مقالات رأي

كيف يتنبى المسلمون أسلوب حياة صحيًا في رمضان؟ باحثون يجيبون

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

تزامنًا مع صيام المسلمين شهر رمضان، يسعى علماء الصيام لمشاركة نتائج أبحاثهم ونصائحهم مع المجتمعات المسلمة، لتجنب الممارسات غير الصحية.

ويرى الدكتور معز الإسلام فارس، أستاذ التغذية العلاجية المشارك في جامعة الشارقة، أن المسلمين يكتسبون فوائد جمّة من الصيام المتقطع في رمضان، لكنه يستدرك قائلًا: «عادة ما تضيع الفوائد المكتسبة بسبب النظام الغذائي غير الصحي، ونمط الحياة الذي يمارسه كثير من الناس خلال شهر رمضان المبارك».

خلال شهر رمضان، الذي بدأ في 23 آذار/ مارس الجاري، يصوم المسلمون كل يوم من قبيل الفجر وحتى بعد غروب الشمس. وتُعرف وجبة الفجر التي تسبق الصيام بالسحور، بينما تسمى وجبة المساء التي تعقب الصيام بالإفطار.

يقدّم «فارس»، الذي يقود مجموعة من الباحثين في علوم الصيام بجامعة الشارقة، قائمة بما يسميه بـ«السلوكيات السلبية» المرتبطة بشهر رمضان. وتشمل هذه السلوكيات غير الصحية: الإفراط في تناول الطعام في وجبة الإفطار، والبقاء مستيقظين حتى وقت متأخر من الليل بدلًا من النوم، وتجنب ممارسة الرياضة البدنية، وشيوع الخمول، وتجنب تناول وجبة السحور في وقت متأخر قدر الإمكان قبل طلوع الفجر.

اقرأ أيضًا: تأثير صيام شهر رمضان في ظل كوفيد-19

كتب «فارس» وزملاؤه، على نطاق واسع، عن صيام رمضان في مجلات رائدة في مجال التغذية والطب والصحة. ويقول إن أبحاث الصيام تعدّ الآن تخصصًا أكاديميًا، مشيرًا إلى نشر مئات الأوراق البحثية حول هذا الموضوع كل عام. وتُظهر الأبحاث أن للصيام المتقطع في رمضان «فوائد جمّة على وزن الجسم، وتأثيرات على عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب، وعلامات الإجهاد الالتهابي، والتأكسدي، ووظائف الكبد». ويقول إن السلوكيات السلبية المرتبطة بشهر رمضان لا يمكن أن تخفي هذه الآثار المفيدة، لكنها قد تحدّ منها.

الصوم في مواسم مختلفة

يُعدّ رمضان الشهر التاسع من التقويم القمري الإسلامي (الهجري نسبة إلى هجرة الرسول محمد). ويعتمد هذا التقويم على دورات القمر، وهو أقصر بحوالي 11 يومًا من التقويم الميلادي. ونتيجة لذلك، يبدأ شهر رمضان في وقتٍ يسبق موعده السابق بـ 10 إلى 12 يومًا كل عام، اعتمادًا على رؤية الهلال الجديد. وهذا يعني أن شهر الصيام يقع في مواسم شمسية مختلفة على مر السنين، ويتعرض المسلمون في مواقع جغرافية مختلفة، لظروف طقس، وضوء نهار متباينة أثناء الصيام، مما يثير مشكلات صحية تتعلق بالجفاف.

كيف يتنبى المسلمون أسلوب حياة صحيًا في رمضان
الدكتور معز الإسلام فارس، أستاذ التغذية العلاجية المشارك بجامعة الشارقة (بإذن من المصدر).

ويشير «فارس» إلى أن علم الصيام قد درس قضايا الجفاف التي تثار كثيرًا، لكن «الأدلة السريرية لا تدعم إمكانية حدوث الجفاف المرضي أثناء صيام رمضان». ويقول إن المسلمين الصائمين قد يعانون من «توازن سلبي للسوائل خلال ساعات النهار، وخاصة عند تعرضهم للمناطق الحارة وظروف الرطوبة العالية». ويوضح أن «هذه حالة مؤقتة، ويتم تصحيحها على الفور بمجرد كسر الصيام بأول رشفة من الماء».

اقرأ أيضًا: خلال مؤتمر COP27.. أصوات الأطباء تنادي بسياسات حازمة في مواجهة التغير المناخي

يدعو «فارس» المسلمين الصائمين في البلاد الحارّة للالتزام بالتقليد النبوي المتمثل في بدء الإفطار بالماء والتمر. ويقول مستشهدًا ببحوث علوم الصيام: «هناك سبب منطقي وراء ذلك التوجيه النبوي، لأنه يصحح ببساطة أهم التغييرات المرتبطة بممارسة الصيام، والمتمثلة في انخفاض نسبة السكر في الدم والتوازن السلبي للسوائل».

ويضيف أن «من الواجب اتباع الاحتياطات وأنظمة السلامة بصرامة لتجنب التعرض المباشر للشمس، وظروف درجات الحرارة والرطوبة الشديدة خلال ساعات النهار في رمضان». كما يشير إلى أن اتباع التوجيهات النبوية في تأخير وجبة السحور لآخر دقائق ممكنة، سيساعد على تقليل فرصة حدوث توازن سلبي معقّد للسوائل وانخفاض نسبة السكر في الدم خلال ساعات نهار رمضان.

تقنيات جديدة في علوم الصيام

يحقّق علم الصيام، وفقًا لـ«فارس»، قفزات كبيرة، حيث أدخل العلماء «الاختبارات الجينية، وتعدد الأشكال الجينية، والالتهام الذاتي، وغيرها من التقنيات المتقدمة المبتكرة، مثل علم الدهون، وعلم الأحياء الدقيقة، وعلم الأيض». وأسفرت كثرة الدراسات التي أجراها «فارس» وزملاؤه إلى وضع «هيئة أبحاث الصيام» في جامعة الشارقة على رأس معاهد الأبحاث النشطة المعنية بشهر رمضان في جميع أنحاء العالم.

ومن المقرر أن تنظم الهيئة التابعة لكلية العلوم الصحية بالجامعة، مؤتمرًا دوليًا في شباط/ فبراير من العام المقبل، بمشاركة باحثين مشهورين في مجال الصيام من مختلف أنحاء العالم.

اقرأ أيضًا:

  ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى