أخبار وتقارير

حوارات «الفنار للإعلام»|وظائف المستقبل في ظل فجوة المهارات.. من أين نبدأ؟

ضمن سلسلة حلقات «الفنار للإعلام» التي تتصدى لقضايا التعليم العالي والبحث العلمي في العالم العربي، نظّم الموقع حلقة نقاشية، الأسبوع الماضي، حول وظائف المستقبل في ظل فجوة المهارات القائمة بين الواقع الدراسي، ومتطلبات سوق العمل.

شارك في النقاش، الذي أداره رئيس التحرير، محمد الهواري، كل من: الدكتورة مها فخري، الرئيسة التنفيذية لمشروع المراكز الجامعية للتطوير المهني، وهو مشروع من تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وتنفذه الجامعة الأمريكية بالقاهرة في الجامعات الحكومية المصرية، والدكتورة نسمة عمّار، العميد المشارك بكلية ريادة الأعمال في جامعة جزيرة الأمير إدوارد في مصر، والدكتورة ميرال صبري، وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة المستقبل.

فجوة عالمية

في البداية، وصفت «فخري» الأزمة، موضوع النقاش، بأنها عالمية وليست عربية أو مصرية فقط، موضحة أن العالم كله يحاول، راهنًا، سد الفجوة بين مقررات التعليم والمطلوب في سوق العمل. وأشارت إلى أن مشروع المراكز الجامعية للتطوير المهني، يستهدف إقامة 30 مركزًا في 22 جامعة مصرية حكومية، موضحة أنه تم، حتى الآن، إنشاء 22 مركزًا في 15 جامعة.

وبشكل أساسي، تقدم هذه المراكز، التطوير المهني كمفهوم لم يكن موجودًا من قبل، معربة عن اعتقادها بضرورة تبني هذا المفهوم منذ مرحلة التعليم الأساسي لتمكين الطلاب من معرفة إمكانياتهم، واكتشاف مهاراتهم. وتقول إنه في غياب هذا المفهوم، يلتحق الطلاب بالجامعات وفق معدل درجات النجاح وحده، في الغالب.

الطالب يمر بعملية طويلة في حياته الدراسية بالجامعة، وبإمكانه أن يكتشف خلالها ما يريد أن يكونه في المستقبل، ومهاراته، واهتماماته، وقيم العمل الذي يرغب في ممارسته، وبالتالي تحديد المجال الأنسب له في سوق العمل.

د. مها فخري، الرئيسة التنفيذية لمشروع المراكز الجامعية للتطوير المهني.

وتوضح أن الطالب يمر بعملية طويلة في حياته الدراسية بالجامعة، وبإمكانه أن يكتشف خلالها ما يريد أن يكونه في المستقبل، ومهاراته، واهتماماته، وقيم العمل الذي يرغب في ممارسته، وبالتالي تحديد المجال الأنسب له في سوق العمل.

اقرأ أيضًا: (د. مها فخري تتحدث لـ«الفنار للإعلام» عن «مراكز التطوير المهني»: ندعم الطلاب بمهارات سوق العمل).

وتطرقت الدكتورة مها فخري إلى واقع سوق العمل، وذكرت أنه يتغير، بشكل كبير، في ضوء عوامل ومتغيرات عدة، مثل تداعيات كوفيد-19، والتغير المناخي، والمعطيات العالمية من حولنا، وهو ما يؤثر على نوع وطبيعة المهارات المطلوبة، بحسب تعبيرها.

دور مراكز التطوير المهني بالجامعات

وعن دور مراكز التطوير المهني في التشبيك بين الجامعات وأصحاب الأعمال بالمحافظات المصرية، تشير إلى أن هذه المراكز تعمل من أجل معرفة ما يريده أصحاب الأعمال، وليس فقط على المستوى القومي، وإنما على مستوى كل محافظة على حدة، حيث لكل محافظة طابعها الخاص، وذلك في سبيل التوفيق بين المهارات التي يكتسبها الطلاب، ومتطلبات سوق العمل.

كما تسعى تلك المراكز إلى التعرف على الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمنشآت الصناعية بالمحافظات. ومن واقع المسح الذي تجريه المراكز لهذه المنشآت، تقول «فخري» إن التغيرات في سوق العمل ذات إيقاع متسارع، وتختلف من عام إلى آخر. وتعلق بالقول: «هناك أشياء ستختفي وأشياء أكثر ستظهر. ومن المهم جدًا في هذا السياق أن تتوافر لدى الطلاب المرونة والقابلية لتعلم أشياء مختلفة، مثل القدرة على التعامل ضمن فريق عمل، وغير ذلك».

وتشمل الخدمات التي توفرها مراكز التطوير المهني لطلاب الجامعات، تنظيم دورات تدريبية في اللغة الإنجليزية باعتبارها من متطلبات سوق العمل. وتقول إن الطريق مفتوح أمام الطلاب لتعلم الكثير من أجل المنافسة في سوق العمل. ومع تأكيدها على أهمية الدراسة الأكاديمية، وخاصة لو كانت تقنية، إلا أنها تشدد على ضرورة العمل من أجل اكتساب المهارات التي تعزز فرص الطلاب بعد التخرج.

وتوضح المسؤولة الأكاديمية أن 275 ألف طالب استفادوا من خدمات المراكز التابعة للمشروع الذي بدأ في 2017، ويستمر حتى 2025، بالتعاون مع وزارة التعليم العالي في مصر. وعن التعاون مع الوزارة في هذا السياق، تقول إن مسؤوليها يستشعرون أهمية دراسات سوق العمل للتخطيط الاستراتيجي للمرحلة المقبلة، وبهدف تحديد التخصصات المطلوبة في سوق العمل، حتى يتم التركيز عليها أكثر.

«من الممكن أن يتعلم الطالب التسويق الرقمي، ثم يفاجئ بتغيير فيسبوك، في اليوم التالي، من طريقة العمل. هنا، لابد أن يكون الطالب قادرًا على تطوير نفسه، والبحث عن حلول من أكثر من جهة».

د. نسمة عمّار، العميد المشارك بكلية ريادة الأعمال في جامعة جزيرة الأمير إدوارد في مصر.

وتشير الدكتورة مها فخري، إلى وجود 3.5 مليون طالب بالمرحلة الجامعية في مصر، مضيفة أن وجود مراكز التطوير المهني من شأنه أن يصنع فارقًا، ليس فقط في التخطيط لمستقبل الطلاب، ولكن في تواصل الجامعات مع سوق العمل أيضًا. وتابعت: «من شأن هذه العملية أن تمنحنا المدخلات التي نحتاجها لإجراء الدراسات التي تجعلنا نخطط لسوق عمل أفضل، ونقلل الفجوة بين المنتج في الجامعات وسوق العمل».

التعليم القائم على المهارات

من جانبها، قالت الدكتورة نسمة عمّار، إن جامعة جزيرة الأمير إدوارد توفر برامج لطلابها تربطهم مع الشركات القائمة بالفعل في سوق العمل، فالجامعة مبنية على الخبرات العملية، بحسب تعبيرها. وأوضحت أن الطلاب يعملون كمستشارين فعليين. وضربت مثالًا على ذلك بأنه إذا كانت هناك شركة لديها مشكلة في التسويق، فإن جزءًا من دراسة الطلاب يكون مرتبطًا بحل هذه المشكلة.

اقرأ أيضًا: (من تصميم الأزياء إلى هندسة الجيوماتيك.. برامج نوعية لطلاب جامعة رايرسون الكندية في مصر).

وتضيف أن طريقة التعليم بالجامعة تقوم على جعل الطلاب قادرين على تحديث معارفهم، وذلك من خلال برامج عملية، وتدريبية، بالتعاون مع الشركات، بحيث يتم تجهيز الدارسين لمباشرة وظائفهم في المستقبل بشكل فعلي. وتقول إن الطالب يعمل لمدة عام كامل أثناء دراسته، وكموظف حقيقي.

وتشدد «عمّار» على أهمية أن يمتلك الطلاب مهارات عملية تمكنهم من مواكبة التغير في المعلومات، أو معطيات سوق العمل. وتشرح وجهة نظرها بالقول: «من الممكن أن يتعلم الطالب التسويق الرقمي، ثم يفاجئ بتغيير فيسبوك، في اليوم التالي، من طريقة العمل. هنا، لابد أن يكون الطالب قادرًا على تطوير نفسه، والبحث عن حلول من أكثر من جهة».

وتلخص رؤيتها بالقول إن طريقة التعليم يجب أن تتمحور حول المهارات، وأن يكون الطالب قادرًا على تطوير نفسه، وليس مجرد حافظ للمعلومات النظرية التي تقدمها له الجامعة.

الخبرات العملية والأكاديمية

وبدورها، تقول الدكتورة ميرال صبري، إن جامعة المستقبل تستضيف خبراء، وتعقد اتفاقات بهدف الجمع بين الخبرات العملية والأكاديمية، في تجربة الطلاب. وتضيف أنه أمام وجود 3.5 مليون طالب جامعي في مصر، فإن من يمتلك المهارات، ويملك القدرة على تطويرها، هو الذي سيتمكن من المنافسة، والحصول على فرصة عمل كبيرة.

وفيما تحاول الجامعة، تطوير برامجها والاهتمام بالجانب العملي، يبقى على الطلاب العمل من أجل تطوير أنفسهم، من أجل أن يتعلموا أكثر، بحسب تعبيرها.

حلقة نقاشية| وظائف المستقبل في ظل فجوة المهارات

وأعادت الدكتورة مها فخري، خلال الحلقة النقاشية التي امتدت لأكثر من ساعة كاملة، طرح مفهوم التخطيط المهني كحاجة مطلوبة بمرحلة التعليم الأساسي في المدارس. وأوضحت أن الطلاب بحاجة إلى معلومات تساعدهم على تحديد خياراتهم في الالتحاق بالتخصص الأدبي أو العلمي بمرحلة الثانوية العامة. وقالت إن معظم المدارس تفتقر إلى التخطيط المهني كجزء مهم جدًا من الحياة المدرسية. وأشارت إلى أن غالبية الطلاب يقررون خياراتهم بناءً على رغبة الأسرة، بينما تحظى نسبة قليلة بفرصة الحصول على المزيد من المعلومات في هذا السياق.

اقرأ أيضًا: (عميد الهندسة بالجامعة الأمريكية في الشارقة فادي العلول لـ«الفنار للإعلام»: المهارات الناعمة أساسية مع دراسة التقنيات).

وبنظرة مغايرة، رأت الدكتورة نسمة عمّار أن التساؤل حول مهنة المستقبل يظل سؤالًا صعبًا. وأضافت أن الأغلبية لا تملك الإجابة عن ذلك، واصفة من لديهم هواية محددة، ويملكون إجابة قاطعة للسؤال، بالمحظوظين.

أمام وجود 3.5 مليون طالب جامعي في مصر، فإن من يمتلك المهارات، ويملك القدرة على تطويرها، هو الذي سيتمكن من المنافسة، والحصول على فرصة عمل كبيرة.

د. ميرال صبري، وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة المستقبل.

وتابعت: «نصيحتي للطلاب: جرّبوا كل شيء. انخرطوا في تدريبات. احضروا فعاليات متنوعة. الجامعة تعمل على تسهيل هذه الأشياء، وعلى الطالب أن يساعد نفسه على التجريب. أنصح كل الطلاب الذين لا يعرفون ما يرغبون فيه أن يتحدثوا مع أصدقائهم، وزملائهم، وأساتذتهم».

وانتقدت الدكتورة ميرال صبري ما اعتبرته حملة تدعو الطلاب إلى عدم الالتحاق بكليات الإعلام أو الاقتصاد والعلوم السياسية، مقابل التوجه إلى كليات عملية أكثر. وأوضحت أن كل تخصص له فرصه في المستقبل، مشيرة إلى تجربتها في العمل الأكاديمي، والصحفي من قبل. وتابعت أنه لا يجب أن تكون هناك حملات حول خيارات الطلاب بناءً على ما يتم بثه في الإعلام؛ فلا تقوم أي دولة بدون سياسيين، أو إعلاميين، في إشارة إلى الدراسة بكليات الإعلام والعلوم السياسية.

اقرأ أيضًا: (تطوير ألعاب الفيديو.. تخصص فريد يجد طريقه إلى جامعات الشرق الأوسط).

ورأت «صبري» أن نظام التعليم يواجه تحديات كبيرة جدًا، تخص توفير برامج مرتبطة بالوظائف، مشيدة بما قدمته الجامعات الأهلية في مصر من برامج متخصصة، ودورات محددة. كما أشارت إلى أن المناهج القديمة في كليات الإعلام والصحافة ستندثر، لكن ستحل محلها برامج أخرى أكثر تطورًا، بحسب تعبيرها.

التعلم عبر الإنترنت

وردًا على سؤال من المديرة التنفيذية لـ«الفنار للإعلام»، نادية الجويلي، خلال الحلقة النقاشية، حول فرص إتاحة برامج مراكز التطوير المهني بالجامعات المصرية، لخريجي المعاهد المتوسطة، لتطوير إمكانياتهم، ومساعدتهم على دخول سوق العمل، قالت الدكتورة مها فخري إن هذه المراكز تعمل مع المجتمع المدني والمدارس بمحافظات مصر، وتقدم برامج توعوية. وأوضحت أنه عندما يزيد عدد المراكز، خلال السنوات المقبلة، سيكون من الممكن توفير الخدمة بشكل أوسع لمن يحتاجون إليها.

وفي ختام الحلقة النقاشية، كررت الدكتورة نسمة عمّار، دعوة الطلاب إلى تجريب كل فرص التعلم، مشيرة إلى أن الدورات التدريبية لبناء المهارات، في المجالات كافة، متاحة عبر الإنترنت، وبالمجان في أغلبها، لكل من يملك جهاز حاسوب واتصال بالإنترنت. وأضافت: «لابد من التجريب، فلن تستطيع اتخاذ قرار دون تجريب، ولا تخش الفشل، لأنها دائرة ندور معها في رحلة التعلم، وليست خطًا مستقيمًا»، وهو ما أيّدته الدكتورة ميرال صبري بقولها إن على كل طالب العمل من أجل بناء واكتساب المهارات، وأن يعرف ما الذي يريده، ثم يعمل من أجل تطوير نفسه. وختمت: «المعرفة التي سيكتسبها الطلاب، بشكل أكبر، ستكون من خارج الجامعة».

حوارات «الفنار للإعلام»، حلقات نقاشية، يتم تنظيمها دوريًا، مع الخبراء الأكاديميين والمختصين، حول كل القضايا التي تهم مجتمع التعليم العالي والبحث العلمي في المنطقة العربية.

اقرأ أيضًا:

«س» و«ج».. كل ما تريد معرفته عن منحة «تشيفنينج» للدراسة في جامعات بريطانيا

عن تمكين اللاجئين والفتيات وربط المهارات بسوق العمل.. ملتقى إقليمي يبحث تحديات التعليم

ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى