أخبار وتقارير

«صفر ورق».. مبادرة للاستغناء عن طباعة الرسائل العلمية بجامعات الجزائر

لم يعد طلاب الدكتوراه بجامعات الجزائر بحاجة إلى طباعة أبحاثهم المقدمة لنيل الدرجة العلمية. هذا ما يقضي به قرار، صدر مؤخرًا، باعتماد ما يُعرف بسياسة «صفر ورق»، والتي تقضي بالاكتفاء باعتماد الوسائل التكنولوجية في إعداد وتحرير وتقديم الأبحاث العلمية.

وتطبيقًا لهذا القرار، بات على الجامعات، الالتزام بتوجيهات وزارة التعليم العالي الجزائرية، بإيداع أطروحات الدكتوراه، وتوزيعها، حصرًا عبر دعامة رقمية، في شكل قرص مضغوط، على أن تنشر لاحقًا في المنصة الرقمية الخاصة بكل مؤسسة تتبع الوزارة. وبحسب ما تلقته الجامعات الجزائرية، في السادس من الشهر الماضي، فإن القرار الوزاري، يأتي في إطار سياسة الرقمنة والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي.

وفيما يشيد طلاب وأكاديميون بالخطوة التي من شأنها تسريع العمل من أجل التحديث، ورقمنة الجامعة الجزائرية، وتفعيل الإدارة الإلكترونية، يرى آخرون أن الأمر لا يخلو من بعض التحديات.

«لا يمكن أن نتحدث عن رقمنة القطاع، ورسائل الدكتوراه، والتكنولوجيا، بينما الطالب يعاني من ضعف خدمة الإنترنت أو انعدامها في بعض الأحياء الجامعية، وحتى في بعض التجمعات السكانية».

رمزي قشطال، طالب بمعهد التقنيات في جامعة هواري بومدين للعلوم التقنية.

ويقول طالب الدكتوراه في الإعلام والاتصال، بجامعة محمد لمين دباغين (سطيف 02)، هشام بوعروري، إن الاستغناء عن الورق قرار صائب، وجاء في وقته في ظل الانفجار المعلوماتي، والتطور الكبير في الوسائل، والوسائط التكنولوجية.

ويضيف، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، أن القرار يؤثر بشكل واضح على نفقات الطلاب على طباعة الرسائل الجامعية، بما تشمله من عمليات تجليد، ونسخ ضوئي، وغير ذلك.

وبالمثل، يقول الطالب بمعهد التقنيات في جامعة هواري بومدين للعلوم التقنية، رمزي قشطال، إن القرار أثلج صدور الطلبة الذين كانوا يخصصون ميزانية من أجل الطباعة، والإخراج، والتصوير.

ويوضح، لـ«الفنار للإعلام» أن أطروحة الدكتوراه، في شكلها الورقي، كانت تمتص من ميزانية الطالب، ما يزيد عن 50 ألف دينار جزائري (360 دولارًا أمريكيًا)، مشيرًا إلى أن بعض التخصصات كانت تفرض على الطلاب طباعة وتجليد عدد من النسخ، بالإضافة إلى نفقات أخرى. ويضيف أنه بعد القرار الأخير بالاستغناء عن الورق، فإنه يكفي الطالب امتلاك هاتفي ذكي، وقدرة على الوصول إلى الإنترنت، وجهاز حاسوب يمكنه من تحرير البحث، والتواصل مع الأساتذة.

وفي السياق نفسه، يقول الدكتور العمري تجار، أستاذ بجامعة فرحات عباس (سطيف 01)، وناشط بيئي، إن الجزائر استوردت خلال عام واحد فقط، 1.2 مليون طن من الورق، بتكلفة بلغت 450 مليون يورو. ويُقدّرُ الأكاديمي الجزائري أن نصف هذه الكمية تم استهلاكها من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، مما أثقل كاهل الاقتصاد الوطني، وجهد تلك المؤسسات في تخزين ما تلفظه المشروعات البحثية من مجلدات ورقية.

وبالإضافة إلى ذلك، يشير إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالتكلفة المالية، ولكن يرتبط أيضًا بالأضرار البيئية الكبيرة التي يخلفها الاستخدام الزائد للورق، ما يوجب الإسراع في رقمنة الإدارة. كما يرى العمري تجار، إمكانية تعميم الفكرة على مستوى مشروعات وأبحاث التخرج لطلاب الليسانس والماجستير.

الأمر لا يتعلق فقط بالتكلفة المالية، ولكن يرتبط أيضًا بالأضرار البيئية الكبيرة التي يخلفها الاستخدام الزائد للورق، ما يوجب الإسراع في رقمنة الإدارة.

العمري تجار،  أستاذ بجامعة فرحات عباس (سطيف 01)، وناشط بيئي.

ويربط آخرون القرار بالرغبة في التصدي للسرقات العلمية، حيث ستكون كل الإعلانات الخاصة بالأساتذة والطلبة ومحاضر المداولات النهائية، والتعليمات والتوجيهات، وطلب الوثائق الإدارية، عبر استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، بحسب وزير التعليم العالي الجزائري، كمال بداري. وقد وجّه الوزير تعليمات إلى عمداء الكليات بعدم إلزام الطلبة المقبلين على التخرج في درجتي الليسانس، والماجستير، بتقديم نسخ ورقية من مذكرات تخرجهم، والاكتفاء فقط بتقديم أعمالهم على شكل أقراص مضغوطة.

ويرى العمري تجار أن وجود منصة رقمية لنشر الرسائل البحثية، سيحول دون السرقات العلمية، حيث سيصعب على الطلبة القيام بسرقات علمية واقتباسات دون ذكر المصدر.

ومع هذه الإيجابيات لقرار الاستغناء عن الورق، يشير طلاب إلى وجود بعض التحديات، مثل عدم توافر الإنترنت، أو بطء الخدمة، كما يقول الطالب رمزي قشطال.

ويضيف لـ«الفنار للإعلام»: «لا يمكن أن نتحدث عن رقمنة القطاع، ورسائل الدكتوراه، والتكنولوجيا، بينما الطالب يعاني من ضعف خدمة الإنترنت أو انعدامها في بعض الأحياء الجامعية، وحتى في بعض التجمعات السكانية». ويشير إلى أنه خلال فترة انتشار وباء كوفيد-19، ولجوء الدولة إلى تعميم التعليم عن بعد «كانت هذه المشكلة مطروحة وبقوة، بل وقرر بعض الأساتذة الامتناع عن تقديم الدروس عبر المنصات التعليمية بسبب غياب الطلبة لانعدام الإنترنت».

ويختم الطالب الجزائري: «ليس كل الطلبة يملكون هواتف ذكية، وليس كلهم يملكون أجهزة حاسوب محمول، ولذلك أتمنى قبل قرار مثل هذا أن يتم مراجعة منحة الطالب التي تستطيع أن تسهل له اقتناء هذه الأجهزة لتعميم فكرة رقمنة الإدارة، وإنجاح فكرة صفر ورق».

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى