أخبار وتقارير

الحرب في أوكرانيا تربك خطط الطلاب العرب.. وعقبات أمام العودة إلى الديار

بعدما استيقظ العالم، صباح أمس (الخميس)، على انطلاق غزو روسي لأوكرانيا، وجد آلاف الطلاب والمهنيين العرب بالجامعات والمؤسسات التعليمية الأوكرانية، أنفسهم في محنة لم تكن في الحسبان.

وبعد أيام من التردد بين خياري البقاء في أوكرانيا، أو العودة إلى بلدانهم، تضع عجلة الحرب الدائرة عقبات عدة أمام خيار العودة إلى الديار، وخاصة في ظل إغلاق الأجواء أمام حركة الطيران المدني.

ويقول علاء اشتيوي، طالب الهندسة الأردني في الصف الثالث في جامعة كارازين خاركوف الوطنية، إن أيًا من الطلاب أو المقيمين في خاركوف، ثاني أكبر مدينة في شمال شرق أوكرانيا، لم يتوقع اندلاع الحرب بهذه السرعة. ويضيف لـ«الفنار للإعلام»: «جميعنا يشعر بالخوف والقلق على حياتنا ومستقبلنا التعليمي».

وفي ظل غياب أية معلومات حول الخطة الدراسية في الفترة المقبلة، يؤكد «اشتيوي» عزم معظم الطلاب على العودة إلى بلدانهم بمجرد أن يصبح ذلك ممكنا.

ومع تصاعد الحرب في أوكرانيا، اتصل حمد الخريشا، طالب الطب في الصف الأول بجامعة بيروغوف الطبية التذكارية الوطنية، في فينيتسا الأوكرانية، برئيس الجالية الأردنية بحثًا عن حلول. وقال لـ«الفنار للإعلام»: أفكر في المغادرة إلى بولندا، أو رومانيا، مع ثلاثين طالبًا أردنيًا آخرين، عن طريق البر في أسرع وقتٍ ممكن، وقد تساعدنا السفارة هناك في العودة عن طريق الرحلات الجوية إلى الأردن».

«لم تسمح لنا إدارة الجامعة بالمغادرة الأسبوع الماضي لأن الدراسة كانت حضورية. بالأمس، قاموا باعتماد الدراسة عبر الإنترنت وبدأت الحرب. اضطررتُ للبقاء لأنني في الصف الأخير وكنت خائفًا من خسارة عام دراسي كامل».

فادي شهيب
طالب لبناني بمعهد كيروفوغراد الطبي – أوكرانيا

وبالمثل، اتصل بوقجار لخضر، وهو مهندس معماري جزائري، وطالب ماجستير في جامعة كييف الوطنية للبناء والهندسة المعمارية، بالسفارة الجزائرية «دون جدوى». وقال لـ«الفنار للإعلام»: «سأغادر مع خمسة من أصدقائي الجزائريين إلى بولندا. كنتُ على وشك نيل درجة الماجستير في غضون ثلاثة أشهر. والداي وأهلي يشعرون بالقلق، وأخشى أن أفقد ثماني سنوات قضيتها في الدراسة هنا».

ومع إغلاق المطارات، ونفاد المواد الغذائية، وسماع أصوات الطائرات تحلق فوق المدن، لجأ المواطنون الأوكرانيون، والمقيمون إلى محطات المترو في المدن. ورغم ذلك، تقول علياء جابر، وهي طالبة مصرية بالصف الخامس في جامعة خاركوف الطبية الوطنية، إن الطلاب العرب اختاروا البقاء في منازلهم المستأجرة في وسط المدينة.

وتقول «جابر»، التي قدمت لدراسة الطب في أوكرانيا مقابل 5.000 دولار سنويًا، إن السفارات العربية اكتفت بالتواصل مع طلابها عبر مجموعات «واتساب»، وطالبتهم بإرسال بياناتهم، في انتظار الإجراء الذي سيتم اتخاذه لاحقًا، وذلك بعد بدء الهجوم الروسي على العاصمة الأوكرانية كييف. وتضيف: «نواجه مصائر مجهولة، حتى الآن، لم نحصل على إجابة واضحة عن الوجهة التالية نظرًا لإغلاق المجال الجوي».

شوهدت امرأة من نافذة منزلها المكسورة ، والتي قال السكان المحليون إنها تضررت جراء القصف الأخير ، في بلدة ياسينوفاتا (ياسينوفاتايا) التي يسيطر عليها الانفصاليون في منطقة دونيتسك ، أوكرانيا ، 24 فبراير ، 2022. رويترز / ألكسندر إرموشينكو
شوهدت امرأة من نافذة منزلها المكسورة ، والتي قال السكان المحليون إنها تضررت جراء القصف الأخير ، في بلدة ياسينوفاتا (ياسينوفاتايا) التي يسيطر عليها الانفصاليون في منطقة دونيتسك ، أوكرانيا ، 24 فبراير ، 2022. رويترز / ألكسندر إرموشينكو

وفي السياق نفسه، تقول ميادة مبارك، طالبة طب أسنان تونسية مقيمة في كييف، إن الخوف ساد بين الطلاب بعد إغلاق البنوك، معربة عن أملها بألا تسوء الأمور أكثر.

عدد الطلاب الأجانب في أوكرانيا

ويقول مركز الدولة الأوكرانية للتعليم الدولي التابع لوزارة التعليم والعلوم إن أوكرانيا كانت تستضيف أكثر من 80 ألف طالب دولي من 185 دولة في عام 2020، يدرس ما يقرب من ثلثهم في كليات الطب. ومن بين هؤلاء الطلاب الأجانب، تحتل الهند المرتبة الأولى بنسبة 22%، يليها المغرب بنسبة 10%. ويمثل طلاب مصر بين هؤلاء 4%. كما يدرس طلاب من تونس، والأردن، وفلسطين، ولبنان، والعراق، لدى الجامعات والمعاهد الأوكرانية.

ويقول الطالب اللبناني بشير بهاء الدين، طالب الهندسة بجامعة خاركوف الوطنية للراديو إلكترونيك، لـ«الفنار للإعلام» إن الوضع معقد للغاية. ويصف الأمر قائلًا: «المتاجر مغلقة، وطوابير من مئات الأشخاص تصطف أمام الأسواق، وماكينات الصرف الآلي. جميع المكاتب والأعمال توقفت. لذا، ندعو السفارة اللبنانية لمساعدتنا على العودة إلى لبنان».

من جانبه، أعلن عبد الله بوحبيب، وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، في تصريحٍ صحفي، إطلاق تطبيق عبر الإنترنت، لمساعدة اللبنانيين على تسجيل بياناتهم، وأرقام هواتفهم وما إذا كانوا يريدون المغادرة، ووضع خطة للإجلاء.

«نواجه مصائر مجهولة. حتى الآن، لم نحصل على إجابة واضحة عن الوجهة التالية نظرًا لإغلاق المجال الجوي».

علياء جابر
طالبة مصرية بجامعة خاركوف الطبية الوطنية – أوكرانيا

بدوره، قال أحمد الصحّاف، المتحدث باسم الخارجية العراقية، في بيان، إن سفارة بلاده في أوكرانيا، طالبت 27 جامعة ومعهدًا أوكرانيًا، يدرس بها طلبة عراقيون، بإبداء المزيد من الرعاية والاهتمام بهم وتسهيل منح الطلاب إجازات دراسية اضطرارية.

وأغلقت أوكرانيا مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية المدنية. وذكرت مولدوفا المجاورة أيضًا أنها ستغلق مجالها الجوي. وحذرت وكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي، من مخاطر الطيران في المجال الجوي بالقرب من حدود أوكرانيا، بما في ذلك في روسيا.

ولم يتمكن العديد من الطلاب من المغادرة بسبب اضطرارهم لحضور الفصول بشكل شخصي، حتى يوم الثلاثاء الماضي.

ويشير فادي شهيب، طالب الطب اللبناني في الصف السادس بمعهد كيروفوغراد الطبي، أكبر كلية طب أوكرانية رائدة تم نقلها إلى كيروفوغراد من منطقة دونيتسك الانفصالية عام 2014، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود بنسبة 25%، ما يضاعف الأعباء على الطلاب العرب.

https://www.bue.edu.eg/

ويضيف في تصريح إلى «الفنار للإعلام» أمس (الخميس): «لم تسمح لنا إدارة الجامعة بالمغادرة الأسبوع الماضي لأن الدراسة كانت حضورية. بالأمس، قاموا باعتماد الدراسة عبر الإنترنت وبدأت الحرب. اضطررتُ للبقاء لأنني في الصف الأخير وكنت خائفًا من خسارة عام دراسي كامل».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

في العاصمة «كييف»، التي تتوقع الولايات المتحدة سقوطها خلال أيام، أكد «مرتضى العامري»، 34 عامًا، وهو طبيب أسنان عراقي يعيش في أوكرانيا منذ 10 سنوات، سماعه دوي عشرات الانفجارات في الصباح.

ويقول: «الجميع في حالة ذعر. كان الجميع يحزمون أمتعتهم ويأخذون سياراتهم للانتقال إلى مدينة لفيف على الحدود مع بولندا، منذ أسبوع أو أكثر، حتى أسعار الإيجارات هناك ارتفعت».

اقرأ أيضًا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى