أخبار وتقارير

الأكاديمية الفلسطينية صفاء ناصر الدين لـ«الفنار للإعلام»: نقص التمويل يهدد العملية التعليمية بجامعة القدس

تواجه جامعة القدس، الجامعة العربية الوحيدة بمدينة القدس المحتلة، أزمة مالية بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل، وتراجع المنح والمساعدات المالية المخصصة لها من الخارج، وسط مساعٍ مستمرة لاكتشاف وسائل تمويل بديلة، لتجنب تضرر طلاب الجامعة غير المقتدرين، أو توقف العملية التعليمية برمتها.

وتقول أمين عام هيئة رئاسة الجامعة، د. صفاء ناصر الدين، في مقابلة عبر «زووم» لـ«الفنار للإعلام» إن المشكلة الرئيسية التي تواجه غالبية الجامعات الفلسطينية الآن هي نقص التمويل، والارتفاع المستمر في تكلفة العملية التعليمية والتشغيلية للحرم الجامعي، وسط عجز آلاف الطلاب عن سداد الأقساط الدراسية بسبب تأزم الوضع الاقتصادي.

وتضيف الأكاديمية الفلسطينية، التي عملت نائبًا لرئيس الجامعة بين عامي 2014، و2021، أن التعليم الجامعي في فلسطين ليس مجانيًا، ما يمثل عبئًا إضافية على قطاعات واسعة من الأسر التي تعجز عن سداد رسوم أبنائها، وهو ما تحاول المؤسسات  التعليمية، عادة، معالجته من خلال البحث عن مصادر تمويل بديلة، كآلية للحيلولة دون فصل الطلاب غير القادرين ماديًا.

اقرأ أيضًا: (أكاديميون فلسطينيون يحشدون الدعم للقضية الفلسطينية).

يتوزع حرم جامعة القدس، التي تأسست عام 1978، في عدة مواقع بمدينة القدس المحتلة، ومحيطها: حرم البلدة القديمة، وحرم الشيخ جراح، وحرم بيت حنينا، أما الحرم الرئيسي فيقع في بلدة أبو ديس شرق مدينة القدس.

نطالب بتحسين ظروف التعليم بجامعات فلسطين، والعمل من أجل تعزيز استقلاليتها بعيدًا عن معوقات الاحتلال الإسرائيلي، حتى تتمكن تلك الجامعات من تطوير وتحديث مناهجها، ودعم طلابها في مسارهم التعليمي بشكل طبيعي.

  صفاء ناصر الدين أمين عام هيئة رئاسة جامعة القدس.

وفيما توضح «ناصر الدين» أن أساتذة الجامعة لا يحصلون سوى على 80% من أجورهم بسبب الأزمة المالية التي تضرب الجامعة، وتراجع المنح والمساعدات المالية المقدمة لها من الخارج جراء أزمة كوفيد-19، تقول إن الجامعة التزمت، رغم تلك الصعوبات، بتقديم الدعم المالي والمنح المجانية للطلاب غير الميسورين. وتقدر الأكاديمية الفلسطينية نسبة هؤلاء بنحو 56% من الطلاب. كما تشير إلى أن الجامعة تجنبت فصل أي طالب تخلف عن سداد الأقساط الدراسية التي تمثل المورد الرئيسي لميزانيتها.

وأمام حجم مصروفات سنوي يبلغ نحو 4.7 مليون دولار أمريكي، لا يتجاوز حجم المساعدات والمنح التي تتلقاها الجامعة نسبة الربع من المبلغ المطلوب لكل عام، بحسب «ناصر الدين». وفي محاولة لتعظيم فرص الحصول على مساعدات مالية من الدول الأجنبية والعربية لتغطية الرسوم الجامعية للطالبات، تقول الأكاديمية الفلسطينية إن الجامعة حصلت على فتوى دينية تجيز دفع الأفراد زكاة أموالهم إلى الجامعات لدعم تعليم الطلاب غير القادرين.

خطط للحل.. وقيود إسرائيلية

وفي سبيل محاولات تخطي هذه المعوقات المادية، اعتمدت الجامعة منذ ثلاث سنوات، خفض النفقات بتقليل عدد الموظفين الإداريين، وإيقاف الابتعاث، مع التوسع في تأسيس حاضنات الأعمال للطلاب، بالتعاون مع القطاع الخاص، للمساهمة في تعظيم الموارد، كما تقول أمين عام هيئة رئاسة جامعة القدس.

تضم جامعة القدس 15 كلية تمنح الدرجات العلمية وهي: الطب، وطب الأسنان، والصيدلة، والمهن الصحية، والصحة العامة، والهندسة، والعلوم والتكنولوجيا، والقانون، والآداب والعلوم الإنسانية، والدراسات الثنائية، القدس – بارد ، والقرآن والدراسات الإسلامية، والأعمال والاقتصاد، والشريعة، والعلوم التربوية، وكلية الدراسات العليا. وتقدم الجامعة 55 برنامجًا جامعيًا، و45 برنامجًا للدراسات العليا، ويبلغ عدد طلابها في مرحلة البكالوريوس 9,500 طالب،  وفي مرحلة الدراسات العليا 2,500 طالب، كما يبلغ عدد خريجيها 45,293 خريجًا.

وتوضح الأكاديمية الفلسطينية صفاء ناصر الدين، أنه إلى جانب الصعوبات المالية، تواجه الجامعة معوقات أمام تطوير العملية التعليمية «نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي بمنع أساتذتها من السفر إلى الخارج، فضلًا عن وجود قيود واسعة على الاعتراف الأكاديمي بشهادات خريجي الجامعة من جانب مؤسسات العمل الإسرائيلية بالقدس المحتلة»، وهو يضع المزيد من الصعوبات على كاهل الخريجين الباحثين عن عمل.

وتشير إلى انتزاع الجامعة اعترافًا من وزارتي الصحة والتعليم بالحكومة الإسرائيلية، بخريجي كليات المهن الطبية بالجامعة، في نهاية عام 2014، بعد نزاع قضائي طويل، ما سمح لهؤلاء الخريجين بالعمل داخل مستشفيات القدس المحتلة.

أساتذة الجامعة لا يحصلون سوى على 80% من أجورهم بسبب الأزمة المالية التي تضرب الجامعة، وتراجع المنح والمساعدات المالية المقدمة لها من الخارج جراء أزمة كوفيد-19.

صفاء ناصر الدين أمين عام هيئة رئاسة جامعة القدس.

وفي السياق نفسه، تقول إن الجامعة ممنوعة من التعاقد مع أساتذة، أو قبول طلاب من خارج مدينة القدس في كلياتها، ما يحرم الجامعة من موارد مالية تحتاج إليها. وتضيف أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجعل العمل بالجامعة قاصرًا على الأساتذة المقدسيين، أو من فلسطينيي الداخل من حاملي الجواز الإسرائيلي، ما يقلل التنوع الأكاديمي ويجعل الدراسة محصورة في تخصصات بعينها، بحسب تعبيرها.

اقرأ أيضًا: (الجامعات الفلسطينية على خط المواجهة).

بينما تروي صفاء ناصر الدين عن تلك المصاعب التي يواجهها طلاب جامعة القدس، تتذكر جانبًا من مسيرتها التعليمية المبكرة حين كانت طالبة بكلية العلوم والتكنولوجيا في الجامعة نفسها. وتقول إنها انقطعت عن العملية التعليمية لما يزيد عن ثلاث سنوات، بسبب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وإغلاق الاحتلال للجامعة.

عقب تخرجها في العام 1994، عملت «ناصر الدين»، معيدة بالجامعة، قبل أن تسافر، لاحقًا، إلى فرنسا لاستكمال دراساتها العليا، حيث نالت درجة الدكتوراه في الهندسة الإلكترونية من جامعة بوردو، في العام 2003.

وإلى جانب عملها الجامعي، تحظى الأكاديمية الفلسطينية بعضوية مؤسسات عدة معنية بدعم الشباب، في مجالات الابتكار التكنولوجي، ودعم الشركات الناشئة في فلسطين، وتشجيع النساء على دراسة الهندسة والتكنولوجيا. وقد حصلت على جوائز عدة، منها: وسام الشرف الفرنسي برتبة فارس في 2017.

وتعزو صفاء ناصر الدين قلة الأكاديميات في قطاع التكنولوجيا والاتصالات إلى غياب برامج دكتوراه لهذه التخصصات بالجامعات الفلسطينية، وعدم قدرة غالبية الدراسات على السفر إلى الخارج لإجراء الدراسات العليا، موضحة أن الشركات المعنية بهذا المجال عادة ما تفضل توظيف الذكور عن الإناث في سوق العمل الفلسطيني، على حد قولها.

وفي ختام مقابلتنا، تدعو الأكاديمية الفلسطينية إلى تحسين ظروف التعليم بجامعات موطنها، والعمل من أجل تعزيز استقلاليتها بعيدًا عن معوقات الاحتلال الإسرائيلي، حتى تتمكن تلك الجامعات من تطوير وتحديث مناهجها، ودعم طلابها في مسارهم التعليمي بشكل طبيعي.

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى