
في ليلة 12 حزيران/ يونيو الجاري، تحوّل سطح المبنى الذي يضم برنامج تصميم الأزياء، التابع للجامعة اللبنانية الأمريكية، إلى منصة لعرض إبداعات عشرة من خريجي البرنامج، في خطوة لاقت قبولًا جيدًا تحت رعاية مصمم الأزياء العالمي إيلي صعب.
يُعد برنامج تصميم الأزياء جزءًا من كلية العمارة والتصميم بالجامعة، وقد تعاون «صعب» مع البرنامج منذ انطلاقه قبل عشر سنوات. ضمّ عرض هذا الشهر، الذي حمل عنوان: Real Time، تصاميم خريجي الدفعة السابعة من البرنامج.
إلهام من مشاهير العملاء
يرتدي المشاهير العالميون ونجمات هوليوود وأفراد العائلات المالكة في جميع أنحاء العالم تصاميم «صعب»، لكنه يقول إن زبائنه المختارين هم مصدر إلهامه، «وليسوا سببًا للتوتر».
«المدرسة الحقيقية، أي مدرسة الحياة، تأتي بعد التخرج. الحصول على الشهادة لا يعني أن المرء قد حقّق النجاح. أولئك الذين عقدوا العزم على التطور والنمو وتحقيق النجاح في يومٍ من الأيام يجب أن يبدأوا العمل بجدية اعتبارًا من الغد».
المصمم إيلي صعب، الذي يتعاون مع برنامج تصميم الأزياء في الجامعة اللبنانية الأمريكية.
في مقابلة خاصة مع «الفنار للإعلام»، قال «صعب»: «لا أشعرُ بالتوتر عندما تكون تصاميمي مخصصة للمشاهير العالميين، أو أفراد العائلات المالكة. بالنسبة لي، يجب أن تكون المرأة، سواء كانت نجمة أو أميرة أو من أي طبقة اجتماعية أخرى، جميلة ومصدر احتفاء».
وأضاف: «في الواقع، لقد ألهمتني مسؤوليتي وما يتوقعه الناس مني. إلى جانب ذلك، لدي شغف حيال ما أفعله وشعورٌ كبير بالمسؤولية تجاهه، مما يجعلني أعتقد أنني بحاجة إلى العمل بجدية أكبر كلّ يوم والتطوّر من أجل التقدم واستدامة عملي».
الثقة في الطلاب اللبنانيين
وفي حديثه عن المواهب التي يلتقيها في برنامج الجامعة اللبنانية الأمريكية، قال «صعب»: «يتمتع الشباب اللبناني بقدرٍ كبير من الذوق الرفيع. أينما كنت، عندما ترى إبداعاتهم، ستعرف مباشرةً أنهم لبنانيون. لديهم نوع من الذوق المنظم لأنهم لا يخلطون الأشياء عشوائيًا، وبطريقة غير منطقية. في الواقع، لديهم منطقٌ في الموضة».
وأضاف: «لن يصبح جميع طلابنا المتخرجين اليوم مصممين أزياء مشهورين، لكنني متأكدٌ من أنهم سيعملون جميعًا في مجال الموضة».
«أنا فخورٌ بأن مثل هذه التصميمات الحصرية أُنتجت في لبنان، ولا أريد أن تُصمّم في أي مكانٍ آخر. أريدُ أن أجعل ماركة (صنع في لبنان) بمثابة شهادة تمكننا من إنتاج أشياء جميلة في لبنان».
إيلي صعب
وبسؤاله عمّا يوصي به الخريجين الشباب أثناء استعدادهم للدخول إلى العالم الحقيقي لأعمال الأزياء، قال «صعب»: «أنصحهم بأن يتحلّوا بالصبر، وأن يمتصّوا ما حولهم، ويتحلوا بالملاحظة، وأن يأخذوا وقتًا لإعادة التفكير في أفكارهم المبتكرة قبل التنفيذ، وأن يتذكروا أن بلدهم بحاجة إليهم في هذه الأوقات الصعبة للغاية». وأضاف: «أنصحهم أيضًا بموازنة أفكارهم، ورسم رؤيتهم لمعرفة مقدار ما يمكنهم تقديمه من أجل التقدم في المسار الصحيح».
أشار «صعب» إلى أن صناعة الأزياء تمر ببعض الأوقات الصعبة، قائلًا: «المدرسة الحقيقية، أي مدرسة الحياة، تأتي بعد التخرج. الحصول على الشهادة لا يعني أن المرء قد حقّق النجاح. أولئك الذين عقدوا العزم على التطور والنمو وتحقيق النجاح في يومٍ من الأيام يجب أن يبدأوا العمل بجدية اعتبارًا من الغد». وتابع: «أحثهم على العمل كل يوم بنفس الشغف الذي كانوا عليه في اليوم الأول، ليقدموا كل ما في وسعهم، وأن يتمسكوا بهويتهم اللبنانية ويفتخروا بها».
الإرتباط بلبنان
بتواضعه وبساطته، على الرغم من شهرته الدولية، أثبت «صعب» مرارًا وتكرارًا أن ارتباطه بلبنان وانخراطه مع الشباب اللبناني لا يتزعزع. وكانت ورشة «صعب» الرئيسية، في بيروت، قد تعرّضت لأضرار بالغة نتيجة انفجار الميناء عام 2020، فيما تعرض منزله القريب للتدمير، لكنه تمكن من إعادة الأستوديو للعمل مرة أخرى، وإنتاج مجموعة تصاميم، بعد أسابيع فقط من الانفجار. ويعمل الآن على نقل جزء من ورش عمله الأجنبية إلى لبنان لخلق فرص عمل للمواهب المحلية الشابة.
وعن ذلك، يقول: «نحن بصدد نقل العديد من ورش العمل من ميلانو إلى لبنان لتعريف اللبنانيين بطرق الإنتاج الحديثة، بما في ذلك كيفية تشغيل الآلات الجديدة، وكيفية إدارة سلسلة التوريد. نريد أن نقدم معرفة جديدة لم تكن موجودة في لبنان من قبل».
وأضاف: «تُنفّذ جميع إنتاجات الأزياء الراقية، والتي تُمثل جوهر أزياء إيلي صعب، في لبنان. أنا فخورٌ بأن مثل هذه التصميمات الحصرية أُنتجت في لبنان، ولا أريد أن تُصمّم في أي مكانٍ آخر. أريدُ أن أجعل ماركة (صنع في لبنان) بمثابة شهادة تمكننا من إنتاج أشياء جميلة في لبنان».
استرداد مجد لبنان الغابر
هذا العام، تنافس عشرة خريجين على جائزة لجنة التحكيم، وجائزة التميز في المفهوم، وجائزة التميز في الحرفية. وأشاد رئيس الجامعة ميشال معوض بعمل الخريجين. وقال: «نحن فخورون جدًا بهذا البرنامج. إنه فريدٌ من نوعه، ليس في لبنان فحسب بل في الشرق الأوسط بأكمله، لا سيما أنه تحت إشراف مصمم بارز مثل السيد صعب».
«لم يكن التفاني، ولدينا الكثير منه، وحده ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن، ولكن أيضًا التوافق مع القطاعات التي أعطت لبنان مجده السابق، والذي نحتاج إلى استرداده».
ميشال معوّض، رئيس الجامعة اللبنانية الأمريكية.
قال «معوض»: «لم يكن التفاني، ولدينا الكثير منه، وحده ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن، ولكن أيضًا التوافق مع القطاعات التي أعطت لبنان مجده السابق، والذي نحتاج إلى استرداده. تصرّ الجامعة على أن تكون رائدة في أكبر عددٍ ممكن من المجالات، وبفضل أمثال السيد صعب، يمكننا أن نحقّق ما نصبو إليه، لصالح البلد الذي نحبه كثيرًا».
من جانبه، سلّط إيلي حداد، عميد كلية العمارة والتصميم بالجامعة، الضوء على الصعوبات التي واجهتها الجامعة عند إطلاق برنامج الأزياء. وقال: «عندما بدأنا هذا البرنامج في عام 2013، كان تحديًا كبيرًا لأننا كنا نتّجه صوب طريقٍ مجهول. لكن الجامعة نجحت في جذب بعض أعضاء هيئة التدريس الجيدين وكبار المصممين لمساعدتها في تطوير البرنامج».
وبنبرة فخر، يرى «صعب» أن عرض أزياء الخريجين «سلّط الضوء على الإبداع اللبناني في أفضل حالاته، وإن تدفق المواهب لم ينضب أبدًا».
اقرأ أيضًا:
- بهدف الاستدامة.. بكتيريا وطحالب في أزياء من تصميم طلاب لبنانيين
- دراسة تصميم الملابس بين التراث وتحديات سوق العمل.. تجربة طلابية في مصر
ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيو