أخبار وتقارير

الدول المانحة تفشل في تقديم المساعدة لتعليم اللاجئين

لندن – في العام الماضي، وعدت ست حكومات بتقديم مبالغ تقدر بمئات الملايين من الدولارات للمساعدة في تعليم الأطفال السوريين من اللاجئين. حققت منظمة هيومن رايتس ووتش في التقدم الذي أحرزه هؤلاء المانحون في الوفاء بتعهداتهم، وقالت إنها وجدت تبايناً كبيراً بين ما وعد به وما تم تحقيقه فعلا.

على سبيل المثال، تقول المنظمة في تقرير صدر مؤخراً إن لبنان كان يتوقع الحصول على 350 مليون دولار أميركي للعام الدراسي 2016، لكن 97 مليون دولار من ذلك لم تصل إليه. وقد تلقى الأردن وعوداً بالحصول على مبلغ 249.6 مليون دولار، لكنه يقول إنه تسلم 208.4 مليون دولار فقط – على الرغم من أن المانحين يقولون إنهم قدموا أكثر من 375 مليون دولار أميركي.

وأضاف التقرير أن الكثير من الأموال قد أرسلت في وقت متأخر.

في المؤتمر، اتفق المانحون على ضرورة إرسال المساعدات قبل بدء العام الدراسي للسماح للبلدان المضيفة بالتأكد من توظيف المعلمين وشراء الكتب المدرسية. لكن الأردن، ومنذ مطلع أيلول/ سبتمبر 2016، كان لا يزال يفتقد 69 في المئة من الأموال التي وعد بالحصول عليها، فيما يفتقد لبنان 47 في المئة منها. وبحسب التقرير، فإن هذا التأخير يعني أن عدداً أقل من الطلاب السوريين من اللاجئين تمكنوا من الحصول على التعليم العام الماضي.

يعتقد بيل فان إسفيلد، أحد مؤلفي التقرير، أن الجزء الأكثر إثارة للصدمة في التقرير يتعلق بالصعوبة التي واجهتها هيومن رايتس ووتش في الحصول على أرقام المبالغ التي تم إنفاقها.

قال “كلما نظرنا أكثر، كلما أدركنا أنه من المستحيل الإجابة عن الأسئلة الأساسية، مثل تاريخ وصول الأموال، وماهية المشاريع التي ستمولها، ومقدارها بالضبط.”

وهذا أمر واجهه خبراء آخرون. قالت فيليبا لي، مديرة البرامج والتأييد في صندوق مالالا، “لقد حاولنا متابعة التزامات تمويل التعليم في الماضي، ووجدنا ذلك صعبا للغاية. إنني أتفق تماماً مع النتائج التي توصل اليها التقرير بخصوص كون البيانات غير متاحة بطريقة شفافة.”

وتتبّع تقرير هيومن رايتس ووتش تعهدات التمويل التي قدمتها أكبر ست جهات مانحة في المؤتمر، وهي: الاتحاد الأوروبي وألمانيا واليابان والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.

قال فان إسفيلد “من وجهة نظر البلد المضيف، إذا كنت لا تعرف حجم الأموال التي ستحصل عليها ولكم من الوقت ومتى ستحصل عليها، فكيف سيكون في إمكانك التخطيط؟”

بالإضافة إلى استعراض البيانات المتاحة للجمهور، تابع فان إسفيلد وزملاؤه أيضاً المسؤولين في الوكالات والهيئات الحكومية المعنية بتقديم المساعدات.

قال “لقد اطلعنا على جميع قواعد البيانات المختلفة، ولم نتمكن من الإجابة عن أسئلتنا، لذلك قمنا بالاتصال بهم مباشرة. وقد اندهشت لأنهم عادوا لإلينا ليقولوا بأنهم سيضطرون لتجميع البيانات. وأن الأمر سيستغرق شهرين للقيام بذلك فقط. حتى الجهات المانحة لا تتمكن من الإجابة عن هذه الأسئلة بسهولة.”

أجاب جميع المانحين على استفسارات فان إسفيلد، لكن بعضهم كان أكثر صراحة من غيرهم.

ويبدو أن المملكة المتحدة واحدة من أكثر الكيانات التي تم التحقيق فيها وضوحاً. ويشير التقرير إلى أن الحكومة البريطانية تنشر معلومات شفافة وتقدم معلومات مفصلة عن الأموال التي وعدت بتقديمها في مؤتمر لندن.

قالت لي “لقد قطعت المملكة المتحدة خطوات كبيرة في مجال الشفافية، وهناك بلدان أخرى مثل النرويج تحقق أداءً جيداً أيضاً.”

وربما كانت اليابان، على النقيض من ذلك، أشد الجهات المانحة التزاماً للصمت. ولم تكن هناك معلومات متاحة للجمهور عن وفاء اليابان بالتزاماتها التمويلية في مؤتمر لندن. وقالت وزارة الخارجية اليابانية لمحققي منظمة هيومن رايتس ووتش إنها لن تشارك المعلومات ذات الصلة.

قال فان إسفيلد “نحن نعرف عن اليابان أقل من أي شيء نعرفه عن الآخرين، وهذا لأنهم لن يقوموا بمشاركة تلك المعلومات فحسب. في اليابان، يبدو أنهم يميلون إلى السرية، وأعتقد أن هذا الأمر في غير محله.”

يعتقد كل من فان إسفيلد ولي أن أفضل طريقة لضمان تنفيذ الممولين لالتزاماتهم هي توفيرهم المزيد من الشفافية.

قال فان إسفيلد “إننا لا ندعو الى تقديم المزيد من الأموال ولا نخبرهم عن كيفية إنفاق أموالهم لأنهم يعرفون ذلك بشكل أفضل، لكن إذا ما وعدت بتقديم الأموال للتعليم، فإننا حقاً بحاجة لمعرفة ما يجري تمويله. كمجتمع مدني، كيف يمكننا تحسين الأمور إذا كنا لا نعرف كيف يتم إنفاق المال؟”

بالإضافة إلى ذلك، قال فان إسفيلد إن على الجهات المانحة تبسيط البيروقراطية المحيطة بعملية تقديم المساعدات.

كثيراً ما يقدم المانحون تمويلاً من مصادر دخل مختلفة – بعضها مخصص خصيصا للتعليم وغيره للتنمية الدولية. قالت لي “يعوّل المانحون على جهات مختلفة لا تتحدث إلى بعضها البعض. انها مسألة كبيرة.”

يقول فان إسفيلد إن اتباع التمويل كان سيكون أسهل بكثير إذا ما وافق المانحون على استخدام صيغة قاعدة بيانات مشتركة لتتبع التقدم المحرز في تعهداتهم. وقال إن العديد من المانحين تعاملوا معه بحسن نية وحرصوا على تقديم المعلومات التي طلبها، لكنهم كافحوا من أجل تحرّي الدقة – فقاموا في كثير من الأحيان بتصحيح أنفسهم والتدقيق في ذلك مرة أخرى. قال “إن حقيقة وجوب عملهم بجد للوصول إلى الأجوبة يدل على وجود مشكلة. آمل أن يقدم هذا التقرير ذخيرة للمحاربين الساعين للشفافية داخل هذه المنظمات.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى