أخبار وتقارير

الناشطة الموريتانية آمنة منت المختار لـ«الفنار للإعلام»: الزواج المبكر والعوز سبب حرمان الفتيات من التعليم الجامعي

بعد سنوات طويلة أنفقتها من عمرها في النضال النسوي، عبر رئاستها رابطة «النساء معيلات الأسر» في بلدها، تركز الناشطة الحقوقية الموريتانية آمنة منت المختار (65 عامًا)، جهودها، راهنًا، لمواجهة قضية حرمان الفتيات، والفئات الأكثر احتياجًا، من التعليم الجامعي.

وتروي في مقابلة مع «الفنار للإعلام» كيف كانت تجربتها الشخصية، في الحرمان من التعليم بالمرحلة الجامعية، وإجبارها على الزواج المبكر، دافعًا لتكريس طاقاتها لصالح قضايا المرأة في موريتانيا، ونبذ أشكال التمييز التي تستهدفها.

وإلى جانب نشاطها الذي عُرفت به في دعم النساء، وانخراطها في عملية الإصلاح السياسي، أسست آمنة منت المختار، ائتلاف المنظمات الموريتانية من أجل التعليم، بهدف القضاء على التمييز ضد المرأة فيما يخص الحق في التعليم، معتبرة أن ذلك الحق لا ينفصل عن تطلعات النساء للعب دور في الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية.

حق النساء في التعليم

وعن ذلك، تقول إن الحق الأساسي في التعليم هو الذي يفتح الباب لجميع الحقوق الأخرى، معتبرة أن موطنها لن يتمكن من تحقيق نمو اقتصادي، أو تطور سياسي، دون تعزيز حق الجنسين في التعليم، والارتقاء بجودة العملية التعليمية برمتها.

نشأت الناشطة الموريتانية لأسرة متوسطة الحال، في العاصمة نواكشوط. كان والدها يعمل بالتجارة، وفقدت والدتها في وقت مبكر بعد ولاتها، لتعيش في كنف الجدة. التحقت بالتعليم في سن صغيرة إلى أن بلغت المرحلة الثانوية، قبل أن تودع المسار التعليمي بشكل قسري من الوالد الذي أراد لها الزواج وهي ابنة الثالثة عشرة من العمر.

«النشاط الحقوقي أعاد اكتشاف شخصيتي، وطوّر من مهاراتي، وجعلني أكثر وعيًا بظروف المُهمَّشات اللاتي يضطررن للانقطاع عن التعليم تحت ضغط التقاليد البالية السائدة في المجتمع».

آمنة منت المختار، ناشطة وحقوقية موريتانية

في ذلك الوقت، كانت تنشط آمنة منت المختار في المشاركة بالمظاهرات السياسية، لكن والدها كان يمنعها من تلك المشاركة عبر «ربطها بالسلاسل»، بحسب تعبيرها.

زواج مبكر وقيود

من رحم تلك التجربة، تقول الناشطة الموريتانية: «تمردت علي الزواج المبكر والتقاليد التي تقصي المرأة، وتجعل منها مجرد أداة للقبضة الحديدية التقليدية والأبوية التي تحدد لها مسارًا ملزمًا، دون اعتبار لشخصيتها أو اختياراتها الأساسية». وتضيف: «النشاط الحقوقي أعاد اكتشاف شخصيتي، وطوّر من مهاراتي، وجعلني أكثر وعيًا بظروف المُهمَّشات اللاتي يضطررن للانقطاع عن التعليم تحت ضغط التقاليد البالية السائدة في المجتمع».

خلال مسارها النضالي، نالت «منت المختار» جوائز وأوسمة؛ ففي العام 2006 حصلت ع‍لى جائزة حقوق الإنسان للدولة الفرنسية، وتسلمتها من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي منحها وسامًا لنشاطها الحقوقي. واختارها أكاديميون أمريكيون بجامعة جورج تاون ضمن 500 شخصية الأكثر تأثيرًا في العالم الإسلامي، وفي العام 2015، رُشحت لجائزة نوبل للسلام.

تعليم الفتيات في موريتانيا

وفق إحصائيات سابقة، يواجه تعليم الفتيات في موريتانيا العديد من المشكلات، أبرزها «التسرب الكبير» للفتيات في مرحلة التعليم الثانوي، حيث تصل النسبة لنحو  47%، من إجمالي الفتيات في سن التعليم، فيما تتراوح نسبة الفتيات اللاتي يصلن إلى التعليم الجامعي بين 17 إلى 20% فقط من إجمالي من يدرسون في الجامعات.

وعلى الرغم من محاولات حشد وتعبئة الطاقات من أجل قضية تعليم الفتيات، إلا أن آمنة منت المختار تصف تلك الجهود بأنها تظل «قاصرة في ظل التقاليد التي تمنع الكثير من الفتيات من الولوج للتعليم الجامعي، بالإضافة إلى الحرمان الاقتصادي بالنسبة لمن يعشن، في ظروف صعبة، خارج العاصمة». كما تشير إلى ما تصفه بالسياسات الحكومية «التي تضع قيودًا على تولي المرأة مناصب قيادية في القطاعات كافة».

وإلى جانب صعوبة التحاق الفتيات بالتعليم العالي، تقول الناشطة الموريتانية إن التعليم الجامعي في بلادها يشهد مشكلات عدة، منها: المناهج والممارسات التعليمية التمييزية، والعنف القائم على نوع الجنس، والتدخلات الحكومية في المناهج وطرق التدريس، وانخفاض أعداد الطاقم التدريسي بالمدارس، والمرحلة الجامعية، على حد سواء.

سأواصل مسيرتي حتى تحصل المرأة على أعلى درجات التعليم كحق طبيعي، وليس من باب الاستثناء، وأن تتمتع بالمساواة الكاملة أمام القانون دون تحفظات.

آمنة منت المختار، ناشطة وحقوقية موريتانية

يضاف إلى قائمة التحديات تلك، زواج الفتيات وحملن في سن المراهقة، ما يمثل عقبة كبيرة دون مواصلتهن المسار التعليمي، بالإضافة إلى إسهام الحرمان الاقتصادي في مضاعفة صعوبة انخراط أولئك الفتيات في التعليم الجامعي، بحسب «منت المختار». وتوضح أن العديد من الطلاب يسكنون بعيدًا جدًا عن مدارسهم، مع عدم قدرة أسرهم التي تعتمد على النشاط الزراعي في كسب العيش، على مغادرة مواقع سكناهم والانتقال إلى المناطق الحضرية حيث توجد المدارس.

تمكين ذوي الإعاقة

ويعمل ائتلاف المنظمات الموريتانية من أجل التعليم، وقوامه نحو 18 ألف متطوع، على عدة برامج تستهدف تحسين اندماج الخريجين في سوق العمل، ودعم الفتيات اللاتي يواجهن ظروفًا اقتصادية صعبة للاندماج في الدراسة الجامعية، وتمكين ذوي الإعاقة من مواصلة تعليمهم، والمساهمة في تصميم برامج تعليمية وتربوية تتناسب مع قدراتهم، واحتياجاتهم، بالاشتراك مع منظمات دولية.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وتنتقد آمنة منت المختار، ما تعتبره تمييزًا ضد الفتيات في المنح الحكومية لاستكمال الدراسة بالخارج، وتقول إنها قاصرة على الذكور، أو الفتيات من أسر المسؤولين. كما تطالب الناشطة الموريتانية، الجهات الدولية المانحة، بزيادة أعداد المنح الحكومية التي تقدمها للراغبين في استكمال دراستهم بالخارج، في ظل وجود جامعة حكومية واحدة تعجز عن استيعاب كل الطلاب الراغبين في الدراسة.

مسار طويل

منذ العام 1999، تتولى آمنة منت المختار، الإشراف على أنشطة رابطة «النساء معيلات الأسر»، لدعم الموريتانيات أمام أشكال التمييز التي يتعرضن لها، والعنف الجسدي، وتشجيعهن على ممارسة أدوارهن في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

في ختام مقابلتنا، ترى الناشطة الموريتانية أن المرأة في بلادها «ضحية للتقاليد التي تنعكس في السياسات الحكومية، أو سياسات القبول الجامعي». وفيما تؤكد على أن النضال من أجل حياة طبيعية للنساء يمثل مسارًا طويلًا، تقول إنها ستواصل مسيرتها حتى تحصل المرأة على أعلى درجات التعليم كحق طبيعي، وليس من باب الاستثناء، وأن تتمتع بالمساواة الكاملة أمام القانون دون تحفظات.

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

https://www.bue.edu.eg/
Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى