أخبار وتقارير

أستاذ الدراسات اليابانية المؤمن عبد الله: خططنا للتدريس تتغير باستمرار.. وهذه نصائحي للباحثين

على مدار 17 عامًا، ساهم د. المؤمن عبد الله، في إقامة جسور للتواصل بين العالم العربي والثقافة اليابانية، سواء من خلال عمله في مجال الترجمة، أو تقديم البرامج التلفزيونية، أو عمله الأكاديمي، وكتابة المقالات.

في حوار مع «الفنار للإعلام»، عبر تطبيق «زووم»، يسرد أسـتاذ الدراسـات اليابانيـة والترجمة بكلية الدراسات الدولية، وكلية الدراسات العليا للآداب وعلوم اللغة، في جامعة طـوكاي اليابانية، جوانب من تلك التجربة، كما يقدم نصائح للباحثين العرب الراغبين في التعلم والدراسة في اليابان.

بناء الجسور الثقافية

يقول «عبد الله» إن اليابان تولي مزيدًا من الاهتمام بقضية التواصل مع العالم العربي. ويحكي قصة ذلك الاتصال الذي تلقاه، ذات يوم، من مسؤولين بوزرة التجارة والصناعة اليابانية، حيث أبدوا اهتمامهم بما يسمى Cool Japan أو ما يتعلق بثقافة الأنيميشان، والرسوم المصورة، وما يسمى الدبلوماسية الثقافية بشكل عام. وكان محور الحديث عن كيفية مد جسور ثقافية مع العرب.

ويشير إلى وجود هاجس «كبير» يسيطر على اليابان، بوجود تنافسية عالمية حول تسهيل التواصل، والتأثير على الشعوب بشكل مباشر. ويعلق متسائلًا: أين العالم العربي من هذه المعادلة؟

رغم توفر أدوات التواصل، إلا أن فكرة الوصول إلى بعضنا البعض أصبحت صعبة، كما يرى «عبدالله»، ويُرجع ذلك إلى أنه «لا يوجد زخم في عدد الأفراد الذين يوصلون الأطراف ببعضهم البعض». ويضيف أن «فهم الآخر مرحلة متقدمة جدًا، وقبل ذلك، يجب أن يعرف كل منا الآخر بشكل صحيح».

تجربة عملية يدفعها الشغف

«فكرة التدريس والتعليم شهدت تطورات عديدة، لابد أن نستفيد منها في العالم العربي، فهناك تغييرات تتم كل عامين في خطط التدريس، والأستاذ ملزم بوضع خطة وتحديد المعايير، وأوجه الاستفادة العملية للطلبة، وخبرته وكيفية نقلها، وإعادة النظر في المعايير وتقييمها».

المؤمن عبد الله أستاذ وخبير الدراسات اليابانية – جامعة طوكاي في اليابان

على امتداد مسيرته المهنية، يجمع المؤمن عبد الله بين الممارسة العملية، والدراسة الأكاديمية، فهو أحد المتخصصـين العـرب القلائـل في علـوم اللغـة اليابانيـة وآدابهـا، وهو حاصـل عـلى درجـة الدكتـوراه في علـوم اللغـة اليابانيـة وآدابهـا مـن جامعـة جاكوشـئين اليابـانية، وذلك بعد تخرجه، في العام 2001، في قسم علوم اللغة والأدب بالجامعة نفسها.

عمل «عبد الله» في مجــال التأليــف والترجمــة الإذاعيــة والفوريـة والأدبيـة، وقدم برنامجًا لتعليم اللغة العربية بهيئـة الإذاعـة والتلفزيـون اليابانيـة  (NHK)أواخر عام 2002. وعن ذلك، يقول: «تجربتي بدأت، ومستمرة، بالشغف. خلفياتي أكاديمية، لكن ما يجلعني مختلفًا عن زملائي هو الجمع بين الدراسة والجانب العملي. انخرطت في مجال الترجمة بشكل واسع، بما في ذلك الشق الرسمي، من خلال مرافقة الوفود الرسمية والثقافية والفنية، ما أتاح لي مشاهدات كثيرة لها علاقة بالثقافة واللغة، وأعمل على أبحاث لها علاقة بالترجمة، وعلم اللغة المقارن».

ولأستاذ الدراسات اليابانية، مؤلفـات عدة في هذا المضمار، منها كتاب باللغة العربية بعنوان: «كيف نحلم باليابان..الشخصية اليابانية بين واقع التجربة وخيال التصور«، صدر عن المكتبة العربية للنشر والتوزيع، وله مؤلفات باللغة اليابانية، منها: «اليابان والعالم العربي الذي لا يقبل القسمة على عدد اثنين..مقاربة لاستكشاف الثقافة الخفية»، و«العربي الذي لا يعرف قراءة الخريطة والياباني الذي لا يستطيع السؤال عن الطريق»، و«جوانب دراسات وأبحاث الترجمة بين العربية واليابانية»،  و«التواصل الثقافي وإعداد المترجم».

اللغة العربية في اليابان

يلقي المؤمن عبد الله، الضوء على الاهتمام الياباني بدراسة اللغة العربية، ويقول: «هناك اهتمام باللغة العربية في اليابان (..) لكن دائرة الاهتمام لا تتسع، كما أن الاهتمام يجب أن يكون من طرفين، وليس من طرف واحد».

ويرى الأكاديمي المصري أن دراسة اللغة العربية في اليابان لا تزال في إطار «اهتمامات ثقافية محدودة»، وتفتقد إلى الربط بين التعلم والاستخدام على أرض الواقع. ويرجع ذلك إلى  أن الشخصية اليابانية «واقعية جدًا، أما نحن تحكمنا العاطفة أحيانًا، وبالتالي يتساءلون بشكل موضوعي: ما فائدة اللغة العربية واستخدامها، هل يحتاجها سوق العمل؟».

العرب واللغة اليابانية

عمل «عبد الله» 6 سنوات في الملحقية الثقافية السعودية باليابان، مسؤولًا عن الإشراف الأكاديمي، ويعمل حاليًا مع بعض اللجان المتعلقة بالتبادل الثقافي الياباني مع دول عربية مثل الإمارات وقطر.

وعن تاريخ التعاون الياباني – العربي، يقول إن اليابان توجهت نحو العالم العربي والشرق الأوسط منذ العام 1974، فتوجهت إلى مصر، «باعتبارها الأكثر تأثيرًا في المنطقة»، وأسست قسمًا للغة اليابانية بجامعة القاهرة، منذ قرابة 50 سنة. ويشير إلى أن خريجي هذا القسم، يغطون اليوم، في الغالب، كل أوجه التعاون المشتركة بين الجانبين.

«ما نحاول توصيله للأجيال هو أن القوة في الاستمرار، ليس فقط في التميز العلمي، ولكن في الشخصية وتفاعلها مع الناس».

المؤمن عبد الله

ويرى أن المعادلة الصعبة لا تزال تتمثل في كيفية ربط المتحدث باللغة اليابانية، مع مستقبله، وثقافة الطرفين. ويلفت إلى أنه في مصر، على سبيل المثال،  حدث هذا الربط، بين اللغة والإرشاد السياحي، لكن لم يحدث بشكل موسع، ولم يتسع ليشمل البحث العلمي والترجمة بشكل أكبر على مدار 50 سنة. وعن واقع تعلم اللغة العربية بالجامعات العربية، يقول إنه يوجد شغف بدراسة اليابانية.

ويشير إلى وجود قسم لدراسة اللغة اليابانية بجامعة بنها، وخرج منه دفعة واحدة، وقسم لليابانية في كلية اللغات والترجمة، بجامعة الأزهر.

ويطرح «عبد الله» أسئلة عن تحديات تطوير تعلم اليابانية، قائلًا: من يقوم بالتدريس في هذه الأقسام؟ وما المناهج؟ وكيف نفتح أقسامًا للترجمة وليس لدينا بحوث فيها؟ هل لدينا متخصصون في علم اللغة المقارن؟ هل لدينا قاموس جيد من اليابانية للعربية أو العكس؟. ويعلق بالقول إن هذه أمور تحتاج بحوثًا يكون نتاجها القواميس. ويعزو الأكاديمي المصري ضعف الاهتمام بالعلوم الإنسانية، إلى أن نتائجها تحتاج إلى فترة كبيرة حتى تظهر.

محاور جديدة للتدريس

يوضح المؤمن عبد الله المنظور الياباني في التدريس، ويقول إن فكرة التدريس والتعليم شهدت تطورات عديدة، لابد أن نستفيد منها في العالم العربي، فهناك تغييرات تتم كل عامين في خطط التدريس، والأستاذ ملزم بوضع خطة وتحديد المعايير، وأوجه الاستفادة العملية للطلبة، وخبرته وكيفية نقلها، وإعادة النظر في المعايير وتقييمها. ويعلق: «كل ذلك يجدد الدماء».

ويضيف أنه يقوم بالتدريس في كلية العلاقات الدولية بجامعة طوكاي، في إطار دراسات المناطق وكل ما له علاقة باللغة والثقافة، ويتخطى الأمر علم اللغة المقارن، إلى السلوك اللغوي، وربط فكرة اللغة بالثقافة والظواهر الاجتماعية، ولماذا تحدث الحروب، والبعد السيكولوجي لها في اللغة، واستخدام اللغة والشعارات في الانتخابات، وعلم اللغة الاجتماعي. ولذلك، فهو يرى أن علم اللغة «وسيلة توصيفية تحليلية».

نصائح للباحثين العرب

من واقع هذه الخبرات، يقدم «عبد الله»، نصائح للباحثين العرب المهتمين بالدراسة في اليابان. وفي البداية، يصف المجتمع الياباني بأنه محلي، ولا يوجد به اختلاط كبير، وليس مجتمع مهاجرين. «يقوم على المواطن الياباني، أما الأجانب فلديهم أدوار محددة».

ويضيف أنه على من يرغب في الدراسة أو العمل باليابان أن يفهمها أولًا. ويشير إلى أن كثيرين يشعرون بالصدمة نتيجة عدم معرفتهم بالمجتمع الياباني، على عكس المنفتح والمهتم بدراسة البلد ولغتها. ويقول إن هناك خلط أحيانًا بين اليابان والنموذج الغربي، وبالتالي إذا كان هناك من يبحث عن النموذج الغربي، فلن تكون اليابان المقصد الأفضل له، بحسب تعبيره.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

أما الباحث عن نموذج يحمل نظرة مختلفة عن العالم، فستكون اليابان وجهته المفضلة، لكنها – والكلام لـ«عبد الله» – ليست الوجهة المفضلة للاستقرار الطويل. ويشرح الأمر قائلًا إن اليابان قد تكون معبرًا جيدًا لبناء الذات، بما فيها من امتيازات كمجتمع يقوم على فكرة الاحترام، وتقدير الخصوصية، والأمان، والإحسان. كما ينصح خبير الدراسات اليابانية، صغار السن، من طلاب المرحلة الجامعية، بزيارة اليابان، موضحًا أنه رأى نماذج حققت استفادة كبيرة وقيمة مضافة، عبر خوض التجربة في سن صغيرة.

في ختام مقابلتنا يقول «عبد الله»: «ما نحاول توصيله للأجيال هو أن القوة في الاستمرار، ليس فقط في التميز العلمي، ولكن في الشخصية وتفاعلها مع الناس».

اقرأ أيضًا:

للمزيد عن تعلم وتدريس اليابانية:

اليابان بالعربي

https://www.nippon.com/ar/authordata/almoamen-abdalla/

مدونة يابان جي

حساب المؤمن عبدالله على فيسبوك

https://www.facebook.com/ElmoamenAbdalla

حساب المؤمن عبدالله على تويتر

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى