أخبار وتقارير

التعليم الطبي في مصر خلال جائحة كوفيد-19.. تجربة ترصدها دراسة حديثة

خلافًا لما اعتاده طلاب الطب بالجامعات المصرية من الوقوف أمام أستاذهم، وبين يديه مريض يشرح على مواضع مختلفة من جسده، المادة العلمية، وجد هؤلاء الطلاب أنفسهم، أمام تجربة غير مسبوقة، في مواصلة تلقي العلم عن بعد، ضمن تداعيات جائحة كوفيد-19، قبل أكثر من عامين.

من هؤلاء الطلاب، كان حازم سمير، الذي التحق بكلية الطب في جامعة النهضة (90 كم جنوب القاهرة) في أيلول/سبتمبر من العام 2019، قبل أن يباغت الوباء العالم، فتتحول الجامعات، اضطراريًا، من التعليم الحضوري، إلى التعلم عبر الإنترنت.

من خلف شاشة الحاسب الآلي، واصل «سمير» دارسته، مثل عشرات الآلاف من طلاب الطب المصريين الذين واجهوا صعوبات متنوعة خلال تلك التجربة، كما تخبرنا بذلك دراسة حديثة، نُشرت في آذار/ مارس الماضي بمجلة «BMC Medical Education»، التابعة لدار نشر «سبرنجر نيتشر»، تحت عنوان: «التعليم الطبي عبر الإنترنت في مصر خلال الجائحة: تقييم على الصعيد الوطني لاستخدام طلاب الطب وتصوراتهم».

«على المؤسسات أن تتعلم من دروس الجائحة، كيفية جعل التعليم أكثر كفاءة وفاعلية، مع الحفاظ على جودة تدريب الأطباء حتى لا تُعرّض المجتمع للخطر».

أجرى الدراسة عشرة باحثين في كليات الطب العامة والخاصة في مصر، بالتعاون مع باحثين مقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية وأفغانستان، بالإضافة إلى 23 عضوًا بالمجموعة التعاونية للتعليم الطبي المصري (EGY MedEd). وتضمنت الدراسة استطلاعًا للرأي تم توزيعه على 4935 طالبًا، في 26 كلية طب من بين مجموع 70 ألف طالب يدرسون الطب في 31 كلية في مصر، وفقًا لدليل كليات الطب العالمي.

ويقول محمد مرتجى، الأستاذ بكلية الطب في جامعة «نيوجيزة»، والباحث الرئيسي في الدراسة، إنها تهدف لاستكشاف مدى فاعلية طرق التعلم الإلكتروني المختلفة، ومراجعة الفرص، والصعوبات التي واجهها الطلاب للاستفادة منها في تحسين العملية التعليمية عبر الإنترنت.

ولإجراء الدراسة، شارك الطلاب، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في استطلاع عبر الإنترنت، من 29 عنصرًا على نماذج «جوجل»، متضمنًا أسئلة عن تجاربهم مع التعليم الطبي عبر الإنترنت أثناء جائحة كوفيد-19، وأخرى لقياس قلقهم، والأداء الأكاديمي المتصور، والعقبات المتعلقة بالتعليم عبر الإنترنت.

أظهرت نتيجة الاستطلاع أن غالبية الطلاب (64.6%) يرون أن التعليم عبر الإنترنت أكثر متعة بشكل عام من التعليم وجهًا لوجه، في حين رأى 54.6% من المبحوثين أن التعليم عبر الإنترنت ليس بنفس فاعلية التعليم الحضوري. وفضّل 51% منهم، الطريقة التقليدية في التعلم، وقال 44.1% ممن شاركوا في الدراسة أن أساتذتهم «لم يكونوا مستعدين جيدًا للتعليم عبر الإنترنت».

https://www.bue.edu.eg/

وبحسب الدراسة نفسها، تحدث 45.2% من المبحوثين عن مواجهتهم مشكلات تتعلق بالاتصال بالإنترنت، وعبر أكثر من نصف الطلاب عن رغبتهم في أن تكون الجلسات عبر الإنترنت أكثر تفاعلية. وأفاد 35% من هؤلاء أن التعليم الطبي عبر الإنترنت لم يكن محفزًا، وذكر 37.3% أنهم واجهوا صعوبة في المشاركة في الجلسات عبر الإنترنت، في حين عبر 40.7% عن شعورهم بأنهم لم يكونوا قادرين على طرح الأسئلة بحرية في الجلسات الدراسية عن بعد. و أيّد 63% من الطلاب القول بأن دروس الفيديو المسجلة عبر الإنترنت (على موقع يوتيوب) كانت أكثر أشكال التعليم الطبي عبر الإنترنت فاعلية.

«لجعل التعليم الطبي عبر الإنترنت أكثر فاعلية، توصي الدراسة بتدريب أعضاء هيئة التدريس على تقديم جلسات حية ومسجلة عبر الإنترنت بطريقة شيقة وفعّالة، ورفع مستوى البنية التحتية التكنولوجية، ومراعاة تصورات الطلاب».

وبحسب الدراسة نفسها، فقد أشار طلاب مشاركون في الاستطلاع الخاص بها، إلى فوائد التعلم من المنزل لأنه كان أكثر راحة ولم يتضمن نفقات تنقل، لكن على الرغم من الإقرار بمرونة التعلم عبر الإنترنت، بالسرعة التي تناسبهم، والتوقيت الذي يختارونه، إلا أن الكثير من هؤلاء الطلاب لم يؤيدوا التعلم عن بعد كبديل للتدريس وجهًا لوجه، في موقف وصفته الدراسة بــ«التناقض الذي يعكس الحواجز الكامنة في التعلم عبر الإنترنت».

وخلصت الدراسة إلى القول: «نظرًا لأن الطب مجال شخصي بشكل مكثف، ويتطلب مهارة متقدمة وقدرة على العمل في فرق وكذلك مع المرضى، فقد لا يكون التدريس عبر الإنترنت مناسبًا»، مضيفة أنه «على المؤسسات أن تتعلم من دروس الجائحة، كيفية جعل التعليم أكثر كفاءة وفاعلية، مع الحفاظ على جودة تدريب الأطباء حتى لا تُعرّض المجتمع للخطر».

ولجعل التعليم الطبي عبر الإنترنت أكثر فاعلية، توصي الدراسة بتدريب أعضاء هيئة التدريس على تقديم جلسات حية ومسجلة عبر الإنترنت بطريقة شيقة وفعّالة، ورفع مستوى البنية التحتية التكنولوجية، ومراعاة تصورات الطلاب واقتراحاتهم.

وتعليقًا على هذه الدراسة، يقول أشرف الهواري، أستاذ مساعد طب العيون بجامعة سوهاج، إن التعليم عبر الإنترنت تجربة واعدة. ويضيف: «لدينا تجارب صغيرة نسبيًا، لكن الدراسة تلفت الانتباه لضرورة امتلاك بنية تحتية مؤهلة للاستخدام حال وقوع ظروف مشابهة للجائحة».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وعن التجربة ذاتها، يشير محمود عبد الرشيد، طالب بالسنة الثالثة في كلية الطب بجامعة المنيا، إلى «معاناة كثير من الطلاب في الحصول على جهاز حاسب آلي للانضمام إلى المحاضرات عبر الإنترنت»، بالإضافة إلى تكلفة الاشتراك في باقات الإنترنت ما يثقل كاهل الأسر ماديًا. وبالمثل، يقول حازم سمير، إنه يفضل الدراسة التقليدية، فالوجود بين المرضى بالمستشفيات الجامعية، أمر مهم لا تغنى عنه المحاضرات عن بعد، بحسب تعبيره.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى