وسط تطورات متسارعة في تكنولوجيا التعليم، تبرز روبوتات الدردشة الآلية التعليمية، أو ما يعرف بــ«معلم الشات بوت» (Chatbot)، لتقديم حلول اتصال تفاعلية للطلاب والأساتذة على حد سواء. وقد تطورت هذه الممارسة بهدف تحقيق قفزة في العملية التعليمية، رغم أن الأمر لا يخلو من المحاذير والمخاوف.
ما هو معلم الشات بوت؟
معلم الشات بوت برنامج حاسوبي يستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لإجراء محادثة مع الطالب نصيًا، أو صوتيًا. ويمكن استخدامه لتقديم إرشادات مخصصة، والإجابة على الأسئلة.
اقرأ أيضًا: (عميد الهندسة بالجامعة الأمريكية في الشارقة فادي العلول لـ«الفنار للإعلام»: المهارات الناعمة أساسية مع دراسة التقنيات)
وتقول الدكتورة شيرين موسى، عميدة كلية الهندسة بالجامعة الفرنسية في مصر: «يُعلّمُ الشات بوت نفسه بنفسه، ويتطور ويتفاعل مع ما يصله من المستخدم، ويستهدف تحقيق تجربة تعلم مخصصة لاحتياجات كل طالب اعتمادًا على استجابته وأدائه وتقييمه. وباستمرار تلقي الاستجابات والأداء، يعدّل معلم الشات بوت من تجربة التعلم لتناسب مستوى المتلقي باستمرار. وينتج عن ذلك أن يحصل كل متعلم على تجربة تعلم خاصة به».
كيف يعمل معلم الشات بوت؟
يتم تدريب تلك النماذج أولًا على مجموعة بيانات كبيرة من النصوص والرموز، ثم يستخدم الشات بوت هذه البيانات لمعرفة كيفية الإجابة على الأسئلة، وتقديم التعليمات. ويحتاج تحضير المحتوى المتنوع بخياراته المختلفة إلى جهد كبير من القائمين على تطوير الشات بوت، وفق الأكاديمية المصرية. وعن مستقبل تلك العملية، تقول: «قد لا نحتاج فيما بعد إلى تجهيز محتوى، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي حاليًا -كالنماذج اللغوية المنتشرة مؤخرًا مثل Chatgpt- تجميع وتوليد المحتوى المطلوب. لكن هنا يكمن التحدي، فالمحتوى الذي يعرضه الذكاء الاصطناعي قد يحمل قدرًا من عدم الدقة، كما لم يعد تحت إشراف أي سلطة تعليمية».
اقرأ أيضًا: (أبرزها ChatGPT.. كيف تستجيب الجامعات لتحديات روبوتات الذكاء الاصطناعي؟)
ومن جانبها، ترى إيمان البحيري، محاضر اللغة الإنجليزية بجامعة زويل في مصر، إمكانية دمج معلم الشات بوت في العملية التعليمية للمراحل الجامعية عبر التعليم العكسي (flipped learning)؛ بأن يستخدم الطالب معلم الشات بوت في فهم الأسس النظرية للموضوع لتحقيق الفهم والتذكر، على أن يتم تخصيص المحاضرة العملية للمناقشة النقدية، وتطوير المهارات التحليلية للطلاب، كما يمكن استخدامه بعد المحاضرات الوجاهية أيضًا، مما سيساعد الطالب على تكوين منظور أشمل عن الموضوع قيد الدراسة، وتصحيح مفاهيمه مع المحاضر البشري المتخصص إذا أخطأ الشات بوت.
اقرأ أيضًا: (للطلاب والخريجين.. دليلك إلى تعلم لغات البرمجة عبر الإنترنت)
دراسات بحثية حول معلم الشات بوت
خضع معلم الشات بوت للعديد من الدراسات البحثية، ومنها تلك الدراسة، المنشورة في دورية Educational Technology Research & Development، والتي خلصت إلى أن استخدام الطلاب الجامعيين لمعلم الشات بوت انعكس عليهم بمستويات أعلى من المشاركة والرضا والفعالية الذاتية. وفي مراجعة منهجية حديثة، بعنوان: «التفاعل مع روبوتات المحادثة التعليمية»، تم تحليل 36 دراسة تفحص مدى كفاءة روبوتات المحادثة التعليمية، ووجدت أن هذه الروبوتات يمكن أن تكون أداة فعالة لدعم تعلم الطلاب، من خلال:
- اكتساب المعرفة: يمكن أن تساعد برامج الدردشة التعليمية الطلاب على تعلم معلومات ومفاهيم جديدة.
- تطوير المهارات: يمكن أن تساعد هذه البرامج الطلاب على تطوير مهارات جديدة، مثل حل المشكلات، والتفكير النقدي، وكذلك تطوير مهاراتهم في الكتابة من خلال تزويد الطلاب بالتغذية الراجعة حول كتاباتهم.
- الدافع: برامج الدردشة التعليمية يمكنها تحفيز الطلاب على التعلم والمزيد من المشاركة في العملية التعليمية.
- الفعالية الذاتية: يمكن أن تساعد برامج الدردشة التعليمية الطلاب على تطوير كفاءتهم الذاتية، والإيمان بقدرتهم على النجاح.
المرأة ومعلم الشات بوت
بحسب دراسة بعنوان: «قدرة معلم الشات بوت على تقليل فجوة الثقة بين الجنسين في تعلم نظم المعلومات»، فإن الشات بوت قادر على تقليل فجوة الثقة بين الجنسين في تعلم البرمجة على سبيل المثال. وجدت الدراسة، التي أجريت على 136 طالبًا في دورة برمجة تمهيدية، أن اللواتي تفاعلن مع معلم الشات بوت امتلكن مستويات أعلى من الثقة في قدراتهن، من اللواتي لم يتفاعلن.
5 فوائد للشات بوت
بحسب موقع acquire.io يمكن استخدام الشات بوت في حل 5 مشكلات تعليمية بكفاءة عالية، إلى جانب دوره كمعلم مساعد مثل:
- تزويد الطلاب بإمكانية الوصول إلى المعلومات: إذ يمكن برمجة الشات بوت للإجابة على أسئلة الطلاب الجامعيين حول الفصول الدراسية والمهام وسياسات الجامعة.
- توفير الدعم الإداري: يمكن لبرامج الدردشة الآلية التعامل مع المهام الإدارية بالجامعات، عبر الإجابة على أسئلة الطلاب بهذا الخصوص.
- تقديم تنبيهات ومساعدة استباقية: يمكن لبرامج الدردشة الآلية إرسال رسائل تنبيهية للطلاب في المجتمع الجامعي.
- إشراك الطلاب: يمكن استخدام روبوتات المحادثة لإضافة خبرات تعلم تفاعلية وجذابة أكثر. ويمكن استخدامها أيضًا لتزويد الطلاب بتغذية راجعة على مهامهم.
- مساعدة المحاضرين: يمكن أن تساعد روبوتات الدردشة المحاضرين من خلال تزويدهم بمعلومات عن طلابهم، وتصحيح الأوراق والمقالات، ومتابعة تقدم الطلاب.
مخاوف ومحاذير
في مقابل المزايا التي يتمتع بها معلم الشات بوت، لكنه كأي تقنية أخرى، تحمل بعض العيوب، مثل:
- استخدام المنطق الخاطئ: لا يزال معلمو الشات بوت يرتكبون الأخطاء حتى اليوم. على سبيل المثال، قد يقدمون معلومات غير صحيحة.
- غياب التعاطف: يجب مراعاة أن معلمي الشات بوت ليسوا بشرًا، وقد يفتقرون أحيانًا إلى التعاطف. قد تكون هذه مشكلة إذا كان الطالب يعاني من صعوبة في الفهم، أو كان يشعر بالإحباط.
- الانحياز: يتم تدريب معلمو الشات بوت على البيانات التي يوفرها البشر. هذا يعني أن تلك البيانات يمكن أن تكون متحيزة في بعض الأحيان، مما يعكس تحيزات الأشخاص الذين صنعوا أو جمعوا البيانات.
- تكلفة التطوير: يمكن أن يكون تطوير معلم شات بوت وصيانته مكلفًا. وقد يكون هذا عائقًا للجامعات التي تتطلع إلى اعتماد هذه التكنولوجيا.
- الغش: أحد أكبر التحديات هو سوء الاستخدام بهدف الغش. يستطيع معلمو الشات بوت تزويد الطلاب بإجابات على الأسئلة، ومساعدتهم على كتابة المقالات، وحتى تزويدهم بتعليقات شخصية، مما يسهل على الطلاب عملية الغش في الامتحانات والمقالات دون كشفهم.
بالإضافة إلى ما سبق، تضيف الدكتورة إيمان البحيري: «هناك العديد من التحديات التي ظهرت مع النماذج اللغوية الأخيرة، مثل كسل الطالب عن البحث عن المعلومة، فيذهب مباشرة للشات بوت، كما يفتقد الكثير من الطلاب الاستقلالية، مما سيجعلهم عرضة لمعلومات خاطئة، غير مشكوك فيها، من جانبهم. ويصعب أيضًا على بعض الطلاب صياغة أسئلتهم بصورة مفهومة للشات بوت، مما سيضيع المزيد من وقتهم».
نصائح من أجل استخدام سليم
فيما يلي بعض النصائح للمساعدة في مكافحة الاستخدام الخاطئ لمعلمي الشات بوت:
- تأكد كمحاضر جامعي من معرفة الطلاب بسياسة الجامعة بشأن الغش.
- على مزود الخدمة، سواء كان الجامعة، أو مزود خارجي، مراقبة تفاعلات الطلاب مع معلمي الشات بوت.
- استخدام برامج الكشف عن الانتحال للتحقق من مقالات الطلاب.
- التحدث باستمرار إلى الطلاب حول أهمية النزاهة الأكاديمية.
- لا بديل عن خلق بيئة تعليمية إيجابية يشعر فيها الطلاب بالقدرة على طلب المساعدة عندما يحتاجون إليها.
اقرأ أيضًا:
- الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل التعليم.. فرص يجب إدراكها رغم التحديات
- تطوير ألعاب الفيديو.. تخصص فريد يجد طريقه إلى جامعات الشرق الأوسط
ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.
