أخبار وتقارير

جواد الخراز لـ«الفنار للإعلام»: شح المياه قد يعوق خطط إنتاج الهيدروجين الأخضر في شمال إفريقيا

بالتزامن مع الخطط العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية، تتجه دول عدة إلى تكنولوجيا إنتاج الهيدروجين الأخضر، كوقود ينتج طاقة صفرية الكربون، لتعزيز جهود مواجهة ظاهرة التغير المناخي. ومع اقتراب انعقاد قمة المناخ COP27 في مصر، الشهر المقبل، تتزايد الدعوات إلى امتلاك تكنولوجيا الطاقة النظيفة.

وفي هذا السياق، يقول جواد الخراز، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE) ، إن على الدول العربية توطين تكنولوجيا إنتاج الهيدروجين الأخضر. لكن رغم ذلك، فإنه يشير، في مقابلة مع «الفنار للإعلام»، إلى وجود تحديات أمام هذه العملية، تتعلق بشح المياه في منطقة شمال إفريقيا.

وكما يخبرنا موقعه الإلكتروني، فإن هذا المركز منظمة حكومية دولية، ذات صفة دبلوماسية، تسعي إلى تفعيل وزيادة الاستفادة من ممارسات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في المنطقة العربية. كما يعد الذراع الفني لإدارة الطاقة بجامعة الدول العربية، والمجلس الوزاري العربي للكهرباء.

قمة المناخ COP27

وفيما يرى خبير الطاقة المتجددة أن قمة المناخ المقبلة ستكون فرصة عظيمة لمصر، ومحيطها العربي، والإفريقي، يقول إن الحدث العالمي الكبير يعد فرصة لإبراز قصص النجاح في عملية الانتقال الطاقي، في مصر، باعتبارها رائدة في هذا المجال، على حد تعبيره. ويوضح أنه بعدما عانت مصر من عجز كهربائي منذ سنوات، فإننا نشهد الآن مشروعات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، واستثمارت في مجال الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى هدف طموح يتمثل في زيادة إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، بنسبة 42%، بحلول العام 2035.

إنتاج كيلو جرام واحد من الهيدروجين الأخضر يحتاج إلى 9 لترات من المياه النقية، وبالتالي فإن فكرة الاستجابة للمطالب الأوروبية، في هذا الصدد، على حساب ثرواتنا المائية أمر غير مقبول.

جواد الخراز ، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.

ويصف «الخراز»، إسهام والتزامات الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، لتمويل صناديق المناخ، بأنها  «دون المأمول حتى الآن». ويقول إن الدول المتقدمة الراغبة في استيراد الهيدروجين الأخضر من الدول العربية مدعوة لضخ استثمارات كبيرة في هذا المجال. ويوضح أن توفير التمويل يمثل عبئًا على الدول العربية. كما يدعو إلى ضرورة تهيئة القطاع الصناعي، في البلدان العربية، للاستجابة للاشتراطات الأوروبية في مجال تصفير الكربون بحلول عام 2025، حتى يحافظ على الأسواق الأوروبية لتصدير منتجاته.

وعن التجارب العربية في مجال الانتقال الطاقي، يقول جواد الخراز إن المغرب يهدف لرفع مساهمات الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بنحو 52% بحلول عام 2030. ويصف تجارب دول مثل مصر، والمغرب، والأردن، والإمارات، بالرائدة من ناحية حجم الاستثمارات والمشروعات المنفذة، وخلق المناخ التشريعي والسياسي. وفي المقابل – والكلام لـ«الخراز» – هناك دول عربية لها ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية جعلتها متأخرة في مسار الانتقال الطاقي مثل اليمن وسوريا، موضحًا أن منظمته تعمل على نقل وتبادل الخبرات، عربيًا، في هذا المجال.

استغلال طاقة الشمس والرياح

وعن الجهود الجارية لاستغلال طاقة الشمس والرياح، في دول العالم العربي، يرى المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، أنه على الرغم من وجود جهود عربية كبيرة في هذا المجال، إلا أن الطريق طويل ويحتاج إلى استثمارات ضخمة، وهو أمر ليس سهلًا، وليس مستحيلًا في نفس الوقت.

ويوضح أنه مع وجوب الاستمرار في التشجيع على استخدام الطاقة البديلة، إلا أنه توجد بعض التحديات. ويضرب مثالًا لذلك، بمنطقة خليج السويس في مصر، حيث تتوافر إمكانيات كبيرة لطاقة الرياح، لكنها تواجه مشكلة انتقال الطيور المهاجرة، وخاصة مع كون مصر إحدى الدول الموقعة على اتفاقية التنوع البيولوجي، وبالتالي ملزمة بالحفاظ على هذه الثروة. ويشرح الأمر بتفصيل أكثر فيقول إنه كلما ارتفع عدد توربينات الرياح زادت المخاطر على تلك الطيور.

وهنا يأتي دور المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، حيث يشير «الخراز» إلى تمثيل المركز كوسيط في تعاقدات الحكومة المصرية مع شركات القطاع الخاص في تلك المنطقة. ويتلخص دور المركز في إجراء دراسات حول الأثر البيئي والاقتصادي للمشروعات المطروحة. ويضيف: نحن مع «زيادة السعة الإنتاجية للطاقة المتجددة، ولكن ليس على حساب البيئة والتنوع البيولوجي. ولذلك، لدينا فرق تراقب حركة الطيور في الجو باستخدام الرادارات، تحسبًا لمرور أسراب الطيور، حيث يتم إعلام الشركة المعنية لإيقاف التوربينات».

«لابد أن نستغل الفرصة، ونلزم الشركاء الأوروبيين، والدول المتقدمة، بتوطين هذه التكنولوجيا لدينا، حتى نستفيد منها، وأن يكون لدينا بحث علمي مواكب، للأغراض نفسها، في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية».

جواد الخراز ، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.

ومع وصفه فرص الدول العربية بالواعدة في إمكانية تصدر الهيدروجين الأخضر إلى القارة الأوروبية، إلا أنه يؤكد على ضرورة العمل من أجل توطين تكنولوجيا إنتاج هذا الوقود النظيف في العالم العربي، وألا نكرر أخطاء الماضي بعد امتلاك التكنولوجيا.

ويقول: «لابد أن نستغل الفرصة، ونلزم الشركاء الأوروبيين، والدول المتقدمة، بتوطين هذه التكنولوجيا لدينا، حتى نستفيد منها، وأن يكون لدينا بحث علمي مواكب، للأغراض نفسها، في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية».

إنتاج الهيدروجين الأخضر

وعن الخطط العربية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، يتحدث جواد الخراز عن وجود رؤى تتعجل إنتاج الهيدروجين الأزرق بواسطة الغاز، وليس الأخضر، مثلما دار في مؤتمر أقيم بالبحرين مؤخرًا، على حد قوله.

ويضيف أن الجدل نفسه يدور في شمال إفريقيا، لكن بطريقة مختلفة، لأن شح المياه، في شمال القارة السمراء، قد يعيق تلك الخطط. ويوضح أن إنتاج كيلو جرام واحد من الهيدروجين الأخضر يحتاج إلى 9 لترات من المياه النقية، واصفًا فكرة الاستجابة للمطالب الأوروبية، في هذا الصدد، على حساب ثرواتنا المائية بالأمر غير المقبول.

كما يلفت جواد الخراز إلى تباين الخطط العربية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث أصدر المغرب استراتيجية وطنية لهذا الغرض، فيما تعمل مصر على إعداد استراتيجية مماثلة، قبيل انعقاد قمة المناخ COP27، أما السعودية، والإمارات، فلديها بالفعل مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول العام 2025 لامتلاكهما الإمكانيات المادية، والبنية التحتية.

وبدورها، تعد جامعة الدول العربية، استراتيجية عربية للهيدروجين الأخضر، تقدم توصيات للدول الأعضاء، حسب مسار كل دولة وخطتها. ومع ذلك، ثمة تحديات في هذا الملف – يقول جواد الخراز – منها ما يتعلق بالجانب التشريعي، الذي تغلبت عليه بعض الدول، والجانب التمويلي، بالإضافة إلى تحديات تخص تكنولوجيا إنتاج الهيدروجين الأخضر عالميًا، حيث لا يزال جهاز إنتاجه، عبر الطاقة المتجددة، ينتج كميات قليلة، و«بالتالي فإن هناك حاجة لتصنيع أجهزة تنتج كميات أكبر».

اقرأ أيضًا:

مساعٍ لإنشاء مجلس للاقتصاد الأخضر في مصر.. فما هي الأهداف؟

التمويل الأخضر.. شراكة أوروبية – مصرية لتقليل الانبعاثات بالقطاع الصناعي

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى