منح دراسية جديدة للاجئين السوريين

بلد المواطنة: سوريا
الموعد النهائي: مفتوح

ارتفع عدد منح التعليم العالي المخصصة للطلاب السوريين بشكل حاد خلال العام الماضي أو بحدود ذلك، حيث زادت بعض الحكومات، والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الربحية من جهودها لمساعدة الطلاب النازحين واللاجئين وتمكينهم من الإلتحاق في البرامج الجامعية هذا الخريف.

وجاء هذا الارتفاع في التمويل نتيجة لتدفق أكثر من مليون لاجئ ومهاجر إلى أوروبا العام الماضي – وعلى رأسهم السوريين. فبينما تواصل الحرب في سوريا إستعارها في عامها الخامس، أصبح واضعو السياسات والعاملون في المجال الإنساني قلقين وعلى نحو متزايد حيال الواقع، لأنه ومن دون القدرة على الوصول إلى التعليم العالي، سيكون مستقبل العديد من الشباب السوريين في خطر، وسيمتلك القليل منهم المهارات المتقدمة اللازمة للمساعدة في إعادة إعمار بلادهم بعد إنتهاء الحرب في نهاية المطاف. (إقرأ أيضاً: ماهي أبرز برامج المنح الدراسية الخاصة بالطلاب السوريين).

مع ذلك، لا يزال هناك عدد كبير من اللاجئين السوريين الراغبين في الدراسة يفوق بكثير الفرص المتوفرة لهم للقيام بذلك. لأن بضعة آلاف من المنح الدراسية الجديدة التي تم توفيرها العام الماضي “ليست كافية ببساطة”، بحسب يانيك دو بونت، مدير مؤسسة سبارك، منظمة هولندية تسعى لتعزيز التعليم العالي وريادة الأعمال في المناطق المتضررة من النزاعات. (إنظر أيضاً: انفوجرافيك: هل تتوفر منح دراسية كافية للطلاب السوريين؟)

يبدو برنامج سبارك لتوفير “التعليم العالي للسوريين”، والذي انطلق في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، الجهد الأكبر في هذا المجال. ففي خريف هذا العام، ساعد البرنامج 4,000 من الشباب السوريين على الإنخراط في الجامعات والكليات التقنية في الدول المجاورة لسوريا: تركيا، والأردن، ولبنان، ومنطقة الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق.

كما تم توجيه المنح الدراسية لمؤسسة سبارك إلى الطلاب في ست كليات تقنية في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في شمال سوريا. وتخطط المجموعة لزيادة العدد الإجمالي للمنح الدراسية ليصل إلى 10,000 منحة خلال السنوات الأربع المقبلة.

تستقبل مؤسسة سبارك 4.5 طلب عن كل منحة دراسية تقدمها، أو ما مجموعه 18,000 طلب. فيما تفيد برامج المنح الدراسية الأخرى، لاسيما تلك الخاصة بالدراسة في جامعات في الدول الغربية، بتلقيها مئة طلب لكل منحة. من ناحية أخرى، تبدو بعض المنح الدراسية في أماكن مثل المملكة المتحدة وكأنها تتوسل الحصول على طلاب، بسبب السياسات الحكومية المتشددة والتي تمنع العديد من الطلاب السوريين من دخول البلاد وتمنع غيرهم من الطلاب السوريين المحتملين من الإنتقال داخل البلاد.

تفاوضت سبارك مع الكليات والجامعات المحلية بشأن إجراء تخفيضات كبيرة على الرسوم الدراسية. وتقدر المؤسسة إنفاقها لمتوسط يتراوح بين 10.000 و12.000 دولار أميركي لكل طالب يدرس في برامج دراسية مدتها سنتين أو أربع سنوات، بما في ذلك مبلغ قدره 200 دولار أميركي شهرياً لتغطية تكاليف المعيشة. بينما تسعى سبارك من خلال نهجها لتوسيع التمويل أكثر من ذلك، فإن الأهم بالنسبة لها تهدئة شكاوى بعض المؤسسات الشريكة للمجموعة والتي تقول بأنها قد تركت لتغطي تكاليف الطلاب – مثل دروس اللغة الإنجليزية، وهي التكاليف التي لا تمتلك دائما الأموال اللازمة لتغطيتها.

تشعر سبارك بأن من الأفضل توفير فرص تعليمية للسوريين في منطقة الشرق الأوسط بدلاً من المؤسسات الغربية. فمن جانب، يقول دو بونت إن تعليم أحد اللاجئين في هولندا أو الولايات المتحدة قد يكلف 10 إلى 25 ضعف أكثر من تكلفة تعليمهم في المنطقة. لكن ما هو أبعد من ذلك، بحسب دو بونت، هو أن تمكين الطلاب من الدراسة في بلد مجاور يبقيهم قرب أسرهم الكبيرة وثقافتهم ويزيد من فرص عودتهم إلى بلدهم ووضع تعليمهم موضع الإستخدام هناك عندما ينتهي القتال.

تكتسب هذه الطريقة في التفكير المزيد من الدعم. قال كارستن فالبينر “كان هنالك تحول بإتجاه تقديم المنح الدراسية في المنطقة، وليس في الغرب.”

على الرغم من كون جلب اللاجئين للدراسة في الغرب مكلف، يشعر العديد بأن التعرض للمجتمعات الديمقراطية المتقدمة يستحق ذلك. (الصورة من مؤسسة سبارك)

يرأس فالبينر برنامج آمال HOPES، وهو برنامج يموله الإتحاد الأوروبي إنطلق في نيسان/ أبريل، ويوفر حالياً 100 منحة دراسية في المنطقة، معظمها لبرامج على مستوى درجة الماجستير. يخطط البرنامج لزيادة العدد ليصل إلى 500 منحة. ويوفر برنامج آمال أيضاً دورات في اللغة الإنجليزية والإرشاد الأكاديمي.

مع ذلك، لا يساور ذات الشعور كل المجموعات. حيث تقوم جسور، وهي جمعية من السوريين الذين يعيشون خارج بلادهم مقرها سان فرانسيسكو، حالياً بتمويل منح دراسية لـ 158 من الطلاب السوريين المتفوقين للدراسة في أفضل الجامعات في أنحاء العالم، والغالبية العظمى منهم في الولايات المتحدة الأميركية.

قالت مايا الكاتب شامي، مديرة المجموعة،”لقد فضلنا إحضار الطلاب إلى الغرب. هنالك المزيد من الفرص لتطوير المهارات المهنية بعد التخرج.”

وكما هو حال العديد من البرامج الأخرى، تعتبر جسور إلتزام المرشحين بخدمة مجتمع اللاجئين وبلادهم جزء من عملية الإختيار للمنح الدراسية. قالت الكاتب شامي “نحن ننظر للأمر كما لو كان دعماً طويل الأمد لسوريا. لذلك فإن صفات المسؤولية الإجتماعية والقيادة مسألة مهمة.”

على الرغم من كون جلب اللاجئين للدراسة في الغرب مكلف، يشعر العديد بأن التعرض للمجتمعات الديمقراطية المتقدمة يستحق ذلك. حيث توفر ستين جامعة وكلية أميركية تابعة لإتحاد دعم التعليم العالي في سوريا في ظل الأزمة والتابع لمعهد التعليم الدولي منحاً دراسية لـ 333 لاجئ سوري للدراسة في جامعاتهم منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011.

يقول ألان غودمان، رئيس معهد التعليم الدولي، إن هنالك حاجة كبيرة جداً لدرجة أنه يود لو أن كل مؤسسات التعليم العالي في أميركا والبالغ عددها 4,000 مؤسسة تشارك في ذلك. قال “لقد طلبنا من كل مؤسسة أخذ طالب [لاجئ] واحد وأستاذ من النازحين.”

توصل غودمان إلى أنه وعلى الرغم من كون التعليم المُعفى من الرسوم مكسباً كبيراً للاجئين السوريين من الشباب، فإن ذلك ليس كافياً. قال “نحن بحاجة لإيجاد المال الكافي لتغطية نفقات السفر ونفقات المعيشة على مدار السنة،” بهدف توسيع البرنامج بدرجة أكبر.

في كندا، قام برنامج الطالب اللاجئ هذا العام تقريباً بمضاعفة عدد الطلاب اللاجئين الذين تمت دعوتهم، وذلك بإضافة 78 مقعداً جديداً للسوريين. يوفر البرنامج إعادة توطين دائم في كندا فضلاً عن منحة دراسية كاملة في مؤسسات التعليم العالي.

من ناحية أخرى، قدمت ألمانياً شيئاً يشبه ما يكون بسياسة الأمر الواقع. فمع سياسة الأبواب المفتوحة التي إتبعتها، إستقبلت البلاد عدداً من اللاجئين أكثر بكثير مما إستقبلته أي دولة أوروبية أخرى خلال موجة الوصول الكبرى لأكثر من مليون شخص عام 2015. وكان من أولئك حوالي 490.000 من السوريين.

يقدر المسؤولون بأن 50.000 من اللاجئين في ألمانيا – نصفهم من السوريين – مؤهلون للحصول على تعليم عالي. الكليات والجامعات مجانية في ألمانيا، وقد خصصت السلطات الإتحادية مبلغ 100 مليون يورو (112 دولار أميركي) لسلسلة من الإجراءات التي تهدف لمساعدة اللاجئين على الإندماج بنجاح في نظام التعليم العالي في البلاد في الفترة بين 2016 و2019.

تمول تلك التخصيصات المالية أجور دورات مكثفة في اللغة الألمانية، ودورات تأسيسية لإعداد الطلاب للدراسة الأكاديمية (على الرغم من أن المسؤولين يقولون بأنه وبسبب كون نظام التعليم في سوريا متقدم نسبياً قبل إندلاع الحرب، فإن ثلاثة أرباع السوريين ليسوا بحاجة لمثل تلك الدورات)، فضلاً عن دروس خاصة، وتوجيه من قبل زملائهم من الطلاب الألمان، وبعض نفقات المعيشة.

قال كريستيان هولشورشتر، من الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي، “هنالك الكثير مما يجري في الجامعات الألمانية بهدف منح هؤلاء الطلاب بداية جيدة.”

في الوقت ذاته، وجدت البرامج الجديدة والمتسعة لتوفير منح دراسية للدراسة في الشرق الأوسط بأنهم بحاجة للكثير من الموارد كتلك التي يجري تقديمها في ألمانيا. قال مصطفى الجزار، المدير المؤسس للجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي (LASeR)، “كنا ننوي في البداية دفع رسوم تكاليف التعليم فحسب. لكننا سرعان ما إكتشفنا بأننا بحاجة لبناء قدرات الطلاب.”

وبعد عام واحد على بدء أحد أولى برامج المنح الدراسية للاجئين السوريين في المنطقة عام 2013، عملت الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي (LASeR) تقييماً لإحتياجات طلابها البالغ عددهم 250 في حينها. وبإستخدام النتائج، قامت الجمعية بتصميم برنامج صيفي يهدف لخفض معدلات التسرب وزيادة فرص نجاح الطلاب.

يتضمن ذلك البرنامج توجيهاً أكاديمياً، و120 ساعة من دروس في اللغة الإنجليزية ومهارات الإتصال، والتدريب على المهارات الأساسية مثل عادات الدراسة وإدارة الوقت، فضلاً عن تقديم المشورة للطلاب المصابين بصدمات نفسية من جراء الحرب المستعرة في بلادهم. الآن، لدى الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي 600 مستفيد من منحها الدراسية.

فضلاً عن دعمه لـ 100 طالب يدرس لنيل درجة الماجستير في المنطقة، فإن لدى برنامج آمال HOPES الذي يموله الإتحاد الأوروبي أيضاً هدف لتوفير تدريب باللغة الإنجليزية لـ 4,000 طالب من خلال المجلس الثقافي البريطاني. يقول فالبينر، مدير البرنامج، بأنه ليست العلوم والهندسة والطب المجالات الوحيدة التي عادة ما تدرّس باللغة الإنجليزية في المنطقة العربية، بل إن موضوعاتٍ تدرس باللغة العربية عادة ما تتطلب دورة أو دورتين في اللغة الإنجليزية، مثل “مقدمة في المصطلحات الدولية”، الأمر الذي يتطلب معرفة متوسطة على الأقل باللغة الإنجليزية.

وهذه مشكلة خاصة بالنسبة للسوريين، لأن السوريين فخورين بلغتهم العربية – فحتى الطب عادة ما يُدرس باللغة العربية في سوريا. لكن غياب تدريب باللغة الإنجليزية تسبّب في إضافة صعوبات أخرى بالنسبة للطلاب الذين غادروا البلاد.

وبينما تشرف الدفعات الأولى من الطلاب اللاجئين على التخرج، تساور المسؤولين مخاوف جديدة.

قال فالبينر “في بعض الأحيان لا يتمكن الطلاب من التخرج بسبب عدم قدرتهم على إجتياز إمتحان شرط اللغة الإنجليزية الصغير.”

وبينما تتزايد برامج المنح الدراسية في المنطقة، فإن المانحين يشعرون بالحاجة للتنسيق، وتبادل المعلومات، وفي بعض الحالات، الحاجة لتطوير آليات تقديم مشتركة. كما تسعى هذه البرامج أيضاً لمنع تكرار عدد قليل من الحالات التي تبيّن فيها حمل الطلاب لمعلومات مزورة في طلبات تقديمهم في محاولة للحصول على الدعم من جهتين مختلفتين من الجهات التي تقدم منحاً دراسية.

وفي ذات الوقت، يتفق المسؤولون بأن “من المهم جداً الحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية” من إنتهاكات محتملة من قبل الحكومات أو المجموعات، بحسب مارين كروغر، الخبيرة في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR). تساعد كروغر في إدارة برنامج المنح الدارسية الخاصة بمبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية الخاصة باللاجئين DAFI، والتي توفر منحاً دراسية لـ 1,800 لاجئ سوري في خريف هذا العام، وهو عدد من المتوقع أن يزيد خلال فترة قصيرة (DAFI هو الإختصار الألماني لمبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية الخاصة باللاجئين، لأن ألمانيا هي الممول الأكبر للبرنامج).

يتوجه العدد الأكبر من المنح الدراسية لمبادرة ألبرت أينشتاين DAFI للدراسة في تركيا، البلد الذي يضم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين. ويتضمن البرنامج دروساً مكثفة في اللغة التركية لمدة عامٍ واحد بهدف إعداد الطلاب للدراسات الأكاديمية بتلك اللغة.

كما تساعد العديد من برامج المنح الدراسية السكان المحليين أيضاً. على سبيل المثال، تعمل مبادرة Edu-Syria، بتمويل من الإتحاد الأوروبي، حالياً على إستقطاب طلاب لـ 1,000 منحة دراسية جديدة في الأردن. وستخصص 300 منحة للأردنيين من المحرومين.

يعتقد جاكوب آرتس، أحد مسؤولي الإتحاد الأوروبي في عمان، بأن الهدف من ذلك هو الحفاظ على دعم البلد المضيف. قال قال “من الصعب للغاية بالنسبة للحكومة الأردنية شرح سبب الدعم الكبير الموجه لإغاثة السوريين عندما يكون هنالك عدد كبير من الأردنيين المحتاجين للدعم.”

في حزيران/ يونيو، عقدت عدة برامج رئيسية مؤتمرها التنسيقي الأول في عمان. وكان من بين القرارات التي خرج بها الإجتماع تكليف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR بمهمة السعي للحصول على نسخ أصلية للشهادات من المدارس الثانوية ومؤسسات التعليم العالي في سوريا لمساعدة اللاجئين الذين يفتقرون لوثائق تثبت المراحل الدراسية التي أنجزوها قبل مغادرتهم للبلاد.

في الوقت ذاته، يقول مسؤولون إن اللاجئين بحاجة للمساعدة في المقارنة بين العديد من برامج الدعم والمنح الدراسية المتوفرة. وإستجابة لذلك، لم تقم البرامج بإضافة الإرشاد الأكاديمي فحسب، بل قام العديد من مقدمي المنح، بما في ذلك معهد التعليم الدولي، ومنظمة اليونسكو، وبرنامج HOPES، ببناء مقاصات “قواعد بيانات” على الإنترنت للفرص المتاحة للاجئين. (تمتلك الفنار للإعلام قاعدة بيانات للمنح الدراسية الخاصة بجميع الطلاب العرب.)

وبينما تشرف الدفعات الأولى من الطلاب اللاجئين على التخرج، تساور المسؤولين مخاوف جديدة.

يطالب العديد منهم الحكومات في المنطقة برفع أو تخفيف الحظر أو القيود المفروضة على حق اللاجئين في العمل. لأن الشباب من حاملي الدبلومات ممّن لا يمتلكون فرصة عمل يشكلون مشكلة مستقبلية، بحسب فالبينر، مدير برنامج HOPES.

قال فالبينر “العديد منهم مستاء حقاً لكونهم خارج بلادهم ويريدون العودة إلى ديارهم. أخشى أن الكثير منهم يمكن أن ينجرف نحو التطرف.”

وقد بدأ بعض المسؤولين في الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق الإستفادة الفضلى من مهارات ومعارف الخريجين لدعم إعادة الإعمار في بلدهم الممزق في نهاية المطاف.

قال دو بونت من مؤسسة سبارك، “قد يبدو ذلك مبكراً، لكن السلام سيبزغ يوماً ما. فما الذي سنفعله مع كل هؤلاء الأشخاص [المتعلمين]؟”

لاجئون

زر الذهاب إلى الأعلى