أخبار وتقارير

تحديات في طريق ترسيخ اللغة الإنجليزية بمدارس الجزائر

بعد عقود من الارتباط باللغة الفرنسية، وأعوام من الجدل حول مصير العلاقة التي تجمع العملية التعليمية في الجزائر بتلك اللغة، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أواخر الشهر الماضي، انحيازه إلى خيار التحول إلى اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في مدارس البلاد.

وقال «تبون»، في مقابلة متلفزة، إن اللغة الفرنسية تبقى مجرد غنيمة حرب، وأثر استعمار عاش طويلًا في البلاد، أما اللغة الإنجليزية فهي لغة الأبحاث والعلوم، ووجب تدريسها والاهتمام بها أكثر، بحسب تعبيره.

في السنوات الماضية، كان تعليم اللغة الإنجليزية في الجزائر، يبدأ من المرحلة المتوسطة، ويزاد التركيز عليها في المرحلة الثانوية، قبل الانتقال إلى المرحلة الجامعية. وبموجب القرار الرئاسي، ستصبح الإنجليزية هي اللغة الثانية بعد اللغة العربية، فيما لم يحسم بعد نصيب اللغة الفرنسية من مناهج التعليم.

ويقول عبد المؤمن سلامي، من ديوان الامتحانات والمسابقات بوزارة التربية والتعليم الجزائرية، إن هناك 11 مليون تلميذ، من مختلف المراحل، ستستقبلهم المدارس في أيلول/سبتمبر المقبل، منهم 425 ألفًا يلتحقون بالدراسة لأول مرة. وفيما استبعد، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، البدء بتعليم الإنجليزية من السنوات الأولى بالمرحلة الابتدائية، توقع أن يكون العدد المعني بتعلم هذه اللغة في حدود تسعة ملايين تلميذ. كما يوضح المسؤول التربوي أن السلطات المعنية ما تزال في مرحلة التشاور مع الخبراء والأساتذة، ومفتشي المادة، على المستوى الوطني، لحسم كل الأمور قبل حلول موعد بداية الدراسة.

بدأت مديريات التربية والتعليم، في 58 ولاية جزائرية، استقبال الملفات الخاصة بتوظيف أساتذة التعليم الابتدائي في مادة اللغة الإنجليزية، وذلك منذ الثاني من آب/أغسطس الجاري.

عثمان حمنة مدير التربية والتعليم لولاية سطيف – شرق الجزائر.

ويشير «سلامي» إلى أن المدارس الابتدائية، وعددها 19,504 مدرسة، تحتاج إلى ما يزيد عن 25 ألف معلم للإنجليزية، مضيفًا أن عددًا من هذه المدارس يحتاج إلى أكثر من معلم واحد، في ضوء كثافة عدد التلاميذ.

وفي السياق نفسه، بدأت مديريات التربية والتعليم، في 58 ولاية جزائرية، استقبال الملفات الخاصة بتوظيف أساتذة التعليم الابتدائي في مادة اللغة الإنجليزية، وذلك منذ الثاني من آب/أغسطس الجاري، بحسب مدير التربية والتعليم لولاية سطيف شرق الجزائر، عثمان حمنة.

ويبدو أن القرارات الأخيرة أسهمت في لجوء خريجي البكالوريا (الثانوية العامة) إلى اختيار تخصص اللغة الإنجليزية على رأس قائمة الرغبات، عند التسجيل الأولي بالمرحلة الجامعية. وعن ذلك، تقول بهية قارص، مستشارة التوجيه في بجامعة عبد الرحمان ميرة ببجاية، شرق الجزائر، إن 56% من حملة شهادة البكالوريا أبدوا رغبتهم في دراسة اللغة الإنجليزية بالجامعة. وتقول سعيدة سكليلي، خريجة البكالوريا  هذا العام، إنها اختارت دراسة اللغة الإنجليزية دون تردد «لأنها على الأقل ستكون بوابة التوظيف في سلك التعليم خلال السنوات الخمس المقبلة».

وبالمثل، يقول الطالب فؤاد راجح، إنه اختار دراسة اللغة الإنجليزية. ويضيف في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «كلنا نعلم بأن قطاع التربية والتعليم هو الأول في التوظيف بالجزائر، وكل التخصصات مشبعة عدا الإنجليزية التي دخلت هذا العام مرحلة الابتدائي، وبالتالي اخترتها للدراسة بالجامعة».

ترحيب مشروط

من جانبه، رحب المجلس الوطني للثانويات بالجزائر بقرار تعميم اللغة الإنجليزية في المناهج التربوية، لكونها لغة علم وتطور وتكنولوجيا، وأنها اللغة العالمية الأولى. ورأى المجلس أن نجاح العملية مرهون ببعض الشروط، وأهمها: الدراسة الجيدة لهذه الخطوة من قبل وزارة التربية الوطنية، باعتبار القرار سابقة في تاريخ الجزائر بعد الاستقلال.

تعليم اللغة الإنجليزية في الطور الابتدائي، لابد له من برنامج تربوي مدروس بعناية كبيرة، ليتناسب مع سن التلاميذ، أما من الناحية المادية، فالعملية تحتاج إلى موارد لتغطية الحاجة إلى تعيين أساتذة متخصصين في المادة.

فواز مذكور مسؤول الإعلام بالمجلس الوطني للثانويات بالجزائر.

ويقول مسؤول الإعلام بالمجلس، فواز مذكور، إن تعليم اللغة الإنجليزية في الطور الابتدائي، لابد له من برنامج تربوي مدروس بعناية كبيرة، ليتناسب مع سن التلاميذ، أما من الناحية المادية، فالعملية تحتاج إلى موارد لتغطية الحاجة إلى تعيين أساتذة متخصصين في المادة، موضحًا أن المجلس يرفض إسناد تدريس المادة إلى أساتذة من خارج التخصص.

انتقادات ومحاذير

وفي المقابل، ينتقد الناشط السياسي عثمان بن صيد، ما يصفه بالتسرع الذي وقعت فيه الجزائر في تطبيق قرار تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، واعتبرها خطوة للهروب من واقع المدرسة غير اللائق، على حد تعبيره. ويضيف في تصريح لـ«الفنار للإعلام» أن «فكرة تدريس الإنجليزية جيدة، لكن يتم تنفيذها بشكل غير مدروس، ما من شأنه إحداث فوضى كبيرة عند بدء الدراسة الشهر المقبل».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويقول إنه كان من الواجب تشكيل لجنة عليا بوزارة التربية والتعليم، من متخصصين وخبراء، لوضع خطة مدروسة تشمل أمور المناهج، ومحتوى المادة، قبل التنفيذ. كما يرجح «بن صيد» اصطدام الخطوة بعائق الكادر البشري، نظرًا لصعوبة توفير الكم الهائل المطلوب من الأساتذة، ما قد يجعل المسؤولين يعتمدون على أساتذة اللغة الفرنسية لتعليم الإنجليزية، وهو ما يصفه بالخطأ الكبير.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى