أخبار وتقارير

دراسة أكاديمية تتقصى تاريخ معارض فلسطين قبل مائة عام

دفع غياب مصادر ثانوية عن تاريخ المعارض الأولى في فلسطين خلال فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، الباحث الفلسطيني، ندي أبو سعادة، إلى خوض رحلة بحثية لخمسة أعوام، خلال دراسته الدكتوراه بجامعة كامبريدج البريطانية، لاستكشاف هذا العالم المنسي قبل أن يندثر ويضيع.

واستعرض «أبو سعادة»، نتاج هذه الرحلة البحثية في معرض، أقيم مؤخرًا، تحت اسم «المعرض»، بمركز خليل السكاكيني الثقافي بمدينة رام الله، في إشارة إلى المعارض الفلسطينية التي أقيمت بفندق «بالاس» في تلك الحقبة التاريخية التي شملها البحث. وقد ضمّ المعرض، أعمالًا من لوحات زيتية، وأخرى مطرزة، لشخصيات شاركت في تلك المعارض التي مضى نحو قرن من الزمان على تنظيمها.

اقرأ أيضًا: (من «المسابقة الرمضانية».. التشكيلي الفلسطيني مصطفى الحلاج صاحب «ارتجالات الحياة»).

ويحاكي الحدث الأخير، المعرض القومي العربي الذي أقيم في القدس في ثلاثينيات القرن الماضي، ويسترجع بعض أسماء، وملامح، ومقتنيات تلك المرحلة التاريخية. ويقول الباحث الفلسطيني، وزميل المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، إن المعارض التي شغلت موضوع دراسته الأكاديمية، تمثل أحداثًا مهمة في التاريخ الحديث لبلاده، حيث عززت دور مدينة القدس، وفلسطين، بشكل عام، في النهضة الثقافية والاقتصادية بالوطن العربي آنذاك.

ويعتبر «أبو سعادة»، صناعة معرض حول  تلك المعارض رحلة من نوع اخر. والمعارض التي يشير إليها  هي تلك التي ضمّت وثائق، ومقتنيات، وأعمالًا فنيّة وحرفيّة من ذلك الزمن البعيد، والتي جمعها ووثقها في دراسته، من واقع ما تورده المصادر الأكاديمية الأرشيفية حول العالم، حسبما يقول. ونجد من هذه الأعمال، بعض أدوات مطعم، وبقايا أحجار مزخرفة لنافورة فندق بالاس، قبل أن تتحول ملكيته للمستعمر البريطاني، وإسرائيل بعد ذلك، بحسب وثيقة عرضها الباحث الفلسطيني في معرضه.

 أعدَّ «أبو سعادة»، رسالته للدكتوراه حول التخطيط الحضري والحوكمة الحضرية في فلسطين خلال أواخر العهد العثماني، وإبان الانتداب البريطاني، قبل أن ينتقل لاحقًا إلى العمل زميلًا في برنامج «الآغا خان»، لمرحلة ما بعد الدكتوراه، بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة. كما شارك في تأسيس مجلة «العمران العربي»، وهي شبكة عالمية تستهدف دراسة القضايا العمرانية التاريخية والمعاصرة في العالم العربي.

المعارض التي شغلت موضوع الدراسة تمثل أحداثًا مهمة في تاريخ فلسطين الحديث، حيث عززت دور مدينة القدس، وفلسطين، بشكل عام، في النهضة الثقافية والاقتصادية بالوطن العربي آنذاك.

ندي أبو سعادة، باحث فلسطيني.

بعد البحث في أرشيفات محلية وأجنبية، اكتشف الباحث الفلسطيني أن تلك المعارض استقطبت صناعات وحرفًا من جميع أنحاء العالم العربي إلى فلسطين، وهو ما تناوله في مقالات علمية نشرها، لأول مرة، في «فصليّة القدس»، في العام 2019. وهي مجلة معنية بالنشر العلمي عن مدينة القدس. وخلال عملية البحث، حصل «أبو سعادة» على الأعمال النادرة والمواد الأرشيفية، من داخل فلسطين وخارجها، وتحديدًا من أرشيفات لندن، وباريس، ونيويورك، وحصل على اللوحات والأعمال الفنيّة الأصليّة، بالتعاون مع باحثين وأفراد مختصين، مثل: جورج الأعمى، وأمجد غنّام، ومؤسسات محليّة، مثل: بنك فلسطين، والجمعيّة الأنطونية في بيت لحم، و«صبّانة طوقان»، وغيرها.

وتقول لوزان منير، الباحثة المعمارية التي شاركت في وضع الصورة التصميمية للمعرض، إن الفعالية كانت بمثابة «محاولة لفتح نافذة للبحث والمعرفة عن تاريخ المدينة التي لطالما سعى الاستعمار إلى تحريفه، وشرذمته، بما يخدم مصالحه، ويفرض هيمنته اللا شرعية».

  • دراسة أكاديمية تتقصى تاريخ معارض فلسطين قبل مائة عام
  • دراسة أكاديمية تتقصى تاريخ معارض فلسطين قبل مائة عام

وتضيف، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، أن هذا المعرض لعب دورًا مزدوجًا في إعادة إحياء شبكة من الخطوط التي ساهم كل منها في إثراء وتعزيز دور مدينة القدس في النهضة الثقافية والاقتصادية محليًا وإقليميًا، إلى جانب إتاحتها لجمهور متنوع الثقافات واللغات والخلفيات والأعمار. وتقول إن الدافع الاكبر وراء الاشتراك في تصميم المعرض، هو الإيمان بأهمية البحث، والشغف بتحويل هذه المادة البحثية، بما تضمه من الأعمال الفنية، والحرفية، والمواد التاريخية الأرشيفية، إلى لوحات يسهل الإطلاع عليها، والتفاعل معها.

اقرأ أيضًا: (في دراسة لباحثة فلسطينية.. برنامج تدريبي لدعم مهارات تعلم الطلاب ذوي الإعاقة).

دعم الفنون

حصل معرض «أبو سعادة»، على دعم من «مؤسسة بارجيل للفنون»، ما ساعده على تنفيذه في مدينة رام الله. ويقول سلطان سعود القاسمي، رئيس المؤسسة، في تصريح عبر البريد الإلكترني لـ«الفنار للإعلام»، إن دعم المعرض يصب في اهتمام المؤسسة لدعم المعارض التي تهتم، أو تركز على التاريخ الحديث للعالم العربي، سواء من الناحية الفنية، أو من جهة العمارة الحديثة، أو التاريخ الاجتماعي لمنطقتنا.

ويرى «القاسمي» أن أهمية المعرض تتمثل في «تسليط الضوء على حقبة زمنية كانت فيها القدس عاصمة ثقافية، وتجارية للعالم العربي، قبل أن يُخلق الكيان الصهيوني (قيام إسرائيل)، على أرض فلسطين، ويحاول أن يمحو الهوية العربية لهذه العاصمة العربية المهمة».

اقرأ أيضًا:

  ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى