أخبار وتقارير

معركة شاقة أمام مصر لإقناع الدول بالالتزام بجدول أعمال قمة المناخ

تواجه مصر «معركة شاقة» في إقناع الدول بالموافقة على جدول الأعمال التفاوضي للمؤتمر العالمي المقبل لتغير المناخ، COP27، والذي ستستضيفه في الفترة من 7 إلى 18 تشرين الثاني/ نوفمبر في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.

عندما غادر وزراء، ونشطاء تغير المناخ مؤتمر الأمم المتحدة الأخير المعني بتغير المناخ (COP26)، الذي عُقد في غلاسكو في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كانت احتمالات إبقاء مستوى الاحتباس العالمي في حدود 1.5 درجة مئوية من مستويات ما قبل العصر الصناعي كما هي، لكن العالم قد تغير منذ ذلك الحين.

في شباط/ فبراير، شنت روسيا حربها مع أوكرانيا، مما أسفر عن ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي، وتفاقم أزمة الأمن الغذائي في كثير من دول العالم النامي.

في مواجهة هذه الرياح المعاكسة، يتوجب على مصر إيجاد طريقة للحفاظ على أهداف اتفاقية باريس لعام 2015 فاعلة في قمة تغير المناخ COP27. (يُطلق على الحدث اسم قمة COP27 لأنه يمثل الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لعام 1994 بشأن تغير المناخ).

في اجتماعٍ عُقد في برلين، هذا الشهر، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه أدرك التحديات التي تفرضها أزمتي الطاقة والغذاء، ونقص التمويل اللازم لمكافحة تغير المناخ. وقال «السيسي»، في حوار بطرسبرغ للمناخ، الذي جمع ممثلين من 40 دولة لمناقشة اتفاقيات حماية المناخ قبيل انعقاد قمة COP27 في شرم الشيخ: «يضع هذا مسؤولية هائلة على عاتقنا، كمجتمع دولي، لضمان عدم تأثير هذه الصعوبات على وتيرة تنفيذ رؤيتنا المشتركة للتصدي لتغير المناخ، التي انعكست في اتفاقية باريس، وتم تأكيدها العام الماضي في غلاسكو».

موجات الحر تظهر حجم المخاطر المناخية

«الشيء الوحيد المهم، الآن، في الفترة التي تسبق انعقاد مؤتمر COP27، هو أن تتوصل البلدان إلى تعهدات جديدة لعام 2030، أو أهداف مناخية جديدة لعام 2030، أو مساهمات جديدة محددة وطنيًا، لأن الأخيرة لا تزال غير كافية».

ميا مويسيو محللة لدى «كلايمت أكشن تراكر».

وقد تجلت مخاطر تغير المناخ في دولٍ كثيرة من خلال موجات الحر في آسيا، وأوروبا، والتنبؤات بزيادة سوء،  ووتيرة تطرف المناخ.

اكتشفت أوروبا، التي تعتمد منذ فترة طويلة على روسيا في تأمين إمدادات النفط وخاصة الغاز الطبيعي، مخاطر الاعتماد على مصدر واحد للطاقة. ومنذ ذلك الحين، أصبح الحفاظ على دفء المنازل هذا الشتاء هدفًا رئيسيًا للحكومات. قال فرانس تيمرمانز، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، في مقابلة هذا الشهر إن «الصراع والنزاع» حول أسعار الطاقة قد يجعل من الصعب تحقيق الأهداف المناخية الموعودة.

وقالت أليكس سكوت، خبيرة المناخ في E3G، وهو مركز أبحاث مناخي مقره لندن، إن بعض السياسيين، على الرغم من التحديات، لا يزالون ينظرون إلى العمل المناخي باعتباره وسيلة للتغلب على بعض هذه الأزمات الأخرى. وفي حديثها عن حوار بطرسبرغ للمناخ، قالت: «يبدو أن الجالسين على الطاولة بذلوا جهودًا مضنية للتعبير عن التزامهم بالتأكد من أن أي استثمار قصير الأجل في الفحم، أو الغاز ليحل محل المصادر الروسية هو بالضبط قصيرالمدى، وأنه مرتبط بالتزامهم بعملية التحول طويلة الأجل».

في مقابلة أجريت معها، قالت «سكوت» إن التحدي الذي يواجه مصر يتمثل في إنشاء إطار عمل للمفاوضات في شرم الشيخ يوضح أن التحول نحو الطاقة الخضراء هو طريق للتغلب على الأزمة الحالية، وليس عائقًا. وأضافت أنه من الصعب عليهم تبني أجندة تحول الطاقة هذه في نفس الوقت، وأن يراعوا حقًا الإشارة السياسية التي نحتاجها من مؤتمر الأطراف هذا، حول الالتزام المستمر بتحويل الطاقة، وحقيقة أنه حقًا طريقة لمعالجة هذه الأزمات المتزامنة. وتابعت: «لا أعتقد أن ذلك مستحيل».

تحديث خطط العمل 

«يضع هذا مسؤولية هائلة على عاتقنا، كمجتمع دولي، لضمان عدم تأثير هذه الصعوبات على وتيرة تنفيذ رؤيتنا المشتركة للتصدي لتغير المناخ».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

اتفقت الدول، في قمة COP26 في غلاسكو، على العودة هذا العام بالتزامات متجددة للتصدي لتغير المناخ. وليست مصر وأستراليا سوى دولتين فقط من بين عدد قليل من الدول التي قامت بذلك. لا تزال المساهمة المحددة وطنيا لمصر قيد التحليل، لكن البعض ينظر إليها على أنها فرصة ضائعة للمضي قدمًا في رئاسة قمة COP27.

وقالت منظمة «كلايمت أكشن تراكر»، (ويعني اسمها متعقّب العمل المناخي)، وهي مجموعة بحثية مستقلة لتحليل تعهدات الحكومة، إن معظم الدول فشلت في تحديث خطط عملها، لا سيما تلك التي تعتبر نفسها من قادة المناخ، مثل الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، والولايات المتحدة.

وقالت ميا مويسيو، المحللة لدى «كلايمت أكشن تراكر»: «الشيء الوحيد المهم، الآن، في الفترة التي تسبق انعقاد مؤتمر COP27، هو أن تتوصل البلدان إلى تعهدات جديدة لعام 2030، أو أهداف مناخية جديدة لعام 2030، أو مساهمات جديدة محددة وطنيًا، لأن الأخيرة لا تزال غير كافية».

وأضافت أنه إذا أخذنا جميع التعهدات معًا الآن، فإننا لا نزال نتجه نحو 2.4 درجة من الاحترار بحلول نهاية القرن، وفقًا لتحليلنا. وهذا بعيد جدًا عن هدف 1.5، بحسب تعبيرها.

قمة COP27 تركز على إفريقيا 

سيكون التركيز الرئيسي لقمة شرم الشيخ على إفريقيا، والتي لم تسهم إلا قليلًا في تراكم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ولكنها بدأت بالفعل تشهد آثار الاحترار على القارة. وقال «السيسي»، في اجتماع برلين، إن إفريقيا تقع في قلب هذه التحديات، وتتأثر بها على نحو يفوق غيرها من المناطق بالنظر لخصوصية وضعها، ومحدودية قدرتها على التعامل مع الأزمات.

«في الوقت الحالي، يبدو الأمر وكأنه معركة شاقة بالنسبة لمصر في رئاستها قمة تغير المناخ COP27. يمكنهم حقًا الاستفادة من تعيين بعض البلدان الشريكة لمساعدتهم على دفع الأجندة السياسية إلى الأمام».

أليكس سكوت خبيرة في مجموعة أبحاث المناخ E3G.

وأوضح الرئيس المصري أن أزمتي الغذاء والطاقة الأخيرتين، فاقمتا حجم التحديات التي يتعين على الدول الإفريقية مواجهتها، إلى جانب ما يمثله تغير المناخ من تهديد حقيقي لدول القارة التي تعاني من التصحر، وندرة المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر، والفيضانات، والسيول وغيرها من الأحداث المناخية القاسية، التي أصبحت تحدث بوتيرة أكثر تسارعًا، وبتأثير أشد من ذي قبل.

تعهدات تمويل متعثرة

يعد التمويل واستعداد الدول الغنية لتوفير الأموال للعالم النامي، والدول الجزرية، لمعالجة آثار الاحتباس الحراري والاستعداد للمستقبل، أساس العمل المناخي. وكانت الدول الغنية قد وعدت بتقديم 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان النامية على التكيف، لكن الموعد النهائي لذلك تم تأجيله إلى العام المقبل. وفي الواقع، يُنظر إلى مبلغ 100 مليار دولار على أنه مجرد نقطة انطلاق لتحقيق المطلوب.

وسيكون طلب الدول النامية، الحصول على تمويل جديد لمعالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن الاحتباس الحراري، قضية رئيسية في قمة شرم الشيخ، لكن من المرجح أن تقاوم الدول الغنية ذلك خوفًا من تحول الأمر إلى معركة تعويضات. وقالت «مويسيو»، في مقابلة من برلين: «إذا أرادت الدول الكبرى الحفاظ على مصداقيتها، فإنها تحتاج أيضًا إلى المضي قدمًا في الحديث، وزيادة مساهماتها في تمويل المناخ. بخلاف ذلك، ستظل للدول النامية حجة دائمة في عدم القيام بأي شيء بدون دعم».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

من جانبها، قالت أليكس سكوت، من لندن، إن الحصول على وعود من غلاسكو، والوفاء بالمبادرات الجديدة أثناء معالجة أزمات الطاقة، والأمن الغذائي يمثلان تحديًا كبيرًا، وينبغي على مصر طلب المساعدة من الدول الأخرى. وأوضحت أنه في الوقت الحالي، يبدو الأمر وكأنه «معركة شاقة بالنسبة لمصر في رئاستها قمة تغير المناخ COP27. يمكنهم حقًا الاستفادة من تعيين بعض البلدان الشريكة لمساعدتهم على دفع الأجندة السياسية إلى الأمام». وقالت إن بريطانيا طلبت المساعدة من الدنمارك وغرينادا لتمهيد الطريق في الفترة التي تسبق قمة غلاسكو، وعلى القاهرة القيام بنفس الشيء.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى