مقالات رأي

كيف يمكنك النجاح في سوق عمل متغير؟ هذه المهارات ستساعدك

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

أخذ مشهد الوظائف العالمي منعطفًا مختلفًا وشاملًا في السنوات القليلة الماضية. ونتيجة لذلك، تغيرت متطلبات أصحاب الأعمال للباحثين عن عمل، وستستمر في التغيير والتطور.

ورغم أن التعليم يبدو عاملًا أساسيًا في أي متطلبات وظيفية، وارتباط المهارات المطلوبة للتوظيف، بالتكنولوجيا، وسنوات الخبرة، إلا أننا نشهد، في الوقت الراهن، ارتفاعًا في أهمية المهارات الشخصية. وقد زادت جائحة كوفيد-19، من حدة هذا التركيز.

بعض المصطلحات المستخدمة لوصف هذه المهارات هي: المهارات القابلة للنقل، ومهارات استعداد القوى العاملة، ومهارات القرن الحادي والعشرين، والمهارات غير المعرفية. على وجه التحديد، عندما يتعلق الأمر بتوظيف الشباب وحديثى التخرج، يبحث أصحاب العمل بشكل متزايد عن موظفين مرنين، وقابلين للتكيف، واستباقيين ومبدعين. بالإضافة إلى ذلك، فقد أدى الوباء إلى ظهور العديد من المهارات الناعمة، مثل: التعاطف، والمرونة.

يبحث أصحاب العمل، بشكل متزايد، عن المهارات غير المعرفية التي ستدعم النمو المهني والشخصي للموظفين. وكشفت جائحة كوفيد-19، عن الحاجة إلى قوة عاملة ريادية، وقادرة على التكيف مع التغيرات. كما أدت عمليات الإغلاق العالمية إلى توسيع المناطق الجغرافية التي يمكن إيجاد وتعيين الموظفين منها، وبالتالي توسيع الخيارات المتاحة للمواهب. وفيما يتوقع أن تكون هناك حاجة إلى الموظفين الذين يمتلكون المهارات القيادية، سيكون هناك أيضًا طلب على الأفراد الذين يُظهرون الذكاء العاطفي في تعاملاتهم.

  • مهارة الصمود

أثرت جائحة كوفيد-19، على كل الصناعات، والمجالات بطريقة مختلفة. ففي بيئة العمل نجد مثلًا أن الطريقة التقليدية، التي اعتاد العالم على العمل بها، قد تغيرت. كما تغيرت المساحات المكتبية، التي اعتاد معظم الناس عليها، إلى مكان غير رسمي داخل منازلهم. كان هناك إجهاد تكنولوجي، وأعطى العمل عن بعد انطباعًا غير واضح عن الخطوط الفاصلة بين أيام العمل، والوقت الشخصي.

معظم الشباب الذين انضموا إلى القوى العاملة أثناء الوباء لم يختبروا ثقافة مكان العمل في السنة الأولى من حياتهم المهنية. كان التحول مرهقًا، وأثار القلق لدى الأفراد. لكن هذا التحول المفاجئ، والتغييرات الضرورية، مهدت الطريق لمهارة ناعمة ومهمة، وهي: مهارة المرونة. والمرونة تعني، ببساطة، القدرة على الازدهار، أو التعامل مع التحديات والمتغيرات. ويمكن لهذه المهارة الناعمة المساهمة بشكل كبير في النمو

«المهارات التي اعتقدنا أنها ليست ذات قيمة في مكان العمل، أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى. ويحتاج الشباب إلى إعداد أنفسهم، وبناء شخصياتهم، ليصبحوا مرغوبًا فيهم لدى أصحاب الأعمال».

الوظيفي. ويمكن تطوير مهارة المرونة ورعايتها، من خلال عدم التعاطي مع الأزمات باعتبارها مشكلات لا يمكن التغلب عليها، وكذلك من خلال التفكير الإيجابى، وقبول أن التغيير جزء من الحياة، والتركيز على الصحة العقلية والنفسية، والتواصل بشكل فعال. وتبعًا لذلك، فإن الموظفين الذين يُظهرون المرونة في عملهم، سيحققون نتائج أفضل.

  •  التعاطف والذكاء العاطفي

قد يجادل البعض بأن التعاطف ليس مهارة، لكن في العالم الذي نعيش فيه الآن، فإنه، بالتأكيد، مهارة تبحث عنها معظم المؤسسات والشركات. ويرى البعض التعاطف، ضروريًا للنجاح الشخصي والمهني.

إن امتلاك القدرة على التعرف على السبب وراء سلوك فرد آخر، والقدرة على الشعور والتعبير عن التعاطف أمر بالغ الأهمية، وخصوصًا في عصر العمل عن بعد. إذا كان الوجود بين الناس جسديًا يمكن أن يجعلنا أكثر انسجامًا، فإنه قد يكون من الصعب الحكم على الآخر من خلال الشاشة.

وبالنسبة للقادة والمديرين، يعتبر التعاطف سمة مهمة. إن القادة الذين يظهرون التعاطف لديهم فرق عمل وموظفين أكثر سعادة، وبالتالي أكثر إنتاجية. ومن ناحية أخرى، يمنح الذكاء العاطفي الفرد القدرة على إنشاء علاقات أفضل مع العملاء، وزملاء العمل، وتعزيز بيئة عمل إيجابية للفريق بأكمله. وفي الأوقات المشحونة بالتوتر والقلق، يعد الذكاء العاطفي، مفتاحًا لبناء علاقات دائمة ومثمرة.

  • الوعى الذاتي

الوعي الذاتي هو المعرفة التي يمتلكها الشخص عن سلوكه ومشاعره. وتشكل رؤية نفسك، بوضوح وموضوعية، جزءًا مهمًا من إدراكك لذاتك. ومن خلال فهم نفسك، وإمكانياتك، وأوجه قصورك، ومجالات التحسن، يمكنك تحقيق النجاح. لا يتعلق الأمر بالآخرين فقط، فمن المهم أن تعرف الصفات التي تمتلكها، والمشاعر التي لديك، بقدر أهمية معرفة زملائك. وستساعدك مراقبة نفسك بموضوعية في النمو وتحقيق الذات. بالإضافة إلى ذلك، وبالإشارة إلى المهارات العملية، قد يكون الشخص جيدًا في مهمة معينة، ومع ذلك، قد يكون هناك شخص آخر يمكنه القيام بها بشكل أفضل وأكثر كفاءة. عندما بدأ العمل عن بعد، وابتعدنا عن المكاتب، حيث كان هناك العديد من الزملاء للمساعدة عند الحاجة، تُرك معظمهم فجأة للعمل بشكل مستقل.

إن إدراك أنه لا يزال من الممكن الوصول إلى الزملاء أمر مهم، وسمة رائعة على الرغم من التغيير في بيئة العمل، بالإضافة إلى فهم متى تكون المساعدة مطلوبة. في بعض الأحيان، يدفع الشباب أنفسهم ليكونوا جيدين في كل ما يتم تكليفهم به، ويمكن أن يضر هذا بحالتهم العاطفية، والنفسية بشكل كبير، ويخلق كرهًا عميقًا تجاه مهمة معينة. يمكن تصحيح ذلك من خلال فهم قدرات الفرد، وتخصيص هذه المهمة لشخص يمكنه أداء العمل بشكل أفضل.

«على الرغم من أن المدراء التنفيذيين موجودون لتقديم الدعم، فمن المهم أن يكون لدى موظفي الشركات دوافع ذاتية لحل مشكلاتهم، والقدرة على عرضها بموضوعية ومهارة».

  •  حل المشكلات والتفكير الإبداعي

يبحث أصحاب العمل عن قوة عاملة تتمتع بالصلاحيات، ويمكنها العمل على حل المشكلات بشكل مستقل. وعلى الرغم من أن المدراء التنفيذيين موجودون لتقديم الدعم، فمن المهم أن يكون لدى موظفي الشركات دوافع ذاتية لحل مشكلاتهم، والقدرة على عرضها بموضوعية ومهارة.

العمل عن بعد، أحدث بعض المشكلات، وأحيانًا زادت هذه المشكلات، بسبب صعوبة توصيل الأفكار إلى العملاء أو حتى الزملاء. ومن الممكن أن تؤدي المشكلات التكنولوجية، والاختلافات في الرأي، أحيانًا، إلى مواقف محرجة. ومع ذلك، فإن التفكير الإبداعي في الأوقات الصعبة، والتركيز على قضية واحدة، في كل مرة، يمكن أن يؤثر إيجابيًا بشكل كبير على النتيجة.

في الواقع، أدرجت دراسة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي، التفكير الإبداعي، وحل المشكلات، في القائمة العليا للمهارات التي يعتقد أصحاب العمل أنها ستبرز أكثر بحلول عام 2025. كما أن معالجة المشكلة، بشكل مستقل، يمكن أن ترضي الموظفين، وخاصة الشباب منهم.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

والمهارات الشخصية يمكن تنميتها، كما يمكن للشباب الاستمرار في صقلها عند انضمامهم إلى القوى العاملة. ولذلك، فإن المديرين المباشرين، والزملاء الذين يعملون بشكل وثيق مع بعضهم البعض، مهمون في بناء الشخصية. وتركز المؤسسات، والشركات على الموظفين الذين يساهمون، بأكثر من تعليمهم، في مكان العمل. ويعد امتلاك المهارات الشخصية أمرًا مهمًا، وسيزداد أهمية في السنوات القادمة.

من كل ذلك، نجد أن المهارات التي اعتقدنا أنها ليست ذات قيمة في مكان العمل، أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى. ويحتاج الشباب إلى إعداد أنفسهم، وبناء شخصياتهم، ليصبحوا مرغوبًا فيهم لدى أصحاب الأعمال.

* بول هوبكنسون : الرئيس المساعد لكلية إدنبرة للأعمال بجامعة هيريوت وات دبي، والمدير الأكاديمي لـ«هيريوت وات أونلاين».

اقرأ أيضًا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى