
إلى جانب دورها الأكاديمي، تسعى جامعة جورجتاون في قطر، لتوفير مساحة آمنة لمناقشة الموضوعات التي يعتبرها المجتمع المحلي «حساسة»، مثل حقوق المهاجرين وأخلاقيات علم الأحياء، بحسب صفوان المصري، عميد الجامعة.
في اجتماع مائدة مستديرة جمعه بالصحفيين مؤخرًا، قال «المصري»: «لدينا دور ومسؤولية في توسيع مساحة مناقشة الموضوعات التي تعدّ غير مريحة أو مثيرة للجدل، وإلا فإننا لا نقوم بعملنا كمؤسسات أكاديمية». لكنه أضاف أن مثل هذه الجهود لا يمكن أن تتمّ إلا «مع احترام المعايير الثقافية المحلية»، مستطردًا: «طالما أن المرء يحترم هذه المعايير، فأنا لا أرى أي حدود لنوع المشاركة التي يمكننا تحقيقها».
ويقول عميد جامعة جورجتاون في قطر، إنهم يخططون لتعزيز مكانتها العالمية، وتعزيز دورها كجسر بين المجتمعات العربية وبقية العالم. ويضيف الأكاديمي، الذي تولى منصبه الخريف الماضي: «تزوّد جامعتنا الطلاب بعقلية تمكنهم من أن يصبحوا مواطنين عالميين، وأن يتنقلوا حول العالم بطريقة أكثر سهولة، ويساهموا في تقدّم المنطقة والعالم».
«تزوّد جامعتنا الطلاب بعقلية تمكنهم من أن يصبحوا مواطنين عالميين، وأن يتنقلوا حول العالم بطريقة أكثر سهولة، ويساهموا في تقدم المنطقة والعالم».
صفوان المصري، عميد جامعة جورجتاون في قطر
في عام 2005، أُفتُتِح الحرم الجامعي في المدينة التعليمية بقطر كفرع لجامعة جورجتاون، وهي مؤسسة كاثوليكية تابعة لليسوعيين في واشنطن العاصمة. ويقول «المصري» إن الجامعة أوفت بوعدها بإنشاء مركز قوي للتعليم والتعلم والبحث.
ويضيف: «بصفتها مركزًا للتعليم العالمي في المنطقة، لا تلتزم جامعة جورجتاون في قطر بتوفير التعليم فحسب، بل بالتعلّم من الشركاء على الأرض، ونقل هذه المعرفة إلى الحرم الجامعي في واشنطن العاصمة، والمساهمة في زيادة عولمة المؤسسة».
اقرأ أيضًا: حوار مع صفوان المصري حول الإصلاح الديني والتعليمي
تحدث «المصري» أيضًا عن سُبل مساهمة الحرم الجامعي في تلبية الاحتياجات الفريدة لدول جنوب الكرة الأرضية، والاقتصاد العالمي المتغير. وقال إن الجامعة في قطر توفر فرصة للتدريس، والتعرف على العالم من موقع يمثل تقاطعًا مهمًا للمصالح الجيوسياسية. وأضاف: «بوجود أكثر من 70 جنسية في صفوف الطلاب، فإنه لا نظير لمثل هؤلاء الطلاب في العالم، إذ يضيف تنوع وجهات النظر عمقًا وتعقيدًا إلى منهج الشؤون الدولية».
الخريجون.. جسور مع العالم
تتفق سيونغاه لي، المحاضرة الأولى في جامعة نيويورك – أبو ظبي، على أن جامعة جورجتاون في قطر في وضعٍ جيد يؤهلها لتخريج طلاب بوسعهم أن يكونوا بمثابة جسور بين المجتمعات العربية المحافظة والعالم بأسره.
«من المتوقع أن يتبوأ الكثير من خريجي جامعة جورجتاون، وخاصة أبناء قطر، مواقع قيادية. ومن المتوقع أن يجعلهم هذا قادة عظماء ليكونوا جسرًا بين الفئات الأكثر تحفظًا في المجتمع وبقية العالم غير القادر على فهم قطر بشكلٍ سليم».
سيونغاه لي، محاضرة أولى في جامعة نيويورك – أبو ظبي
في ورقة بحثية نُشرت عام 2021 بعنوان «قانون التوازن غير المستقر: العولمة، والشرعية السياسية، وتوسع التعليم العالي في قطر والإمارات العربية المتحدة»، قالت «لي» إن دول الخليج العربي تستقدم جامعات أجنبية لتعزيز صورتها الدولية، وغالبًا ما تواجه معارضة من الفئات المحافظة في مجتمعاتهم ممّن يعارضون «تغريب التعليم».
في مقابلة مع «الفنار للإعلام»، قالت: «تشهد قطر تطورًا، وتحديثًا، ونموًا في اقتصادها، فضلا عن الانفتاح الأسواق العالمية، بينما تحاول الحفاظ على تراثها وهويتها في نفس الوقت».
اقرأ أيضًا: التجربة القطرية في استيراد التعليم العالي
وتعتقد «لي» أن بإمكان خريجي مؤسسات مثل جامعة جورج تاون في قطر أن يكونوا في خدمة مساعي قطر ودول الخليج الأخرى في تحقيق التوازن بين هذه المصالح المتنافسة. وتضيف: «من المتوقع أن يتبوأ الكثير من خريجي جامعة جورجتاون، وخاصة أبناء قطر، مواقع قيادية. ومن المرجّح أن يجعلهم هذا قادة عظماء ليكونوا جسرًا بين الفئات الأكثر تحفظًا في المجتمع وبقية العالم غير القادر على فهم قطر بشكلٍ سليم».
اقرأ أيضًا: حوار مع زهرة بابار حول أبحاث العلوم الاجتماعية في قطر
تعِد المدينة التعليمية في قطر، الطلاب بتعليم على مستوى عالمي متجذر في التراث المحلي، لكن يعتقد أكاديميون أن «تحقيق التوازن بين التعليم العالي الغربي والثقافة المحلية يمثل تحديًا في بعض الأحيان».

ترى «سيونغاه لي» بأن جامعة جورجتاون، وغيرها من الجامعات الغربية في المدينة التعليمية تخدم غرضين؛ يمثل أحدهما «جزءًا من الجهود المبذولة لبناء اقتصاد معرفي لقطر كجزء من التنمية الوطنية»، على حد قولها، فيما يرتبط الجانب الآخر بـ«وضع قطر على الساحة الدولية للتعليم العالي من خلال دعوة هذه المؤسسات والجامعات ذات السمعة الطيبة للحضور إلى الدوحة».
المشاركة المجتمعية
ويقول «المصري» إن الحرم الجامعي في قطر يخطط لعدد من المبادرات لتعزيز خبرته في مجالات مثل الأمن الدولي، والاقتصاد العالمي، والعلاقات الأمريكية مع المنطقة.
«لسنا هنا لتغيير أي جزء من العالم. نحن هنا للمساهمة في النهوض بوضع العالم من خلال التعليم».
صفوان المصري، عميد جامعة جورجتاون في قطر
كما أعلن عن سلسلة من فعاليات المشاركة المجتمعية المخطط لها في العام المقبل. وتشمل تلك الفعاليات عقد المؤتمرات، وإطلاق الكتب، ومحاضرات يلقيها خبراء متميزون، وبرامج يشارك فيها دبلوماسيون، وعلماء مقيمون، حيث يمكن للطلاب والعلماء والجمهور القطري تبادل الأفكار.
وردًا على سؤال من «الفنار للإعلام» عمّا إذا كان يعتقد أن مثل هذه الفعاليات ستساعد مؤسسات التعليم العالي على دفع مناقشة الحقوق السياسية في المنطقة، قال «المصري»: «إن وجودنا هنا مدفوع كثيرًا بالرغبة في محاولة إحداث تأثير». وأوضح أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال النهوض بتعليم المرأة، وإعداد مواطنين عالميين، وتعليم الطلاب كيفية المساهمة في تقدم المنطقة والعالم.
وفي إشارة إلى قيم الجامعة اليسوعية لخدمة الصالح العام، أضاف: «لسنا هنا لتغيير أي جزء من العالم. نحن هنا للمساهمة في النهوض بوضع العالم من خلال التعليم. من شأن هذا أن يحدث لأن المزيد والمزيد منا يحاول القيام بذلك، لكن نجاحه ليس مضمونًا على الدوام».
اقرأ أيضًا:
- جدل أكاديمي حول استضافة قطر المؤتمر العالمي لأخلاقيات البيولوجيا
- كيف نجعل التاريخ القديم مادة شيّقة لطلاب الجامعات في قطر؟
ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب