أخبار وتقارير

لهذه الأسباب.. يختار الآلاف من الطلاب العرب الدراسة في جامعات أوكرانيا

مع تصدر الحرب في أوكرانيا عناوين الأخبار عالميًا، يبرز كثير من الطلاب العرب لدى الجامعات الأوكرانية، ضمن قائمة العالقين في الداخل الأوكراني، أو اللاجئين لدى دول الجوار. ومن رحم المأساة الراهنة، خرج تساؤل يقول: لماذا تحول هذا البلد، الذي يقع شرق أوروبا، إلى وجهة دراسية مفضلة لهؤلاء الطلاب، وخاصة في مجالي الطب والهندسة؟

ويلخص طلاب تحدثوا إلى «الفنار للإعلام» الأسباب في: التكاليف الزهيدة، وسهولة إجراءات القبول مقارنة بالاشتراطات الصعبة لأقسام التخصصات المناظرة في بلدانهم.

ويقول ياسين العلوي (24 عامًا)، وهو طالب مغربي بجامعة زابروجيا الطبية الحكومية في أوكرانيا، إنه التحق بالجامعة، منذ ثلاثة أعوام، بعد رسوبه في امتحان التأهيل الجامعي بأكثر من جامعة مغربية، ومدفوعًا برغبة أسرته في أن يصير طبيبًا، وأن يقيم في أوروبا.

شروط الدراسة في أوكرانيا

ويشير «العلوي» إلى أن «الشروط السهلة» هي التي شجعته على الدراسة في أوكرانيا، حيث يكفي للمتقدم للالتحاق بكلية الطب أن يكون دارسًا للمواد العلمية الثلاث: الأحياء، والفيزياء، والكيمياء، فقط، بالمرحلة الثانوية، دون إلزام بدرجات محددة في هذه المواد، أو اشتراط اجتياز امتحان للقبول كما هو الحال في الجامعات المغربية.

ويضيف في تصريح عبر الهاتف لـ«الفنار للإعلام»، أن خيار الدراسة في أوكرانيا كان «اضطراريًا»، مقابل ما يصفه بـ«الواقع الصعب» بجامعات المغرب. ويسدد «العلوي» نحو خمسة آلاف دولار سنويًا، لأحد المكاتب التي ساعدته على القبول في الجامعة الأوكرانية، والتي تتولى تمثيله أمام الجامعة في الوفاء بالالتزامات المادية، ومتابعة عملية التحصيل الدراسي مع أساتذته، بالإضافة إلى تجديد أوراق إقامته القانونية.

الاستثمار في التعليم

وصممت أوكرانيا استراتيجية دبلوماسية تعليمية تعمل من خلالها على استقطاب الطلبة الدوليين من دول الهند وشمال إفريقيا، كمصدر دخل رئيسي للبلاد، وذلك من خلال تسهيل إجراءات التحاقهم بجامعاتها. وتشير بعض التقديرات إلى أن دخل أوكرانيا من الطلاب الأجانب منذ عام 2019 بلغ أكثر من 3 مليارات دولار، بحسب موقع مجلة collegenews.

وقبل نشوب الحرب، كانت تستضيف أوكرانيا أكثر من 80 ألف طالب دولي، منهم 10% من المملكة المغربية، و4% من مصر، إلى جانب طلاب من تونس، والأردن، وفلسطين، ولبنان، والعراق، وفق إحصاء يعود إلى العام 2020، بحسب مركز الدولة الأوكرانية للتعليم الدولي التابع لوزارة التعليم والعلوم.

ويرى حاتم عودة، رئيس الجالية الفلسطينية في أوكرانيا، أن التسهيلات المقدمة في عملية التسجيل، وأداء الرسوم، والحصول على تأشيرة دخول الأراضي الأوكرانية، تمثل مؤشرًا على ذلك التوجه الخاص بدعم الاستثمار في التعليم. ويضيف لـ«الفنار للإعلام» أن نمط الدراسة، ووجود جالية طلابية كبيرة، وتدريس غالبية المواد بالإنجليزية، كلها أمور تسهل العملية التعليمية.

«الشروط السهلة هي التي شجعتني على الدراسة في أوكرانيا، حيث يكفي للمتقدم للالتحاق بكلية الطب أن يكون دارسًا للمواد العلمية الثلاث: الأحياء، والفيزياء، والكيمياء، فقط، بالمرحلة الثانوية، دون إلزام بدرجات محددة في هذه المواد، أو اشتراط اجتياز امتحان للقبول كما هو الحال في الجامعات المغربية».

ياسين العلوي
طالب مغربي بجامعة زابروجيا الطبية الحكومية – أوكرانيا

في المقابل، يقول محمد حسين (42 عامًا)، وهو مصري مقيم بمدينة دنيبرو الأوكرانية منذ العام 2004، ولديه مكتب مرخص لتسهيل إلحاق الطلاب المصريين بجامعات أوكرانيا، إنه يصعب على الطالب الحصول على تأشيرة الدخول لأوكرانيا، أو خطاب الالتحاق بالجامعة دون الاستعانة بالمكاتب المتخصصة في ذلك.

تجارة تدر دخلًا كبيرًا

ويوضح لـ«الفنار للإعلام»: «دورنا يتمثل في تسهيل التواصل بين الطالب والجامعة، والحصول على خطاب القبول، ثم تسجيل المواد الدراسية، مع تسهيل أي صعوبات دراسية خلال فترة الدراسة». ويشير «حسين» إلى أن عشرات المكاتب العربية، تنتشر بالمدن الأوكرانية، لتسهيل سفر الطلاب العرب إلى جامعات أوكرانيا. ويقول إن 60% منها تعمل بدون ترخيص رسمي.

ويصف الأمر بأنه تحول إلى «تجارة لقطاع كبير من أصحاب هذه المكاتب، ويدر دخلًا كبيرًا عليهم، في ظل ارتفاع أعداد الطلاب العرب الراغبين في الالتحاق بالجامعات الأوكرانية، وتساهل السلطات مع أنشطتهم غير المرخصة».

ومن جانبه، يعزو مصطفي يوسفي، طالب تونسي بجامعة كييف الوطنية للبناء والهندسة المعمارية، التكلفة الكبيرة التي قد يتحملها الطلاب، إلى «مساومات المكاتب المسؤولة عن سفر الطلاب نظير إنهاء أوراقهم حتى بعد الدراسة». ويقول إنه اضطر لدفع مبالغ أكبر من قيمة الرسوم الدراسية، نال الجزء الأكبر منها، المكتب المسؤول عن سفره وتمثيله أمام الجامعة، في ظل اشتراط «غير رسمي» من الجامعات الأوكرانية بعدم قبول الطلاب إلا من خلال هذه المكاتب.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويقول عبد الرحيم الشلفوات، الأستاذ بجامعة الحسن الثاني المغربية، في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام»: إنه يصعب الحديث عن الإضافة النوعية لهؤلاء الطلاب للثقل التعليمي بالمغرب، أو بدولهم العربية، لأنه من غير المعروف ما إذا كانوا يعودون إلى أوطانهم أم لا. ويضيف: «في حالة العودة إلى بلادهم، لا ينخرط هؤلاء الطلاب عادة، في مؤسسات التعليم العالي، أو الجهات البحثية، وهو الأمر الذي يحد من تأثيرهم العلمي داخل بلدانهم». ويرى الأكاديمي المغربي في اعتراف الدول الأوروبية والعربية بشهادات الجامعات الأوكرانية، «رغم ضعفها»، «سببًا رئيسيًا لانتقال أعداد كبيرة من الطلاب إليها».

اقرأ أيضًا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى