أخبار وتقارير

أبحاثه ساهمت في التنبؤ بزلازل تركيا وسوريا.. تعرف على الأكاديمي العراقي صالح محمد عوض

بعد زلزالين مدمّرين ضربا المنطقة الواقعة على جانبي الحدود في تركيا وسوريا، يعتقد الأكاديمي العراقي، صالح محمد عوض، الذي درس تأثيرات جاذبية الكواكب على الصفائح التكتونية للأرض، أنه من الممكن التنبؤ باحتمالية حدوث الزلازل الكبرى، ويسعى لتطوير نظام إنذار مبكر عالمي ضد الزلازل.

حظي بحث «عوض» باهتمام متزايد، هذا الشهر، بعد أن اندلع جدلٌ حول مزاعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن أحد خبراء الزلازل الهولنديين قد توقع بدقة وقوع الزلازل التي دمرت جنوب تركيا، وشمال غرب سوريا في 6 شباط/ فبراير. 

قبل ثلاثة أيام من وقوع الزلزالين الرئيسيين، بقوة 7,8، و7,5 درجة على مقياس ريختر، غرّد خبير الزلازل الهولندي، فرانك هوغربيتس: «عاجلًا أم آجلًا، سيقع زلزال بقوة 7.5 درجة في وسط جنوب تركيا والأردن وسوريا ولبنان». وبعد وقوع مثل هذا الزلزال بالفعل، انتشرت التغريدة على نطاق واسع.

اقرأ أيضًا: (زلزال تركيا وسوريا.. جامعات تتعطل وفرق تطوعية لإغاثة المنكوبين).

استند «هوغربيتس»، الذي يصف نفسه بأنه «مولع» بالزلازل، في هذا التنبؤ إلى اصطفاف كواكب النظام الشمسي. يعارض علماء الزلازل هذه الفكرة، لكن الجدل الدائر حول تنبؤات «هوغربتس» لفت الانتباه إلى ورقة بحثية أقدم حول هذا الموضوع نشرها «عوض» في «مجلة الحفاظ على السواحل»، Journal of Coastal Conservation، في آذار/ مارس 2021.

سرعات الدوران والضغوط الجيولوجية

في ورقته البحثية المنشورة بعنوان: «اصطفاف كواكب النظام الشمسي يحفز حدوث أمواج المد والجزر والزلازل»، يقول «عوض»، الحاصل على درجة الدكتوراه في الجيوكيمياء والجيولوجيا الاقتصادية من جامعة وارسو في بولندا، إن المد والجزر والزلازل تتأثر بمواقع كواكب النظام الشمسي. ويرى أن التجاذب الكوكبي يحفّز تغيير سرعة دوران الأرض، مما يساهم في إزاحة الصفيحات الأرضية، وبالتالي حدوث الزلازل.

«إذا تمكنا من القيام بذلك، فسوف ننقذ حياة الكثير من الناس من مثل هذه الكوارث الطبيعية. وإذا لم يحدث الزلزال فلن يكون ذلك فشلًا؛ بل يعني فقط أنه قد كان هناك احتمالٌ كبير بحدوث زلزال، ولكن، الحمد لله، لم تتحرك اللوحة».

الجيوكيميائي العراقي صالح محمد عوض

ويوضح: «استخدمت منهجية جديدة تمامًا، تتعارض مع القوانين القديمة المعروفة والنظريات السائدة. وتقوم فرضيتي على تأثير مواقع الكواكب على الأرض والإجهاد الأرضي. في كل ثانية، تغير الكواكب مواقعها واصطفافها بسبب اختلاف مداراتها، وسرعتها، وكتلها، ودورانها حول محاورها، ومدى ميل تلك المحاور».

ويضيف، في مقابلة مع «الفنار للإعلام»، أننا بحاجة إلى مراقبة مواقع الكواكب، وقياس جاذبية الأرض المتغيرة في كل ثانية، وأننا نحتاج إلى التحقق مما إذا كانت الجاذبية تتجاوز القيمة المتوقعة، أو تتناقص؛ لأن هذا يؤثر على سرعة دوران الأرض. ويقول إن التسارع والتباطؤ، يمكن أن يتسبب في انزلاق الصفائح الأرضية، وبالتالي تقع الزلازل، وهو عادة ما يحدث عند الصدوع الزلزالية النشطة المعروفة على الخرائط التركيبية، بحسب تعبيره.

بيانات من 1,037 زلزالًا

خلال بحثه، قام «عوض»  بتحليل البيانات من 1,037 زلزالًا حول العالم في شهر تموز/ يوليو 2019، مع دراسة حالة للزلازل على طول الصفيحة العربية التي تضغط حافتها الشمالية على صفيحة الأناضول في المنطقة التي حدثت فيها زلازل 6 شباط/ فبراير. وعند حوافها الشرقية والشمالية الشرقية، تضغط الصفيحة العربية على الصفيحة الأوراسية في منطقة تضم حزام الطي والدفع في جبال زاغروس، على طول الحدود العراقية الإيرانية.

وفي البحث، تنبأ الباحث العراقي بحدوث زلزال بقوة 5 درجات على حزام الطي والدفع في جبال زاغروس، في 11 شباط/ فبراير 2021، وقد حدث بالفعل في ذلك الوقت. وعن ذلك، يقول: «كان هذا هو التنبؤ الأول في العالم، بناءً على البيانات الفلكية. لقد أرسلتُ البحث إلى المجلة (مجلة الحفاظ على السواحل)، وقد حدث ذلك بالفعل، وهو أول جرأة علمية، وتوقع صحيح بنسبة 100% في هذا المجال».

اقرأ أيضًا: (دروس من زلزال تركيا.. دعوة لإنشاء مراكز بحثية عربية لدراسة الكوارث الطبيعية).

وفي المقابل، تستبعد العديد من الوكالات العلمية، بما في ذلك هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، مثل هذه التنبؤات. ويرصد العلماء حوالي 20,000 زلزال حول العالم كل عام، أو 55 زلزالًا يوميًا في المتوسط، ولذلك ليس من المستغرب أن تحدث زلازل تتطابق مع هذه التوقعات.

ويعتقد العديد من الخبراء أنه ليس من الممكن حاليًا التنبؤ بالضبط بمكان وزمان حدوث الزلزال، أو حجمه. ومع ذلك، بإمكان علماء الزلازل تقدير المكان الذي من المحتمل أن تضربه الزلازل من خلال حساب الاحتمالات والتنبؤات. ويقول العلماء إن مدينة إسطنبول في تركيا، على سبيل المثال، معرضة لخطر حدوث زلزال كبير في المستقبل القريب، لكنهم لا يحددون وقت حدوثه.

دمار هائل في سوريا وتركيا 

وقال «عوض» إن الدمار الهائل نتج عن زلزالين هائلين، استمرا في مجموعهما لما يقرُب من دقيقتين، مما أدى إلى تحرير كميات هائلة من الطاقة من الأرض أثناء التصدع من مركز الزلزال، فضلا عن العامل الذي لعبته نوعية المباني في المنطقة، الأمر الذي أسفر عن نتائج كارثية.

ويشير إلى أنه يمكن أن تكون القوة التدميرية لزلزال بقوة 7 درجات في اليابان صفرًا، بينما يمكن أن تكون القوة التدميرية 100% في مناطق الأكواخ والمنازل القديمة المتهالكة. ويقول إن ذلك يعتمد على ما إذا كان قد تم اتباع قواعد البناء الزلزالية. ويضيف: «رأيتُ صورة لمبنى حديث، تم تشييده وفق القواعد، سليمًا وسط الدمار الشامل للمباني المحيطة به».

يوصي خبير الجيوكيمياء العراقي ببناء السدود، والمفاعلات النووية، ومواقع طمر النفايات النووية، وناطحات السحاب، وغيرها من المباني المكتظة بالسكان على أجزاء مستقرة من الألواح الأرضية، بعيدًا عن الأحزمة الزلزالية.

ويوضح «عوض» أن النظام الهيكلي الصلب قد يكون محفوفًا بالمخاطر مما يستدعي الحاجة إلى اعتمادات أُسُس مقاومة للزلازل. ويعتقد أن اليابان نجحت بشكل كبير في هذا المجال، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، مشيرًا إلى أن المباني الشاهقة، التي لا تتبع هذه القواعد «خطيرة وعرضة للانهيار أو التصدّع».

ويوصي خبير الجيوكيمياء العراقي ببناء السدود، والمفاعلات النووية، ومواقع طمر النفايات النووية، وناطحات السحاب، وغيرها من المباني المكتظة بالسكان على أجزاء مستقرة من الألواح الأرضية، بعيدًا عن الأحزمة الزلزالية.

نظام إنذار مبكر ضد الزلازل

لا تزال هناك حاجة لإجراء مزيد من البحوث للتحقق من فرضية البحث. ولذلك، يرى «عوض» ضرورة ربط السجل الزلزالي العالمي بوضع الكواكب، مع التركيز بشكل خاص على اصطفاف الكواكب المؤثرة مثل المريخ والمشتري.

ويقول إنه يعمل الآن على تطوير نظام إنذار مبكر، يمكن تسميته: «نظام الإنذار المبكر العالمي للتنبؤ باحتمالية وقوع الزلازل». ومع ذلك، هناك حاجة ماسة لتمويل مثل هذا المشروع، حيث يضيف: «نحن بحاجة إلى تطوير نموذج كمبيوتر ضخم، وتوظيف خبراء متخصصين في البرمجيات والذكاء الاصطناعي، وخبير في علم الفلك، لتطوير الفكرة. وهذا يحتاج إلى دعمٍ سخي من مؤسسات البحث العالمية. لا يمكن أن يتم هذا من خلال جهودٍ فردية».

وإذا ما تم إنجاز الأبحاث وتصميم النموذج، يأمل الأكاديمي العراقي في إتاحته لمراكز البحث في جميع أنحاء العالم والمواقع المحلية ذات الإجهاد الأرضي العالي. قبل كل شيء، يجب أن يحدّد مثل هذا النموذج الحدود التي بتجاوزها يجب أن تحذر الحكومات والسلطات المحلية، السكان، ليتم الإخلاء لمدة يوم أو يومين لتجنب الزلزال.

وفي الختام، يقول: «إذا تمكنا من القيام بذلك، فسوف ننقذ حياة الكثير من الناس من مثل هذه الكوارث الطبيعية. وإذا لم يحدث الزلزال فلن يكون ذلك فشلًا؛ بل يعني فقط أنه قد كان هناك احتمالٌ كبير بحدوث زلزال، ولكن، الحمد لله، لم تتحرك اللوحة».

https://www.bue.edu.eg/

اقرأ أيضًا:

  ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى