أخبار وتقارير

عراقيات يكافحن لنبذ العنف ضد المرأة عبر «فريق البصرة النسوي»

من واقع تجربتها في مواجهة «أنماط من التمييز»، خلال دراستها الجامعية، تنشط شكر هيام (22 عامًا)، ضمن «فريق البصرة النسوي»، وهو تجمع من تأسيس فتيات عراقيات، يستهدفن تغيير الصورة النمطية للنساء في البيئة المحلية «المحافظة»، وتحسين أوضاعهن بشكل عام.

يعمل الفريق، منذ آذار/مارس 2021، على تعزيز الوعي بقضايا المرأة، وحشد الرأي العام ضد العنف المنزلي، وأشكال العنف الأخرى، من خلال توثيقها، ونشر المعلومات للجمهور، إلى جانب التعريف بـ«النسوية»، وشرح المصطلحات «التي قد يعتبرها البعض جديدة، أو يسيئون فهمها، بسبب وصمات العار والأساطير الشائعة حول النسوية»، بحسب مؤسسات الفريق.

دفاعًا عن الحقوق

وتقول «هيام» في مقابلة عبر «زووم» لـ«الفنار للإعلام» إنهن «يتعرضن لـلتنمر، والمضايقات، والعنف على اختلاف أنواعه بشكل دائم في الحياة اليومية». وتضيف أن الفريق يسعى إلى «حياة متوازنة، نحصل فيها  على حقوقنا بشكل طبيعي في التعليم، واختيارت الحياة عمومًا، دون وصاية، أو قهر على أفعالنا».

ونظرًا لإعاقتها الجسدية، تشير الشابة العراقية، التي تدرس عامها الأخير بكلية التربية للبنات في جامعة البصرة، إلى مواجهتها «صعوبات ترتبط بعدم قدرتها على الذهاب لمركز التأهيل، دون اصطحابها مع أحد الذكور، من أقاربها، إلى المركز، إلى جانب الانتقادات التي كانت تلاحق أسرتها دومًا من توصيل سائق لها إلى الجامعة».

كما ترى ابنة الاثنين وعشرين ربيعًا أن النساء «ضحية للمعتقدات الخاطئة، والتقاليد التي تجعل المرأة مستبعدة، ومهمشة في المجال العام»، وتقول إن المطالبة بحقوقهن تجعلهن في موقع الاتهام، بل و«التخوين»، دون إعادة النظر في التقاليد التي «تشكل حاجزًا أمام النساء في ممارساتهن اليومية العادية».

إحصائية حكومية

«الفريق يسعى إلى حياة متوازنة، نحصل فيها على حقوقنا بشكل طبيعي في التعليم، واختيارت الحياة عمومًا، دون وصاية، أو قهر على أفعالنا».

شكر هيام إحدى مؤسسات «فريق البصرة النسوي».

وتشير إحصائية حكومية، صدرت العام الماضي، إلى تسجيل 5 آلاف حالة تعنيف ضد العراقيات خلال عام واحد. ويقول التقرير، الصادر عن أمانة مجلس الوزراء العراقي، إن «العدد الحقيقي يفوق هذه الأرقام، لأن العديد من الحالات لا يتم تسجيلها نظرًا لبعض الأعراف والتقاليد التي تسود المجتمع».

وتعد الفعاليات التوعوية في المؤسسات التعليمية بمدينة البصرة، من أبرز أنشطة الفريق. وتستهدف هذه الفعاليات تمكين النساء عن طريق عرض نماذج إيجابية للمرأة، والتوعية بأحقية النساء في تولي وظائف محجوبة عنهن، وكذلك أحقيتهن في قيادة السيارة، وهي ممارسة نادرة في البصرة لأسباب تعود إلى «قيود دينية، أو أمنية، أو عشائرية».

كما ينظم الفريق وقفات احتجاجية للمطالبة بتحسين البيئة التشريعية المنظمة لحقوق المرأة المتزوجة عند طلاقها، وخاصة ما يتعلق بحضانة الأم لطفلها.

وتقول إحدى مؤسسات الفريق، صفاء عبد علي لـ«الفنار للإعلام» إن فكرة الفريق انطلقت كحاجة نسوية، وكشعورٍ داخلي بأن هناك الكثير من الأمور «غير الصحيحة» التي تقع على المرأة. وتضيف الشابة العراقية، التي درست القانون بجامعة البصرة، أنهن يستهدفن «بث الأمل» من خلال نشر الرسائل الإيجابية عن حقوق المرأة ومطالبها. وفيما تشير إلى أن الفريق «لا يتلقى مساعدات مالية من أي جهة»، توضح أن عملهن يقوم على مساهمات شهرية من العضوات، تتراوح بين دولار واحد، وخمس دولارات.

الفريق المكون من خمس عشرة فتاة عراقية، يستهدف كذلك تغيير المفاهيم الخاصة بكون المرأة «ناقصة عقل، وأن مكانها المنزل، وتربية الأطفال»، وغير ذلك من العبارات التي تجيز الوصاية على النساء، وفق «عبد علي».

من جانبها، تعزو أديان يعرب (24 عامًا)، قرارها بالانضمام إلى الفريق، كمتطوعة في إدارته إعلاميًا، إلي رغبتها في «استعادة حقوق المرأة العراقية، وفي البصرة بشكل خاص، ودعم النساء في رفض القيود والتعنيف». وتوضح الفتاة، الحاصلة على دبلوم المعهد التقني الجنوبي بالبصرة، أنها مستمرة في عضويتها بالفريق «رغم حملات الهجوم الدائمة».

دور التواصل الاجتماعي

«العمل الشاق» لهذه المجموعات مثل «فريق البصرة النسوي» «يجعلنا نشهد خطابًا عامًا أكبر حول قضايا المرأة اليوم، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح».

رُبى الحَسَني باحثة عراقية بجامعة لانكستر البريطانية.

وتقول رُبى علي الحَسَني، الباحثة العراقية بمرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة لانكستر البريطانية، إن هناك عاملين يلعبان دورًا في رؤية المزيد من القصص حول العنف ضد النساء والفتيات في العراق في السنوات الأخيرة، وهما: وسائل التواصل الاجتماعي التي ساعدت على التعرف على المزيد من هذه القصص، بالإضافة إلى «عسكرة» المجتمع العراقي بعد عام 2003، حيث «تسبب الغزو الأمريكي في ظهور الجماعات الإرهابية، وانتشار الجماعات المسلحة غير الحكومية، ما جعل العراقيين أكثر عرضة للعنف بجميع أشكاله».

وتضيف في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام»، أن ارتفاع معدلات الفقر ساهم في تعزيز شعور الرجل بـ«المظلومية» من قبل الدولة والجماعات غير الحكومية. وتشير إلى أن الأمر نفسه ينطبق كذلك على القبائل الأبوية في المقام الأول، والتي ترى، الآن، فراغًا سياسيًا وأمنيًا، ولذلك يتدخلون ويحاولون حل نزاعاتهم القبلية من خلال عاداتهم الخاصة، والتي تشمل «زواج الأطفال، وتبادل الزواج»، وفق قولها.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وتؤكد «الحَسَني»، التي تتناول أبحاثها العدالة الانتقالية بالعراق، واستكشاف المقاربات الاجتماعية والسلوكية للمجتمع العراقي، أن «العمل الشاق» لهذه المجموعات مثل «فريق البصرة النسوي» «يجعلنا نشهد خطابًا عامًا أكبر حول قضايا المرأة اليوم، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح». وفيما تشير إلى أن «البصرة ليست المكان الوحيد الذي يقع فيه العنف ضد المرأة، حيث ينتشر بجميع أنحاء العراق» تقول إن المجتمع يتوقع «عنفًا أكبر من المدن المحافظة، لأنها أكثر ارتباطًا بالتقاليد الأبوية».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى