أخبار وتقارير

جامعات الشرق الأوسط على خطى منصات التعلم الرقمي.. تجارب من جائحة كوفيد-19

مؤتمر أكاديمي يتناول مستقبل العملية التعليمية في جامعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ضوء تجربة التعلم الرقمي خلال التصدي لجائحة كوفيد-19.

في نقاش أكاديمي حول مستقبل التعلم الرقمي، نادى خبراء بضرورة مواكبة الجامعات للتقدم التكنولوجي المتسارع، وذلك في «مؤتمر التايمز للتعليم العالي: الجامعات الرقمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، الذي انعقد بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي.

المؤتمر، الذي جرت فعالياته بين  الثاني عشر والرابع عشر من أيلول/سبتمبر الجاري، شهد توافقًا حول حاجة الجامعات إلى البناء على ما تحقق من نقلة في التجربة التعليمية الرقمية، في ضوء تجربة التصدي لتداعيات كوفيد-19 في قطاع التعليم، كما أثار مشاركون فكرة إمكانية التعاون بين الجامعات ومنصات التعلم الإلكتروني.

وناقش المشاركون، قصص نجاح بعض بلدان المنطقة في تغيير ممارساتها التعليمية الجامعية خلال الجائحة، وسبل تكييف هذه النجاحات الرقمية بشكل دائم بجامعات المنطقة، لمواكبة التقدم التكنولوجي، وتعزيز بناء اقتصادات قائمة على المهارات والمواهب.

وعن ذلك، يقول جوان شوارتز، رئيس تنمية الأعمال في edX، منصة التعلم الافتراضية المجانية والتي أسستها جامعة هارفارد بالتعاون مع معهد ماساشوستس للتكنولوجيا: «إنها مهمة غاية في الصعوبة، ولكن التكنولوجيا لن تمهلنا وقتًا. وسيكون على الجامعات تغيير عقليتها وتبني الأفكار التقدمية، وإلا تخلفت عن الركب».

اقرأ أيضًا: (التعليم ما بعد كوفيد-19 يهيمن على نقاشات مؤتمر «الجامعات الرقمية» في أبوظبي).

ويرى «شوارتز» أن العملية التعليمية متباطئة، على النقيض من تسارع التقدم التكنولوجي، مضيفًا أنه على مؤسسات التعليم تزويد الطلاب بأدوات تمكنهم من الالتحاق بالسوق. ويوضح أن الوسط الأكاديمي يواجه تحديًا يتمثل في قيام مؤسسات، مثل جوجل، ومايكروسوفت، بإطلاق مناهجها الدراسية الخاصة، وبالتالي تنتفي الحاجة إلى ما تقدمه الجامعات، بحسب تعبيره.

«بإمكان الجامعات العمل وفق نموذج هجين، والاستفادة من جهود أفضل المؤسسات التي تقدم محتوى رقميًا؛ فتلك المؤسسات قادرة على تقديم نموذج أكثر قابلية للتطبيق، وأكثر جاذبية للمتلقين على تنوع ثقافاتهم».

جون شوارتز، رئيس تنمية الأعمال في edX

ويضيف أن أدوات ومحتوى تعزيز التعلم الرقمي متوفرة، مشيرًا إلى أنه بإمكان الجامعات العمل وفق نموذج هجين، والاستفادة من جهود أفضل المؤسسات التي تقدم محتوى رقميًا؛ فتلك المؤسسات قادرة على تقديم نموذج أكثر قابلية للتطبيق، وأكثر جاذبية للمتلقين على تنوع ثقافاتهم، على حد قوله.

آمال الطلاب

بالمثل، يتحدث خبراء عن آمال «الطلاب الرقميين»، أي الذين نشأوا محاطين بتطبيقات التكنولوجيا منذ سن مبكرة. ويشير هؤلاء إلى أن آمال أولئك الطلاب باتت كبيرة، وخاصة بعد الجائحة، وسيتعين على الجامعات تلبية تلك الاحتياجات حتى يتسنى لها الاستمرار.

ويقول أحمد الشعيبي، نائب مدير جامعة خليفة للشؤون الأكاديمية والطلابية، إن التحدي يتمثل في استخدام الرقمنة الاستخدام الأمثل، وحيثما يكون لاستخدامها جدوى.

ويضيف: «نريد تنمية المشاعر الاجتماعية لدى طلابنا، وأن يكونوا قادرين على التواصل مع زملائهم. لا نريدهم أن يعانوا من العزلة وراء الشاشة لفترات أطول. وأعتقد أن التعلم لا ينبغي أن يكون عبر الإنترنت بنسبة 100%. تكمن الفرصة الأكبر في نموذج هجين يجمع بين المسارين».

وفي معرض التأكيد على أهمية الفرص التي يوفرها التعلم الرقمي، واستخدام التقنيات المتقدمة، مثل الواقع الافتراضي، والذكاء الاصطناعي للطلاب، وخاصة في التفاعل مع العالم، وتبادل المعرفة، يوضح  «الشعيبي»

جامعة خليفة نفذت دورة دراسية، بالتعاون مع جامعات مختلفة في الولايات المتحدة والصين، خلال الفصل الدراسي الماضي. ويقول إن هذه الدورات جمعت طلابًا من دول عدة، وبلغات مختلفة، ومناطق زمنية متفاوتة. كما يشير إلى أن الطلاب لم يحضروا تلك الدورات معًا فحسب، بل عملوا أيضًا في مجموعة واحدة لحل المشكلات.

ويعلق على تلك التجربة بالقول إنها مثلت فرصة عظيمة استفاد منها الطلاب كثيرًا، أما التحدي الأكبر فهو تحقيق التوازن بين الفرص والصعوبات التي تفرضها الرقمنة، بحسب تعبيره.

تفاعل الطلاب

ومن جانبه، قال كايل فارلي، نائب رئيس الجامعة المساعد السابق للطلاب، بجامعة نيويورك أبوظبي، إن القليل من طلابهم اختاروا التعلم من المنزل أثناء الجائحة.

ويروي جانبًا من تجربة الجامعة في هذا الصدد، قائلًا: «أخبرنا الطلاب بأنه ليس عليهم العودة إلى منازلهم إن كانوا يرغبون في البقاء بمقر الجامعة، ولكن جميع القاعات مغلقة، وجميع المرافق الرياضية والأنشطة خارج المنهج متوقفة، والشيء الوحيد الذي يمكنهم القيام به هو تلقي المحاضرات في غرفهم بمنازلهم. وعلى الرغم من كل هذه القيود فقد قرر الجميع البقاء. وهو أمر يؤكد على أهمية التفاعل مع المكان».

وعن تجربة جامعة زايد في دبي، يقول جون ماتيوس، مساعد عميد كلية الدراسات متعددة التخصصات بالجامعة إن المشاركة عامل حاسم في التعلم الافتراضي. ويضيف أن الجامعة عملت على إعادة تصميم المنهج بأكمله، ليشمل أنشطة المشاركة أثناء اللجوء إلى الأدوات الرقمية، للمساعدة في مراقبة مشاركة الطلاب. ويوضح أن نتيجة هذه التجربة الافتراضية كانت «مساوية أو أفضل نوعًا ما مما كنا نجده في النموذج التقليدي للدراسة، وخاصة فيما يتعلق بالتزام الطلاب».

الفقر الرقمي

وتشير التقديرات إلى أن نحو 37 مليون شاب عربي حُرموا من التعليم خلال الجائحة، بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى شبكة الإنترنت واستخدام الأجهزة الرقمية. ويقول عصام سرور، مدير مركز الغرير للتعليم والتعلم الرقمي في الجامعة الأمريكية في بيروت، إن الفقر الرقمي لا يتعلق بالبنية التحتية فقط، بل يتجاوز ذلك إلى عدم تلقي التدريب على التعامل مع العالم الرقمي، والاستفادة من أدواته.

اقرأ أيضًا: (تحذير علمي من مخاطر الفجوة الرقمية بين الجنسين في العالم العربي).

«لا يتوجب على البرامج الدراسية أن تكون رقمية تمامًا، أو تقليدية تمامًا. ومن شأن المزج بين مزايا هذه وتلك أن يمنحنا أفضل نتيجة ممكنة».

أنتوني تاترسال، نائب رئيس «كورسيرا» لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.

وفيما تستهدف البرامج التعليمية بمركز «الغرير»، تغطية احتياجات الأفراد الأقل حظًا في العملية التعليمية، فإنها تهدف كذلك إلى تطوير المهارات لتمكين الأفراد من الانضمام إلى القوى العاملة. وهي متاحة للجميع، مع مراعاة التوازن بين الجنسين والعدالة الاقتصادية. وعن ذلك، يقول «سرور»: «لا يمكن للجامعات العمل بمفردها لسد الفجوة بين الطلاب الفقراء رقميًا. الصناعة يجب أن تتدخل، وكذلك الحكومات».

الشراكة مع المنصات الرقمية

وتشمل تجارب التعلم الرقمي، فرص التعاون بين مقدمي الدورات التدريبية عبر الإنترنت مثل «كورسيرا» Coursera، مع الجامعات، للمساعدة في سد الفجوة بين التعليم واحتياجات سوق العمل، عبر تحسين مهارات الطلاب. ويقول أنتوني تاترسال، نائب رئيس كورسيرا لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «نساعد في ضمان امتلاك الطلاب عند مغادرة الجامعة للمهارات التي تمكنهم من النجاح في عالم الأعمال».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويؤكد «تاترسال» أنه بإمكان الجامعات إنشاء وحدات أكثر تخصيصًا لتعزيز مهارات الطلاب، بدعم من منصات التعلم المفتوحة. وفيما يوضح أن المهارات الفنية تتطور باستمرار، يشدد على أنه من الصعب جدًا، ومن المكلف مالًا ووقتًا للجامعات، أن تواكب أحدث الابتكارات بمفردها، بحسب تعبيرها. كما يرى أن منصات التعلم عبر الإنترنت يمكنها توفير محتوى متطورًا يمكن للجامعات تقديمه كمواد اختيارية، أو دمجه في المناهج الدراسية.

وبعد خبرة الجامعات في نماذج التعلم الافتراضية، خلال فترة إغلاقات كوفيد-19، يتفق خبراء على أنه لا عودة إلى أساليب تعلم ما قبل الجائحة. ويتوقع «تاترسال» أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من نماذج التعلم الهجينة، وفصول الدراسة التي تمزج بين عدة أساليب وتقنيات. ويضيف: «لا يتوجب على البرامج الدراسية أن تكون رقمية تمامًا، أو تقليدية تمامًا. ومن شأن المزج بين مزايا هذه وتلك أن يمنحنا أفضل نتيجة ممكنة».

للمزيد من تقاريرنا حول تطبيق التكنولوجيا في التعليم، طالع قسم تكنولوجيا/ تعليم إلكتروني.

اقرأ أيضًا:

هل يطلق وباء فيروس كورونا شرارة إصلاح التعليم العالي العربي؟

هل يمكن أن يغير “الاضطراب الداعم” واقع التعليم العالي العربي

التعلم المدمج في جامعة هيريوت وات دبي.. دروس من تجربة أكاديمية

بمشاركة خبراء من 23 دولة.. مؤتمر بالسعودية يوصي بالتحول نحو التعليم المبني على المهارات

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى