئين، والذي يمكن للطالب استخدامه للتقدم إلى الجامعات. كما تم استحداث فكرة مشابهة – Lebpass – في لبنان، لتقييم المؤهلات في عدد من الجامعات اللبنانية.

يواجه أولئك الذين ينجحون في الالتحاق بالجامعة والدراسات العليا صعوبة كبيرة في الحصول على عمل في لبنان. من ناحية أخرى، يمكن أن تتحدّد فرص أولئك الذين لم يحصلوا على التعليم لبقية حياتهم.

في بداية المؤتمر، قالت الغالي “التعليم هو الشيء الوحيد الذي يمكن للاجئين أن يعودوا به إلى ديارهم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى