أخبار وتقارير

«أرشيف المرأة اليمنية».. مبادرة لتوثيق تجارب نساء اليمن في الوطن والمهجر

تحت وطأة تداعيات الحرب في اليمن، تسعى باحثات يمنيات إلى توثيق تجارب النساء في موطنهن، أو في المهجر، على حد سواء.

وأطلقت الباحثة والشاعرة اليمنية، سبأ حمزة، مع الفنانة التشكيلية جهاد جار الله، مبادرة «أرشيف المرأة اليمنية»، مؤخرًا، لتسجيل التجارب النسائية في مواجهة التهميش، والإقصاء، ومعاركهن في مواجهة التحديات المختلفة.

سرد وحكايات

عبر أنشطة متنوعة من السرد والحكايات، تهدف المبادرة إلى تكوين أرشيف مختلف لقصص التحولات التي تواجه النساء، و«تحديات النوع الاجتماعي في مختلف مراحل حياتهن».

وتقول «حمزة»، المقيمة في هولندا، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، إن هذا الأرشيف سيكون بمثابة مساحة للمعارف الناشئة من تجارب النساء، وتاريخهن في اليمن والشتات، دون اعتبار لأعمارهن، أو انتماءاتهن الفكرية أو السياسية، مشيرة إلى ان هذه التجارب تضيء جوانب التغيير اللاتي يصنعهن في المجالات كافة.

وغادرت الباحثة اليمنية، المولودة في صنعاء، موطنها، في العام 2016، إلى هولندا كلاجئة، لتنشط في الكتابة، والبحث العلمي، بمؤسسات التعليم العالي هناك.

«نحن نؤمن أن النساء بشكل عام، واليمنيات منهن، صانعات للتاريخ، عبر مئات الوقائع، لكن أكثر هذه القصص لا يتم تدوينها، وقد تنتهي إلى الضياع خصوصًا في أوقات الحرب، ما يزيد من مسؤولية تعظيم العمل الأرشيفي والتوثيقي لهذه القصص، حفاظًا عليها من الضياع أو النسيان».

سبأ حمزة،  باحثة وشاعرة يمنية.

وحصلت على أول جائزة شرفية من «صندوق روزانا لمنح المرأة»، وذلك في يوم المرأة العالمي للعام 2020، كما تم ترشيحها لجائزة الهجرة للأدب بهولندا، العام الماضي، عن أولى قصائدها باللغة الهولندية، والتي كانت بمثابة تجربة للكتابة باللغة التي تعلمتها في المهجر.

تعظيم العمل الأرشيفي

وعن دوافع إطلاق المبادرة، تضيف: «نحن نؤمن أن النساء بشكل عام، واليمنيات منهن، صانعات للتاريخ، عبر مئات الوقائع، لكن أكثر هذه القصص لا يتم تدوينها، وقد تنتهي إلى الضياع خصوصًا في أوقات الحرب، ما يزيد من مسؤولية تعظيم العمل الأرشيفي والتوثيقي لهذه القصص، حفاظًا عليها من الضياع أو النسيان».

وكان لتجربة اللجوء، التي عاشتها «حمزة»، الأثر الأكبر على مسيرتها الأكاديمية والبحثية، ودافعًا رئيسيًا لها، لتكريس معظم أبحاثها حول قضايا المرأة في اليمن، وآليات تمكينها، والصعوبات التي تواجهها.

وتوضح الباحثة بالمتحف الوطني لثقافات العالم في هولندا، أن الدافع الشخصي المرتبط بإطلاق المشروع، يعود إلى «الشغف الدائم بالأرشفة وحفظ الذاكرة، وخصوصًا مع افتقادي لتفاصيل تاريخ أجدادي بسبب غياب أي صور لهم، أو مقاطع توثيقية لحكاياتهم»، كما تقول.

اقرأ أيضًا: (الحرب تفاقم معاناة الطلاب ذوي الإعاقة في اليمن).

وفي السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، أعلنت وزارة الخارجية الهولندية، دعم أولى أنشطة المبادرة، (جدارية – هُنّ)، والتي تهدف إلى خلق مساحة آمنة و إبداعية للنساء لتدوين قصصهن.

ويستهدف هذا النشاط في مرحلته الأولى، سبع كاتبات لإنتاج محتوى أدبي، والمشاركة في ورش عمل مختلفة، تتضمن فرصًا للتشبيك والتواصل مع كُتاب وكاتبات من اليمن، والوطن العربي.

تقرير حول مبادرة بحثية تستهدف توثيق تجارب نساء اليمن في مواجهة التحديات داخل الوطن، أو في المهجر.
السفير الهولندي باليمن، بيتر ديريك، في ضيافة كاتبات «جدارية هُنّ» ضمن أنشطة مبادرة «أرشيف المرأة اليمنية»، 9 تشرين الثاني/نوفمبر (المبادرة – «فيسبوك»).

من جانبها، تقول الكاتبة والتشكيلية اليمنية جهاد جار الله، إن المشروع يُركز على الهوية اليمنية، عبر سرد وتوثيق قصص اليمنيات في الداخل أو في المهجر، موضحة أن النساء يمثلن أساس المشروع. وتضيف: «يمنحنا هذا دافعًا نفسيًا للاستمرار، وتطوير المشاريع، بشكل يناسب الفئات المشاركة كافة».

و«جار الله»، كاتبة وفنانة تشكيلية، ونحّاتة مهتمة بالفن المعاصر. درست العلوم السياسية في جامعة صنعاء، قبل أن تتجه اهتماماتها إلى الكتابة الأدبية والفن التشكيلي، حيث خاضت خلال الفترة الماضية تجربة فن النحت، وسبق لها تنظيم معرض فني منفرد، في العام 2017 باليمن، تحت عنوان: «صمت ملون».

وإلى جانب ما خلفته الحرب من تداعيات قاسية على الأصعدة كافة، تقول التشكيلية المقيمة باليمن، إن الحرب «أعادت اكتشاف قدرات اليمنيات، وفجّرت طاقاتهن المكبوتة في كل المجالات».

«الحرب ليس لديها وجه رحيم، فهي قاسية على جميع الأطراف، ووزعت معاناتها بالتساوي على جميع اليمنيين، لكن المرأة حملت عبئًا إضافيًا يرتبط بإعالة أسرهن بعد فقد غالبية النساء أزواجهن على جبهات القتال».

جهاد جار الله،  باحثة وتشكيلية يمنية.

وتضيف: «الحرب ليس لديها وجه رحيم، فهي قاسية على جميع الأطراف، ووزعت معاناتها بالتساوي على جميع اليمنيين، لكن المرأة حملت عبئًا إضافيًا يرتبط بإعالة أسرهن بعد فقد غالبية النساء أزواجهن على جبهات القتال»، مشيرة إلى أن اقتحام أعداد كبيرة من اليمنيات، على اختلاف مؤهلاتهن العلمية، سوق العمل، كشف عن قدراتهن في الأعمال التجارية، والأدبية، والفنية، وغيرها.

اقرأ أيضًا: (لماذا يحتاج التعليم العالي في اليمن للمزيد من الاهتمام).

وكانت التشكيلية اليمنية واحدة من هؤلاء، حيث انخرطت، خلال سنوات الحرب، في تجربة فنية، عبر مشروع «مجداف»، التابع لإحدى المؤسسات الثقافية الخاصة في صنعاء. خلال هذا المشروع، تم تنفيذ نحو ثلاثين عملًا فنيًا تراثيًا، وفق طرق عرض تنوعت ما بين النحت، والرسم.

وتتحدث أكثر عن تجربة النساء في ظل الحرب، فتقول إن الدور الذي مارسته اليمنيات في أوج القتال «منحهن شعورًا بالقوة والتمكين، حيث أعدن اكتشاف ذواتهن. هذه إحدى القصص التي نسعى لتوثيقها في مشروعنا الأرشيفي»، مضيفة أن ذلك التحول ساهم، أيضًا، في «خروج المرأة عن صورتها النمطية السائدة عنها، كزوجة، ومربية للأبناء فقط».

ويطمح القائمون على المبادرة في أن تتحول إلى «مؤسسة لحفظ الذاكرة»، داخل اليمن وخارجها، كما تقول سبأ حمزة، فيما تأمل جهاد جار الله أن تشمل مشروعات المبادرة المزيد من النساء في مناطق أكثر، وخاصة أولئك اللاتن يواجهن صعوبات ومتاعب الحرب.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى