أخبار وتقارير

«طريق متسع لشخص وحيد».. حكايات المدن والناس في كتاب جديد

في كتابه «طريق متسع لشخص وحيد»، يعبر الكاتب المصري الكندي أسامة علام من بوابة الحكاية إلى تأملات أدبية حول المدن، حيث يقدم حكايات تدور في عالم الترحال بين اثنتي عشرة مدينة منها القاهرة، ونيويورك، وشيكاغو، ومونتريال، وباريس.

في ثنايا الكتاب، الصادر عن دار «الشروق» في مصر، يجد القارئ نفسه أمام انطباعات حول الأماكن والناس، بين الشوارع، والمقاهي، والأسواق، والحافلات، ومشاعر الترحال للمؤلف الذي يصف حاله في واحدة من حكاياته فيقول: «لا أعرف سبب خوفي المستمر من نيويورك. أشعر بأنني أتيت إليها متأخرًا جدًا»، ويقول إنه يعتبرها مدينة أكبر من قدرة العقل على الاحتواء، ويصف في غمرة هذا الشعور بالتيه، مشهدًا مؤثرًا لعرض لعرائس ماريونيت أمام متحف المتروبوليتان، يثير بداخله مشاعر الوحدة.

وفي فضاءات نيويورك، يقدم الكتاب خمس حكايات، يمكن من خلالها تأمل مفارقات الوحدة داخل مدينة في صخب تلك المدينة الأمريكية الأشهر؛ من انطباعات فانتازية إلى عالم أسواق الخردة القديمة في نيويورك. ويقترب أسامة علام من علاقته بالأشياء القديمة التي لا تفقد بريقها، بل وتزداد وهجًا مع العمر، قائلًا: «أنا مفتون بكل ما هو قديم. تقريبًا، لا أرمي تذاكر المسارح أو المتاحف وحتى تذاكر المترو في الدول التي زرتها (..) أحب قطارات نيويورك وأكرهها في الوقت ذاته»، وحتى ليالي التسكع الطويلة في شوارعها تحت أضواء احتفالات عيد الميلاد، وفي بردها القارس.

لا يمكن قراءة قصص الكتاب باعتبارها أدب رحلات وحسب، فعلاوة على أنها تحمل تأملات في الأماكن، إلا أنها تجمع بين الواقع والخيال في صورة أدبية تجعل من تجربة الرحلة ذاتها «تخييلية ممتعة»، وهو ما وصفه الكاتب المصري محمد المنسي قنديل، في تقديمه للكتاب، بالقول إن أسامة علام «يسعى دائمًا لاكتشاف الجوانب الخفية للمدن، وكانت حصيلة ذلك هي هذا الكتاب المدهش، وتلك الحكايات التي تشع بالسحر، فروحه لا تطيق الاستقرار إلا أنه يتامل المدن طويلًا، لا يراها كأبنية مرصوصة وشوارع مرصوفة، ولكن كأساطير حيّة».

صدر لأسامة علام العديد من الأعمال الأدبية، ومنها: «الوشم الأبيض» (2017)، و«الحي العربي» (2019)، وله مجموعة قصصية بعنوان «قهوة صباحية على مقهى باريسي»، والتي فازت بجائزة «غسان كنفاني» من الصالون الأندلسي في مونتريال (2014).

أسامة علام، طبيب وروائي مصري، يعيش في كندا، ويحمل الجنسيتين المصرية والكندية. وهو حاصل على الدكتوراه في المناعة من جامعة مونتريال. ويعمل طبيبًا بيطريًا، وربما هذا ما يفسر وجود لمحات من عالم الحيوان، في الكتاب، ممزوجة بالخيال، كما في قصة «أغنية لكائن وحيد» التي يتنقل فيها بين الأفيال، فهي بالنسبة له «ملائكة ضخمة»، ويتتبع حالات النفوق المتكررة لها «بسبب مجرمي تجارة العاج».

ويصل الكاتب بتأملاته إلى مدينة القاهرة، التي يراها بعين المغترب، فيقول إنها تصيبه بحالة خاصة من الثرثرة «كأنني أدخر لها كل الحكايات التي خبأتها من مدن غربتي الطويلة»، فرغم إقامته الطويلة في كندا، إلا أنه يحتفظ بصورة عاصمة وطنه الأم، كذكرى عصيّة على النسيان. يتنقل بين شوارعها بين حنين ودهشة، فيلتقط من المدينة تحولاتها، وجوهر حكاياتها الشجيّة «سائق تاكسي عجوز جدًا.. عجوز للدرجة التي تجعله يخبرني بأن ماء السقا (موزع الماء على المنازل) كان معطرًا بروح الورد، وأن مكان جراج العتبة القبيح كانت هناك يومًا ما أوبرا خديوية أمامها كازينو يحمل اسم سيدة، وبأن الغورية (وسط القاهرة) كانت مكان الأحذية الأكثر فخامة؛ فأتمنى أن أحتضنه ربما أجد في جسده رائحة أبي».

وفي مونتريال، يتذكر علام أيامه الأولى في تلك المدينة الكندية، عبر قصته «مصنع الدمى العجيبة»، ويحكي في قصة أخرى عن واحدة من أقدم مكتبات مونتريال التي اعتاد الذهاب إليها بشكل يومي لأشهر طويلة، وهي مكتبة تقع في الحي اللاتيني الشهير. عن تلك المكتبة، يقول: «لا يمكن توقع كونها مكتبة، إلا من خلال اللافتة الصغيرة التي تعلن عنها». ومن داخل تلك المكتبة العامة، يشارك القارئ موقفًا طريفًا جمعه بسيدة عجوز، و«فأر» أبيض يتنقل بين الكتب. وفي قصته «من أجل صحبة لطيفة»، نتتبع صداقة ربطته بذلك الفأر الذي أطلق عليه اسم «فوزي»، وكان يحمل له سرًا قطعة من الجبن، فكان الأخير يتلقاها منه بمحبة.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

عن واحدة من جولاته الليلية بمدينة تولوز الفرنسية، يقدم الكاتب قصته «أسعد رجل في العالم»، حيث رأى لافتة تحمل عبارة تقول: «نصنع البهجة منذ عام 1903»، وخلفها محل صغير، تتوسطه نافورة تنساب منها الشوكولاته، بينما تلفح رائحة الكاكاو المارة. ويصف في قصته كيف كان فرحًا كطفل، وهو يشاهد انسياب الشوكولاته، ومن خلفها أرفف مرتبة بعناية بآلاف القطع الصغيرة منها. يتذكر ذلك المشهد لحظتها بينما كانت تنبعث من محل مجاور موسيقى أوركوديون لعازف متجول، في موقف بدا له كالمعجزة التي رافقته ذكراها لسنوات طويلة.

صدر لأسامة علام العديد من الأعمال الأدبية، ومنها: «الوشم الأبيض» (2017)، و«الحي العربي» (2019)، وله مجموعة قصصية بعنوان «قهوة صباحية على مقهى باريسي»، والتي فازت بجائزة «غسان كنفاني» من الصالون الأندلسي في مونتريال (2014).

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى