أخبار وتقارير

من أكاديمي إلى سائق حافلة.. أزمة رواتب أساتذة الجامعات اليمنية مستمرة

من أستاذ جامعي إلى سائق حافلة.. هكذا انتهت أحوال الأكاديمي اليمني، عبدالله معمر الحكيمي، أستاذ الاجتماع والأنثروبولوجيا بكلية الآداب في جامعة صنعاء، بسبب أزمة انقطاع الرواتب منذ العام 2016، وغياب أية حلول ناجزة.

وفي تصريح لـ«الفنار للإعلام»، يقول «الحكيمي» إن العمل البديل يمكنه من توفير احتياجات أسرته التي تضم أربعة أبناء، أكبرهم في المرحلة الثانوية العامة، مشيرًا إلى أنه طرق أبواب الجامعات الخاصة بحثًا عن وظيفة، دون جدوى. ويدوّن الأكاديمي اليمني، يومياته في ظل الأزمة، عبر حسابه على «فيسبوك»، تحت عنوان: «يوميات بروفيسور بدرجة سائق باص».

ومنذ أيلول/سبتمبر 2016، تشهد الجامعات الحكومية الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين، أزمة في ملف الرواتب. وهذه الجامعات هي: صنعاء، وذمار، وإب، وتعز، والحُديدة، وعمران، والبيضاء، وحجة، وصعدة، بالإضافة إلى جامعة 21 سبتمبر التي أنشأها الحوثيون.

اقرأ أيضًا: (العنف في اليمن يغلق الجامعات).

في المقابل، لا يواجه أساتذة جامعة عدن، وجامعة حضرموت، الواقعتان في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، ومقرها عدن، نفس الأزمة. ولم تفلح محاولات عقد اتفاقات بين الحكومتين في إيجاد أية حلول.

ويقول وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، في الحكومة المعترف بها، نبيل عبد الحفيظ، إن اتفاقًا يعود إلى كانون الأول/ديسمبر 2018، كان يقضي بإيداع حكومة الحوثي عائدات المشتقات النفطية الضريبية والجمركية الواردة عبر ميناء الحُديدة، في حساب خاص بالبنك المركزي، تحت إشراف أممي، لصالح صرف مرتبات المؤسسات العامة بمناطق سيطرة الحوثيين، إلا أن هذا الاتفاق لم يتم الالتزام به، على حد تعبيره.

ومن جانبه، يشير الدكتور هشام ناجي، عضو الهيئة الإدارية لنقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء، إلى تراجع قيمة الرواتب بشكل عام، بعد اندلاع الحرب في اليمن، منذ العام 2015. ويوضح أن راتب الأستاذ الدكتور كان يصل إلى 1,400 دولار أمريكي، وكان الدولار يساوي 215 ريالًا يمنيًا، أما اليوم، فيبلغ سعر صرف الدولار 250 ريالًا في صنعاء، وأكثر من ألف ريال في عدن.

الوضع الاقتصادي المتردي أثر على الحالة النفسية لأعضاء هيئة تدريس، فلم تعد لدى كثيرين منهم الرغبة والشغف في البحث العلمي، وحضور المؤتمرات، وتطوير أنفسهم.

الدكتور هشام ناجي، عضو الهيئة الإدارية لنقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء

ويقول الأكاديمي اليمني، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، إن الوضع الاقتصادي المتردي أثر على الحالة النفسية لأعضاء هيئة تدريس، فلم تعد لدى كثيرين منهم الرغبة والشغف في البحث العلمي، وحضور المؤتمرات، وتطوير أنفسهم.

وفي نبرة حزن، يتابع: «تراجعت إمكانيات عضو هيئة التدريس، وأصبحت اهتماماته تقتصر على كيفية تغطية متطلبات الحياة، وتأمين لقمة العيش لأسرته، فحتى أجور الانتقالات إلى الجامعة، باتت تؤرق الأساتذة، فصاروا يبحثون عن وظائف أخرى تساعدهم في تأمين هذه المتطلبات، والكثير منهم غادر البلاد، وهذا كله ساهم في تفريغ الجامعات اليمنية من كوادرها».

وفي مواجهة الأزمة، وضعت جامعة صنعاء نظامًا للعمل بالساعات، مع توفير بدل لانتقالات الأساتذة، وهو ما يعلق عليه الدكتور هشام ناجي بالقول إن قيمة الساعة في هذا النظام تبلغ ألفي ريال يمني، مع توجيهات بزيادتها إلى الضعف.

اقرأ أيضًا: (الحرب تفاقم معاناة الطلاب ذوي الإعاقة في اليمن).

ويضيف: «مهما بلغت الزيادة في عدد الساعات، فلن ترقى إلى مستوى رواتب الأساتذة والمعيدين؛ فأجور الساعات تعتمد على عدد المقررات التي يدّرسها عضو هيئة التدريس، فلو كان الأكاديمي يقوم بتدريس مادة واحدة فأجور الساعات في الشهر ستصبح أقل من ثلاثين ألف ريال يمني (120 دولار أمريكي، فضلًا عن اشتراك أكثر من أستاذ في تدريس مادة واحدة». وأشار الأكاديمي اليمني إلى أنه في حال تعرض أحد الأساتذة لوعكة صحية، فسينقطع عن التدريس، ويظل بلا راتب.

وعن لجوء أساتذة الجامعات الحكومية، إلى البحث عن عمل لدى الجامعات الخاصة، يوضح هشام ناجي أن هؤلاء الأساتذة يعملون بنظام الساعات في الجامعات الأهلية والخاصة. وقال إن ثلاث جامعات تقريبًا من الجامعات الأهلية والخاصة تستعين بأساتذة الجامعات الحكومية في عملية التدريس، أما بقية الجامعات فهي تلجأ إلى تسهيل التدريس، والاختبارات، وعدم الضغط على الطلاب «من أجل كسب أكبر عدد من الزبائن (الطلاب) وبالطبع هذا سيكون على حساب جودة التعليم».

ويقول إن أجور العمل بنظام الساعات في الجامعات الأهلية والخاصة أقل من الأجور المحددة في جامعة صنعاء الحكومية، مشيرًا إلى أن أغلب الجامعات الخاصة «تستغني عن أعضاء هيئة التدريس الذين يؤدون مهمتهم التدريسية وفق المعايير الأكاديمية الصارمة» لأنهم من وجهة نظر تلك الجامعات يتسببون في تراجع معدلات إقبال الطلاب على الالتحاق بها.

بالمثل، تقول أستاذة في علم الإدارة العامة بجامعة صنعاء، طلبت عدم ذكر اسمها، إن مجموع ما تحصل عليه مقابل التدريس لمدة ساعتين أسبوعيا، لا يكفي الوفاء بنفقات المواصلات من وإلى الجامعة. وتضيف أن أزمة انقطاع المرتبات جعلت أساتذة الجامعات الحكومية يسعون للتدريس بالجامعات الخاصة، بنظام الساعات، مع العمل على زيادتها لجني مقابل مادي يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية لأسرهم.

وتقول الأكاديمية اليمنية إن انقطاع المرتبات جعل الأستاذ الجامعي «غير مهتم بما يقدمه من معلومات للطلبة؛ لأن تفكيره مشغول بكيفية توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته، من طعام وشراب».

اقرأ أيضًا:

  ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى