مقالات رأي

سوق التعلم الإلكتروني والطريق إلى التعليم العالي الشامل

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

يشكل التعليم أداة قوية يمكنها إحداث نقلة نوعية لدى الأفراد والمجتمعات، من خلال إتاحة العديد من المزايا؛ بداية من تحسين الفرص الاقتصادية، ووصولًا إلى تعزيز الحراك الاجتماعي والمساواة. كما أنه يساهم في إرساء مجتمع يتمتع بمستويات رفيعة من المعرفة، والابتكار، والإنتاجية، من خلال تزويد الأفراد بالمعارف، والمهارات، والقيم اللازمة لتحقيق النجاح.

ومع الدور المحوري الذي يلعبه التعليم في رسم ملامح مستقبل عالمنا، إلا أنه ما زال يشكل لدى كثيرين تحديًا صعبًا بدلًا من أن يكون حقًا مضمونًا. ويأتي هذا، في الغالب، نتيجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية، مثل الصعوبات المالية، أو عدم المساواة المنهجية؛ حيث يحتاج العديد من الأفراد إلى المساعدة للوصول إلى مرحلة التعليم العالي، بسبب الأعباء المالية، أو قلة فرص التعليم. وهنا، تبرز أهمية التعلم عبر الإنترنت في إحداث الفارق، ومعالجة بعض هذه التحديات.

مفاهيم خاطئة حول التعلم عبر الإنترنت

فرضت أزمة كوفيد-19 تحديات عديدة على قطاع التعليم، إلا أنها أبرزت قدرة التعلم عبر الإنترنت على تعزيز المرونة، والابتكار، وتسهيل الوصول إلى التعليم. وساعد انتشار هذا الأسلوب التعليمي على تغيير بعض التصورات السلبية حول الدراسة الجامعية عن بُعد. ويتطلب اعتماد التعلم عبر الإنترنت في التعليم العالي مزيدًا من الجهود، حيث كان البعض يشكك في جودته وكفاءته، كما هو الحال مع جميع الابتكارات في مختلف القطاعات، والتي واجهت التحديات، إلى أن أدرك مزيد من الأشخاص فوائدها الحقيقية.

اقرأ أيضًا: («س» و«ج».. كل ما تريد معرفته عن منحة «تشيفنينج» للدراسة في جامعات بريطانيا).

وهناك أسباب عديدة تمنع اعتبار التعلم عبر الإنترنت مجرد حل مؤقت، حيث يعتمد معظم الطلاب، اليوم، على الأدوات التكنولوجية للقيام بواجباتهم؛ بداية من تدوين الملاحظات على حواسيبهم الشخصية، ووصولًا إلى استخدام أدوات التعلم عبر الإنترنت، حيث عززت التكنولوجيا جاذبية التعليم بفضل ما تقدمه من مواد متنوعة، ومحتوى متعدد الوسائط، وأدوات تعلم مبتكرة. كما ساهمت جاذبية التعلم المعتمد على التكنولوجيا في تقليل معدلات تسرب الطلاب، حيث ارتفعت نسبة استبقاء الطلاب من 25% إلى 60%، وفقًا لدراسة حديثة أجراها معهد البحوث الأمريكية. 

تزداد ضرورة الاستثمار في سوق التعلم الإلكتروني العالمي، الذي من المتوقع بلوغ قيمته 350 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، لدعم الطلاب، وجعل التعلم عبر الإنترنت خيارًا ممكنًا.

وساهمت منصات التعلم عبر الإنترنت التفاعلية الحالية، بشكل كبير، في تغيير التصور الخاطئ حول العزلة التي يسببها هذا النمط من التعلم؛ إذ تتيح الفصول الدراسية الافتراضية للطلاب، اليوم، التواصل مع مجتمع طلابي عالمي، وتقدم لهم موارد قيّمة تتجاوز قدرات المدرسين، كما أن الطلاب يُظهرون درجة أعلى من الانضباط الذاتي، وحس المسؤولية، وهي خصال مهمة بالنسبة لأصحاب الأعمال عند اختيار موظفيهم. 

منظومة قوية للارتقاء بجودة التعلم عبر الإنترنت

نرى، في مؤسسة عبدالله الغرير، بأن أهمية التعليم الرقمي تنبع من قدرته على تسهيل الوصول إلى التعليم، مما يمنع تدهور القطاع في المستقبل. ومنذ بدأنا نشاطنا في مجال التعلم عبر الإنترنت، في عام 2016، ركزنا على حشد جهود الأطراف المعنية ودعم انتشار التعليم الإلكتروني، كما تعاونت مؤسستنا مع جامعات إقليمية وعالمية على بناء إمكانات التعليم الرقمي، وضمان اعتماد برامج التعليم عبر الإنترنت، وجعلها في متناول معظم الطلاب في الدولة.

اقرأ أيضًا: (بينها انخفاض التكلفة.. تعرف على أسباب تفضيل العرب الدراسة في فرنسا).

يتعين علينا، في إطار سعينا لإرساء عالم أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا، التركيز على الاستثمار في فرص التعلم عبر الإنترنت، بما يلبي احتياجات جميع الطلاب.

وعمدنا إلى التعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في برنامج الغرير لطلبة التعليم المفتوح، ومع وزارة التربية والتعليم الإماراتية، في تشكيل ائتلاف جامعات الإمارات العربية المتحدة للتعلم عبر الإنترنت ذي الجودة العالية، بهدف دعم جامعات محددة في الإمارات لتطوير برامج جامعية معتمدة عبر الإنترنت. كما يهدف مركز عبدالله الغرير للتعليم والتعلم الرقمي في الجامعة الأمريكية في بيروت، إلى تسهيل الوصول إلى التعليم الجيد عبر الإنترنت لآلاف الشباب العربي في جميع أنحاء المنطقة.

دور التعلم عبر الإنترنت في إتاحة التعليم للجميع

يترتب على الأساليب التقليدية للتعليم العالي عدد من السلبيات، بما في ذلك تراكم الديون على الطلاب، والمناهج التعليمية القديمة، والافتقار إلى المرونة والنتائج غير العادلة. وكذلك تنخفض احتمالات النجاح والتخرج لدى الطلاب المنحدرين من البيئات الأقل حظًا، إذا لم تتوفر لهم أساليب بديلة. ولا يمكننا القول بأن التعليم الرقمي، أو عبر الإنترنت، يمثل حلًا جذريًا للمشكلة، ولكنه، بلا شك، جزء من الحل لضمان تكافؤ فرص التعليم العالي. وتزداد ضرورة الاستثمار في سوق التعلم الإلكتروني العالمي، الذي من المتوقع بلوغ قيمته 350 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، لدعم الطلاب، وجعل التعلم عبر الإنترنت خيارًا ممكنًا.

اقرأ أيضًا: (تراجع أعداد الطلاب العرب في جامعات الولايات المتحدة).

وتمنع هذه العوامل المتغيرة، المؤسسات التعليمية من اعتماد منهجية شاملة موحدة، غير أن نظام التعلم عبر الإنترنت يتيح توفير التعليم للجميع، مما يسمح للأفراد القاطنين في مناطق نائية، أو مرتبطين بالتزامات عائلية، أو يواجهون تحديات أخرى، بالحصول على تعليم جيد. ويتعين علينا، في إطار سعينا لإرساء عالم أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا، التركيز على الاستثمار في فرص التعلم عبر الإنترنت، بما يلبي احتياجات جميع الطلاب. ويستلزم ذلك التعاون مع الجهات المعنية لإنشاء نظام تعليمي شامل ومتاح للجميع، كما يمكننا الارتقاء بمستوى التعليم من خلال التعاون مع المعلمين، والطلاب، والجهات المعنية الأخرى.

* مديرة قسم المعرفة والابتكار في مؤسسة عبدالله الغرير.

اقرأ أيضًا:

  ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى