أخبار وتقارير

الجامعات البريطانية تسعى لاستقطاب المزيد من طلاب الشرق الأوسط

في سعيها لزيادة أعداد الطلاب الدوليين، بهدف الحفاظ على المركز الثاني في التصنيفات العالمية كوجهة للدراسة (بعد الولايات المتحدة)، تبذل الجامعات البريطانية المزيد من الجهود لاستقطاب المزيد من طلاب الشرق الأوسط.

في تقريرها للعام 2021، قالت مجموعة الجامعات البريطانية الدولية (UUKi)، إن موقف بريطانيا كان ضعيفًا، حيث تعمل كلٌ من أستراليا وكندا وألمانيا، من بين دول أخرى، على زيادة أعداد الطلاب الدوليين بشكل أسرع من المملكة المتحدة. وفي الوقت نفسه، لا تزال الولايات المتحدة الوجهة الأكثر شعبية في العالم للطلاب الدوليين.

وقبل ثلاث سنوات، توقع أنطون موسكاتيلي، مدير جامعة جلاسكو، والرئيس السابق لمجموعة راسل، التي تضم الـ 24 جامعة الرائدة في مجال البحوث بالمملكة المتحدة، أن يفوق عدد الطلاب الدوليين عدد الطلاب البريطانيين في العديد من الجامعات الكبرى. ومع ذلك، يرى «موسكاتيلي» إن زيادة عدد الطلاب الدوليين هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تستجيب بها الجامعات البريطانية للانخفاض المفاجئ في الدخل بعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ووقف حرية حركة الطلاب الأوروبيين.

لكن يحذر آلان سميثرز، مدير مركز أبحاث التعليم والتوظيف بجامعة باكنغهام، من أن الطلاب البريطانيين سيشعرون بعدم الارتياح، على نحوٍ متزايد، في الجامعات التي يهيمن عليها الطلاب الصينيون والهنود. ويضيف أن فرص عمل الطلاب البريطانيين ستتأثر أيضًا، وخاصة بعد تغيير قواعد الهجرة للسماح للطلاب الأجانب بالعمل بعد الانتهاء من شهاداتهم.

ومع ذلك، منحت الجامعات البريطانية 605,130 مقعدًا للطلاب الدوليين في العام الدراسي 2020-2021، بزيادة قدرها 10% عن العام السابق، وفقًا للأرقام الصادرة عن وكالة إحصاءات التعليم العالي (HESA). وكان ثلاثة أرباع هؤلاء الطلاب (452,225) من خارج الاتحاد الأوروبي.

«لقد كانت الحكومة واضحة بخصوص أن جامعاتنا الرائدة عالميًا، والتي تزدهر لكونها مؤسسات عالمية، ستبقى على الدوام مفتوحة للطلاب الدوليين».

 ستيف سميث، الممثل الخاص لرئيس الحكومة البريطانية لشؤون التعليم في السعودية.

ومثّل الطلاب الصينيون العدد الأكبر، حيث حيث بلغ عددهم 143,820 طالبًا، أو 32% من إجمالي عدد الطلاب الدوليين من خارج الاتحاد الأوروبي، يليهم الهنود بـ 84,555 طالبًا، فضلا عن 21,305 طالبًا من نيجيريا. فيما بلغ عدد الطلاب من العالم العربي حوالي 30,000 فقط، مع انخفاض أعداد الطلاب القادمين من السعودية والعراق منذ عام 2010.

جهود لجذب المزيد من الطلاب السعوديين

ترسل المملكة العربية السعودية العدد الأكبر من الطلاب العرب إلى المملكة المتحدة، حيث يدرس 8,825 طالبًا سعوديًا هناك، لكن أكثر من ستة أضعاف هذا العدد، من الطلاب السعوديين، ذهبوا إلى الولايات المتحدة منذ عام 2010.

ويعتقد نيك هيلمان، مدير معهد سياسات التعليم العالي، والمستشار الحكومي السابق، أن من واجب البلاد أن تكون قادرة على بناء ما يديم الروابط العميقة بين المملكة المتحدة والشرق الأوسط.

وبهذا الصدد، أجرت مجموعة الجامعات البريطانية الدولية (UUKi)، مقابلات مع طلاب سعوديين لاكتشاف السُبُل التي يمكن أن تساعد المملكة المتحدة في جذب المزيد منهم. وأشار أحد المشاركين في الاستطلاع إلى تكلفة المعيشة في بريطانيا كأحد العوامل. وقال الطالب السعودي إن الرواتب التي يتلقاها الطلاب كجزء من منحهم الحكومية السعودية تُدفع بالريال، وسيكون مقدارها أعلى في الولايات المتحدة.

كما كان لدى السعوديين أيضًا تصورٌ أوضح عن طبيعة الحياة في الولايات المتحدة، لأن مشاهيرها ومؤثريها أكثر حضورًا على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار طالبٌ سعودي آخر إلى أن المملكة المتحدة، قبل وصوله إليها، بدت غير مرحبة ولم يدرك أنها تضم مجتمعًا متنوعًا. قال: «لم أكن أعلم قبل مجيئي أن الإسلام منتشر في المملكة المتحدة. هناك الكثير من الناس من كل مكان، سيكون من المفيد معرفة هذا قبل أن نأتي. ومن شأن هذا أن يجعل قرارنا أسهل».

ودفعت تعليقات الطلاب السعوديين مجموعة الجامعات البريطانية الدولية (UUKi)، إلى التوصية بإجراء حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، تسلط الضوء على تنوع المملكة المتحدة، كما أطلقت خدمة قبول الجامعات والكليات البريطانية (UCAS)، تطبيقًا مجانيًا يسمى Myriad لتمكين الطلاب الدوليين من استكشاف فرص التعليم في المملكة المتحدة.

وفي السياق نفسه، زار ستيف سميث، الممثل الخاص لرئيس الحكومة البريطانية لشؤون التعليم في السعودية، الرياض، العام الماضي، وتحدث إلى الطلاب السعوديين من خريجي الجامعات البريطانية.

خسارة الإيرادات أثناء الجائحة

في تموز/ يوليو 2020، قدّر المعهد البريطاني للدراسات المالية، خسائر الجامعات البريطانية بنحو 19 مليار جنيه إسترليني (كانت تبلغ آنذاك حوالي 23.5 مليار دولار)، بسبب الانخفاض في عدد الطلاب الأجانب، نتيجة لتفشي وباء كوفيد-19. ومع ذلك، استمر عدد الطلاب القادمين من الشرق الأوسط في الارتفاع.

يعتقد «نيك هيلمان»، مدير معهد سياسات التعليم العالي والمستشار الحكومي السابق، أن من واجب البلاد أن تكون قادرة على بناء ما يديم الروابط العميقة بين المملكة المتحدة والشرق الأوسط.

وبشكلٍ عام، يصل الحد الأقصى لتكلفة الرسوم الدراسية للطلاب البريطانيين 9,250 جنيهًا إسترلينيًا سنويًا، بينما تتراوح قيمة الرسوم المفروضة على الطلاب الأجانب ما بين 10,000 جنيه إسترليني، وحتى ما يزيد عن 38,000 جنيه إسترليني سنويًا. ويبدو أن للتواصل الجديد مع الطلاب العرب تأثير، حيث ارتفع عدد الطلاب السعوديين في المملكة المتحدة بنسبة 29% في العام 2020-2021، فيما تم قبول زيادة بحدود 16% من الطلاب الإماراتيين في الدورات الجامعية، وزيادة قدرها 18% من العُمانيين.

ويدرس ما يقرب من نصف الطلاب الدوليين في المملكة المتحدة في برامج الدراسات العليا بدوام كامل، والتي تضم أشهر التخصصات مثل الأعمال والإدارة، والدراسات الاجتماعية، والدراسات المرتبطة بالطب، والفنون الإبداعية.

أكثر الجامعات استقطابًا للطلاب الدوليين

وفقًا لأحدث أرقام وكالة إحصاءات التعليم العالي (HESA)، من العام 2021/2020، تضم كلية لندن الجامعية (UCL)، أكبر عدد من الطلاب الدوليين من خارج الاتحاد الأوروبي، بحدود 17,945 طالبًا، تليها جامعة مانشستر بـ 14,465، وجامعة إدنبرة بـ11,855. كما تعد جامعة شيفيلد في يوركشاير واحدة من أفضل 10 جامعات بريطانية في استقطاب الطلاب الدوليين، حيث يتحدث ما يقرب من 800 من طلاب شيفيلد، البالغ عددهم 30,000 طالب، اللغة العربية كلغة أم.

من جانبه، يقول مالكولم بتلر، مدير المشاركة العالمية بالجامعة، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، إن الدورات النموذجية التي اختارها الطلاب العرب تشمل طب الأسنان الإكلينيكي للطلاب السعوديين، والهندسة المدنية للكويتيين، وعلوم الكمبيوتر للطلاب الإماراتيين، والهندسة الروبوتية للمصريين، والكيمياء لليبيين، والقانون للقطريين. ويضيف: «لاحظنا اهتمامًا متزايدًا من طلاب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبر مجموعة واسعة من الموضوعات ومستويات الدراسة. وليست مجالات العمارة والهندسة والقانون والعلوم سوى جزءٌ صغير من المواد التي أثبتت شعبيتها بين طلاب هذه البلدان»، بحسب تعبيره.

وفي مظهر من مظاهر التنوع بجامعة شيفيلد، يقول «بتلر»: «يضم اتحاد طلابنا، الحائز على جوائز، أكثر من 300 جمعية طلابية مختلفة، بما في ذلك المجتمعين العربي والفارسي».

ويعتقد جوناثان بورتس، أستاذ الاقتصاد في كينغز كوليدج لندن، التي تضم رابع أكبر عدد من الطلاب الدوليين في بريطانيا، أن العدد المتزايد للطلاب الدوليين من خارج أوروبا في جامعته، كان انعكاسًا لـ«تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي» في عام 2020 على نظام الهجرة.

ويبدو ستيف سميث متفائلًا بشأن استمرار ارتفاع عدد طلاب الشرق الأوسط في المملكة المتحدة. وقد صرح لصحيفة «ذي ناشيونال» الإماراتية، قائلًا: «لقد أثّرت جائحة فيروس كورونا بشكل كبير على كيفية تقديم وتجربة التعليم في جميع أنحاء العالم». وأوضح أن العديد من مقدمي الخدمة انتقلوا للتعليم عبر الإنترنت، فيما أثّرت قيود السفر على وصول الطلاب الدوليين إلى المؤسسات البريطانية.

ورغم ذلك – والكلام لستيف سميث – ظلت الحكومة البريطانية واضحة «بخصوص أن جامعاتنا الرائدة عالميًا، والتي تزدهر لكونها مؤسسات عالمية، ستبقى على الدوام مفتوحة أمام الطلاب الدوليين».

اقرأ أيضًا:

«س» و«ج».. كل ما تريد معرفته عن منحة «تشيفنينج» للدراسة في جامعات بريطانيا

بينها انخفاض التكلفة.. تعرف على أسباب تفضيل العرب الدراسة في فرنسا

تراجع أعداد الطلاب العرب في جامعات الولايات المتحدة

صدق أو لا تصدق: الطلاب العرب يفضلون الدراسة في المنطقة

راجع أيضًا قاعدة بيانات الفنار للإعلام للمنح الدراسية، وهي مصدر لمساعدة الطلاب العرب واللاجئين في العثور على أفضل المنح الدراسية المحلية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى