أخبار وتقارير

سياسات تمويل الجامعات العربية ومواجهة تحديات التغير المناخي.. جدل أكاديمي

على وقع جدل لا ينقطع حول التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ناقش خبراء وأكاديميون، مؤخرًا، سبل الوصول إلى جامعات «أكثر استدامة»، من الناحيتين الاقتصادية والبيئية.

هذا النقاش، جاء في ندوة ندوة عُقدت عبر الإنترنت منتصف نيسان/ أبريل الماضي، من تنظيم منصة «نيتشر ميدل إيست»، تحت عنوان: «نحو مؤسسات أكاديمية عربية أكثر استدامة».

تجربة الأردن

باعتبار الدعم الحكومي هو المصدر الأساسي لتمويل الجامعات، قالت الأميرة سُميّة بنت الحسن، رئيس الجمعية العلمية الملكية بالأردن، إن ذلك «لا يخدم تحقيق الاستدامة الاقتصادية لمؤسسات التعليم العالي التي ما زالت تواجه تحديات على مستوى التمويل؛ حيث لا يوجد لديها مصادر أخرى سوى الرسوم الدراسية الهزيلة، والمناسبة لدخل المواطن، وهو ما أدى إلى التوسع في قبول أعداد كبيرة من الطلاب، لتغطية تكاليف العملية التعليمية والتشغيلية، على حساب جودة التعليم، وتسبب في شغل بعض الكليات وأعضاء هيئة التدريس عن البحث العلمي».

«اللامركزية جعلت الجامعات المغربية أكثر استقلالية على المستويين المالي والإداري، لكنها ما تزال في احتياج إلى تحسين كفاءة اتخاذ القرار».

دليلة لودي أكاديمية مغربية – جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

وعن تجربة بلادها، واصلت الحديث بالقول إن التعليم العالي في الأردن، ارتبط بشكل وثيق بالدولة كما هو الحال في دول المنطقة. وأضافت أنه أصبح من الواضح أننا «في حاجة إلى المزيد من مجرد إصدار الشهادات». وتابعت أنه مع تزايد مظاهر العولمة، واحتياجاتها، من الضروري الاهتمام بهؤلاء الذين يمكنهم المساهمة في مجالات البحث وأسواق العمل المستقبلية.

بالإضافة إلى ذلك، فإنها ترى أن الاستدامة الاقتصادية للجامعات لا تأتي إلا من خلال مصادر جديدة، وبديلة للتمويل. وذكرت منها: الأوقاف الجامعية، والصناديق التنافسية، والشراكة مع القطاعات الاقتصادية والصناعية، والاعتماد على البحوث، وربطها بالصناعات. وتشير إلى أن معظم التخصصات والأقسام بالجامعات الأردنية وجامعات المنطقة العربية «ما زالت تقليدية»، في الوقت الذي تحتاج فيه المنطقة إلى حلولا غير تقليدية لمشكلاتها في قطاعات الطاقة، والأمن الغذائي، والبيئة على سبيل المثال.

وقالت إن مواجهة هذه المشكلات «يتطلب مساهمات من تخصصات أكاديمية ما زالت غير موجودة في جامعاتنا».

تجربة مدينة زويل في مصر

وتطرقت أعمال الندوة إلى تجربة مدينة زويل في مصر، كـ«نموذج فريد»، بدأ كمؤسسة غير ربحية بالشراكة بين الحكومة المصرية والمجتمع المحلي، ولديها المرونة والاستقلالية لإدارة الجامعة.

https://www.bue.edu.eg/

وعن تلك التجربة، قال مصطفى بدوي، الأستاذ المشارك ومدير وادي العلوم والتكنولوجيا بمؤسسة مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر، إن الهدف الأساسي لهم هو تقديم تعليم عالي الجودة. وأوضح أنهم، إلى جانب جذب أساتذة متميزين، فإنهم يختارون طلابًا نابغين 70% منهم، عبر المنح الدراسية، لأن المؤسسة لا تهدف إلى الربح، بل الجودة، وفق تعبيره.

لكن الأمر لا يخلو من تحديات، فبحسب «بدوي»، فإن المؤسسة تواجه صعوبات في الحفاظ على التوازن بين تقديم خدمة تعليمية عالية المستوى، وتوفير استدامة مالية لإدارة هذه العملية.

تجربة المغرب في دعم استقلالية الجامعات

وحول التجربة المغربية، قالت دليلة لودي، أستاذ الهندسة البيئية والمائية بكلية العلوم والتكنولوجيا في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن الجامعات بحاجة إلى الاستقلالية، حتى تتمكن من التكيّف، والاستجابة السريعة للبيئة الاقتصادية، والاجتماعية الآخذة في التغير بإيقاع سريع.

ورغم قولها إن اللامركزية جعلت الجامعات المغربية أكثر استقلالية على المستويين المالي والإداري، إلا أنها تشير إلى احتياج هذه الجامعات إلى تحسين كفاءة اتخاذ القرار.

التعليم العالي في قطر

«المؤسسة تواجه صعوبات في الحفاظ على التوازن بين تقديم خدمة تعليمية عالية المستوى، وتوفير استدامة مالية لإدارة هذه العملية».

مصطفى بدوي مدير وادي العلوم والتكنولوجيا بمؤسسة مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر

في السياق نفسه، تحدث فرانسيسكو مارموليخو، رئيس شؤون التعليم العالي في مؤسسة قطر. وقال إن الشفافية في عرض البيانات تساعد في ايجاد الحلول لمشكلات التعليم العالي. وأضاف: «نحن في حاجة لغرس ثقافة الشفافية، وإدراك أن جمع الأدلة الكافية هو السبيل لإصلاح التعليم العالي». مشددًا على ضرورة تحويل الاقتصادات، والمجتمعات، «لتصبح قائمة على المعرفة».

واستعرض «مارموليخو» تجربة المدينة التعليمية في قطر، والتي تضم ثماني جامعات عالمية رائدة، تقدم 70 برنامجًا للدراسات الجامعية والعليا في حرم جامعي واحد. ورأى أن هذه المدينة «تثبت كمثال كيف يمكن ان تكون النظم التعليمية أكثر استقلالية، والأفضل في الأداء، وخاضعة للمساءلة، وهو ما نحتاجه بشدة حاليًا في مؤسسات التعليم العالي».

تحديات التغير المناخي

وبالمثل، تطرقت الندوة إلى دور مؤسسات التعليم العالي في التعامل مع تحديات التغير المناخي. ورأى مصطفى بدوي ضرورة التعاون بين الطلاب من خلال الأبحاث القائمة على المشروعات، والخبرات العملية خارج الفصول الدراسية، وتعريفهم بأهداف التنمية المستدامة.

وفيما اقترحت نادية العوضي رئيس تحرير «نيتشر ميدل إيست»، التي أدارت الندوة، إضافة مقررات تخص البيئة، والتغير المناخي للمناهج الدراسية، بصرف النظر عن تخصص الطالب، أكدت على أهمية التركيز على نهج تعدد التخصصات، وغرس تلك الثقافة في الطلاب منذ البداية، لتفعيل الشراكة في مناقشة وحل المشكلات البيئية المحيطة بهم. ودعت إلى أن تعمل جامعات العالم العربي، لتكون «القدوة» في تطبيق سلوكيات الاستدامة البيئية، والحلول التي تساعد على التكيف مع أو الحد من آثار التغير المناخي.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

في ختام النقاش، خلصت الندوة إلى قائمة من التوصيات، ومنها: تأسيس شبكة لمؤسسات التعليم العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بهدف بناء منظومة أقوى للتعليم العالي فيها، والبحث عن موارد جديدة ومبتكرة للتمويل من أجل تحقيق الاستدامة الاقتصادية، وبناء منظومات تعليمية ملائمة، للمساعدة في تحول اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومجتمعاتها إلى اقتصادات، ومجتمعات مستدامة تقوم على المعرفة.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى