أخبار وتقارير

عن استخدام وتوظيف التكنولوجيا.. دراسة أكاديمية ترصد أوجه «الفجوة الرقمية» في الكويت

في دراسة هي «الأولى من نوعها في دولة عربية شرق أوسطية»، يتناول باحثون من جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا (GUST)، وكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، «أوجه عدم المساواة الرقمية في الكويت 2022»، وتحديدًا ما يتعلق بمهارات باستخدام وتوظيف التكنولوجيا.

وفق الدراسة، التي أعدها أربعة باحثين، فإن الدمج الفعال لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجتمع الكويتي، يعد أمرًا أساسيًا في سعي البلاد نحو الانتقال من الاعتماد على صادرات النفط إلى الاقتصاد القائم على المعرفة. ولذلك، يقدم مؤلفو الدراسة «نظرة ثاقبة» حول التباين في الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في صفوف المواطنين والمقيمين بالكويت.

في تقديمه للدراسة، قال فرانسيسكو إتش جي فيريرا، أستاذ كرسي «أمارتيا سين» لدراسات عدم المساواة في كلية لندن للاقتصاد، إن التحليل الدقيق للدراسة ضروري بشكل خاص لدولة متنوعة مثل الكويت، حيث يشكل المهاجرون ما يقرب من ثلثي السكان، وحيث ظل عدم المساواة بين الجنسين مصدر قلقٍ لفترة طويلة، بحسب تعبيره.

الفوارق ذات الصلة بكوفيد-19 

بينما تتشابه الدوافع بين الجنسين، وجدت الدراسة أن استخدامات النساء المتعلقة بالعمل أعلى مقارنة بالرجال، إلا أن مهاراتهن في هذا المجال، ورضاهن عن النتائج المرتبطة بها، أقل.

وتشير الدراسة، التي أُعدت بدعم من مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ضمن «مشروع عالمي» يدعى (DiSTO)، إلى أن جائحة كوفيد-19، قادت إلى تسريع الاعتماد على التقنيات الرقمية. ومع توافر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلا أنه «لا يتم توزيعهما بالتساوي بين البلدان، أو داخل كل بلد، وهي سمة واضحة، بشكل صارخ، في الدول العربية الشرق أوسطية التي تسجل واحدة من أعلى معدلات التفاوتات الاقتصادية والتكنولوجية في العالم».

وفيما تحتل الكويت موقعًا متميزًا من حيث توافر التكنولوجيا – تقول الدراسة – إلا أن الصورة الدقيقة للفوائد المتعلقة بهذه التكنولوجيا فيها «لا تزال محجوبة بسبب القيود المفروضة على البيانات الحالية، لا سيما فيما يتعلق بعدم المساواة الاجتماعية والرقمية».

وصول شامل للإنترنت

وإذ يذكر معدو الدراسة أن الوصول إلى الإنترنت، وملكية الهواتف الذكية «يكاد يكون شاملًا في الكويت»، يشيرون إلى أن الهواتف الذكية مثلت الشكل الوحيد للوصول إلى الإنترنت، بالنسبة للمشاركين الأقل تعليمًا، وكذلك بالنسبة لفئة كبيرة من المجتمع. وبينما تستخدم الفئة الأقل تعليمًا «النقاط الساخنة العامة» (الإنترنت الهوائي المجاني)، فإنها تعتمد على استخدام أقل عدد من الأجهزة، مما يحد من جودة النتائج التي يمكنهم تحقيقها.

وبحسب الدراسة، فلا يبدو أن النساء الكويتيات يواجهن فجوة كبيرة بين الجنسين في مجالات الوصول إلى التكنولوجيا، أو استخدامها، أو نتائجها. ومقارنة بالرجال، أظهرت النساء، في المتوسط، مستويات أعلى في استخدام الإنترنت الشخصي، ويمتلكن المزيد من الأجهزة، ويحققن نتائج أفضل في مجال الاستخدام، والوصول إلى التكنولوجيا، والنتائج المتعلقة بذلك.

ومع ذلك، أظهرت النساء، في كثير من الأحيان، إنجازًا أقل من الرجال في مجال المهارات، فقد أبلغ الرجال عن قدرات تشغيلية أعلى، ومهارات أفضل في التنقل المعلوماتي، وإنشاء المحتوى. وفي المقابل، سجلت النساء إنجازات أعلى قليلًا من الرجال في مجال المهارات الاجتماعية عبر الإنترنت فقط.

ويتمتع المشاركون الأصغر سنًا (19-25 عامًا) بإمكانية وصول إلى الأجهزة أكثر من أي فئة عمرية أخرى. ويمتلك السكان المتقاعدون أقل نسبة من ملكية الهواتف الذكية، والتي لا تزال مرتفعة مع ذلك، وتبلغ 94%. وذكر التقرير أن جميع السكان الآخرين يمتلكون أجهزة هواتف ذكية بنسبة 100%.

المهارات الرقمية

وبينما تفوقت النساء فيما يتعلق بالوصول إلى الإنترنت، لا تزال هناك «فجوة متواضعة» بين الجنسين في المهارات التقنية والإبداعية، ومهارات التنقل المعلوماتي، على الرغم من أن النساء «أثبتن تميزًا طفيفًا» في مهاراتهن الاجتماعية الرقمية، تقول الدراسة.

وفقًا للإدارة المركزية للإحصاء في الكويت، فقد حصل 23% من سكان الكويت على تعليم يتجاوز مستوى المدرسة الثانوية. وفيما يخص نسبة الـ77% المتبقية من السكان، تشكل القضايا المتعلقة بالوصول، والمهارات، والنتائج «عقبات خطيرة» أمام مشاركتهم، ورفاههم الرقمي. كما سجل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا، درجات أعلى من الفئات الأكبر سنًا، مع ضعف متوسط جميع المهارات مجتمعة مقارنة بمن يبلغ عمرهم 41 عامًا، وما فوق.

يبدي الرجال تخوفًا أكثر من النساء، حيال مساهمة التقنيات في تدهور العلاقات الاجتماعية، في حين بدت النساء أكثر تعبيرًا عن مخاوفهن، فيما يتعلق بمخاطر التحرش، والتنمّر عبر الإنترنت.

وتفيد الدراسة بأن أعلى المهارات التقنية وجدت بين الطلاب (57%)، والموظفين (54%)، يليهم العاطلون عن العمل (53%).

وبحسب مسقط رأس المشاركين في الدراسة، فقد سجل الكويتيون (35%) ممن يمتلكون أعلى المهارات الاجتماعية الرقمية، وسجل الفلبينيون (28%)، وسجل الهنود (33%)، والوافدون الآسيويون الآخرون (32%)، والوافدون  العرب (30%).

تستمد الكويت، مثل قطر والإمارات، اللتين تضمان أيضًا أغلبية من الوافدين، فوائد وتحديات من هذا الوضع المرتبط بالتنمية الاجتماعية الرقمية. وتشمل الفوائد: توافر مجموعات متنوعة من المهارات المدربة في الخارج، والكفاءات التكنولوجية، والاستخدامات المبتكرة للوسائط الرقمية، وسوق رقمية عالمية تقريبًا ناتجة عن ارتفاع الطلب على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من المواطنين والوافدين على حدٍ سواء.

ومع ذلك، تواجه الدولة، ذات الأغلبية الوافدة أيضًا تحديات كبيرة، مثل نقص الحوافز للمنافسة القائمة على العمل بين السكان المحليين، والفجوات الكبيرة في الأجور، ووجود مجتمعات وافدين مهمشة اقتصاديًا، وانخفاض المستويات الإجمالية للتعليم في المجتمع، ووجود حواجز لغوية وثقافية شديدة، والظروف الأخرى التي تعوق التوزيع الاجتماعي للنتائج الرقمية، والقدرة على قياسه بشكل فعال.

دوافع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

وخلصت الدراسة إلى أن البحث عن المعلومات يمثل الهدف الأساسي الذي يدفع الناس إلى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تليه الرغبة في البقاء على اتصال مع الآخرين، والبحث عن الترفيه، والاستخدام المهني، وأخيرًا مشاركة المحتوى الأصلي.

وبينما تتشابه الدوافع بين الجنسين، وجدت الدراسة أن استخدامات النساء المتعلقة بالعمل أعلى مقارنة بالرجال، إلا أن مهاراتهن في هذا المجال، ورضاهن عن النتائج المرتبطة بها، أقل.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

كما تسلط الدراسة الضوء على بعض العوائق السلبية التي تحول دون استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ حيث يبدي الرجال تخوفا أكثر من النساء، حيال مساهمة التقنيات في تدهور العلاقات الاجتماعية، في حين بدت النساء أكثر تعبيرًا عن مخاوفهن، فيما يتعلق بمخاطر التحرش، والتنمّر عبر الإنترنت. ولذلك، توصي الدراسة بإنشاء بيئة تنظيمية آمنة، وسريعة الاستجابة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، استجابة لهذه المخاوف، ولحماية الفئات الأكثر عرضة لأخطار الإنترنت. كما تشمل التوصيات: توفير المزيد من الفرص المتنوعة للوصول العام، من حيث الاتصال بالإنترنت، وتوافر الأجهزة، والتدريب على مهارات استخدام تكنولوجيا المعلومات، وخاصة بالنسبة للأكبر سنًا، وذوي المستويات التعليمية الأدنى.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى