أخبار وتقارير

«قصف غزة» يلقي بظلاله على ملتقى «الألكسو» لتوأمة الجامعات.. وجزر القمر تخطف الأضواء

طغى الهَمُّ الفلسطيني، والعنف الدامي في غزة، على أجواء ملتقى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» الأول لتوأمة الجامعات العربية الذي عُقد في العاصمة التونسية، فخرج رؤساء الوفود المشاركة عن كلماتهم الافتتاحية المكتوبة، للترحم على أرواح الشهداء الفلسطينيين، واختنقت الأصواتُ بالعَبَرات والحزن العميق.

وحضر الشعر للتعبير عما تجيش به الصدور، فقالت السيدة جليلة العبيدي، مُيسّرة الملتقى في حفل الافتتاح:

«نقول لفلسطين، سيدة الأرض، أم البدايات، أم النهايات…» «فلسطين صبرًا إن للفوز موعدًا»، مقتبسة من أشعار محمود درويش، وأحمد محرم.

ولم يتمكن مسؤولو جامعتي القدس والنجاح الفلسطينيتين من المشاركة حضوريًا في الملتقى الذي استمرت فعالياته يومين الأسبوع الماضي، وذلك لتعذر السفر وسط القصف الإسرائيلي المتواصل الذي أودى بحياة الآلاف.

وصف الدكتور ولد أعمر الملتقى الأول لتوأمة الجامعات العربية بأنه «تجربة أولى، ولكن كانت متميزة»، وقال إن التوصيات التي تمخض عنها اللقاء «ستكون خارطة الطريق في عملنا العربي المشترك، وتحضيرًا لاجتماع وزراء التعليم العالي الذي سيعقد قريبًا في دبي».

وفي مداخلته عبر الإنترنت عن جامعة القدس، دعا الدكتور حنا عبدالنور، نائب رئيس الجامعة، الحاضرين إلى دقيقة صمت حدادًا على أرواح الشهداء، وأهدى التكريم الممنوح لجامعته إلى الجامعة الإسلامية في غزة التي تعرضت أجزاء واسعة من مبانيها لأضرار كبيرة، وخسائر مادية بالغة جراء القصف الإسرائيلي.

وقد شهدت جامعات عراقية، وأردنية، وكويتية، ومصرية، في الأيام الأخيرة، فعاليات متنوعة، عبر المشاركون فيها عن دعمهم للقضية الفلسطينية، مرددين شعارات مناهضة لجرائم «الإبادة الجماعية» التي يتعرض لها سكان غزة. كما شهدت العواصم العربية احتجاجات واسعة على المذابح في غزة.

جزر القمر.. مناشدة للدعم

وبين 37 جامعة عربية شاركت في ملتقى «الألكسو»، خطفت جامعة جزر القمر الأضواء عندما وقف نائب رئيس الجامعة، الدكتور الأمين حسين، ليعلن أمام الحاضرين أنه لم يأت لعرض قصة نجاح جامعته، أو عوامل قوتها، وتميزها، مثل باقي الجامعات المشاركة، وإنما ليعلن عن احتياجات فورية للجامعة الوليدة التي بدأت الدراسة بها هذا العام.

أثار حديث الدكتور حسين عن ضعف إمكانيات جامعته، واحتياجاتها، اهتمام الحاضرين، واجتذب تعهدات بالدعم بكل ما هو ممكن، حتى أن مسؤولة بإحدى الجامعات عرضت بصفة شخصية التطوع للتدريب والتعليم في جامعة جزر القمر، ليعلن المدير العام للألكسو الدكتور محمد ولد أعمر، على الفور، أن المنظمة ستوفر تكلفة انتقال أي أستاذ جامعي يسعى لتقديم التدريب والتعليم في الجامعة العربية الوحيدة في جمهورية جزر القمر.

وبدا دور المنظمة في دعم البلد العربي، الواقع في جنوب شرق إفريقيا، واضحًا عندما أشاد نائب رئيس الجامعة بـ«الإسهامات القوية للألكسو في نشر اللغة العربية في جزر القمر». وسبق للمنظمة أن دعمت جزر القمر إبان جائحة  كورونا في عام 2021 بمنحها ألف جهاز كمبيوتر لمساعدة الطلبة في التعلم عن بعد.

تجربة أولى لكن متميزة

في كلمته الختامية، وصف الدكتور ولد أعمر الملتقى الأول لتوأمة الجامعات العربية بأنه «تجربة أولى، ولكن كانت متميزة»، وقال إن التوصيات التي تمخض عنها اللقاء «ستكون خارطة الطريق في عملنا العربي المشترك، وتحضيرًا لاجتماع وزراء التعليم العالي الذي سيعقد قريبًا في دبي».

وفضلًا عن مشاركة الجامعات العربية على مستوى رؤساء الجامعات، أو المديرين، ضمّ الملتقى، الذي اختتم أعماله يوم الأربعاء، مؤسسات عربية، وعالمية مهتمة بالتشبيك بين مؤسسات التعليم العالي، منها «الفنار للإعلام»، ومؤسسة «الاتحاد من أجل المتوسط»، و«هيومان ريستارت الدولي».

اقرأ أيضًا: (تعاون استراتيجي بين «الفنار للإعلام» و«الألكسو» للنهوض بمستوى التعليم في المنطقة العربية).

جاء تنظيم اللقاء في إطار مسعى «الألكسو» لتعزيز العمل العربي المشترك، ودعمه في مجال النهوض بالبحث العلمي، لتنفيذ «الاستراتيجية العربية للبحث العلمي، والتكنولوجي، والابتكار»، التي أوكلت القمة العربية الثامنة والعشرين مهمة متابعة تنفيذها للمنظمة، بالتنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

وكانت حصيلة الملتقى توقيع أكثر من 100 مذكرة توأمة بين الجامعات المشاركة، بهدف تبادل الزيارات العلمية للأكاديميين، والباحثين، وطلبة تلك الجامعات.

أهداف طموحة

وفي تصريحات لـ«الفنار للإعلام» على هامش الاجتماعات، قال رئيس اللجنة التحضيرية والعلمية للملتقى، الدكتور محمد سند أبو درويش، مدير إدارة العلوم والبحث العلمي بـ«الألكسو»، إن مذكرات التوأمة التي تم توقيعها بين الجامعات المشاركة «تستهدف تحفيز الحراك العلمي العربي، وتبادل الزيارات العلمية بين أعضاء هيئات التدريس في الجامعات العربية، وتبادل زيارات الطلبة، والتشاركية في البحث العلمي». وأضاف أن «الألكسو» تسعى لإيجاد تفاعل بين طلبة الجامعات العربية، وتوفير مظلة واسعة للتعارف والتشبيك بينهم.

  • «قصف غزة» يلقي بظلاله على ملتقى «الألكسو» لتوأمة الجامعات.. وجزر القمر تخطف الأضواء
  • «قصف غزة» يلقي بظلاله على ملتقى «الألكسو» لتوأمة الجامعات.. وجزر القمر تخطف الأضواء
  • «قصف غزة» يلقي بظلاله على ملتقى «الألكسو» لتوأمة الجامعات.. وجزر القمر تخطف الأضواء

ردًا على سؤال عما يضمن تحويل أهداف وتعهدات الملتقى إلى آليات وأدوات فعلية، خاصة في ضوء تساؤل بعض المشاركين عن الخطوات التالية، قال الدكتور أبو درويش: «سنعمل جاهدين على ألا يتوقف الملتقى عند مرحلة توقيع المذكرات، بل سنعمل، ومن خلال مشروعات مختلفة تقوم بها الألكسو، على إنجاح بنود تلك الاتفاقيات كافة، أو جزء كبير منها».

كما أعرب عن أمله في مشاركة الجامعات العربية، والهيئات، والمؤسسات العالمية مع «الألكسو»، لتوفير الموارد المالية المطلوبة لتحقيق الأهداف الطموحة للملتقى.

وكشف الدكتور ولد أعمر النقاب عن أن المنظمة «ستطرح قريبًا تصنيفًا للجامعات العربية، بضوابط بحثية عالمية، ولكن بخصوصية عربية»، ودعا الجامعات في المنطقة للدخول في هذا التصنيف.

جاء تنظيم اللقاء في إطار مسعى «الألكسو» لتعزيز العمل العربي المشترك، ودعمه في مجال النهوض بالبحث العلمي، لتنفيذ «الاستراتيجية العربية للبحث العلمي، والتكنولوجي، والابتكار».

وقال، في لقاء مع «الفنار للإعلام»، إن من أهداف الملتقى «وضع صورة استشرافية للبحث العملي لدولنا العربية، ومواجهة أهم التحديات التي تواجه البحث العلمي في الدول العربية، والعمل على وضع حلول لهذه التحديات». وتابع أن «الألكسو» تسعى لأن تكون «جسرًا  للتواصل بين الدول العربية؛ نعرض فيه التجارب الناجحة في دول عربية لجامعات مصنفة الأولى عالميًا بين الدول العربية، وجامعات لم تُصنّف بعد».

«لقاء اليوم أعطى دفعة قوية للجامعات غير المصنفة. بعض الجامعات لا تتقدم لهذه التصنيفات معتبرة أنها بعيدة المنال، لكن خلال يومي الملتقى اتضح للجميع أن التصنيفات قريبة المنال؛ فهناك فقط نقاط ضعف في كل جامعة يجب العمل، والتركيز عليها… رفعنا طموح الجامعات غير المصنفة وهذا مكسب كبير» قال ولد أعمر.

اقرأ أيضًا: (حصري| بالأسماء.. تعرف على ترتيب الجامعات العربية في تصنيف «كيو إس» الإقليمي 2024).

وعن الخطوات العملية المزمعة، قال الدكتور أبو درويش: «أحد المشروعات المطروحة، في الدورة المالية 2026-2025، هو مشروع الزائر العلمي العربي وسنعمل من خلاله على تنفيذ رؤية وأهداف الملتقى». وأوضح أن البرنامج يستهدف أيضًا الاستفادة من العقول العربية المهاجرة، فضلًا عن الأكاديميين والباحثين في الجامعات والمراكز البحثية العربية.

ووجّه مدير إدارة العلوم والبحث العلمي بالألكسو، دعوة عبر منصة «الفنار للإعلام»، إلى جميع المؤسسات، والهيئات، والجامعات، وحتى الأشخاص المهتمين بتحريك عجلة البحث العلمي «ليكونوا شركاء فاعلين للألكسو في تحريك هذا البرنامج ودعمه بكل الإمكانيات المتاحة لهم».

وطرحت المنظمة، في ختام الفعاليات، أربع مبادرات لإنشاء صندوق «الألكسو» لدعم البحث العلمي والريادة والابتكار، وبوابة «الألكسو» للعلوم، وبرنامج «الزائر العلمي العربي»، وكذلك منظومة «الألكسو» لمصادقة الشهادات باستخدام تكنولوجيا «البلوك تشين». وأعلن الدكتور أبو درويش أن مصدر التمويل الأول لصندوق البحث العلمي والريادة هو «الألكسو» التي ستخصص مليوني دولار نواة للصندوق.

وضع مالي جيد

قبل عام ونصف العام، تحدث الدكتور ولد أعمر، في مقابلة مع «الفنار للإعلام»، عن «صعوبات اقتصادية وسياسية» تواجه عمل المنظمة، منها: انخفاض نسبة سداد الدول العربية مساهماتها المالية إلى ما هو دون المستوى المطلوب، لكنه بدا متفائلًا، في أحدث لقاء له مع منصتنا، وأبدى ارتياحه للوضع المالي للمنظمة، قائلًا، دون الخوض في تفاصيل عن الأرقام: «موقفنا الآن جيد جدًا.. أصبحنا أحسن عشر مرات مما كنا عليه من قبل».

اقرأ أيضًا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى