أخبار وتقارير

الفيضانات في السودان والبحث العلمي.. هل تواكب الجامعات قضايا البيئة؟

أثارت الفيضانات التي شهدها السودان مؤخرًا، تساؤلات حول البرامج الدراسية المعنية ببحث التغير المناخي، ومدى مواكبة الجامعات لقضايا البيئة.

ووفق شهادات من أكاديميين وخبراء، فإنه يندر وجود برامج دراسية جديدة في التغيرات المناخية، أو مقررات في علم الأرصاد الجوية والتغير المناخي بجامعات السودان.

ويقول عثمان ميرغني، الأستاذ بمعهد الدراسات البيئة في جامعة الخرطوم، في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام» إنه لا يوجد برنامج دراسي محدد لدراسة آثار الفيضانات بالجامعات، أو خبراء متخصصين من واقع دراستهم الأكاديمية في هذه المجالات المرتبطة بتغير المناخ.

اقرأ أيضًا: (إطلاق منح بريطانية – مصرية في مجال التعليم العالي وتغير المناخ).

ويضيف أنه لا توجد جامعة سودانية تمنح درجة علمية في مجالات تقييم الأثر البيئي، أو تغير المناخ. كما يقول إن مشروعات تقييم الأثر البيئي «ليست ضمن أولويات الجهات الحكومية في تنفيذ مشروعات الري».

ويقدم معهد الدراسات البيئية، برنامجًا لدراسة الماجستير في تخصص الأرصاد الجوية، والذي جرى تصميمه خصيصًا لتدريب منسوبي هيئة الأرصاد الجوية بالسودان.

وتأسس المعهد، في العام 1977، كجهد تعاوني بين جامعة الخرطوم، وجامعة الأمم المتحدة (الذراع الأكاديمي للأمم المتحدة، ومقرها الرئيسي في طوكيو). ويستقبل المعهد طلاب الدراسات العليا في العلوم البيئية (ماجستير ودكتوراه)، كما ينظم ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة، وفق «ميرغني».

غياب مشروعات تقييم الأثر البيئي للمشروعات العمرانية، ينعكس في أضرار كبيرة تتسبب بها الفيضانات، وخاصة بعدما تسبب التمدد السكاني والعمراني في انسداد مسارات تصريف السيول، والتي كنت تعمل بشكل طبيعى قبل سنوات.

عثمان ميرغني، أستاذ بمعهد دراسات البيئة – جامعة الخرطوم.

ويرى مدرس مادتي «إدارة الموارد المائية في السودان»،  و«دراسات تقييم الأثر البيئي» بالمعهد، أن غياب مشروعات تقييم الأثر البيئي للمشروعات العمرانية، ينعكس في أضرار كبيرة تتسبب بها الفيضانات، وخاصة بعدما تسبب التمدد السكاني والعمراني في انسداد مسارات تصريف السيول، والتي كنت تعمل بشكل طبيعى قبل سنوات.

وبنبرة تحذيرية، يقول الأكاديمي السوداني إن كل المعلومات المرتبطة بالموارد المائية المعتمدة حاليًا لدى المراكز الحكومية «غير محدثة»، وتستند إلى مساحة شمال السودان حين كانت دولة واحدة مع الجنوب قبل وقوع عملية الانفصال في عام 2011، مشددًا على أن تلك البيانات تجعل الباحثين غير قادرين على رسم خطط مستقبلية لواقع أزمة المياه في البلاد.

اقرأ أيضًا: (باحثة مغربية تدرس تأثير المناخ على الاقتصاد والمجتمع).

ويتوقع عثمان ميرغني زيادة الاهتمام أكثر بتحديث هذه المعلومات، وتأسيس برامج دراسية متخصصة في علم الموارد المائية، بعد إقامة سد النهضة في إثيوبيا، كنتيجة للتغيرات التي ستنشأ جراء السد، ومنها تأثر حصة السودان من المياه، بحسب قوله.

من جانبه، يربط عبد الله خيار، المدير السابق للهيئة القومية للأرصاد الجوية بالسودان، ندرة الباحثين المتخصصين في قضايا تغير المناخ في بلاده، بضعف الأموال المخصصة للبحث العلمي، والتي تنعكس على فتح برامج دراسية حديثة تلبي احتياجات الباحثين الراغبين في دراسة هذه القضايا.

ويضيف، في تصريح لـ«الفنار للإعلام» أن محدودية الدعم المالي انعكست في عدم توفر أجهزة حديثة متطورة، لرصد وتوثيق آثار تغير المناخ، والتغيرات في درجات الحرارة خلال الأعوام الاخيرة، وذلك على الرغم من التغيرات والتقلبات المناخية، مرجحًا أن يصبح التكيف مع هذه التأثيرات أكثر صعوبة، ومكلفًا أكثر في المستقبل.

وترى إقبال وراق، الأستاذة بكلية علوم البيئة في جامعة الرباط الوطني بالخرطوم، أن ظاهرة التغير المناخي من البرامج النادرة، والتخصصات التي لم تجد اهتمامًا وافرًا في السودان، رغم أهمية هذا التخصص، وتأثيره الكبير على المجالات المحلية كافة، موضحة أن برامج التغيرات المناخية «محصورة» داخل برامج بيئية محددة، وليست برامج قائمة بذاتها.

نؤكد على أهمية استحداث برامج علمية للإنذار المبكر للكوارث الطبيعية، إلى جانب تعميم برامج تدريبية لتقييم الأثر البيئي على مستوى طلاب البكالوريوس وليس الماجستير فقط، وخاصة في ظل الأهمية الكبرى لهذه البرامج في الحد من آثار التغيرات المناخية، والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات.

عثمان ميرغني، أستاذ بمعهد دراسات البيئة – جامعة الخرطوم.

وتقول في تصريح لـ«الفنار للإعلام» إن غياب سياسات واضحة لدعم إجراءات التقليل من آثار التغير المناخي، انعكس في وضع خطط، وأهداف غير واضحة، وغير محددة. كما تشير إلى «عدم وجود ميزانيات محددة للحد من آثار التغير المناخي، أو تمويل البحوث التي تخدم قضايا البيئة والتغير المناخي». كما تشكو مما تصفه بتعقيد الإجراءات التي تواجه الباحث عندما يتصدى لتطبيق بحوث في هذا المجال.

وتوصي الأكاديمية السودانية، وهي حاصلة على الدكتوراه في الفلسفة في العلوم البيئية من جامعة الخرطوم، بضرورة الاستفادة من الخبرات التراكمية، وإطلاق برامج إرشادية للتقليل من آثار التغيرات المناخية، إلى جانب ربط البحوث التطبيقية بالمراكز الحكومية التي تحتوى على أجهزة القياس المتخصصة مثل أجهزة الاستشعار عن بعد، والأرصاد الجوية، للاستفادة القصوي من مخرجات البحوث والدراسات.

وبدوره، ينصح عثمان ميرغني بضرورة تعزيز التدريب الميداني لتزويد الطلاب بالمعارف البيئية الأساسية التي تتناولها التخصصات البيولوجية، والكيميائية، والفيزيائية، والجيولوجية والتطبيقية، إلى جانب تحديث بيانات الموارد المائية في المراكز المتخصصة، لمساعدة الباحثين على تصميم سياسات للموارد للمائية.

كما يؤكد الأكاديمي السوداني على أهمية استحداث برامج علمية للإنذار المبكر للكوارث الطبيعية، إلى جانب تعميم برامج تدريبية لتقييم الأثر البيئي على مستوى طلاب البكالوريوس وليس الماجستير فقط، وخاصة في ظل الأهمية الكبرى لهذه البرامج في الحد من آثار التغيرات المناخية، والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات.

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى