أخبار وتقارير

قرارات أردنية لترشيد دراسة الطب والهندسة.. وبرامج جديدة لمواكبة سوق العمل

في خطوة تستهدف خفض أعداد طلاب الطب والهندسة، من أبناء الأردن، بجامعات خارج البلاد، أصدر مجلس التعليم العالي الأردني، الشهر الجاري، قرارات برفع الحد الأدنى لمعدلات القبول في تلك التخصصات، وغيرها، بداية من العام الأكاديمي 2023/2024.

وفي إجراء لاحق، استحدث المجلس نفسه، قائمة من البرامج الدراسية الجديدة بالجامعات الأردنية الرسمية والخاصة، لمواكبة متغيرات سوق العمل. وبعض هذه البرامج يتعلق بعلوم البيانات، والتمويل والتسويق الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والطاقة المستدامة.

وشمل القرار، الصادر منتصف الشهر الجاري، استحداث 33 تخصصًا في برامج البكالوريوس، و3 تخصصات في برامج الدبلوم العالي، و23 تخصصًا في برامج الماجستير «تلبي حاجة سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي»، وذلك على مستوى الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة.

ضوابط الدراسة بالخارج

إلى جانب رفع معدلات القبول (الطب وطب الأسنان 85%)، و(الهندسة والعمارة، والصيدلة، والطب البيطري 80%)، بالجامعات الأجنبية خارج الأردن، تلزم القرارات الخاصة بضوابط الدراسة بالخارج، طلاب البكالوريوس،  بالانتظام والإقامة طوال فترة الدراسة. وتحدد لطلاب الماجستير فترة زمنية للانتظام والإقامة في بلد الدراسة لمدة سنة دراسية واحدة بواقع ثمانية أشهر. ولطلاب الدكتوراه، مدة خمس فصول دراسية، بواقع عشرين شهرًا.

يبلغ عدد خريجي الكليات الطبية الأردنية نحو 1,600 خريج سنويًا، بالإضافة إلى 1,000 خريج من جامعات خارج الأردن، بينما لا يستوعب سوق العمل أكثر من 1,100 طبيب في العام.

نذير عبيدات رئيس الجامعة الأردنية

وتهدف هذه الخطوة إلى ضبط أعداد الملتحقين بدراسة الطب والهندسة، في ظل «التضخم الكبير» في عدد الخريجين، بحسب مهند الخطيب، مدير وحدة تنسيق القبول الموحد بوزارة التعليم العالي الأردنية، والذي رأى أن القرار من شأنه رفع جودة خريجي هذه الكليات.

ويشير المسؤول الأكاديمي، في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام»، إلى أن عدد الطلبة الأردنيين في مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا، بالخارج، يبلغ نحو 34,500 طالب، يدرسون في 56 جامعة، منهم 19,000 طالب يدرسون بالتخصصات الطبية.

ويضيف، وهو الناطق الإعلامي باسم وزارة التعليم العالي: «لك أن تتخيل كم سيكون عدد الخريجين في السنوات المقبلة، ممن سيتم الدفع بهم إلى سوق العمل في هذه التخصصات الراكدة، وانعكاس ذلك على ارتفاع معدلات البطالة لمستوى غير مسبوق في تاريخ المملكة الأردنية».

ويوضح «الخطيب» أن إلزام الطلاب بالبقاء لفترات زمنية محددة، لدى جامعاتهم خارج البلاد، يهدف إلى التدقيق في مدى التزامهم بالدراسة الحضورية التي تعد مؤشرًا لقياس مدى جدية الطالب، وخاصة بعد «اكتشاف الجهات الرسمية آلاف الحالات التي حصلت على شهادات من جامعات غير أردنية، من دون الذهاب إليها خلال فترة الدراسة، وترويج بعض الأشخاص، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لجامعات وهمية».

بدوره، يقول نذير عبيدات، رئيس الجامعة الأردنية، إن أعداد خريجي التخصصات الطبية «أكثر بكثير» من الشواغر المخصصة لهم في سوق العمل. ويضيف لـ«الفنار للإعلام» أن أهمية التوجهات الجديدة تكمن في استهداف خفض أعداد خريجي التخصصات «المتشبعة»، وتشجيع الطلاب على الالتحاق بتخصصات جديدة.

وبحسب «عبيدات»، الذي شغل منصب وزير الصحة بين عامي 2020 و2021، يبلغ عدد خريجي الكليات الطبية الأردنية نحو 1,600 خريج سنويًا، بالإضافة إلى 1,000 خريج من جامعات خارج الأردن، بينما لا يستوعب سوق العمل أكثر من 1,100 طبيب في العام.

«لك أن تتخيل كم سيكون عدد الخريجين، في السنوات المقبلة، ممن سيتم الدفع بهم إلى سوق العمل في هذه التخصصات الراكدة، وانعكاس ذلك على ارتفاع معدلات البطالة لمستوى غير مسبوق في تاريخ المملكة الأردنية».

مهند الخطيب مدير وحدة تنسيق القبول الموحد بوزارة التعليم العالي الأردنية

وأوضح المسؤول، الذي يرأس أيضًا هيئة مديري شبكة الجامعات الأردنية، أن إلزام طلاب مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا بالبقاء في بلد الدراسة أمر «ضروري»، في ظل التحاق عدد من هؤلاء الطلاب بجامعات في الخارج، للاستفادة من عدم الانتظام بشكل كامل في بلد الدراسة. وقال إن هذا القرار «سينعكس إيجابًا على تفضيل هؤلاء الالتحاق ببرامج الدراسات العليا بالجامعات الأردنية التي تطرح عشرات التخصصات». كما يرى رئيس الجامعة الأردنية أن استراتيجية خفض أعداد المقبولين «تستوجب من مجلس التعليم العالي التوقف عن فتح تخصصات هندسية، أو طبية جديدة بالجامعات».

واقع «مأساوي»

من جانبه، يقول فاخر دعاس، منسق الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق الطلبة «ذبحتونا»، في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام» إن القرار الجديد – وإن جاء متأخرًا – يساهم في معالجة الواقع «المأساوي» الذي تعيشه التخصصات الطبية والهندسية، وخاصة في ظل الأعداد الضخمة من طلبة الطب على مقاعد الدراسة في الأردن، وخارج البلاد.

ويرى ضرورة أن يصاحب هذه الخطوة، قرار آخر بتخفيض أعداد المقبولين في التخصصات الطبية بالجامعات الرسمية، إلى النصف، والتراجع عن فتح الباب على مصراعيه لترخيص كليات الطب، وطب الأسنان للقطاع الخاص، وبعض الجامعات الرسمية.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويقول «دعاس» إن الجامعات الأردنية الرسمية «لا يوجد بها بنية تحتية، أو مستشفيات تعليمية قادرة على استيعاب طلاب هذه التخصصات»، مطالبًا بمراجعة خطط القبول بعد عشر سنوات، حتى يتم الوصول إلى العدد المقبول في ضوء معايير الجودة.

وفي السياق نفسه، يتوقع محمد طالب عبيدات، رئيس جامعة جدارا الأردنية الخاصة، أن هذا القرار سيترتب عليه التحاق أعداد كبيرة من الطلاب بالجامعات الخاصة الأردنية، بعدما كانوا يسافرون إلى جامعات خارج البلاد، مع ما يترتب على ذلك من دعم للاقتصاد المحلي، وتعزيز السياحة التعليمية.

ويُقدّر رئيس جامعة جدارا الخاصة، في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام» عدد الطلبة الذين سيزيد عددهم بالجامعات الخاصة، نتيجة هذه القرارات، بنحو 15,000 طالب. ويقول إن رفع الحد الأدني للقبول بتخصصات الطب والهندسة، للطلاب الراغبين في الدراسة بالخارج «يحقق العدالة بين الطلاب بالجامعات الأردنية، وغيرها من الجامعات خارج البلاد».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى