أخبار وتقارير

الدعم النفسي لضحايا التغير المناخي.. خطوة على طريق التعافي

في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، اصطفت نساء من جنسيات مختلفة، في دائرة واسعة، ليبدأن، بمساعدة مترجمات، ورشة للتعافي من آثار الصدمات المناخية، ضمن فعاليات مؤتمر المناخ COP27، الذي اختتم أعماله، قبل أيام، في مصر.

نظمت الورشة، مؤسسة «استدامة الحياة»، لمساعدة المتضررين من كوارث التغير المناخي على الشفاء، وتقديم الدعم النفسي لهم لتجاوز التجارب المؤلمة. وهذه المؤسسة، مشروع غير ربحي تأسس في عام  2014، ويهتم بالقضايا المتعلقة بالعدالة المناخية، وتقديم الدعم في حالات الطوارئ المناخية، ويتبع مؤسسة «ريفوليشن كونسلينج» المهتمة بتقديم الدعم النفسي لضحايا الاحترار في العالم.

معالجة الصدمات المناخية

بعد التعريف بمعنى «الصدمات المناخية»، تحدثت المسؤولة بالمؤسسة، ومديرة الجلسة باربارا لوف (Dr. Barbara J. Love)، عن ارتباط الأزمات النفسية بالتغير المناخي.

كانت «لوف» تطلب من المشاركات تذكر التجارب المؤلمة التي مررن بها بسبب التغير المناخي، فتتدفق الحكايات من بلدان مختلفة. وعن موضوع الورشة، تقول، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «عندما تضطرين إلى هجرة بلدك الأصلي بسبب الجفاف، ولا تجدين سوى القليل من الطعام فهذه صدمة مناخية. وحين تتعرض أرضك الزراعية إلى الدمار بسبب ظواهر الطقس المتطرفة، أو حين ينهار منزلك، أو تفقدين مصدر رزقك، أو تضطرين إلى القيام بمهام جديدة، كل هذه صدمات مرتبطة بتغير المناخ».

«ربّما ليس بأيدينا أن نتخذ قرارًا سياسيًا لحماية كل هؤلاء الناس من الكوارث المناخية، ولا نعلم ما الذي يخبئه لنا المستقبل، لكننا نستطيع، على الأقل، تقديم المساعدة النفسية لبعض المتضررين لتجاوز هذه الصدمات المناخية، حتى يستطيعوا مواصلة حياتهم».

باربارا لوف، ناشطة مناخية.

وتضيف الناشطة في شؤون المناخ، والتي تقيم بولاية ماساتشوستس الأمريكية، أنها تدرك وجود بشر، في مناطق أخرى من العالم، أكثر تأثرًا بكوارث التغير المناخي. وفيما توضح أن الجميع يتأثر بالظاهرة المناخية، تشير إلى آثار دمار المحاصيل الزراعية، وتغير شكل الحياة، واختلاف شدة هطول الأمطار، واشتداد مواسم الجفاف، وما يتبع ذلك من كوارث اقتصادية واجتماعية، وزيادة النزوح والهجرة المناخية، وكلها مصائب تخلق صدمات نفسية شديدة، بحسب تعبيرها.

وتتحدث كذلك عن تعرض إقليم بورتوريكو بالولايات المتحدة، مؤخرًا، لإعصار شديد ومدمر، وهو بالكاد كان يحاول التعافي من إعصار سابق ضربه منذ سنوات.

وتقول باربارا لوف: «ربّما ليس بأيدينا أن نتخذ قرارًا سياسيًا لحماية كل هؤلاء الناس من الكوارث المناخية، ولا نعلم ما الذي يخبئه لنا المستقبل، لكننا نستطيع، على الأقل، تقديم المساعدة النفسية لبعض المتضررين لتجاوز هذه الصدمات المناخية، حتى يستطيعوا مواصلة حياتهم».

الاستماع المزدوج وتبادل الحكايات

وحول الهدف من الورشة، تقول مالينالي كاستانيدا، إحدى المسؤولات في مؤسسة «استدامة الحياة»، في في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، إنهم يريدون مساعدة أصحاب التجارب النفسية المؤلمة جراء الكوارث المناخية، أو التدهور البيئي. وتوضح أن المؤسسة لا تستهدف النساء فقط، لكنهن – كما تقول – الأكثر تأثرًا على المستوى النفسي بهذه الكوارث «لأنهن أكثر عاطفية وهشاشة، وبالتالي الأكثر حرصًا على المشاركة في ورش الدعم النفسي للمؤسسة».

اقرأ أيضًا: (بطلب من الدول النامية.. إدراج «الخسائر والأضرار» في أجندة مؤتمر المناخ COP27)

وتعتمد هذه الورش على آليات عدة، من أهمها: الاستماع المزدوج، أي تبادل المشاركين للحكايات خلال وقت محدد لكل مشارك، بالإضافة إلى شروط، مثل: السرية، والاتفاق على عدم نشر هذه الحكايات خارج الجلسة، والاحترام، بحيث لا يمكن لأي مشارك أن يقلل من أهمية الألم النفسي لتجربة مشارك آخر.

مديرة جلسة التعافي من آثار الصدمات المناخية، باربارا لوف (الفنار للإعلام).

وتضيف «كاستانيدا»: «نشجع الحاضرين على مشاركة كل ما يدور  في أذهانهم دون خجل». وتوضح أن التفاعل بين المشاركين يساعد على فهم الصدمات المناخية، وإعادة ربط الأحداث المؤلمة في حياتهم بتغير المناخ، وإعادة تعريف هذه التجارب، ثم مساعدتهم على التصالح مع هذا الألم، ومحاولة التعافي منه.

كل الحكايات تقول إنه بسبب تغير المناخ، يفقد الناس منازلهم، وأراضيهم، وذكرياتهم. يموت أفراد في عائلتهم، ويشعرون بالحزن، ويعيشون صدمات تؤثر عليهم مدى الحياة، وفق مالينالي كاستانيدا.

يمثل التغير المناخي تهديدًا متزايدًا للصحة النفسية، بحسب تقرير سابق، للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وتشمل المشكلات المرتبطة بالظاهرة: الضيق العاطفي، والقلق، والاكتئاب، والأسى، والسلوك الانتحاري.

وتضيف أنهم التقوا، خلال الورشة، نساءً تأثرت حياتهن جراء التغير المناخي، لأنهن المسؤولات، في كثير من المجتمعات عن الرعاية الأسرية، وجلب المياه والطعام والمال في حالات الجفاف، أو الفيضانات التي تدمر المنازل وسبل العيش.

وتقول إن هذه التأثيرات تختلف من بلد لآخر، ضاربة المثال ببلدها المكسيك، حيث يمكن أن تواجه النساء الموت في منازلهن بسبب الأعاصير، قبل أن يملكن فرصة الذهاب إلى ملجأ لحمايتهن، بينما يكون الرجال خارج المدينة للعمل.

التغير المناخي كتهديد نفسي

ويمثل التغير المناخي تهديدًا متزايدًا للصحة النفسية، بحسب تقرير سابق للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وتشمل المشكلات المرتبطة بالظاهرة: الضيق العاطفي، والقلق، والاكتئاب، والأسى، والسلوك الانتحاري، وفق التقرير.

وفي السياق نفسه، دعت منظمة الصحة العالمية، في حزيران/يونيو الماضي إلى دمج الاعتبارات المناخية في برامج الصحة النفسية، مستشهدة بتجربة الفلبين التي أعادت بناء وتحسين خدمات الصحة النفسية بعد إعصار هايان، في العام 2013، وتجربة الهند التي قامت بتحضير المدن للاستجابة لمخاطر المناخ، وسد احتياجات الصحة النفسية، والاحتياجات الاجتماعية بشكل متزامن.

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى