أخبار وتقارير

الحرب في السودان تفاقم أزمات التعليم العالي.. والطلاب أمام مستقبل مجهول

منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي، يعيش السودان حربًا مستمرة بين الجيش النظامي، وقوات «الدعم السريع»، ما فاقم أزمات مؤسسات التعليم العالي، ووضعها أمام تحديات غير مسبوقة.

وأوقفت الحرب، الدراسة في الجامعات، إلى أجل غير مسمى، وسط توقعات بأن يؤدي الاقتتال إلى «تعقيد الأوضاع الأكاديمية أكثر»، كما يقول محمد آدم، الباحث بوزارة التعليم العالي السودانية.

اقرأ أيضًا: (بعد عقود من «الإهمال».. مبادرة لإنقاذ دراسة «الفنون الجميلة» في السودان).

ويشير «آدم»، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، إلى أن الحالة المعقدة للعملية التعليمية بالجامعات السودانية تعود إلى فترة اندلاع الاحتجاجات المناهضة للرئيس السابق عمر البشير، في كانون الأول/ديسمبر 2018، والتي انتهت بالإطاحة به، من خلال الجيش، في نيسان/أبريل 2019.  ويوضح أنه نتيجة لتلك الاضطرابات، ثم تفشي كوفيد-19، تراكمت دفعات الخريجين بالجامعات، دون إنهاء دراستهم.

«المستقبل مجهول، ولا أدري هل سأواصل تعليمي أم لا، لأنه لا يوجد أمل مع استيلاء قوات عسكرية على مقر جامعتي»

هتون عبدالله، طالبة بجامعة البيان السودانية.

وفي ظل الحرب الأخيرة، تعرضت  جامعات عدة إلى السرقة، وإتلاف الممتلكات، ومنها جامعة الخرطوم، وجامعة النيلين، وجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة الأحفاد، بحسب الباحث السوداني.

اقرأ أيضًا: (أحداث السودان تشل التعليم العالي .. ومصر تدرس خطة لإجلاء طلابها).

وبالمثل، تقول عتيقة محمد، محاضرة في كلية العلوم الرياضية بجامعة الخرطوم، إن الجامعات السودانية كانت تعاني من أزمات تمويلية عدة، إلا أن الحرب الأخيرة زادت من معاناة الشعب بصفة عامة. وتضيف، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «أثر الحرب الكارثي أكبر بكثير من التأثير على التعليم العالي فقط؛ إذ قُتل المواطنون، ورُوعوا، ونُهبت ممتلكاتهم، ودُمرّت المستشفيات، وسُرقت البنوك».

وتابعت الأكاديمية السودانية: «كل هذه الأمور لا تساعد على تنفيذ أي خطة لتطوير التعليم العالي، ولا أي عملية تطوير أخرى في كل البلاد». وتشير «محمد» إلى أزمات عدة كانت تعاني من الجامعات الحكومية في السودان، قبل اندلاع الحرب الأخيرة، ومنها أزمة التمويل. وعن ذلك، تقول إن الكثير من الكليات تتواصل مع خريجيها القدامى في حملات لتمويلها. وتضرب مثالًا بكلية العلوم الإدارية بجامعة الخرطوم، والتي أسست معامل متطورة للحاسب الآلي، بتبرعات الخريجين، على حد قولها.

ثاني الأزمات التي تتحدث عنها عتيقة محمد، هي ارتفاع الرسوم الدراسية في عدد من الجامعات، خلال العام 2022، وما تبعه من احتجاجات طلابية منددة بها.

تعرضت  جامعات عدة إلى السرقة، وإتلاف الممتلكات، ومنها جامعة الخرطوم، وجامعة النيلين، وجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة الأحفاد.

محمد آدم، باحث بوزارة التعليم العالي السودانية.

وفيما تشير إلى عراقة التعليم العالي في السودان، حيث يعود تاريخ تأسيس جامعة مثل الخرطوم، وأم درمان إلى أكثر من مائة عام، تقول إن أكبر مشكلة كانت تواجه التعليم العالي في السودان، قبل الحرب، هي هجرة الكفاءات؛ إذ آثر كثير من خيرة الأساتذة الجامعيين، الهجرة إلى أوروبا أو أمريكا، أو الاستقرار بدول عربية أخرى، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد. وتوضح الأكاديمية السودانية أن الجامعات تحاول حل هذه الأزمة من خلال الاستعانة بحملة الماجستير عند الضرورة، منتقدة تضاؤل نسبة الإنفاق الحكومي من الدخل القومي على التعليم العالي، بواقع حوالي 2%، مقارنة بـ«السخاء الحكومي» في الإنفاق على الأجهزة الأمنية والجيش، بحسب تعبيرها.

اقرأ أيضًا: (التمويل والاستقلالية يعرقلان تأسيس نقابة لأساتذة جامعات السودان).

من جانبها، تُعرب هتون عبد الله، طالبة في السنة الدراسية الأولى، بكلية إدارة الأعمال في جامعة البيان بالخرطوم، عن حزنها لما وصلت إليه الأوضاع في بلدها.

وتقول، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، إنها تريد السفر واستكمال حياتها بالخارج، من خلال الاجتهاد في الدراسة الجامعية، غير أن اندلاع الحرب يهدد مسيرتها التعليمية تلك، وآمالها في مواصلتها بإحدى الجامعات الأجنبية. وتروي الطالبة السودانية كيف تابعت وقائع الاقتتال منذ اندلاع الحرب، نظرًا لوقوع مسكنها على مقربة من حي الجامعة الذي كان أحد مسارح تلك الحرب.

وتستعيد الطالبة السودانية ذكريات الساعات الأولى بعد اندلاع الاشتباكات، قائلة إنها كانت تجلس ليلًا داخل مسكنها بينما تنامى إلى مسامعها دوي أصوات غير عادية، إلى أن أدركت أنها أصوات اشتباكات مسلحة بين الطرفين المتصارعين. في تلك اللحظة، فكرت في الأيام المقبلة من دراستها، قبل أن تكتشف أن الحرب أوقفت كل شيء في التعليم العالي، إلى حين إشعار آخر. وبنبرة حزينة، تقول: «المستقبل مجهول، ولا أدري هل سأواصل تعليمي أم لا، لأنه لا يوجد أمل مع استيلاء قوات عسكرية على مقر جامعتي».

اقرأ أيضًا:

  ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى