أخبار وتقارير

طلاب الثانوية العامة وحيرة التخصص الجامعي.. هل يحل «الإرشاد الأكاديمي» المعضلة؟

مع انطلاق المرحلة الأولى من تسجيل رغبات خريجي الثانوية العامة في مصر، للالتحاق بجامعات البلاد، اليوم (الخميس)، وبالتزامن مع مساعٍ مماثلة في أكثر من بلد عربي، تثور تساؤلات حول دور الإرشاد الأكاديمي في مساعدة هؤلاء الطلاب على حسم حيرة المفاضلة بين العديد من خيارات التخصص الدراسي بالجامعة.

ويربط أكاديميون بين هذا الدور، وقضايا رئيسية تشغل بال مجتمع التعليم العالي في المنطقة العربية راهنًا، حيث يقول البروفيسور عمار كاكا، عميد ورئيس جامعة هيريوت وات دبي، إن تغير سوق العمل، بشكل جذري، بسبب الثورة التكنولوجية الحالية، أدى إلى تغير مماثل في طبيعة الوظائف والمهارات المطلوبة من الموظفين الحاليين، وخريجي الجامعات على حد سواء.

ويشير في تصريحات مكتوبة لـ«الفنار للإعلام»: «هنا تأتي أهمية الإرشاد الأكاديمى على كافة المستويات، خصوصًا في مؤسسات التعليم العالي، حيث إنهم على دراية كاملة بالمتغيرات الطارئة على سوق العمل، والوظائف، والمهارات المطلوبة في شتى الصناعات».

«الإرشاد الأكاديمي يرسم خريطة الطريق للطلبة، فتصبح من مسؤوليات الجامعات توجيه طلبة المدارس، ومساعدتهم على اختيار التخصص وفقًا لإمكاناتهم، واهتماماتهم العلمية، وقدراتهم الفردية، وميولهم، بالإضافة إلى احتياجات سوق العمل».

البروفيسور عمار كاكا عميد ورئيس جامعة هيريوت وات دبي

ويوضح أن الإرشاد الأكاديمي يرسم خريطة الطريق للطلبة، فتصبح من مسؤوليات الجامعات توجيه طلبة المدارس، ومساعدتهم على اختيار التخصص وفقًا لإمكاناتهم، واهتماماتهم العلمية، وقدراتهم الفردية، وميولهم بالإضافة إلى احتياجات سوق العمل. ويشير إلى أن هذا الدور يتم من خلال طرح البرامج التأسيسية، والشراكات المستمرة بين المدارس والجامعات، لحضور فعاليات ومناقشات لشرح التخصصات، والمهارات التقنية، والمعرفية، والشخصية المطلوبة لكل تخصص بالتفصيل.

ويقول عميد ورئيس جامعة هيريوت وات دبي إن دراسات كثيرة أشارت إلى وجود صلة مباشرة بين التوجيه الصحيح للطلبة في اختيار تخصصاتهم المناسبة، وسد فجوة المهارات التي نشهدها الآن، وبالتالي الاستفادة الفعالة والقصوى من الموارد البشرية والكفاءات المتاحة، وتفادي سوء التوظيف وإهدار الموارد.

حيرة اختيار التخصص الجامعي

وعن تجربة الجامعة في هذا الصدد، يضيف أنه في كثير من الأحيان، يجد مسؤولو الجامعة الطالب المدرسي في مواجهة حيرة كبيرة عند اختياره لتخصصه الجامعي، ويقع في مأزق شائع، ألا وهو اختيار التخصص المضمون، أم اختيار التخصص المفضل الذي يريد أن يسلكه ويبرع فيه، والذى سيساعده على الاستفادة القصوى من مهاراته الشخصية، ومواهبه، وتوظيفها في دراسته ومهنته المستقبلية فيما بعد.

ولحل هذه المعضلة، توفر الجامعة – بحسب البروفيسور عمار كاكا – فريقًا للإرشاد الأكاديمي، حيث يقدم الفريق دعمًا مكثفًا من خلال التواصل المستمر مع الطلبة. ويقول إن المرشدين الأكاديميين يساعدون الطلاب على استكشاف اهتماماتهم الأكاديمية، وتحديد الموارد للحصول على المعلومات والدعم الإضافي، ووضع خطط دراسية مناسبة لأهدافهم التعليمية.

ويعلق على العملية برمتها قائلًا: «إنها بمثابة عملية صنع القرار، حيث يسلط تبادل المعلومات بين الطالب والمرشد، الضوء على الخيارات المناسبة، ويوفر للطلبة تجربة أكاديمية ناجحة، وسلسة فيما بعد». ويقول إنه من الممكن أيضًا أن يوفر المستشارون الأكاديميون المساعدة للطلبة في الاستعدادات لخوض الاختبارات الأولية، ومساعدتهم في فهم حقوقهم،ومسؤولياتهم كطلبة جامعيين بشكل أفضل، وشرح كيفية سير عملية التسجيل، بالإضافة إلى اختيار المواد.

وعن طبيعة الدعم الذي يمكن أن تقدمه مؤسسات التعليم العالي لخريجي الثانوية العامة في مسعاهم نحو الدراسة الجامعية، يقول راجيندر شارما، أستاذ مشارك، ورئيس برنامج الالتحاق(DEP) Degree Entry Program  بجامعة هيريوت وات بدبي، إن هناك العديد من الحلول التي يمكن تطبيقها لتقديم الدعم والإرشاد اللازم للطلبة، وتوجيههم للتخصص المناسب لقدرتهم ومهاراتهم.

سوق العمل والمهارات الشخصية

«مع التغييرات في سوق العمل، وزيادة الطلب على المهارات الشخصية ومجموعة مختلفة من المهارات التقنية، أصبح اختيار مجال الدراسة والتخصص أكثر صعوبة الآن. وإدراكًا لهذه الحقيقة، تعمل المدارس والجامعات بلا كلل لسد هذه الفجوة».

راجيندر شارما أستاذ مشارك، ورئيس برنامج الالتحاق (DEP) Degree Entry Program بجامعة هيريوت وات بدبي.

ويضيف لـ«الفنار للإعلام»: «مع التغييرات في سوق العمل، وزيادة الطلب على المهارات الشخصية ومجموعة مختلفة من المهارات التقنية، أصبح اختيار مجال الدراسة والتخصص أكثر صعوبة الآن.  وإدراكًا لهذه الحقيقة، تعمل المدارس والجامعات بلا كلل لسد هذه الفجوة».

ويشير إلى تصميم برامج تأسيسية، مثل برامج الالتحاق (DEP) التي تقدمها جامعة هيريوت وات دبي، لمساعدة الطلاب في هذه المرحلة الانتقالية، وتزويدهم بالمهارات الناعمة، ومهارات الاستعداد للعمل المطلوبة للتميز في سوق العمل. ويقول إنه تم تصميم برامج محددة لتزويد الطلاب بمسار للحصول على درجة جامعية من خلال صقل مهاراتهم في الكتابة والبحث، وتقنيات التقييم والامتحان، ومهارات تكنولوجيا المعلومات.

عقب اجتياز هذه البرامج بنجاح، سيتمكن الطلاب من الانضمام إلى التخصصات المختلفة مثل الهندسة، وعلوم البيانات، والروبوتات، والأنظمة المستقلة والتفاعلية، وغيرها، بحسب المسؤول الأكاديمي. ويوضح رئيس برنامج الالتحاق بجامعة هيريوت وات دبي أن  مدة البرنامج فصلين دراسيين فقط، ويصفه بأنه إطار زمني مثالي للطلاب لاإنتقال بسلاسة إلى دراساتهم الجامعية، مع ضمان عدم تأخرهم في متابعة دراستهم. ويقول إنه بإمكان تلك البرامج التأسيسية بناء ثقة الطلاب، ومهارات الاستعداد للعمل، من خلال تنمية مهاراتهم الشخصية، وتوفير الخبرة العملية.

مبادرات الإرشاد الأكاديمي بالجامعات

وبالمثل، يقول البروفيسور تادج أودونوفان، نائب الرئيس، ورئيس كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية، بجامعة هيريوت وات دبي، إن هناك كثيرًا من المبادرات الجامعية لتقديم الإرشاد للطلبة.

ويضرب مثالًا حول مهنة الهندسة بتخصصاتها المختلفة، مشيرًا إلى أن الجامعة تقدم برنامج «مهندس لمدة يوم»، حيث يستهدف طلاب المرحلة الثانوية، لتقديم فرصة أكبر لهم للتعرف على المجالات الهندسية المختلفة والمعرفة التي يمكن أن يكتسبوها من خلال دراستهم.

https://www.bue.edu.eg/

ويهدف البرنامج، وفق رئيس كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة هيريوت وات دبي، إلى تقديم تجربة فريدة لطلبة المدارس، من خلال خوضهم تجربة عيش حياة المهندس، والتحديات والصعوبات التي يواجهها، وتقديم الإرشاد والأدوات اللازمة للتغلب عليها.

كما تساهم تلك التجربة – يقول المسؤول الأكاديمي – في توفير مساحة للطلبة لعرض أفكارهم المبتكرة، وبالتالي تعزيز مهاراتهم، وليس فقط المهارات التقنية، بل ومهاراتهم الشخصية مثل التواصل، والتنظيم والتخطيط، والعمل ضمن الفريق، والتفكير النقدى، وإدارة الأزمات حيث تلعب تلك المهارات الناعمة دورًا كبيرًا في تحديد نجاحهم في المستقبل. وعن كل ذلك، يقول تادج أودونوفان: «تلك المبادرات والفعاليات تعد بمثابة حلول لتقديم الدعم والتوجيه اللازم للطلبة، وتوفير السبل والموارد لمساعدتهم في اختيار التخصص الذي يناسبهم عن طريق توفير التجربة العملية لهم، وبالتالي تصبح خطوة اختيار التخصص سلسة وخالية من الصعوبات».

اقرأ أيضًا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى