أخبار وتقارير

قمة المناخ COP27.. ضغوط على الدول الغنية لمساعدة الشعوب المتضررة من التغير المناخي

بالتزامن مع فيضانات كارثية في باكستان، وموجتي جفاف ومجاعة في القرن الإفريقي، وعواصف عنيفة في آسيا والأمريكتين، شهدت أوروبا موجات حرٍ شديدة أدت إلى اندلاع حرائق الغابات، فيما أسفرت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع تكاليف الطاقة.

مع كل هذه الخلفية القاتمة، تُعقد قمة الأمم المتحدة حول تغير المناخ COP27، يوم الأحد 6 تشرين الثاني/ نوفمبر في شرم الشيخ، بمصر، حيث سيجمع المؤتمر ما يقرب من 200 دولة لمناقشة مقترحاتها لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، والجهود التي حذّرت وكالات الأمم المتحدة من أنها، حتى الآن، «غير كافية بشكل محزن».

وتتمثل مهمة المجتمعين في إحراز تقدم في الحد من الاحترار إلى ما دون درجتين مئويتين فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة، وأن يكون الهدف بحدود 1.5 درجة مئوية، وهي الأهداف المتفق عليها في اتفاقية باريس في عام 2015. وقد ارتفعت درجة حرارة الكوكب بالفعل بنحو 1.1 درجة مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة.

في الأيام القليلة الماضية، أكدت تقارير الأمم المتحدة الحجم الهائل للمهمة المقبلة، مشيرة إلى أن الخطط التي قدمتها الحكومات، حتى الآن، ستؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بحدود ما بين 2.1 و2.9 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، وأفضل تقدير هو 2.5 درجة مئوية.

«أعتقد أننا سنشهد الكثير من الضغط على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على وجه الخصوص، للمضي قدمًا في إنشاء صندوق جديد، وتوفير موارد جديدة لمعالجة الخسائر والأضرار. لا يمكننا، في هذه المرحلة، التبنؤ بما ستؤول إليه الأمور».

أليكس سكوت، خبيرة المناخ في E3G، وهو مركز أبحاث مناخي دولي.

وتقدر اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، وجوب انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 45% بحلول عام 2030، مقارنة بمستوياتها في عام 2010، لإعطاء فرصة لإبقاء العالم عند 1.5 درجة مئوية.

ضغوط على الولايات المتحدة وأوروبا

مع اجتماع آلاف القادة الوطنيين وخبراء المناخ والنشطاء في شرم الشيخ، ستكون القضية الرئيسية هي دعوات الدول الأكثر ضعفًا للحصول على صندوق (تمويل) لمساعدتها على التعامل مع تأثيرات تغير المناخ التي يواجهونها بالفعل. وبذات اللغة المبهمة، أحيانًا، لشرح عملية المناخ التابعة للأمم المتحدة، يُعرف هذا باسم «الخسائر والأضرار».

وتقول أليكس سكوت، خبيرة المناخ في E3G، وهو مركز مناخي دولي: «أعتقد أننا سنشهد الكثير من الضغط على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على وجه الخصوص، للمضي قدمًا في إنشاء صندوق جديد، وتوفير موارد جديدة لمعالجة الخسائر والأضرار. لا يمكننا، في هذه المرحلة، التبنؤ بما ستؤول إليه الأمور. أتوقع مواجهة مقاومة كبيرة من طرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي».

اقرأ أيضًا: كيف يضاعف التغير المناخي معاناة النساء والفتيات؟

يُذكر أن ممثلي الدول في قمة المناخ الأخيرة، COP26، التي عُقدت في غلاسكو، في أواخر العام الماضي، غادروها مكتفين بتعهدات الحفاظ على أهداف اتفاقية باريس. ومنذ قمة غلاسكو، شنّت روسيا حربًا على أوكرانيا، وركزت الكثير من دول العالم المتقدم على مكافحة الآثار المدمرة للصراع على تكاليف الطاقة، والتضخم، وتباطؤ النمو الاقتصادي.

من الوعود إلى الأفعال

وعليه، ما هي احتمالات نجاح قمة COP27، وما هي القضايا الرئيسية على الأجندة؟

تعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن تدفع القمة العالم إلى تنفيذ وعود فعلية. وقال في كلمة ترحيبية بالمشاركين في القمة: «أنا واثق من أن جميع الأطراف، وأصحاب المصلحة سيأتون إلى شرم الشيخ بإرادة أقوى وطموح أعلى بشأن التخفيف، والتكيف، وتمويل المناخ، مما يدل على قصص النجاح الفعلية في تنفيذ الالتزامات والوفاء بالتعهدات».

وبالنسبة للجزر الصغيرة، التي تواجه خطر الغمر بمنسوب مياه البحار المرتفع، ودول مثل باكستان التي تعرضت لفيضانات مدمرة هذا العام، سيكون التغلب على رفض إنشاء «صناديق استجابة» للخسائر والأضرار على رأس جدول الأعمال.

في غلاسكو، اتفقت الدول الغنية، خوفًا من مواجهة مطالب مفتوحة بالتمويل، على الاكتفاء بمواصلة الحوار حول الخسائر والأضرار. وهذه المرة، من المحتمل ألا يكون ذلك كافيًا، حيث يُنظر إلى التقدم على مستوى الخسائر والأضرار، على نطاق واسع، على أنه اختبار أساسي للنجاح في شرم الشيخ.

التخفيف والتكيف

تجادل الدول الفقيرة بأن العالم الغني، ولا سيما الولايات المتحدة وأوروبا، مسؤول عن معظم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري منذ بداية العصر الصناعي، في حين أن الدول الفقيرة لم تصدر سوى القليل منها، على الرغم من معاناتها أكثر من غيرها.

«أنا واثق من أن جميع الأطراف، وأصحاب المصلحة سيأتون إلى شرم الشيخ بإرادة أقوى وطموح أعلى بشأن التخفيف والتكيف وتمويل المناخ، مما يدل على قصص النجاح الفعلية في تنفيذ الالتزامات والوفاء بالتعهدات»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي 

تهدف جهود التمويل العام، والخاص من العالم المتقدم، إلى حدٍ كبير، إلى دعم طرق للتخفيف من تغير المناخ. وهذا يعني خفض الانبعاثات العالمية بشكل كبير، من خلال التخلص من الكربون، والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة. وفي المقابل، يتم توجيه مبالغ أقل لجهود التكيف، أو لمساعدة البلدان على الاستعداد للأخطار التي تنتظرنا. وفي هذا الجانب، حتى الدول الغنية تتلكأ في الموضوع، حيث تعهدوا بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لمكافحة تغير المناخ بحلول عام 2020، وضعفي هذا المبلغ بحلول عام 2025، لكنها لن تصل الآن إلى الهدف الأول، حتى عام 2023.

ويشمل البند الرئيسي الثالث للمناقشات، تجاوز الوعود التي تقدمها البلدان بخفض الانبعاثات، والعمل نحو مستقبل صفري من الكاربون. في غلاسكو، كُلّفت الدول بتحديث خططها وأهدافها هذا العام، لكن حتى الآن، امتثلت 24 منها فقط، فيما شدّد عددٌ قليل منها تعهداته.

ومن جانبها، قامت مصر بالفعل بتحديث مساهمتها المحددة وطنيًا، وهو الاسم الذي يُطلق على وعود الدولة في مكافحة المناخ. لكن خطتها، وعلى الرغم من توليها رئاسة مؤتمر الأطراف، صُنّفت بأنها تنطوي على «قصور شديد» من قبل «كلايمت أكشن تراكر»، أو متتبع العمل المناخي (CAT)، وهو محلّل علمي مستقل، وُضِع بالتعاون بين مؤسستين غير ربحيتين.

اقرأ أيضًا: قبيل قمة المناخ العالمية COP27.. جدل حول خطة العمل المناخية في مصر

وبعد تحديث مصر لخطتها، علقت ميا مويسيو، المحللة لدى مؤسسة «CAT»، بالقول: «كان من المناسب رؤية تعهد يتماشى مع أهداف اتفاقية باريس، لأن هذا النوع من الطموح مطلوب للأسف في هذه المرحلة. لقد فشلت العديد من الدول في إظهار القيادة، وكان من الجيد رؤية المزيد».

انعقاد القمة في إفريقيا.. هل يساعد؟

في مقابلة معها، قالت «سكوت»، من مؤسسة E3G، إن مصر واجهت صراعًا شاقًا خلال أشهر من الفوضى الجيوسياسية، لتوضيح رسالة واضحة حول كيفية سير القمة العالمية، لكن الأمور تضافرت مؤخرًا مع توقيع ألمانيا وتشيلي لتعهد بقيادة مفاوضات حول الخسائر والأضرار. وأضافت أن عقد القمة في القارة الإفريقية سيساعد أيضًا، حيث من المحتمل أن تعاني المنطقة من بعض أكثر الآثار تدميرًا لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.

وتعتقد الخبيرة في شؤون المناخ أن انعقاد الحدث على الخطوط الأمامية لمخاطر تأثير المناخ «أمرٌ يساعد في تركيز العقول حقًا». وتختم بالقول: «أعتقد أن هذا يساعد في خلق مساحة سياسية للتفكير مليًا في مسألة تمويل الخسائر والأضرار، ويساعد على توفير دافع لوضع مسألة التمويل على جدول الأعمال».

اقرأ أيضًا:

اقرأ المزيد عن استعدادات مصر لاستضافة مؤتمر COP27 للتغير المناخي في ملف المناخ والبيئة، وهو أرشيف لتقارير «الفنار للإعلام» حول هذا الموضوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى